بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:
بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّشْبِيكِ بَيْنَ الْأَصَابِعِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قال: حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ فَلَا يَقُلْ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ».
قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قال: حدثنا يَحْيَى هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، قال: حدثنا سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ ثُمَّ دَخَلْتَ الْمَسْجِدَ فَلَا تُشَبِّكَنَّ بَيْنَ أَصَابِعِكَ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى هَذَا الْخَبَرَ، دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ الْفَرَّاءُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ، وَهُوَ الْخَيَّاطُ، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يُشَبِّكْ بَيْنَ أَصَابِعِهِ؛ فَإِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ».
وهذا الحديث في النهي عن التشبيك بين الأصابع إذا توضأ، وذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- العلة في ذلك، قال: «فَإِنَّهُ فِي الصَّلَاةِ»، يعني في حكم المصلي.
وأما بعد الصلاة فلا بأس أن يشبك بين أصابعه، ولو كان في المسجد، والدليل على هذا ما ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح، صلى بأصحابه صلاة العشي، فسلم لركعتين، وقام إلى خشبة معروضة في أواخر المسجد واتكأ عليها، وشبك بين أصابعه، كأنه غضبان، فجاء له رجلٌ في يده طول، يقال له (ذو اليدين)، فقال: "يا رسول الله، أنسيتَ، أم قُصرت الصلاة؟"، فقال: «لم أنسَ، ولم تُقصر»، قال: "بلى، قد كان شيءٌ من ذلك"، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال لأبي بكر: «أحقٌ ما يقول ذو اليدين؟»، قال: "نعم"، فاستقبل القبلة، وصلى ركعتين، وتشهد، وسلم، ثم سجد سجدتين.
والشاهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- شبَّك بين أصابعه يعتقد أنه انتهى من الصلاة، فدل على الجواز.
ومن العلماء من أجاز مطلقًا، لكن التفصيل هذا حسن.
قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني داود بن قيس، وَرَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ، قال: وأنبأنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ قَالَ: لَقِيتُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ وَأَنَا أُرِيدُ الْجُمُعَةَ، وَقَدْ شَبَّكْتُ بَيْنَ أَصَابِعِي، فَلَمَّا دَنَوْتُ ضَرَبَ يَدَيَّ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَصَابِعِي، وَقَالَ: «إِنَّا نُهِينَا أَنْ يُشَبِّكَ أَحَدٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الصَّلَاةِ» ، قُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ فِي صَلَاةٍ قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ تَوَضَّأْتَ وَأَنْتَ تُرِيدُ الْجُمُعَةَ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: «فَأَنْتَ فِي صَلَاةٍ».
في حكم المصلي، لأنه ينتظر الصلاة، فهو منتظر الصلاة في حكم المصلي.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَالِمٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثناه مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قال: حدثنا ابْنُ ذِئْبٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبٍ هُوَ مِنْ بَنِي سَالِمٍ.
وَرَوَاهُ أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ كَعْبٍ، قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثناه أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قال: حدثنا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ.
وَجَاءَ خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ الرَّقِّيُّ بِطَامَّةٍ رَوَاهُ عَنِ ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَحَدَّثَنَاهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يَعْنِي ابْنَ حَيَّانَ الرَّقِّيَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَرْوِيَ عَنِّي بِهَذَا الْخَبَرِ إِلَّا عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا إِسْنَادٌ مَقْلُوبٌ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ؛ لِأَنَّ دَاوُدَ بْنَ قَيْسٍ أَسْقَطَ مِنَ الْإِسْنَادِ أَبَا سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ، فَقَالَ: عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ وَأَمَّا ابْنُ عَجْلَانَ فَقَدْ وَهِمَ فِي الْإِسْنَادِ وَخَلَطَ فِيهِ، فَمَرَّةً يَقُولُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمَرَّةً يُرْسِلُهُ، وَمَرَّةً يَقُولُ: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ كَعْبٍ. وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَدْ بَيَّنَ أَنَّ الْمَقْبُرِيَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَالِمٍ، وَهُوَ عِنْدِي سَعْدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَّا أَنَّهُ غَلَطَ عَلَى سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ كَعْبٍ. وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ، وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ جَمِيعًا قَدِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ.
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ خَرَجَ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ، وَلَا يَقُولُ: هَذَا يَعْنِي يُشَبِّكُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ»، قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثناه الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الرُّخَامِيُّ، قال: حدثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ شَرِيكٌ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-.
قال: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، قال: حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ كَانَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ، فَلَا يَقُلْ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ».
ثم قال: بَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال حدثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، قال حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، أَنَّهُ رَقَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَأَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْظِمْ لِي نُورًا» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "كَانَ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ شَيْءٌ؛ فَإِنَّ حَبِيبَ بْنَ أَبِي ثَابِتٍ مُدَلِّسٌ، وَلَمْ أَقِفْ هَلْ سَمِعَ حَبِيبٌ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَمْ لَا، ثُمَّ نَظَرْتُ فَإِذَا أَبُو عَوَانَةَ رَوَاهُ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ".
قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ، قال: حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي ثَابِتٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
ثم قال: بَابُ فَضْلِ الْمَشْيِ إِلَى الْمَسَاجِدِ لِلصَّلَاةِ.
بركة.قف
س: التشبيك بين الأصابع يسمى قول أم فعل؟
الشيخ: فعل.
س: في المتن: ولايقل هذا.
الشيخ: يُطلق الفعل على القول.
س: التشبيك بين الأصابع خلف الظهر من عمل المشركين؟
الشيخ: والله هذا نعم، إذا كان فيه تشبه ما ينبغي، فيه تشبه بأهل النار.
س: اثنان يمشون معًا متشابكان الأصابع؟
الشيخ: هذا ليس من التشبيك.