شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_34

00:00
00:00
تحميل
33

بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خُزيمة -رَحِمَهُ الله تَعَالَى-:

بَابُ وَضْعِ الْكَفَّيْنِ عَلَى الْأَرْضِ، وَرَفْعِ الْمِرْفَقَيْنِ فِي السُّجُودِ:

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَجَدْتَ فَضَعْ كَفَّيْكَ، وَارْفَعْ مِرْفَقَيْكَ».

وهذا السنة للمصلي، أنه إذا سجد يضع كفَّيه على الأرض ويرفع مرفقيه، المجافاة، كما يرفع عضده عن فخذيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه يتجافى، وفي الحديث الآخر: «كان النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا سجد جخَّى» بمعنى أنه لا يُلصق بعضهم بعضًا بل يُجافي من المجافاة، ويديه يضعها على الأرض، يبسطها ويضعها على الأرض، بعض الناس يقبضها، لا، تُبسط اليدين وتوضع على الأرض، ويرفع مرفقيه فلا يفترش ذراعيه افتراش السبع.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ وَعُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَخِي يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ عَمِّهِ عَنْ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَجَدَ لَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ مَرَّتْ.

وهذا يدل على أنه -عَلْيه الصَّلاة والسَّلام- يتجافى، ولو كان مفترشًا ذراعيه على الأرض لما كانت تمر البُهيمة وهو مُجافي، لو مرَّت بُهيمة سخلة دخلت من تحته من شدة المجافاة، فالسنة المجافاة يُجافي بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه، ويرفع مرفقيه.

وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَصَمِّ، وَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا سَجَدَ جَافَى يَدَيْهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ بَهْمَةً أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ تَحْتَهَا مَرَّتْ.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي ابْنَ مَهْدِيٍّ- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ- عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ»، قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «وَإِيَّايَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ».

وفي اللفظ الآخر في مسلم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، ولكنَّ الله أعانني عليه فأسلم»، روي «فأسْلَمَ» يعني: دخل في الإسلام، وروي «فأسْلَمُ» بالرفع أي: فأنا أسلم من شرِّه وإن كان باقيًا على كفره.

 بَابُ طُولِ السُّجُودِ، وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّكُوعِ، وَبَيْنَ الْقِيَامِ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنَ الرُّكُوعِ:

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ رُكُوعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَفْعُهُ رَأْسَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَسُجُودُهُ، وَجُلُوسُهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ.

المعنى: أن صلاته متناسبة -عَلْيه الصَّلاة والسَّلام-، فالركوع طوله طول السجود، طول القيام بعد الرفع من الركوع، طول الجلسة بين السجدتين، كلها متناسبة، يكون الركوع طوله -حينما يقول: سمع الله لمن حمده ويقف- طول الركوع، وكذلك السجود يكون طولهما، وكذلك الجلسة بين السجدتين.

في اللفظ الآخر في الصحيحين: «رمقت الصَّلاة مع النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرأيت ركوعه فرفعه من الركوع، فسجوده، والجلسة بين السجدتين قريبًا من السواء» وفي لفظٍ: «ما خلا القيام والقعود» ما خلا القيام فإنه يكون طويل، القيام فيه قراءة الفاتحة وسورة، والقعود للتَّشهُّد الأخير طويل وإلا فإنها متناسبة، هذه السنة تكون الصلاة متناسبة.

بعض الناس الذين يحبُّون الخير تجده يُصلي السنة الراتبة أو غيرها، تجده يقرأ الفاتحة وسورة قصيرة، ويركع يُسبِّح ثلاث تسبيحات ويرفع، فإذا سجد جلس خمس دقائق أو سبع دقائق يدعو، فصارت السجدة طويلة والركوع ما يتناسب معها، وكذلك الجلسة بين السجدتين يُخفِّفها، وكذلك الجلوس بعد الرفع من الركوع كذلك يُخفِّفه هذا خلاف السنة، السنة تكون الصلاة متناسبة، يكون الركوع طول السجود، طول الجلسة بين السجدتين، طول الرفع من القيام، تكون متناسبة، ما خلا القيام فإنه طويل والقعود للتَّشهُّد الأخير، إذا أطلت السجود تُطيل الركوع وتُطيل القراءة، تكون الصلاة متناسبة، تُطيل الجلسة بين السجدتين، تُطيل القيام بعد الركوع.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ الْيَشْكُرِيُّ وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ الْقُرَشِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الْأَحْنَفِ عَنْ صِلَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَذَكَرَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ ثُمَّ رَكَعَ، فَكَانَ رُكُوعُهُ مِثْلَ قِيَامِهِ، ثُمَّ سَجَدَ فَكَانَ سُجُودُهُ مِثْلَ رُكُوعِهِ.

يعني صلاته متناسبة، وهذا في صلاة الليل، كان النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- يُطيل صلاة الليل يقرأ بالبقرة، وآل عِمران، والنساء.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: كَانَ قِيَامُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ وَجُلُوسُهُ لَا يُدْرَى أَيُّهُ أَفْضَلُ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ، يُرِيدُ أَفْضَلُ: أَطْوَلُ.

يعني كلها متناسبة، طولها متناسب، يعني لا يُدرى أيُّها أطول، كلها متناسبة.

بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ فِي السُّجُودِ.

توقف.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد