شعار الموقع

شرح كتاب الإمامة في الصلاة من صحيح ابن خزيمة_38

00:00
00:00
تحميل
56

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة في كتابه (مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-):

جُمَّاعُ أَبْوَابِ قِيَامِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ وَمَا فِيهِ مِنَ السُّنَنِ

بَابُ سُكُوتِ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَبَعْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حدثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حدثنا سَعِيدٌ، حدثنا قَتَادَةُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، وَعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ تَذَاكَرَا، فَحَدَّثَ سَمُرَةُ، أَنَّهُ حِفْظَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سَكْتَتَيْنِ: «سَكْتَةً إِذَا كَبَّرَ، وَسَكْتَةً إِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ عِنْدَ رُكُوعِهِ».

هذه السنة، يُسن للإمام في الصلاة الجهرية أن يسكت هاتان السكتتان:

الأولى بعد تكبيرة الإحرام، سكتة للاستفتاح، ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، قال: "بأبي أنت وأمي، ماذا تقول حينما تسكت بعد تكبيرة الإحرام؟"، قال: "أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد»"، هذا أصح الاستفتاحات، رواه الشيخان، هذه السكتة الأولى.

والسكتة الثانية بعد القراءة وقبل التكبير، سكتة يفصل فيها القراءة عن التكبير، ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾[التين:8]، سكتة، الله أكبر، بعض الأئمة تجده يصل القراءة بالتكبير، ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾[التين:8]، الله أكبر، هذا خطأ، ترك السكتة، سكتة قصيرة يفصل فيها القراءة عن التكبير.

وأما السكتة الثالثة وهي بعد قراءة الفاتحة، سكتة مختلفٌ فيها.

س: على سبيل الاستحباب؟

الشيخ: نعم، يستحب الاستفتاح، لكن السكتة عند التكبير ينبغي أن يفصل القراءة عن التكبير، لا يصل القراءة بالتكبير.

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اسْمَ السَّاكِتِ قَدْ يَقَعُ عَلَى النَّاطِقِ سِرًّا إِذَا كَانَ سَاكِتًا عَنِ الْجَهْرِ بِالْقَوْلِ، "إِذِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ كَانَ دَاعِيًا خَفِيًّا فِي سَكْتِهِ عَنِ الْجَهْرِ بَيْنَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى، وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ".

يعني الذي يقرأ سرًّا يسمى ساكت؛ لأنه لا يجهر؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما قال قد يسكت هنيهة وهو يقرأ دعاء الاستفتاح، لكن يسمى ساكتًا لأنه لم يجهر، وإن كان داعيًا سرًّا، هذا معنى ترجمة المؤلف.

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكَاتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، أَخْبِرْنِي مَا هُوَ؟"، قَالَ: «أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطِيئَتِي كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ أَنْقِنِي مِنْ خَطَايَايَ كَالثَّوْبِ الْأَبْيَضِ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ».

الشيخ: هذا في الشيخان؟

القارئ: نعم.

الشيخ: فيه مشروعية الاستفتاح، وهذا أصح الاستفتاحات، والاستفتاحات كثيرة، ومن الاستفتاحات: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، وهذا أفضل الاستفتاحات في ذاته، لأنه كله ثناء، (سبحانك اللهم وبحمدك) يعني أنزهك يا الله، وهو يجمع بين التنزيه والتحميد، (تبارك اسمك) البركة تنال بذكر اسمك، (وتعالى جدك) ارتفعت عظمتك، (ولا إله غيرك) يعني لا معبود بحقٍّ سواك، (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، أربع جمل.

بعض العامة يزيد: (ولا معبود سواك)، وهذا خطأ، لأن معنى (لا إله غيرك) لا معبود سواك، بعض العامة يزيد جملة خامسة: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ولا معبود سواك)، وهذا تكرار وزيادة على النص.

مثلما يزيد بعضهم في الدعاء بعد الأذان: (اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته)، بعض العامة يزيد: (والدرجة العالية الرفيعة)، وأظنها جاءت في بعض الروايات، لكنها لا تصح، الوسيلة هي الدرجة الرفيعة، وهي منزلة الرسول، بيته في الجنة -صلى الله عليه وسلم-.

بَابُ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنَ الصَّلَوَاتِ لِيَتَلَاحَقَ الْمَأْمُومُونُ

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُطِيلُ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ مِنَ الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ، فَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ لِيَتَآدَى النَّاسُ».

(لِيَتَآدَى) يعني ليتلاحق الناس في الفجر والظهر، الأصل ماذا؟

طالب: ليتدارك الناس.

الشيخ: يتدارك، وهنا في لفظة قال ليتلاحق؟ هذا صحيح [00:10:52]

س: [00:11:02]

الشيخ: نعم، صحيح، هذا يحتاج إلى تفقه، بعض الأئمة الآن ما يحسن بعضهم شباب صغار، تجد بعض الشباب الصغار إذا رأى غيمًا أو نقطًا جمع بين الصلاتين، المغرب والعشاء، فإذا قيل: لم؟ قال: نفعل السنة. الجمع في المطر ليس سنة، بل رخصة، إن وُجدت الحاجة، إن وجدت المشقة، مطر قوي بحيث توجد المشقة وبلل في الثياب، أو دحض كما كان سابقًا، كان يأتي المطر أسبوعًا، ومن يمشي يزلق ويسقط، أسبوع كامل، كانت الشوارع صغيرة وغير مسفلتة، الآن الحمد لله انتفى هذا، فيحتاجون بلا شك.

كذلك في العجلة وعدم الركون والطمأنينة، كل واحد يقلد الثاني، بعضهم عنده عجلة شديدة، فينبغي الطمأنينة، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يطمئن في ركوعه وفي سجوده، «إذا رفع رأسَه من الركوعِ قام حتى يقول القائل: قد نسي، وبين السجدتين حتى يقول القائل: قد نسي»، كل هذا سنة متروكة إلا من القليل.

بَابُ الْقِرَاءَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَإِنْ جَهَرَ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ

بركة، هذه المسـألة فيها...

لا، هذا خلاف السنة، السنة أن تكون الصلاة متناسبة، إذا أطال الركوع والسجود يطيل القيام، ترى بعض الناس الآن يصلي ركعتين، سنة راتبة أو غيرها، فتجده يجلس في السجود دقيقتين أو ثلاث، بينما في الركوع يخفف، وبين السجدتين يخفف، وفي القراءة في الوقوف يخفف، هذا خلاف السنة، السنة أن تكون الصلاة متناسبة.

في الحديث قول النبي -صلى الله عليه وسلم- فالصحابي قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت ركوعه، فرفعه من الركوع، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فجلوسه قريبًا من السواء"، وفي لفظٍ آخر: قيامه وقعوده قريبًا من السواء"، متناسبة، الركوع مثل السجود في الطول، مثل الوقوف بعد الركوع، ومثل الجلسة بين السجدتين، هذا هو السنة، ومتناسبة.

الآن بين السجدتين تجد الكثير يخففونه جدًّا، لا تتناسب مع السجود، في السجود يتأخر، وبين السجدتين، وكذلك بعض الناس يصلي وحده، طول السجدة، فإذا رفع بين السجدتين تجده عاد للسجدة بسرعة، ثم أطال، فتكون جلسة بين السجدتين طويلتين، وكذلك الركوع خفيف، والقيام بعد الركوع خفيف، هذا خلاف السنة كما سمعتم في الحديث، قال: رمقت الصلاة مع محمد -صلى الله عليه وسلم-، فرأيت ركوعه، فرفعه من الركوع، فسجوده، فجلسته بين السجدتين، فجلوسه قريبًا من السواء، وفي لفظٍ آخر: القيام والقعود.

وفق الله الجميع.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد