الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام أبو بكر ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في صحيحه:
جُمَّاعُ أَبْوَابِ قِيَامِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَنِ
بَابُ قِيَامِ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا أَحَدٌ
أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي، فَأَتَى شَنًّا مُعَلَّقًا، فَتَوَضَّأَ وَضُوءًا خَفِيفًا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى
قام فصلى يعني قام فتوضأ من شنٍّ معلق، ثم صلى، الكلام فيه اختصار، لأن الصلاة تكون بعد الوضوء، لا قبل الوضوء، أتى شنًّا معلقا، وصب منه الماء وتوضأ، ثم صلى.
والشن القربة القديمة من الجلد، وإذا كانت قديمة تكون ماءها أبرد من الجديدة، الجلد إذا كان قديمًا يكون ماؤه أبرد، كان الناس يُبرِّدون بالقِرب قبل أن توجد البرادات والثلاجات، فالقربة القديمة أبرد من القربة الجديدة.
فَقُمْتُ فَتَوَضَّأْتُ وَصَنَعْتُ مِثْلَ الَّذِي صَنَعَ، ثُمَّ قُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَحَوَّلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى» هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: عَنْ كُرَيْبٍ، وَقَالَ: «فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَقَالَ: فَوَصَفَ وَضُوءَهُ، وَجَعَلَ يُقَلِّلُهُ، وَلَمْ يَقُلْ: وَضُوءًا خَفِيفًا.
وهذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم -رحمهما الله-، والحديث معروف، وفيه أن ابن عباس -رضي الله عنه- بات عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأن ميمونة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- هي خالته، وفي الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نام وأهله في طول الوسادة، ونام معهما ابن العباس في عرضها، في عرض الوسادة.
وفيه أن ابن عباس كان صغيرًا، قرب العاشرة من عمره، ولكنه كان ذكيًّا ولقنًا، فجاء وبات حتى يتعلم من النبي ويستفيد ويعرف صلاته، ولهذا [00:04:05] وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال حتى يأتي منتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، قام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وابن عباس يرقب النبي، هذا الصغير ابن عشر سنوات أو أقل، وقيل أن العباس أرسله ليتعلم، جاء في بعض الروايات ليتعلم من النبي -صلى الله عليه وسلم-
فجاء يرقب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما انتصف الليل، أو قبله بقليل، أو بعده بقليل، قام، فصب من الشنة المعلقة ماءً قليلًا، كان يقلله، ثم قام يصلي، فقام ابن عباس وفعل كما فعل، صب من الماء من الشن، وتوضأ، ثم جاء ووقف عن يسار النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأداره النبي -صلى الله عليه وسلم- عن يمينه، وفي لفظ أنه «أخذ بأذنه يفتلها».
وفيه دليل على أن موقف المأموم الواحد يكون عن يمين الإمام، والإمام يكون عن اليسار، وفيه دليل على أنه إذا وقف عن يساره ثم أداره عن يمينه لا تبطل صلاته، ولهذا أداره النبي -صلى الله عليه وسلم- واستمر في صلاته.
وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نام ثم نفخ، وفيه أن نوم النبي -صلى الله عليه وسلم- لا ينقض وضوءه، هذا من خصائصه، لأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه -عليه الصلاة والسلام-، فهذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم-، نام حتى نفخ، ثم آذنه بلال، فقام وصلى ولم يتوضأ، هو باقٍ على وضوئه لأنه تنام عيناه ولا ينام قلبه -صلى الله عليه وسلم-، بخلاف ما إذا نام قلب الإنسان فإنه يخرج منه الحدث وهو لا يشعر.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقُومُ خَلْفَ الْإِمَامِ «يَنْتَظِرُ مَجِيءَ غَيْرِهِ فَإِنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنَ الْقِرَاءَةِ، وَأَرَادَ الرُّكُوعَ قَبْلَ مَجِيءِ غَيْرِهِ، تَقَدَّمَ فَقَامَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ»
هذا قول لبعض العلماء، أن المأموم الواحد يقف خلف الإمام، يكبِّر خلف الإمام، والإمام يقرأ الفاتحة ويقرأ السورة، فإذا أراد أن يركع ولم يأتِ أحد تقدم وصار عن يمين الإمام، وإن أتى أحد بقي، هذا قول لبعض العلماء، هذا ليس عليه دليل.
أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ بُنْدَارٌ نا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمَةَ وَهُوَ ابْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَتَتَبَّعْتُ كَيْفَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، وَقَالَ: فَأَخَذَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ".
وفيه دليل على الرد على من قال إنه يقف خلفه إذا كان واحدًا ينتظر من يصلي معه، فإن لم يأتِ أحد وأراد الإمام أن يكبر للركوع فإنه يتقدم، هذا ليس عليه دليل، لأن ابن عباس ما وقف خلفه، إنما وقف عن يساره، ثم أداره عن يمينه.
س: ابن عباس يعلم أنه لن يأتي أحد لأنه في بيت ميمونة
الشيخ: لا يأتي أحد، لكن ليس عليه دليل، هذا قول، ما دليله أن يكون خلفه؟
بَابُ قِيَامِ الِاثْنَيْنِ خَلْفَ الْإِمَامِ
أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا بُنْدَارٌ، حدثنا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْحَنَفِيَّ، حدثنا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ أَبُو سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي الْمَغْرِبَ، فَجِئْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ عَنْ يَسَارِهِ، فَنَهَانِي -وفي لفظٍ: فهيَّأني- فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ صَاحِبٌ لِي فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُخَالِفًا بَيْنَ طَرَفَيْهِ».
نعم، إذا كانا اثنين يقومان خلف الإمام، لقصة جابر أنه صلى عن يساره، فهيَّأه عن يمينه، فلما جاء الثاني أخرهما فكانا خلفه، هذا هو موقف المأموم إذا كان اثنين فأكثر، يكون خلف الإمام، وسيأتي أن ابن مسعود -رضي الله عنه- يرى أن يكون بينهما، إذا كانوا ثلاثة يكون بينهما، هذا كان أولًا، ثم نُسخ.
والصواب أن المأموم إذا كان واحدًا يكون عن يمينه، وإن كانوا اثنين فأكثر يكونون خلفه، ولا يكون بينهما، إلا إذا كان المكان ضيقًا ما فيه متسع، فيكون الإمام بينهما، واحد عن يمينه وواحد عن يساره.
ماذا قال عن الحديث؟
طالب: إسناده ضعيف
الشيخ: قال الألباني؟
طالب: الأعظمي
قال الأعظمي: إسناده ضعيف لضعف واختلاط شرحبيل.
القارئ: قال: حديثٌ صحيح من غير طريق شرحبيل.
الشيخ: يعني له طريقٌ أخرى، شرحبيل هذا ضعيف...
القارئ: قال: وأخرجه الطيالسي ومسلم وأبو داوود وابن جارود وأبو عوانة والطحاوي والبيهقي والبغوي، من طُرقٍ عن جابر بن عبد الله به.
السند:
أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا بُنْدَارٌ، حدثنا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي الْحَنَفِيَّ، حدثنا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ أَبُو سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ ...
هذا حديث ضعيف، شرحبيل هذا ضعيف، لكنه صحيحٌ من طريقٍ أخرى، فيكون صحيح بشواهده، يعني هذا السند ضعيف، لكن له طرقٌ أخرى من غير طريق شرحبيل هذا، فيكون صحيحًا.
والأدلة كثيرة في هذا أن المأموم إذا كان اثنان فأكثر يكونان خلف الإمام.
بَابُ تَقَدُّمِ الْإِمَامِ عِنْدَ مَجِيءِ الثَّالِثِ إِذَا كَانَ مَعَ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ
أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال أخبرنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدٍ وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَا، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَوَجَدْنَاهُ قَائِمًا يُصَلِّي عَلَيْهِ إِزَارٌ، فَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ وَقَالَ: «أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَخَرَجَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَصَبَبْتُ لَهُ وَضُوءًا، فَتَوَضَّأَ فَالْتَحَفَ بِإِزَارِهِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَأَتَى آخَرُ فَقَامَ عَنْ يَسَارِهِ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُصَلِّي، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِالْوِتْرِ».
الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟
طالب: إسناده صحيح.
القارئ: لم يتكلم عن سنده إلا قال: كما أن المصنف كرر هذا الحديث بسنده ومتنه، وذكر هناك عمرو بن أبي سعيد، لم يذكر له تخريج.
الشيخ: يكون الإمام مخير إذا كان عن يمينه واحد، ثم جاء الثالث، فهو مخير بين أن يؤخر المأموم فيكون خلفه، أو يتقدم هو، يتقدم هو ويأتي المأموم الثاني، إما أن يؤخر المأموم أو يتقدم الإمام، ويكون المأموم الثاني مكان الإمام.
س: لا يقف في الوسط؟
الشيخ: لا يقف في الوسط، هذا سيأتي أنه نُسخ، لكن ابن مسعود باقٍ على هذا.
طالب: قال في البخاري: «فجعلني عن يمينه، ثم جاء صاحبٌ لي فصففنا خلفه، فصلى بنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثوبٍ واحدٍ مخالفٌ بين طرفيه»، قال هذا في البخاري، ثم قال: وأخرجه مسلمٌ في صحيحه، وابن الجارود في المنتقى، وابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وأبو داوود في سننه، وابن ماجه في سننه، والبيهقي في سننه الكبير، ثم ذكر: والطيالسي في مسنده، وعبد بن خميس في المنتخب من مسنده، ورواه ابن حجر في المطالب العالية، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه، وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأخرجه الطحاوي في معالي الآثار، وأخرجه الطبراني في الأوسط، وأخرجه الطبراني في الصغير.
الشيخ: على كل حال...
طالب: [00:16:10]
الشيخ: الذي هو الثاني في التقدم؟
طالب: الآخر.
الشيخ: إي، الآخر، لكن التأخير، تأخير المأموم هنا، والحديث الثاني في تقدم الإمام، كلاهما من رواية جابر.
والأمر في هذا واسع، قد يتقدم الإمام، قد يكون الإمام مثلًا ما عنده سعة، الجدار قريب منه، فيؤخر المأموم، وقد يكون المأموم كذلك بالعكس، الجدار خلفه، والإمام عنده سعة، فيتقدم الإمام.
س: بحسب الوضع.
الشيخ: إي نعم.
س: إذا كان في حالة السجود وجاء الثالث، هل يسجد خلفهم أم يسجد مثلا على يمينه، لايستطيع لا الإمام ولا المأموم؟
الشيخ: إي نعم، يسجد ثم يتأخر بعد السجود بعد القيام للركعة التالية.
طالب: هذا ذكره في [00:17:26] في البخاري في صحيحه، ومسلم في صحيحه، وابن الجارود في المنتقى، وابن خزيمة...
الشيخ: فيه أن النبي تقدم؟
طالب: إي نعم، رواه البخاري، قال: بَابُ عَقْدِ الإِزَارِ عَلَى القَفَا فِي الصَّلاَةِ
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «صَلَّوْا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَاقِدِي أُزْرِهِمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ».
الشيخ: لئلا تنكشف العورة، لأن أصابهم قلة الصحابة ما عندهم إلا إزار فقط، ومكشوف الظهر، فهو يعقده على رقبته حتى لا تنكشف العورة، حتى لا ينزل الإزار، عَاقِدِي أُزْرِهِمْ -رضي الله عنهم-.
ولذلك قيل لابن سعد: "لا ترفعن رؤوسكن حتى يستوي الرجال قائمين"، لئلا يظهر شيء من العورة، وكانت النساء تصلي خلف الرجال وما بينهم سِتر.
على كل حال، الأمر في هذا واسع، سواء تقدم الإمام أو تأخر، سواء تقدم الإمام ثم يكون المأموم الثاني مكانه، أو الإمام يشير إليه ويؤخر المأموم معه والمأموم الثاني فيكونان خلفه، الأمر في هذا واسع.
س: [00:19:02] يتقدم ويتأخر...
الشيخ: حسب المكان المناسب.
بَابُ إِمَامَةِ الرَّجُلِ الرَّجُلَ الْوَاحِدَ، وَالْمَرْأَةَ الْوَاحِدَةَ
الشيخ: بركة.
س: في الحديث المتقدم، في حديث جابر بن عبد الله يقول: «فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ»؟
الشيخ: «فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ» المراد بالثوب القطعة الواحدة، يسمى ثوب في اللغة العربية، الإزار ثوب.
س: يقال إنه بين طرفين كيف ؟
الشيخ: يكون الإزار طرف على كذا وطرف على كذا، مثل المحرم إذا ارتدى إزاره، في الحديث: «من صلى في ثوبٍ واحد، فإن كان واسعًا فليلتحف به، وإن كان ضيقًا فليأتزر به»، إن كان ضيقًا يجعله إزارًا يشد به نصفه الأسفل، وإن كان واسعًا يأتزر ببعضه ويلتحف ببعضه، يضع على كتفيه بعضه، مثلا فوطة كبيرة، نصفها يتزر بها ونصفها يجعلها على كتفه، وإن كان ضيقًا قصيرًا يأتزر به ويبقى الظهر مكشوفًا.
جابر -رضي الله عنه- صلى بالناس ورداؤه على المشجب، يعني مكشوف الكتف، فقال رجل: "تصلي ورداؤك على المشجب ما وضعته!"، قال: "أردت أن يسألني أحمق مثلك، فإنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «أوَ لكلكم ثوبان!»" أحمق يعني جاهل، «أوَ لكلكم ثوبان!» ليس كل واحد يملك ثوبين، ثوبين يعني قطعتين، ثوب قطعة للإزار، وقطعة للرداء، قطعة إزار يشد بها نصفه الأسفل، وقطعة يضعها على كتفه، احتج به الجمهور على جواز كشف الكتفين، وأنه لا بأس بكشف الكتفين في الصلاة.
وقال آخرون: لا يجوز كشف الكتفين إذا وجد ما يسترهما لحديث: «لا يصلي أحدكم في ثوبٍ واحد ليس على عاتقه منه شيء»، وهو حديثٌ صحيح.
س: عدم وجود الطرف الثاني
الشيخ: لكن جابر موجود، الرداء على المشجب، فإذا صلى وهو مكشوف الكتفين فإنه يأثم على هذا، وقال بعضهم: لا تصح الصلاة.
المقصود أن المسألة فيها خلاف بين العلماء، الجمهور على الجواز، وبعض العلماء على المنع إذا وجد ما يستر الكتفين، يعني جمعًا بين الحديثين.
س: صلاته صحيحة؟
الشيخ: نعم، في الحديث حديث جابر في البخاري، أنه صلى ورداءه على المشجب.