شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_21

00:00
00:00
تحميل
51

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:

بَابُ السُّجُودِ فِي النَّجْمِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا بُنْدَارٌ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أخبرنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْأَسْوَدَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أَنَّهُ قَرَأَ النَّجْمَ فَسَجَدَ فِيهَا، وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى أَوْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا.

قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا.

هذا رواه البخاري في الصحيح، هذا الرجل أمية أو أُبي، فيه دليل على مشروعية السجدة في سورة النجم ﴿فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا﴾[النجم:62] يسجد، الفصل السابع والتالي والثامن، لأن النبي سجد فيها، وسجد من معه من المؤمنين إلا رجل استكبر عن السجود، وأخذ كفًا من حصى ووضعه على جبهته وقال: "يكفيني هذا"، قال عبد الله بن مسعود: "فلقد رأيته قُتل يوم بدر كافرًا"، نسأل الله العافية نعوذ بالله.

 بَابُ السُّجُودِ فِي ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾، وَ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾

 أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا أَبُو مُوسَى، قال: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، وحدثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ مِينَاءَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ وَ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾.

فيه مشروعية السجدة في هاتين السورتين ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ و ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾، وفي الحديث الآخر سيأتي أن أبا هريرة سجد فيها وقال: "سجد فيها أبو القاسم صلى الله عليه وسلم".

 أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، قال: حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ مِينَاءَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾[الانشقاق:1]، وَفِي ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾[العلق: 1].

وَزَعَمَ أَيُّوبُ: أَنَّ عَطَاءَ بْنَ مِينَاءَ كَانَ مِنْ صَالِحِي النَّاسِ.

(زعم) يعني قال هذا، وأصل الزعم هو الادعاء الكاذب، وقد يكون الزعم بمعنى القول هنا، يعني وقال إنه من الصالحين، الجمهور يلزمون في جعلها صلاة وقال يلزمهم استقبال القبلة، والطهارة، والتكبير، والسلام، يسلم، التكبير في الرفع والتسليم.

وذهب ابن عمر واختاره البخاري إلى أنها ليست صلاة، وإنما خضوع لله، وعلى هذا يجوز السجود لغير القبلة ولو لم يكن متوضئًا، إذا كان عن ظهر قلب.

بَابُ صِفَةِ سُجُودِ الرَّاكِبِ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، قال: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً، فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدَ عَلَى يَدِهِ.

فيه دليل على مشروعية السجود للراكب والماشي والقاعد، وأنه يسجد على الأرض، ينزل ويسجد على الأرض، والراكب إذا لم يتمكن، إذا كان مسافرًا يومئ كما أنه يومئ في الصلاة يومئ في السجود.

س: [00:05:24]؟

الشيخ: ماذا قال؟

طالب: يقول: "إسناده ضعيف، مصعب بن ثابت وهو ابن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي لين الحديث".

الشيخ: أعد السند.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بِخَبَرٍ غَرِيبٍ غَرِيبٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، قال: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً، فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمِنْهُمُ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى إِنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدَ عَلَى يَدِهِ.

القارئ: قال: إسناده ضعيف، مصعب بن ثابت...

الشيخ: ضعيف يعني النبي قرأها عام الفتح ثم سجد، لكن مشروعية السجود للراكب هذا على الأصل، كل من قرأ يُشرع له السجود، وإن كان راكبًا وهو مسافر يومئ، وإن كان ماشيًا أو قائمًا أو قاعدًا فليسجد على الأرض.

س: [00:06:42]؟

الشيخ: [00:06:45] هذا الحديث يعني أنه قرأها في عام الفتح وسجد لها، هذا ما ثبت عنه هذا بهذا السند.

بَابُ اسْتِحْبَابِ سُجُودِ الْمُسْتَمِعِ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقَارِئِ السَّجْدَةَ إِذَا سَجَدَ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا بُنْدَارٌ، قال: حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ عَلَيْنَا الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ السُّورَةَ فِيهَا السَجْدَةُ، فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى لَا يَجِدَ أَحَدُنَا مَكَانًا لِجَبِينِهِ.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قال: حدثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَقْرَأُ السَّجْدَةَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ حَتَّى يَزْحَمَ بَعْضُنَا بَعْضًا.

س: القارئ إذا ما سجد ما نسجد؟

الشيخ: إذا لم يسجد القارئ لا يسجد المستمع، فيه مشروعية السجود للمستمع والقارئ، بخلاف السامع، السامع لا يُشرع له السجود، هناك سامع ومستمع وقارئ، فالتالي يسجد، والمستمع الذي يستمع له وينصت للآيات هذا يسجد، أما السامع الذي يسمع الصوت وهو لا يستمع فلا يُشرع له، فرقٌ بين السامع والمستمع يسمع الصوت لكنه ما يتابع ولا ينصت، هذا لا يُشرع له، وأما المستمع فهو الذي ينصت للتالي.

كذلك إذا سجد الخطيب يُشرع له أن يسجد، ثبت أن عمر رضي الله عنه وهو يخطب الناس قرأ سجدة، آية فيها سجدة فنزل فسجد، فسجد الناس، ثم في الجمعة الأخرى قرأ الآية فتهيأ الناس للسجود، فلم يسجد، فقال: "إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء"، ففيه دليل على أن سجدة التلاوة ليست واجبة بل مستحبة، إن سجد الحمد لله، وإن لم يسجد فلا حرج.

س: [00:09:16]؟

الشيخ: في الجمعة؟ على كل حال قد يكون مرور الخطيب أو قراءة الخطيب لها قليل.

س: [00:09:29]؟

الشيخ: كذلك يسجد وهو في الطواف يستحب له، وإذا لم يسجدها لا حرج، السجدة ليست واجبة، بل مستحبة.

س: يتجه للقبلة عفا الله عنك؟

الشيخ: يتجه إلى القبلة ويسجد، وهذا يفعله بعض الناس وبعض الإخوان، هناك من يفعل هذا في الطواف.

س: فيه تضييق.

الشيخ: هذا إذا كان يوجد زحام شديد، لكن أحيانًا بعض القارئين يقرأ ولا يوجد زحام شديد، فيسجد في مكانه.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قال: حدثنا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ اللَّيْثِ قال: حدثنا اللَّيْثُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوْقَ هَذَا الْمَسْجِدِ، فَقَرَأَ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ فَسَجَدَ فِيهَا، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا.

قَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ "كِتَابِ الْكَبِيرُ" مَنْ قَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِنِينَ. قَالَ فِي خَبَرِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَدِمَتُ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، قَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ.

وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ، وَقَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِي ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ وَ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾.

كذا؟ عن أبي هريرة أنه قال صحبت النبي ثلاث سنوات؟ عن أبي هريرة، المعروف أن أبا هريرة صحب النبي أربع سنوات، لأنه أسلم في السنة السابعة من الهجرة، السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة.

طالب: يقول: "أسلم أبو هريرة قبل الهجرة إلى المدينة بسنوات، لكنه هاجر بزمن خيبر"، وقال أبو بكر:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِنِينَ.

الشيخ: قال أبو بكر (المؤلف).

طالب: قال المحقق الأعظمي: "أسلم أبو هريرة قبل الهجرة إلى المدينة".

الشيخ: ليس هذا بصحيح، كلام الأعظمي ليس بصحيح.

طالب: لكنه هاجر بزمن خيبر.

الشيخ: لا، ليس بصحيح، الصواب ما ذكره ابن خزيمة، أنه أسلم في السنة السابعة من الهجرة، وصحب النبي أربع سنين.

وَقَدْ أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْمُخْبِرَ وَالشَّاهِدَ الَّذِي يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَخَبَرِهِ مَنْ يُخْبِرُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ، وَيَشْهَدُ عَلَى رُؤْيَةِ الشَّيْءِ وَسَمَاعِهِ، لَا مَنْ يَنْفِي كَوْنَ الشَّيْءِ وَيُنْكِرُهُ، وَمَنْ قَالَ: لَمْ يَفْعَلْ فُلَانٌ كَذَا، لَيْسَ بِمُخْبِرٍ وَلَا شَاهِدٍ. وَإِنَّمَا الشَّاهِدُ مَنْ يَشْهَدُ وَيَقُولُ: رَأَيْتُ فُلَانًا يَفْعَلُ كَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا. وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَفْهَمُ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا. وَتَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَبَحَّرِ الْعِلْمَ أَنَّ خَبَرَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ حُجَّةُ مَنْ زَعَمَ أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ. وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ أَنَّ الشَّاهِدَ مَنْ يَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ الشَّيْءِ أَوْ سَمَاعِهِ، لَا مَنْ يُنْكِرُهُ وَيَدْفَعُهُ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَجَدَ فِي ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾[الانشقاق:1] وَ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾[العلق:1]، بَعْدَ تَحَوُّلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، إِذْ كَانَتْ صُحْبَتُهُ إِيَّاهُ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ تَحَوُّلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا قَبْلُ.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ

يعني بعض الناس يقول إن النبي ما سجد في المفصل، وهذا بعد هجرته إلى المدينة، فأنكروا السجدة في الانشقاق، والسجدة في العلق، قالوا ما هي سجدة، قالوا بعد هجرته إلى المدينة لم يسجد، ويرد عليهم المؤلف رحمه الله بأحاديث ثابتة أنه سجد في الانشقاق والعلق، والمؤلف يرد على من أنكر ذلك، حجة من أنكر ذلك يقولون أنه ما سجد فيها بعد المفصل.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ يَعْنِي ابْنَ اللَّيْثِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ، أَنَّهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوْقَ هَذَا الْمَسْجِدِ، فَقَرَأَ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ فَسَجَدَ فِيهَا، وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ فِيهَا.

وهذا حجة داحضة لشبهة هؤلاء الذين يقولون إنه لم يسجد فيها، وأبو هريرة أسلم في السنة السابعة من الهجرة وقال: "رأيت النبي سجد فيها"، فهذا فيه رد على من قال إنه لم يسجد فيها بعد الهجرة.

قَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، كِتَابِ (الْكَبِيرِ).

له كتاب الكبير، ما هو كتاب الصلاة.

مَنْ قَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَبُو هُرَيْرَةَ إِنَّمَا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسِنِينَ قَالَ فِي خَبَرِ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَدِمَتُ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ قَدِ اسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ وَقَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: صَحِبْتُ النَّبِيَّ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ،

والصواب أنه أربع سنوات، السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة، هذا وهم.

وَقَدْ أَعْلَمْتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْمُخْبِرَ وَالشَّاهِدَ الَّذِي يَجِبُ قَبُولُ شَهَادَتِهِ وَخَبَرِهِ مَنْ يُخْبِرُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ

أبو هريرة أخبر وشهد على رؤيته، قال" النبي سجد، ورأيته يسجد فيها.

وَيَشْهَدُ عَلَى رُؤْيَةِ الشَّيْءِ وَسَمَاعِهِ، لَا مَنْ يَنْفِي كَوْنَ الشَّيْءِ وَيُنْكِرُهُ وَمَنْ قَالَ: لَمْ يَفْعَلْ فُلَانٌ كَذَا لَيْسَ بِمُخْبِرٍ وَلَا شَاهِدٍ، وَإِنَّمَا الشَّاهِدُ مَنْ يَشْهَدُ وَيَقُولُ: رَأَيْتُ فُلَانًا يَفْعَلُ كَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا، وَهَذَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَفْهَمُ الْعِلْمَ وَالْفِقْهَ، وَقَدْ بَيَّنْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا. وَتَوَهَّمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَبَحَّرِ الْعِلْمَ أَنَّ خَبَرَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تُحَوَّلَ إِلَى الْمَدِينَةِ حُجَّةُ مَنْ زَعَمَ أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْتُ أَنَّ الشَّاهِدَ مَنْ يَشْهَدُ بِرُؤْيَةِ الشَّيْءِ أَوْ سَمَاعِهِ لَا مَنْ يُنْكِرُهُ وَيَدْفَعُهُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ قَدْ أَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَجَدَ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ بَعْدَ تَحَوُّلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ إِذْ كَانَتْ صُحْبَتُهُ إِيَّاهُ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ تَحَوُّلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَا قَبْلُ

إذن فصل الرد على من قال إنه لم يسجد في المفصل في هاتين السورتين بعد الهجرة، وأبو هريرة صحبه بعد الهجرة.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا بِخَبَرِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حدثنا أَزْهَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، قال: حدثنا أَبُو قُدَامَةَ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، قال: حدثنا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ.

بَابُ السُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، ضِدُّ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ الْجَهْلِ مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ السَّجْدَةَ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ غَيْرُ جَائِزَةٍ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الشَّهِيدِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ وَأَبُو الْأَشْعَثِ أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالُوا: قال: حدثنا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ الشَّهِيدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: وَحَدَّثَنِي بَكْرٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ

أي صلاة العشاء.

 وَقَرَأَ ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ﴾ فَسَجَدَ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ قَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ الصَّنْعَانِيُّ: عَنْ أَبِيهِ. وَزَادَ فِي آخِرِ الْخَبَرِ: فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.

وَقَالَ أَبُو الْأَشْعَثِ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ فَسَجَدَ بِهَا، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا، حَتَّى أَلْقَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

بَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ فِي السُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ:

جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي خَلْفَ شَجَرَةٍ فَرَأَيْتُ كَأَنِّي قَرَأْتُ سَجْدَةً، فَسَجَدْتُ فَرَأَيْتُ الشَّجَرَةَ كَأَنَّهَا تَسْجُدُ بِسُجُودِي، فَسَمِعْتُهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ وَهِيَ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اكْتُبْ لِي عِنْدَكَ بِهَا أَجْرًا، وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا، وَضَعْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَاقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا قَبِلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ السَّجْدَةَ ثُمَّ سَجَدَ، فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ سَاجِدٌ يَقُولُ مِثْلَ مَا قَالَ الرَّجُلُ عَنْ كَلَامِ الشَّجَرَةِ.

وهذا في مشروعية هذا الدعاء.

طالب: يقول المحقق في إسناده (إسناده صحيح).

الشيخ: لكن لابد أن يقول "سبحان ربي الأعلى"، ثم يقول هذا الذكر إن تيسر، فإن لم يحفظه فإنه يكتفي بالتسبيح والدعاء.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْحُلْوَانِيُّ، قال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ:

كَانَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ صَلَّى بِنَا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ يَعْنِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَكَانَ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُ فَيُطِيلُ السُّجُودَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ: قَالَ لِيَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي جَدُّكُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ: وَاحْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا، وَلَمْ يَقُلِ: اقْبَلْهَا مِنِّي كَمَا تَقَبَّلْتَ مِنْ عَبْدِكَ دَاوُدَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا كُنْتُ تَرَكْتُ إِمْلَاءَ خَبَرِ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ: «سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ»؛ لِأَنَّ بَيْنَ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَبَيْنَ أَبِي الْعَالِيَةِ رَجُلًا غَيْرَ مُسَمًّى، لَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ، وَخَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ.

 أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَاهُ بُنْدَارٌ، أَنَبأنا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حدثنَا خَالِدٌ وَهُوَ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ؛ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ، قال: حدثنا خَالِدٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خَالِدٍ وَهُوَ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ: غَيْرَ أَنَّ أَبَا بِشْرٍ لَمْ يَقُلْ: بِاللَّيْلِ وَزَادَ: يَقُولُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

 أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: مِثْلَ حَدِيثِ بُنْدَارٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: يَقُولُ فِي السَّجْدَةِ مِرَارًا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَإِنَّمَا أَمْلَيْتُ هَذَا الْخَبَرَ، وَبَيَّنْتُ عِلَّتَهُ فِي هَذَا الْوَقْتِ مَخَافَةَ أَنْ يَغْتَرَ بَعْضُ طُلَّابِ الْعِلْمِ بِرِوَايَةِ الثَّقَفِيِّ وَخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَيُتَوَهَّمَ أَنَّ رِوَايَةَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صَحِيحَةٌ.

 بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ عِنْدَ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ، إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ وَسَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ وَالْمُشْرِكُونَ جَمِيعًا، إِلَّا الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرَادَا الشُّهْرَةَ.

وَقَدْ قَرَأَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَامُ، وَلَوْ كَانَ السُّجُودُ فَرِيضَةً لَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي النَّجْمِ سَجْدَةٌ كَمَا تَوَهَّمَ بَعْضُ النَّاسِ لِعِلَّةِ هَذَا الْخَبَرِ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمَا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّجْمِ.

هذا من فقه المؤلف -رحمه الله- في الترجمة.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: عَرَضْتُ النَّجْمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَسْجُدْ مِنَّا أَحَدٌ.

قَالَ أَبُو صَخْرٍ: وَصَلَّيْتُ خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ فَلَمْ يَسْجُدَا.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَ رَبِيعَةُ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ مِمَّنْ حَضَرَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، قَالَ رَبِيعَةُ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا أَتَى السَّجْدَةَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَأَحْسَنَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ. وَلَمْ يَسْجُدْ.

هذه النصوص فيها دليل على أن سجدة التلاوة مستحبة وأنها سنة، وليست واجبة، وأنها مشروعة للتالي والمستمع.

بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُنْصِتِ السَّامِعِ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السُّجُودُ إِذَا لَمْ يَسْجُدِ الْقَارِئُ

التالي هو الإمام، فإذا سجد فإن المنصت المستمع يسجد، وإذا لم يسجد التالي فلا يسجد، وأما السامع الذي يسمع الصوت وهو غير مستمع لا يُشرع له السجود.

 ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ السَّجْدَةَ عَلَى مَنِ اسْتَمَعَ لَهَا وَأَنْصَتَ

لأن بعض الناس يظن أن المنصت يجب عليه السجود حتى ولو لم يسجد التالي، وهذا ليس بصحيح، التالي هو الإمام.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنا بُنْدَارٌ، قال: حدثنا يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ؛ ح وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ مَرَّةً، حَدَّثَنَا يَحْيَى وَعُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّجْمَ فَلَمْ يَسْجُدْ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَرَوَى أَبُو صَخْرٍ هَذَا الْخَبَرَ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، جَمِيعًا. حَدَّثَنَا بِهِمَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قال حدثنا: عَمِّي عَنْ أَبِي صَخْرٍ بِالْإِسْنَادَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ.

وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى﴾ فَلَمْ يَسْجُدْ.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قال: حدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ.

بَابُ الْجَهْرِ بِآمِينَ عِنْدَ انْقِضَاءِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي يَجْهَرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد