شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_12

00:00
00:00
تحميل
43

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خزيمة -رحمه الله-:

بَابٌ فِي الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا، وَالزَّجْرِ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، إِذِ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ وَجْهِ الْمُصَلِّي إِذَا الْتَفَتَ فِي صَلَاتِهِ

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: أخبرنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قال: حَدَّثَنِي عَمِّي، قال: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ -مَوْلَى بَنِي لَيْثٍ- يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بِمِثْلِهِ.

قال: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا أَبُو صَالِحٍ، قال: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْأَحْوَصِ يُحَدِّثُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

«لَا يَزَالُ اللَّهُ مُقْبِلًا عَلَى الْعَبْدِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ».

هذا في الصحيح، الواجب على المصلي ألا يلتفت، وأن يُقبل على صلاته ويخشع في صلاته؛ لأنه يخاطب الله -عزَّ وجلّ- وهو أمامه.

قال: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قلا: حدثنَا أَبُو مُحَمَّدٍ فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصْرِيُّ، قال: حدثنَا أَبُو تَوْبَةَ -يَعْنِي الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ-، قال: حدثنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّ أَبَا سَلَّامٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ الْأَشْعَرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَّثَهُ:

«أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ - أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ يَفْعَلُ بِهِنَّ وَيَأْمُرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَفْعَلُوا بِهِنَّ، يُوعِظُ النَّاسَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمْرَكُمْ بِالصَّلَاةِ، فَإِذَا نَصَبْتُمْ وُجُوهَكُمْ فَلَا تَلْتَفِتُوا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ حِينَ يُصَلِّي لَهُ، فَلَا يَصْرِفُ عَنْهُ وَجْهَهُ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ هُوَ يَنْصَرِفُ».

هذا فيه وجوب الإقبال على الصلاة، وأنه لا يجوز للإنسان أن ينصرف عن القبلة، بل عليه أن يتجه إلى القبلة وهو يخاطب الله.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ يَنْقُصُ الصَّلَاةَ لَا أَنَّهُ يُفْسِدُهَا فَسَادًا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قال: حدثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، وقال: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ أَيْضًا، قال: حدثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَامٍ الْمِصْرِيُّ، قال: حدثنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قال: حدثنَا أَبُو الْأَحْوَصِ جَمِيعًا عَنْ أَشْعَثَ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي الشَّعْثَاءِ-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهَا الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ».

وَفِي خَبَرِ أَبِي الْأَحْوَصِ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنِ الْتِفَاتِ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ.

رواه البخاري في الصحيح وأبو داوود، وهذا فيه دليل على أن الالتفات بالعنق بالرأس فقط لا يُبطل الصلاة، أما إذا التفت بجسمه واستدبر القبلة تبطل الصلاة، التفاته بالجسم بحيث يستدير بقدميه عن القبلة، يستدبرها، هذا يبطل الصلاة، أما الالتفات بالعنق بالرأس فقط هذا اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، ويجوز للحاجة، كما التفت أبو بكر -رضي الله عنه- لما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وجعلوا يصفقون، وكان أبو بكر لا يلتفت ثُمَّ التفت، لو التفت، سمع وجبة، صوت، فالتفت لينظر، هذا لا بأس به، أما إذا التفت من غير حاجة، فهذا نقص في الصلاة، اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد، أما إذا بجسمه، استدار بقدميه واستدبر القبلة، فهذا يبطل الصلاة.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي تَكُونُ صَلَاةُ الْمَرْءِ بِهِ نَاقِصَةً هُوَ أَنْ يَلْوِيَ الْمُلْتَفِتُ عُنُقَهُ، لَا أَنْ يَلْحَظَ بِعَيْنِهِ يَمِينَا وَشِمَالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَانَ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قال: حدثنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ-، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: « كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ يَمِينَا وَشِمَالًا، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَوْلُهُ يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ -يَعْنِي يَلْحَظُ بِعَيْنِهِ يَمِينَا وَشِمَالًا-.

(قَالَ أَبُو بَكْرٍ) ابن خزيمة، وهو المؤلف، (يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ -يَعْنِي يَلْحَظُ بِعَيْنِهِ) يلحظ بعينه فقط من غير أن يلوي عنقه، هذا لا بأس عند الحاجة، وإلا فينبغي للإنسان أن يكون نظره إلى موضع سجوده وهو يصلي، وفي التشهد إلى سبابته، أما إذا احتاج فلا بأس أن يلحظ، مثلما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي ويلحظ السرية أو ما أشبه ذلك، أو أرسل رسولًا فيلحظ مجيئه، فلا بأس، أما إذا لوى عنقه، فهذا مكروه إلا عند الحاجة، وأما إذا استدار فهذا يُبطل الصلاة.

فالالتفات ثلاثة أنواع:

  • النوع الأول: أن يستدير بجسمه؛ وهذا يبطل الصلاة.
  • الثاني: أن يلوي عنقه؛ عند الحاجة لا بأس به، وإلا فهو مكروه، ينقص الصلاة.
  • والثالث: أن يلحظ بعينه من غير أن يلوي عنقه؛ وهذا لا بأس به.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِالْتِفَاتَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ هُوَ الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي يَحْتَاجُ الْمُصَلِّي أَنْ يَعْرِفَ فِعْلَ الْمَأْمُومِينَ أَوْ بَعْضِهِمْ لِيَأْمُرَهُمْ بِفِعْلٍ أَوْ يَزْجُرَهُمْ عَنْ فِعْلٍ بِإِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ يُفْهِمُهُمْ مَا يَأْتُونَ وَمَا يَذَرُونَ فِي صَلَوَاتِهِمْ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حدثنَا شُعَيْبٌ -يَعْنِي ابْنَ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ:

اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكَبِّرُ فَيَسْمَعُ النَّاسُ تَكْبِيرَهُ، قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ: «إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا تَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا. ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ، إِنْ صَلَّى الْإِمَامُ قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا».

وهذا رواه البخاري في الصحيح، وليس فيه أنه التفت إليهم، وإنما فيه أنه أمرهم، وهذا في مرضه الأول -عليه الصلاة والسلام-، لما جُحش وسقط عن الفرس صلى قاعدًا، وصلوا خلفه قاعدًا فأمرهم أن يجلسوا، وفي آخر حياته ابتدأ بهم أبو بكر الصلاة، فجاء النبي فجلس، فجمع العلماء بينهما في أن مرضه الأول ابتدأ الصلاة قاعدًا، وفي مرضه الأخير ابتدأ صلاته قائمًا، فإذا ابتدأ الصلاة قائمًا أتموها قيامًا، إذا ابتدأ الإمام قائمًا ثُمَّ اعتُل أتموها قيامًا، وإن ابتدأها بهم قاعدًا صلوا قعودًا.

وقيل الجمع بينهما أن ما فعله في آخر حياته يدل على الجواز، يدل على أن النهي ليس للتحريم، والأمر ليس للوجوب بل هو للاستحباب، فيُستحب أن يجلسوا، وإن قاموا فلا بأس، وقيل إن أمره الأول منسوخ وهذا اختاره البخاري عندما قال: وإنما يؤخذ الآخر فالآخر من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا في رواية ابن خزيمة فيه أنه التفت إليه، في الصحيح ما فيه أنه التفت إليه.

س: هل يجوز أن يصلي الإمام المريض المقعد بالناس؟

الشيخ: إذا كان مريضًا لا بأس، إن كان الإمام مريضًا له أن يصلي بالناس، وإن أناب حسن.

 س: هل المأمومين يصلون قعود؟

الشيخ: نعم، يصلون قعودًا، لهم، مخيرون كما ثبت على الصحيح، الأفضل أن يجلسوا، وإن قاموا فلا حرج.

وَفِي خَبَرِ سَهْلِ ابْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ فِي بَعْثَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَسَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ لِيَحْرُسَهُمْ، قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ حَتَّى إِذَا قَضَى صَلَاتَهُ فَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي: «أَبْشِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ فَارِسُكُمْ».

ظاهره أنه يلحظ بعينه.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا مَعْمَرُ بْنُ يَعْمَرَ، قال: حدثنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، أَخْبَرَنِي زَيْدٌ -وَهُوَ ابْنُ سَلَّامٍ- أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ سَهْلُ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَاهُ فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى أَبِي تَوْبَةَ الرَّبِيعِ بْنِ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ.

قف على هذا.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد