بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وبارك على أهله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي النَّظَرِ إِلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ
قال أخبرنا أبو طاهر، قال أخبرنا أبو بكر، قال أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حدثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حدثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ»، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ».
وهذا وعيد شديد، فيه الوعيد الشديد على من رفع بصره وهو في الصلاة، تُوعِد بأن يُخطف بصره، وهذا ثابت في الصحيح.
وينبغي للإنسان أن يكون بصره موضع سجوده، لا ينظر إلى السماء.
قال أخبرنا أبو طاهر، قال أخبرنا أبو بكر، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، يَعْنِي الْأَنْصَارِيَّ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، غَيْرُ أَنَّهُ قَالَ: "فَاشْتَدَّ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ".
بَابُ وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ افْتِتَاحِ الْقِرَاءَةِ
قال أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حدثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، حدثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ فَقُلْتُ: «لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ كَبَّرَ فَرَفَعَ يَعْنِي يَدَيْهِ فَرَأَيْتُ إِبْهَامَيْهِ بِحِذَاءِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَرَأَ»، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
هذا فيه أنه وضع اليمين على الشمال قبل القراءة، بعد أن كبَّر تكبيرة الإحرام. وفيه مشروعية التكبير، ورفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، لقوله: (حتى وضع إبهامه عند أذنيه).
وهذا ثبت في الأحاديث الصحيحة أن رفع اليدين... في بعضها أنه يحاذي المنكبين، وفي بعضها أنه يحاذي فروع الأذنين.
جمع العلماء بينهما بأنه: إما أن يفعل هذا أحيانًا، وهذا أحيانًا، يرفعهما حتى منكبيه، وأحيانًا حتى يحاذي أذنيه، أو أن اليدين يرفعهما، أن أطراف الأصابع يحاذي الأذنين، والكف تحاذي الكتفين.
وهذا سنة، رفع اليدين عنه في أربعة مواضع: عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام للتشهد الأول، ثلاثة ثبُتوا في الصحيحين، والقيام للتشهد ثبت في البخاري، وأما رفعهما عند السجود، وعند الرفع من السجود هذا جاء فيه أحاديث ضعيفة، رواها أبو داوود وغيره، لا تثبت.
قال أخبرنا أبو طالب، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ
(الهمْداني) إذا جاءت بالدال، همدان، نسبة إلى قبيلة همْدان. أما إذا جاء الذال، همَذان، بلدة في الشرق.
قال أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: " كُنْتُ فِيمَنْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ يُصَلِّي، فَرَأَيْتُهُ حِينَ كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَأَمْسَكَهَا"، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ.
قال أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا أَبُو مُوسَى، حدثنا مُؤَمَّلٌ، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ».
نعم، فيه مشروعية وضع اليمنى على اليسرى على الصدر، أن يضعها على صدره، وهذا أصح من حديث عليّ، من السنة وضع اليمين على الشمال تحت سُرَتَه، هذا ضعيف، وذكر الحنابلة وكذلك الشيخ محمد بن عبدالوهاب [00:05:03] رسول الله تحت سرته، وهو ضعيف، والعمدة على حديث وائل بن حُجر، وضعهما فوق صدره، رواه البخاري أيضًا في الصحيح، فوق الصدر، السنة وضع اليمين على الشمال فوق الصدر.
في حديث [00:05:29] وضع الكف على الرسغ والساعد هكذا، الرسغ مفصل الكف، والساعد، طرف الساعد. كأن الأصابع طرفها يكون على الساعد، والباقي على الرسغ، أو أنه تارة يضعها على الرسغ، وتارة تكون الأصابع على الساعد.
بَابُ وَضْعِ بَطْنِ الْكَفِّ الْيُمْنَى عَلَى كَفِّ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ جَمِيعًا
هذا الكف، وهذا الرسغ، وهذا الساعد. يعني هكذا.
قال أخبرنا أبو طاهر، قال حدثنا أبو بكر، قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حدثنا زَائِدَةُ، حدثنا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ وَائِلَ بْنَ حُجْرٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: قُلْتُ: "لَأَنْظُرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي"، قَالَ: "فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، قَامَ فَكَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ، ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهَرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغَ وَالسَّاعِدَ".
كأنه يفعل هذا أحيانًا وأحيانًا، يُحمل على هذا، أحيانًا على الرسغ والساعد، وأحيانًا على الكف، والأمر في هذا واسع، جعلها على الكف، أو طرف الأصابع على الرسغ والساعد.
بَابٌ فِي الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ...
توقف.