شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_6

00:00
00:00
تحميل
61

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خزيمة -رحمه الله-:

بَابُ ذِكْرِ الصَّلَاةِ كَانَتْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ، إِذِ الْقِبْلَةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بَيْتُ الْمَقْدِسِ لَا الْكَعْبَةُ

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قال: حدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، قال: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ.

وَخَبَرُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي خُرُوجِ الْأَنْصَارِ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فِي بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ، وُذِكَر فِي الْخَبَرِ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَعْرُورٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنِّي خَرَجْتُ فِي سَفَرِي هَذَا وَقَدْ هَدَانِي اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ، فَرَأَيْتُ أَلَّا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبِنْيَةَ

(الْبِنْيَةَ) يقصد الكعبة.

فَرَأَيْتُ أَلَّا أَجْعَلَ هَذِهِ الْبِنْيَةَ مِنِّي بِظَهْرٍ، فَصَلَّيْتُ إِلَيْهَا، وَقَدْ خَالَفَنِي أَصْحَابِي فِي ذَلِكَ حَتَّى وَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَمَاذَا تَرَى؟ قَالَ: «قَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا». قَالَ: فَرَجَعَ الْبَرَاءُ إِلَى قِبْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَلَّى مَعَنَا إِلَى الشَّامِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قال: حدثنَا سَلَمَةُ -يَعْنِي ابْنَ الْفَضْلِ- قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ- حَدَّثَنِي أَنَّ أَبَاهُ كَعْبًا حَدَّثَهُ.

بَابُ بَدْءِ الْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَنَسْخِ الْأَمْرِ بِالصَّلَوَاتِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، قال: حَدَّثَنَا بَهْزٌ -يَعْنِي ابْنَ أَسَدٍ-، قال: حدثنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قال: حدثنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾[البقرة: 144]، مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ فَنَادَاهُمْ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَمَالُوا رُكُوعًا.

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، قال: حدثنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانُوا يُصَلُّونَ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: وَاعْتَدَّوْا بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِمْ.

وهذا دلَّ عليه القرآن الكريم والسُنة، أن الصحابة قديمًا صلوا إلى القبلتين، صلوا أولًا إلى بيت المقدس، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما هاجر إلى المدينة وجهه الله إلى بيت المقدس، فصلى بالصحابة إلى بيت المقدس ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرً، ثُمَّ حُوِّل إلى الكعبة.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر في السماء ويقلِّب وجهه؛ يرجو أن يوجهه الله إلى الكعبة، فأنزل الله -تعالى-: ﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة:144].

تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة حصل فيه كلام لليهود، وحصل كذلك من بعض ضعفاء الإيمان، مَنْ ارتد، والله -تعالى- رد على اليهود ووصفهم بالسفه، قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾[البقرة:142].

قال بعض العلماء في السابقين الأولين: إنه مَن صلى إلى القبلتين، من صلى إلى القبلتين فهو من السابقين الأولين، والصواب أن السابقين الأولين هم الذين أسلموا قبل صُلح الحديبية، الحد الفاصل، فمَنْ أسلم قبل صلح الحديبية فهو من السابقين الأولين، ومَنْ أسلم بعدها كخالد بن الوالدين، فليس من السابقين الأولين، ومَنْ أسلم بعد فتح مكة كأبي سفيان وابناه يزيد ومعاوية يُسمون الطلقاء، فالصاحبة منهم السابقون الأولون الذين أسلموا قبل صلح الحديبية، والطبقة الثانية: الذين أسلموا بعد الحديبية وقبل فتح مكة، والطبقة الثالثة: يسمون مسلمة الفتح، هم الذين أسلموا بعد فتح مكة.

س: هل يُشرع زيارة مسجد أول القبلتين؟

الشيخ: لا يُشرع.

س: حتى يشاهده ؟

الشيخ: كونه ينظر شيء آخر، لكن لا يُتعبد بهذا.

 بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقِبْلَةَ إِنَّمَا هِيَ الْكَعْبَةُ لَا جَمِيعُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا أَرَادَهُ بِقَوْلِهِ ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾، لِأَنَّ الْكَعْبَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنَّمَا أُمِرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالْمُسْلِمِينَ أَنْ يُصَلُّوا إِلَى الْكَعْبَةَ إِذِ الْقِبْلَةُ إِنَّمَا هِيَ الْكَعْبَةُ، لَا الْمَسْجِدُ كُلُّهُ، إِذِ اسْمُ الْمَسْجِدِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَوْضِعٍ يُسْجَدُ فِيهِ

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ:

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: «هَذِهِ الْقِبْلَةُ».

