بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:
بَابُ الِاعْتِدَالِ فِي الرُّكُوعِ، وَالتَّجَافِي، وَوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ نَسَبُهُ إِلَى جَدِّهِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا، فَذَكَرَ بَعْضَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ: ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" وَرَكَعَ، ثُمَّ اعْتَدَلَ وَلَمْ يَصُبَّ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ...
يعني لم يخفض رأسه ولم يرفعه، يكون الرأس محاذيًا للجسم إذا ركع، لا يرفع رأسه ولا يخفضها، لا يُقنِّع ولا يصوِّب، يصوِّب يرفع، يقنع يعني يخفض، فيجعل رأسه حيال ظهره لا يرفعه ولا يخفضه، يجعل الرأس حيال الظهر لا يرفعه ولا يخفضه.
ثُمَّ قَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَاعْتَدَلَ، حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا، ثُمَّ هَوَى إِلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" ثُمَّ جَافَى عَضُدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ وَفَتَحَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَقَعَدَ عَلَيْهَا ...
قعد عليها، وفي لفظ: "فسخ".
ثُمَّ اعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا، ثُمَّ هَوَى سَاجِدًا، ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ" ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ، وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ، ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ صَنَعَ كَذَلِكَ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا الصَّلَاةُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا، ثُمَّ سَلَّمَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ.
وهذا الحديث فيه مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، وفيه مشروعية التجافي في الركوع والسجود، وفيه مشروعية وضع الرأس محاذيًا للصُّلب، وأنه يمد صلبه، وفيه مشروعية الاعتدال والطمأنينة في كل ركن، في الركوع والسجود، والخفض والرفع بين السجدتين بعدما يقول (سمع الله لمن حمده) حتى يعود كل مفصل إلى موضعه.
وجاء في الحديث الآخر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقال قد نسي، فيقول: «سمع الله لمن حمده»، وإذا رفع من السجدة الأولى جلس حتى يقول القائل: قد نسي؛ لأنه يطيل هذين الركنين، بعض الناس يخففون هذين الركنين، لا يقول: "سمع الله لمن حمده" بين السجدتين.
والأحناف لا يرون هذا واجبًا، وهذا خطأ، ولهذا تجد الأحناف الآن والإخوان الباكستانيين وغيرهم إذا ركع رفع رأسه من الركوع يسجد على طول، ما يعتدل، وإذا رفع من السجدة الأولى سجد السجدة الثانية ولا يعتدل؛ لأنه ما يرى أن الاعتدال واجب هنا، وهذا خطأ يخالف الحديث.
الحديث أنه كان النبي إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل: قد نسي؛ من طوله، فإذا رفع من السجدة الأولى جلس حتى يقولوا: قد نسي، وكما في هذا الحديث يقول: إذا اعتدل حتى يعود كل مفصل إلى موضعه وهو الطمأنينة، الطمأنينة واجبة بل ركن في كل رفع وخفض، في الركوع والسجود وبين السجدتين وبعدما يقول "سمع الله لمن حمده"، لابد من الطمأنينة والاعتدال، وأن يعود كل مفصل إلى موضعه.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنَا أبو بكر، قال: سمعت بندارًا يقول: هذا أول حديث أملى علينا يحيى بن سعيد بالبصرة، فمن الحياء سبقه لسانه نسب محمد بن عمرو بن عطاء إلى جده، قال: محمد بن عطاء.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، قال: أَخبرنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَهَكَذَا قَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بُنْدَارٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ قَالَ:
إِنِّي لَأَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالُوا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: صَدَقْتَ. هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثنَا أَبُو دَاوُدَ، قال: حدثنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ السَّاعِدِيُّ قَالَ:
اجْتَمَعَ نَاسٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فِيهِمْ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، وَأَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، فَذَكَرُوا صَلَاةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: دَعُونِي أُحَدِّثُكُمْ وَأَنَا أَعْلَمُكُمْ بِهَذَا. قَالُوا: فَحَدِّثْ. قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ دَخَلَ الصَّلَاةَ وَكَبَّرَ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ كَالْقَابِضِ عَلَيْهِمَا، فَلَمْ يَصُبَّ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْهُ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَاسْتَوَى قَائِمًا حَتَّى عَادَ كُلُّ عَظْمٍ مِنْهُ إِلَى مَوْضِعِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ بُنْدَارٌ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ: هَكَذَا كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وهذا فيه مشروعية الاعتدال، ومشروعية أن يكون الرأس محاذيًا للظهر، صلاة المجافاة والاعتدال، فيه أن أبا حميد ذكر صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصدقوه، قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ يَعْنِي إِذَا رَكَعَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فَصَلَاتُهُ نَاقِصَةٌ.
(نَاقِصَةٌ) يعني ناقصة في الثواب، الذي يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع أفضل، حصل على أجر وعلى ثواب، والذي لا يرفع يديه صلاته صحيحة، [00:07:44].
بَابُ الْأَمْرِ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يَطْمَئِنَّ الْمُصَلِّي فِي الرُّكُوعِ ...