الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في كتابه الصحيح:
كِتَابُ الْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَمَا فِيهَا مِنَ السُّنَنِ
بَابُ إِمَامَةِ الْمَوْلَى الْقُرَشِيِّ إِذَا كَانَ الْمَوْلَى أَكْثَرُ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ، خَبَرُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ» دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْمَوْلَى إِذَا كَانَ أَقْرَأَ مِنَ الْقُرَشِيِّ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْوَاسِطِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما-: «أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ، لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، نَزَلُوا إِلَى جَنْبِ قُبَاءَ، حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، أَمَّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسْدِ» هَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ.
الشيخ: تكلم عليه؟
القارئ: قال: صحيحٌ، أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود وابن الجارود، والطبراني في الكبير، والبيهقي.
الشيخ: وهذه العمدة، أنه يُقدم الأقرأ للقرآن ولو كان مولاه، لعموم قول النبي: «يَؤُمُّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»، فالقوم [00:03:48]، يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم في السنة، فيقدم الأقرأ ولو كان مولاه، ثم الأعلم بالسنة، ثم أقدمهم هجرة، ثم أقدمهم إسلامًا، ثم أكبرهم سنًّا.
ثبت في صحيح مسلم [00:04:11](أن الله يرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين) ......استشهد به عمر -رضي الله عنه- بهذا الحديث على تولية بعض الموالي،
س: [0004:35] في أكثرهم أخذًا للسنة، وأكثرهم حفظًا للقرآن، فهل يكون طالب تحفيظ لكن ليس له فقه، فهل يُقدم على طالب العلم؟
الشيخ: كان الصحابة الأقرأ هو الأعلم، وهو يكون الأفقه، الصحابة كما قال ....السلمي في حديث الذين يقرأون القرآن [00:05:01] عبد الله بن أبي مسعود أنهم كانوا يتعلمون العشر آيات لايجاوزونها حتى يتعلموا معانيه والعمل به، وكان الصحابة الأقرأ هو الأفقه، ثم وُجد بعدهم من يكون قارئًا وليس بفقيه، فهذا فيه تفصيل، إن كان الأقرأ عنده فقه في الصلاة، إذا حصل له شيء في صلاته يعرف الحكم الشرعي، فإنه يُقدم ولو كان الثاني أكثر منه علمًا في السنة، إذا كان الفقه في الصلاة مع ما كونه أقرأ، فإنه يُقدم.
أما إذا كان أقرأ، لكنه ليس عنده فقه بالصلاة، لو حصل له شيءٌ في صلاته ما عرف حكمه الشرعي، ولا يدري ماذا يفعل، فإنه يقدم الأفقه.
س: [00:05:58]
الشيخ: صحيح، المسجد ... الغالب أنه ما يكون عنده فقه في صلاته، هذا يقدم غيره عليه، لأنه إن كان فقيهًا في صلاته [00:06:20]، إن كان يرى [00:06:25]، ولا يعرف العمل به، ولا يعرف الحكم الشرعي، لو حصل له شيء في صلاته لا يتصرف، يُقدم غيره، أما إذا كان متعلم بالفقه يتبصر متعلم بالأحكام الشرعية، يُقدم.
بَابُ إِبَاحَةِ إِمَامَةِ غَيْرِ الْمُدْرِكِ الْبَالِغِينَ إِذَا كَانَ غَيْرُ الْمُدْرِكِ أَكْثَرَ جَمْعًا لِلْقُرْآنِ مِنَ الْبَالِغِينَ
المدرك أي البالغ، وغير المدرك غير البالغ، يعني إذا كان غير البالغ أحفظ للقرآن من البالغ، فهل يُقدم؟
يُقدم، [00:07:22] قصة عمرو بن سلَمة أنهم قدموه وعمره سبع سنين، كان أكثرهم أخذًا للقرآن، كان يتلقى الركبان الذين يأتون النبي -صلى الله عليه وسلم- ويتعلم ويحفظ القرآن، فلما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»، قال: لم يجدوا أكثر من عمرو بن سلَمة، قال: قدموني وأنا ابن سبع سنين، وكان عليَّ جُبة قصيرة، تكاد تبدو العورة، فقالت امرأة: "غطوا عنا است قارئكم"، [00:08:08] ثم أعطي كساء، قال: فما فرحت فرحا شديدا كفرحي بهذا، أي بهذا الكساء [00:08:12]
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَلِمَةَ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قَالَ: كُنَّا عَلَى حَاضِرٍ، فَكَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا رَاجِعِينَ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَدْنُو مِنْهُمْ، فَأَسْمَعُ حَتَّى حَفِظْتُ قُرْآنًا قَالَ: وَكَانَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَ بِإِسْلَامِهِمْ فَتْحَ مَكَّةَ، فَلَمَّا فُتِحَتْ، جَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِيهِ فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا وَافِدُ بَنِي فُلَانٍ، وَجِئْتُكَ بِإِسْلَامِهِمْ، فَانْطَلَقَ أَبِي بِإِسْلَامِ قَوْمِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» قَالَ: فَنَظَرُوا وَأَنَا لَعَلَى حُوَّاءٍ، - قَالَ الدَّوْرَقِيُّ حُوَّاءٍ عَظِيمٍ، وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ حُوَّاءٍ -، وَقَالَا: فَمَا وَجَدُوا فِيهِمْ أَحَدًا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا غُلَامٌ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَعَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي، فَكُنْتُ إِذَا رَكَعْتُ أَوْ سَجَدْتُ فَتَبْدُو عَوْرَتِي،
البردة قصيرة، فإذا قام قد تغطي المقعدة، وإذا ركع أو سجد قد يبدو شيئا منها، ما عندهم شيء.
فَلَمَّا صَلَّيْنَا تَقُولُ لَنَا عَجُوزٌ دَهْرِيَّةٌ:
الشيخ: (دُهْرِيَّةٌ) هكذا؟
القارئ: نعم، قال: (دُهْرِيَّةٌ) بالضم أي مُسنة.
الشيخ: (دُهْرِيَّةٌ) يعني مضى عليها كثير من الدهر.
غَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ.
الشيخ: المقعدة، الاست هو المقعدة.
قَالَ: فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا. قَالَ: أَحْسَبُهُ قَالَ: مِنْ مَعْقِدِ البَّحْرَيْنِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ فَرِحَ بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا.
الشيخ: [00:11:43]
طالب: [00:11:51]
الشيخ: ما العبارة؟ عليه تعليق؟
طالب: [00:12:00]
الشيخ: مقعد ماذا عندك؟
طالب: البحرين.
طالب: (مِنْ مَعْقِدِ النَّحْرَيْنِ).
الشيخ: هذا هو الأقرب، النحرين [00:12:17]
فَذَكَرَ أَنَّهُ فَرِحَ بِهِ فَرَحًا شَدِيدًا. قَالَ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا».
الشيخ: ماذا قال عليه؟
القارئ: قال: صحيحٌ، أخرجه ابن حبان، وابن سعد، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، وأبو داود، وابن أبي العاصم في الآحاد، و [00:13:02]، والنسائي في الكبرى، وابن الجارود، وأبو قاسم البغوي في الجعديات، وابن قانعٍ في معجم الصحابة، والطبراني في الكبير وفي الأوسط، والبيهقي من طريق أيوب به.
الشيخ: نعم، وفيه دليل الترجمة، مرت، جواز تقديم غير البالغ [00:13:25]، يقدمون غير البالغ [00:13:31] إذا كان عاقلًا يفهم، [00:13:35].
والمسألة فيها خلاف بين أهل العلم، الحنابلة لا يرون إمامة الصبي، ولا يرون إمامته للبالغين.
والأقوى أنه إذا كان الصبي عنده عناية وذكي وعنده ديانة، يحافظ على الوضوء، يحافظ على الصلاة، وعن التلاعب [00:14:02] فلا بأس ب...، أما إذا كان الصبي يكون لعاب [00:14:07] لا يُحسن، أو يضيع الصلوات ويضيع الوضوء وليست عنده عناية[00:14:12]، وهذا عمرو بن سلَمة من الصنف الأول، [00:14:22] اهتمام عناية جيدة.
وهذه سهلة، الصبيان عندنا بعضهم لَعّاب لايحسن الصلاة والوضوء، وبعضهم تجد عنده عناية ومحافظة ولا يتأخر عن الصلاة ولا عن الوضوء، ولا يُخل بشيء، ففرق بينهم.
س: (وَأَنَا لَعَلَى حُوَّاءٍ) هل يقصد احتواء القرآن؟
القارئ: قال: الحواء بيوت مجتمعة من الناس على ماءٍ، والجمع أحوية.
الشيخ: ماذا قبلها؟
القارئ: "قَالَ: فَنَظَرُوا وَأَنَا لَعَلَى حُوَّاءٍ، - قَالَ الدَّوْرَقِيُّ حُوَّاءٍ عَظِيمٍ، وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ حُوَّاءٍ -"؛ أي بيوت مجتمعة على ماء في البادية.
طالب: ولا يكون جمعًا للقرآن؟
الشيخ: ما العبارة قبلها؟
فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا». قَالَ: فَنَظَرُوا وَأَنَا لَعَلَى حُوَّاءٍ، - قَالَ الدَّوْرَقِيُّ: حُوَّاءٍ عَظِيمٍ، وَقَالَ أَبُو هَاشِمٍ: حُوَّاءٍ -، وَقَالَا: فَمَا وَجَدُوا فِيهِمْ أَحَدًا أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي، فَقَدَّمُونِي وَأَنَا غُلَامٌ.
الشيخ: [00:16:40]
القارئ: كأنهم على بيوتهم، مجتمعة على مياه، في البادية إذا اجتمعوا على قليب أو شيء.
الشيخ: [00:16:51]
طالب: لا، ورد معناها تكملة السياق تدل على أنها مجتمعة وهو ماء...
الشيخ: نعم، ماء، [00:17:02]
طالب: لكن قول الدورقي: "حُوَّاءٍ عَظِيمٍ" هل لأنه حوى القرآن حواءً عظيما؟
الشيخ: قيل هذا في القرآن العظيم يعني؟ اجتماع عظيم يعني، فأل، يعني أهل بلد في مكان، في مسجد، يعني ليس واحدًا ولا اثنين.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ لِلِابْنِ إِمَامَةَ أَبِيهِ...
بركة.