بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خُزيمة -رَحِمَهُ الله تَعَالَى-:
بَابُ النَّهْيِ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ فِي السُّجُودِ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى وَأَبُو عَاصِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ تَمِيمِ بْنِ مَحْمُودٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ، ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ.
قَالَ سَلْمُ بْنُ جُنَادَة: فِي الْفَرَائِضِ، وَقَالَا جَمِيعًا: وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمَكَانَ كَمَا يُوَطِّنَهُ الْبَعِيرُ.
فيه النهي عن هذه الأمور الثلاثة في الصلاة:
نقرة الغراب، وهي: السُّرعة في الركوع والسجود، يركع مجرد ما يهوي يرفع رأسه، وكذلك بمجرد أن يضع رأسه على الأرض يرفعها، هذه نقرة الغُراب، والواجب الطمأنينة، الواجب على المصلي أن يطمئن حتى يعود كل مفصل إلى موضعه في الركوع والسجود والخفض والرفع؛ ولهذا قال النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قصة المُسيء صلاته: «اركع حتى تطمئن راكعًا، ثمَّ ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثمَّ اسجد حتى تطمئن ساجدًا، ثمَّ ارفع حتى تعتدل جالسًا» وهكذا أمر في الاعتدال والطمأنينة، وهي الركود والسكون حتى يعود كل مِفصل لموضعه، وحتى يعود كل فَقَارٍ إلى موضعه، أمَّا صلاة نقر الغراب فإذا لم تكن مطمئنًا بطلت الصلاة، لأن النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر المُسيء أن يُعيد الصلاة ثلاث مرات يقول: «ارجع فصلِّ فإنك لم تُصلِّ».
ورأى حذيفة -رَضِي الله عَنْهُ- رجلًا لا يطمئن في صلاته فسأله: منذ كم وأنت تُصلي هذه الصلاة؟ فقال: منذ أربعين سنة، قال: أنت منذ أربعين سنةً ما صليت، ولو مُتَّ على هذا لمُتَّ على غير فطرة الله التي فطر عليها محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو كما جاء في الأثر.
والثاني: افتراش الذراعين: نهى عن افتراش الذراعين؛ يعني في السجود، في مشروعية المجافاة، وأن المفروض أن الإنسان يُجافي، فلا يفترش ذراعيه افتراش السبع؛ لأن هذا تشبُّه بالحيوان، وإنما يُجافي عضُديه عن جنبيه، وبطنه عن فخذيه، وفخذه عن ساقيه، ويرفع مرفقيه، فلا يتشبَّه بالحيوانات، الحيوانات نُهِي المُصلي عن التَّشبُّه بها، يُشير إلى النهي أن يفترش كما يفترش السبع، وفي لفظ: «افتراش الكلب»، ونُهي عن نقر الصلاة كنقر الغراب.
وإيطانٍ كإيطان البعير، هذا النهي الثالث، قال: «وأن يوطِّن أحدكم المكان كما يوطِّن البعير» يعني: الإنسان إذا جاء في الصف يلتزم مكان واحد سواءً جاء مُبكِّرًا أو متأخِّرًا يلزم مكان واحد، هذا فيه تشبُّه بالبعير، العبير يوطِّن مكان واحد في المراح ما يُغيِّر مكانه؛ ولهذا نُهي عن الصَّلاة في مباركها، قال بعض العلماء: الحكمة من ذلك أنها مأوى للشياطين، وقيل: وإنه ربما يناله ضرر، قد يأتي البعير في مكان المبركة في المكان الذي يُصلي فيه، فهو يوطِّن هذا المكان ولا يُغيِّره، فكذلك بعض الناس إذا جاء التزم مكانه سواء المكان معين لا يتقدَّم ولا يتأخَّر عنه ما ينبغي هذا، ينبغي إذا جاء مُبكِّر يتقدَّم الصف ولا يلتزم مكانًا معينًا لا يُصلي إلا فيه إذا جاء مُبكِّرًا أو متأخرًا.
س: يتقدم في الصلاة يكون دائما عن يمين المؤذن؟
الشيخ: يتقدم في الصلاة، ليس بلازم لا عن اليمين ولا عن اليسار، ولا يتهيأ له دائمًا هذا، كونه يأتي ما يتعدَّى هذا العمود أو هذا المكان هذا فيه تشبُّه.
س: أقصد الأفضلية؟
الشيخ: الأفضلية ما يلزم منها الإيطان، الأفضلية في التَّقدُّم في أيِّ مكان من غير لزوم مكانٍ معيَّن.
س: بعضهم يتخذ سجادة خلف الإمام؟
الشيخ: لا، السجادة، لا يتَّخذ السجادة، بدعة السجادة، الفُرش موجودة ولا يحتاج أن يضع سجادة، حتى قيل: إن مالك كان يؤدِّب من يتَّخذ سجادة، المساجد مفروشة فلا حاجة لاتخاذ سجادة، يُصلي بدون سجادة، إذا كان هناك حاجة كانت الأرض صلبة أو كان فيها شوك، أو كانت فيها برودة أو حرارة لا بأس.
س: المؤذن؟
الشيخ: لا، ما فيه شيء خاص يتقدَّم وإلا يُصلي في أي مكان، كونه يؤذِّن ويذهب ليس له مكان معين، يؤذِّن يأتي مبكرًا ويجلس في المكان، المكان لمن سبق.
هذه الأمور التي نُهي عنه التَّشبُّه، وكذلك التفاته كالتفات الثعلب، وبروك كبروك البعير كما قال: إذا نحن قمنا في الصلاة فإنا نُهينا عن الاتيان بستٍ، ذكر منها: بروك بعيرٍ، والتفاتٌ كثعلبٍ، ونقر غرابٍ، وافتراشٍ، وذكر إيطان البعير، هذه الصفات لهذه الحيوانات نُهي المُصلي عن التَّشبُّه بها: (افتراش السَّبُع، نقر الغراب، الإيطان كإيطان البعير، الالتفات كالتفات الثعلب، وأذناب خيلٍ عند فعل التحية)، يُشير (السَّلام عليكم ورحمة الله، السَّلام عليكم ورحمة الله)، هذه نهى النَّبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها قال: «ما لكم إذا سلَّمتم كأذناب خيل شمس اسكنوا» أمرهم بالسكون، كانوا يقولون: (السلام عليكم ورحمة الله، السَّلام عليكم ورحمة الله) كأذناب الخيل يمينًا وشمال، فَنُهوا، أُمروا بالسكون ونُهوا عن ذلك.
س: التشبه بالحيوانات هل خاص بالعبادة، أم في جميع...؟
الشيخ: في العبادة، وغير العبادة كيف يتشبَّه بها، هذا الكلام في العبادة.
س: الآن التجافي مع الصف؟
الشيخ: يتجافى بقدر، لا يؤذي من بجواره، إذا كان إمام ومنفرد يتجافى مجافاة كاملة، وإذا كان مأموم يتجافى مجافاة لا يؤذي من بجواره.
القارئ: قال: إسناده ضعيف لكن له شاهد يتقوَّى به.
الشيخ: له شواهد؛ لأن النهي عن التَّشبُّه بهذه الحيوانات.
بَابُ إِتْمَامِ السُّجُودِ، وَالزَّجْرِ عَنِ انْتِقَاصِهِ وَتَسْمِيَةِ الْمُنْتَقِصِ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ سَارِقًا، أَوْ هُوَ سَارِقٌ مِنْ صَلَاتِهِ:
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِير، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ صَلَاتَهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَسْرِقُ صَلَاتَهُ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا، وَلَا سُجُودَهَا».
الشيخ: تكلَّم على تخريج الحديث؟
القارئ: قال: إسناده صحيح لولا عنعنة الوليد، فإنه كان يُدلِّس تدليس التسوية، وعنه رواه أحمد والطبراني في الكبير، والأوسط ورجاله رجال الصحيح كما في [مجمع الزوائد]، لكن له شاهدٌ يتقوَّى به عند أحمد، وفي [إتحاف المهرة] أبو يحيى محمد بن عبد الرَّحيم البزَّاز.
الشيخ: وهو يدل على تحريم سرقة الصَّلاة وعدم الطمأنينة فيها، وأنها من أسوأ السرقة، أسوأ السرقة الذي يسرق من صلاته، في اللفظ الآخر: «أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته. قيل: يا رسول الله، وكيف يسرق من صلاته؟ قال: لا يُتِم ركوعها ولا سجودها»، فكونه لا يُتمُّ الركوع ولا السجود ولا يطمئن هذا سرقة في الصلاة؛ لأن الصلاة يجب الطمأنينة والإتمام، فإذا لم يتم ولم يطمئن سرق من الإتمام والطمأنينة.
قال مالكٌ قال: "في كل شيء وفاءٌ وتطفيف"، وإذا قال الله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾[المطففين:1] هذا في مكيال الدنيا، فمكيال الدين أولى.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَبَصُرَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي، فَقَالَ: «يَا فُلَانُ، اتَّقِ اللَّهَ، أَحْسِنْ صَلَاتَك، أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أَرَاكُمْ، إِنِّي لَأَرَى مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، أَحْسِنُوا صَلَاتَكُمْ، وَأَتِمُّوا رُكُوعَكُمْ، وَسُجُودَكُمْ».
الشيخ: ماذا قال تخريج هذا؟ هل تكلم عليه؟
طالب: قال: في مسلم.
الشيخ: وهذا من خصائص النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- أنه كونه يرى من خلفه، وفي اللفظ الآخر: «إني لأراكم من وراء ظهري» رواه البخاري في الصحيح، وهذه من خصائص النَّبي أنه يرى مَن خلفه، فيه وجوب الطمأنينة في الصلاة والإحسان؛ ولذلك قال: «أَحْسِنُوا صَلَاتَكُمْ»، ومن الإحسان أن يُقيم الإنسان صُلبه في الركوع، يَمُدُّ صُلبه حتى ولو كان مع الإمام عليه أن يُحسِن، بعض الناس يُسيء في صلاته وهو مع الإمام لا يَمُدُّ صُلبه، ولا يُجافي المجافاة المطلوبة، ولا يأتي بالواجب وإنما يتساهل، وكذلك في وضع رأسه بين يديه، وكذلك في مدِّ اليدين، النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- قال: «أحسنوا» أحسنوا صلاتكم، ألا يتقي الله العبد! وهذا عام في الصلاة، في الركوع والسجود والخفض والرفع، وفي مدِّ الصًلب، وفي المجافاة.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَةُ بْنُ الْأَحْنَفِ الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَامٍ الْأَسْوَدُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ الْأَشْعَرِيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ جَلَسَ فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَامَ يُصَلِّي فَجَعَلَ يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَرَوْنَ هَذَا؟ مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ، يَنْقُرُ صَلَاتَهُ كَمَا يَنْقُرُ الْغُرَابُ الدَّمَ، إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِي يَرْكَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالْجَائِعِ لَا يَأْكُلُ إِلَّا التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ فَمَاذَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ؟ فَأَسْبِغُوا الْوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ».
القارئ: قال: إسناده حسن، حسَّنه الألباني.
الشيخ: أصله في الصحيح في قصة الأعرابي، في قصة المُسيء صلاته.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْعَرِيِّ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفيه وجوب الطمأنينة وإحسان الصَّلاة، وفيه أن من لم يطمئن في صلاته فإن صلاته غير صحيحة تبطل؛ لفقدان الطمأنينة؛ لأن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة، وكونه تفقد الطمأنينة معناه أنه لا يطمئن في ركوعه ولا في سجوده، بمجرد أن يحني ظهره يرفع، بمجرد أن يضع جبهته على الأرض يرفعها، لا بد من الطمأنينة والركود حتى يعود كلَّ مفصلٍ إلى موضعه وكل فقار إلى مكانه.
وقوله: «أسبغوا الوضوء» فيه وجوب إسباغ الوضوء، «ويلٌ للأعقاب من النار».
س: هل قول سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي العظيم يكون ضابط؟
الشيخ: لا، الضابط الطمأنينة سواء سبَّح مرة أو مرتين أو ثلاث، إذا اطمأن الحمد لله، وعاد كل مفصل إلى موضعه، والواجب مرة عند الأحناف وجماعة، أن الواجب مرة في تسبيح الركوع والسجود، والجمهور يرون أنها مستحب التسبيح وتكبيرات الانتقال، وقول: (سمع الله لمن حمده)، وقول: (ربِّي اغفر ليِّ) بين السجدتين، و(ربَّنا لك الحمد)، هذه واجبات عند جمع من أهل العلم من الحنابلة وغيرهم، والجمهور على أنها مستحبَّة، وأما الطمأنينة ركن.
س : من صلى خلف إمام سريع هل يقطع الصلاة أو يتمها؟
الشيخ: سريع، السرعة كلمة مطاطة هذي، ما معنى سريع؟ سريع يعني تفقد الطمأنينة؟ أو سريع يعني تأتي بالطمأنينة لكن في تخفيف؟
س: مافيه طمأنينة.
الشيخ: إن كان ما فيه طمأنينة فالصلاة باطلة، لو صح وصدق هذا الوصف، أنه لا يوجد طمأنينة، ما يعود كل مفصل إلى موضعه، فالصلاة باطلة ويجب إعادتها كما أمر النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- الأعرابي أن يُعيد الصَّلاة ثلاث مرات، يقول: «ارجع فصلِّ فإنك لم تُصلِّ»، «ارجع فصلِّ» يعني: صلاةً شرعية، «فإنك لم تُصلِّ»، وهو صلى لكن صلاةً صورية ولم يُصلي الصلاة الشرعية.
بَابُ إِيجَابِ إِعَادَةِ الصَّلَاةِ الَّتِي لَا يُتِمُّ الْمُصَلِّي فِيهَا سُجُودَهُ.
المؤلف بوَّب بهذا الباب، كما في قصة المُسيء صلاته، أمره أن يُعيد الصلاة ثلاث مرات يجب إعادتها، وإن كان هذا الإمام صحيح أنه لا يقر، فهي باطلة يُعلَّم ويُخوَّف بالله، ويؤمر بإعادة الصلاة.
إِذِ الصَّلَاةُ الَّتِي لَا يُتِمُّ الْمُصَلِّي رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا غَيْرُ مُجْزِئَةٍ عَنْهُ.
صحيح ولو كانت مجزئة لما أمر النَّبي -صَلَّى الله عَليْهِ وَسَلَّمَ- المرجل أن يعيد الصلاة ثلاث مرات.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجَّ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ جَمِيعًا عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، أَنْبَأَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ».
ومعنى (لَا تُجزِئُ) يعني: لا تصح، ماذا قال عليه؟
طالب: قال: إسناده صحيح عند النسائي وأبو داوود.
الشيخ: لا تُجزئ يعني لا تكون صلاةً غير مجزئة، والصلاة غير المُجزئة ليست صحيحة بل باطلة.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ -وَكَانَ أَحَدَ الْوَفْدِ- قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَحَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنِهِ إِلَى رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ، قَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، إِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ»، هَذَا حَدِيثُ أَحْمَدَ بْنِ الْمِقْدَامِ.
وهذا النفي لصحة الصلاة؛ يعني: لا صلاة صحيحة لرجلٍ لا يُقيم صلبه في الركوع والسجود؛ فدلَّ على وجوب الطمأنينة وأن ترك الطمأنينة يُبطل الصلاة.
بَابُ التَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ.
توقف.