والصواب أنه صلى فيها كما رواه بلال، وهذا خفي أسامة وخفي على غيره، ثبت في حديث بلال أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى داخل الكعبة بين الأسطوانتين، ومَنْ حفظ حجة على مَنْ لا يحفظ، ولهذا ابن عمر سأل بلال؛ فأخبره، وأراه المكان، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بين الأسطوانتين، والقاعدة عند أهل العلم أن المثبت مقدم على النافي، ومن حفِظ حجة على من لم يحفظ، هذا قال حسب علمه، قال لم يصلِّ.

فثبت في الأحاديث الصحيحة في الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى في الكعبة، داخل الكعبة، جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع، جدار الكعبة، صلى في داخلها، وكبَّر في نواحيها، وفي حديث ابن عباس أنه لم يصلِّ ولكن كبَّر في نواحيها، والصواب أنه صلى وكبَّر.

وَفِي خَبَرِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: ثُمَّ صُرِفْنَا نَحْوَ الْكَعْبَةِ.

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ: ثُمَّ وُجِّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ.

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ: وَفِي خَبَرِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ. وَهَكَذَا قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ الْكَاتِبُ عَنْ أَنَسٍ: إِذْ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ.

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قال: حدثنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَشْهُرًا، فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ يُصَلِّي الظُّهْرَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، إِذْ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَقَالَ السُّفَهَاءُ: ﴿مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا﴾[البقرة: 142].

 قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ أَهْلَ قُبَاءٍ كَانُوا يُصَلُّونَ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَتَاهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَتَوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، فَاسْتَدَارُوا كَمَا هُمْ.

وَفِي خَبَرِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا وُجِّهَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْكَعْبَةِ.

وَفِي خَبَرِ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ثُمَّ صُرِفَ إِلَى الْكَعْبَةِ.

وَفِي خَبَرِ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ: جَاءَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ.

قَدْ خَرَّجْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ كُلَّهَا فِي [كِتَابِ الصَّلَاةِ الْكَبِيرِ].

وهذا فيه دليل على قبول خبر الواحد؛ لأن أهل قباء قبلوا خبر الواحد عندما قال: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، وَتَوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَاسْتَقْبِلُوهَا، فَاسْتَدَارُوا كَمَا هُمْ) استداروا وهم في الصلاة، فدلَّ على قبول خبر الواحد، وفيه الرد على مَنْ أنكر العمل بخبر الآحاد.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتْ هَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا عَلَى أَنَّ الْقِبْلَةَ إِنَّمَا هِيَ الْكَعْبَةُ.

القبلة الكعبة، مَنْ يشاهدها في المسجد الحرام لا بُدَّ أن يصيب عينها، وأما مَنْ كان بالخارج وهو لا يشاهدها، فإنه يكفي أن يتجه إلى الجهة، ولهذا قال تعالى: ﴿وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾[البقرة:144].

وَفِي خَبَرِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: انْطَلَقَ رَجُلٌ إِلَى أَهْلِ قُبَاءٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أُمِرَ أَنْ يُصَلَّى إِلَى الْكَعْبَةِ.

وَفِي خَبَرِ عُمَارَةَ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: فَأَشْهَدُ عَلَى إِمَامِنَا أَنَّهُ تَوَجَّهَ هُوَ [وَ] الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ نَحْوَ الْكَعْبَةِ.

وَفِي خَبَرِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَمَّا وُجِّهَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْكَعْبَةِ.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّطْرَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الْقِبَلُ لَا النِّصْفُ.

(الْقِبَلُ لَا النِّصْفُ) أي الجهة، شطر المسجد الحرام ليس المراد نصفه، بل المراد قِبَله.

وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ إِنَّ الْعَرَبَ قَدْ يُوقِعُ الِاسْمَ الْوَاحِدَ عَلَى الشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ، قَدْ يُوقِعُ اسْمَ الشَّطْرِ عَلَى النِّصْفِ وَعَلَى الْقِبَلِ أَيِ الْجِهَةِ

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ، قال: حدثنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ: قَالَ الْبَرَاءُ: وَالشَّطْرُ فِينَا قِبَلَهُ.

(قِبَلَهُ) يعني جهته، (وَالشَّطْرُ فِينَا) يعني فيما نزل في شأننا محتمل، المقصود أن الشطر في الآية أو في الحديث المراد به الجهة، أي القبلة.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو -وَهُوَ ابْنُ دِينَارٍ- قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنُلْزِمُكُمُوهَا مِنْ شَطْرِ أَنْفُسِنَا: مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا. قَدْ خَرَّجْتُ هَذَا الْبَابَ بِتَمَامِهِ فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ.

بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشْبِيكِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ.

توقف على هذا.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد