بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:
بَابُ التَّهْلِيلِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ بَعْدَ السَّلَامِ
قال: أخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قال: حَدَّثَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَلَّمَ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، أَهْلُ النِّعْمَةِ وَالْفَضْلِ وَالثَنَاءِ الْحَسَنِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
قال: أخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قال: حدثنَا آدَمُ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي إِيَاسٍ- قال: حدثنَا أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ -وَهُوَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ- عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ عِنْدَ انْقِضَاءِ صَلَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَالْفَضْلُ وَالثَنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ».
قال: أخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قال: حدثنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ عَبْدَةَ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي لُبَانَةَ- سَمِعْتُهُ مِنْ وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْمُغِيرَةِ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ؛ ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حدثنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ؛ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قالَا: حدثنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ؛ ح وَحَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قال: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَرَّادًا يُحَدِّثُ، وَفِي حَدِيثِ أَسْبَاطٍ وَسُفْيَانَ عَنْ وَرَّادٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ: لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ».
وهذه الأحاديث فيها مشروعية التهليل، والتسبيح، والتكبير بعد صلاة الفريضة، وهذا جاء في الصحيحين وفي غيرها من عدد من الصحابة؛ حديث ثوبان، حديث المغيرة، حديث أبي الزبير، وجماعة: أنه إذا سَلم يقول: اللهم أنت...، وهذه الأحاديث يذكر بعضها الآثار، وبعضها يذكر البعض الآخر، في مجموعها تدل على مشروعية الذكر، وأنه إذا سَلم الإمام يستغفر الله ثلاثًا.
إذا سَلم: استغفر الله، استغفر الله، استغفر الله، ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم إذا كان إمامًا يُعطي وجهه للمأمومين وينصرف، ثم يقول: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاحول وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَالْفَضْلُ وَالثَنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ»، «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ» ثم يُسبح ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويُكبر ثلاثًا وثلاثين، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وفي بعضها أنه يكون التكبير أربعة وثلاثين، وفي بعضها أنها تسعٌ وتسعون بدون تهليله، كل هذه أنواع، كلها جاء في الأحاديث، وهي ثابتة.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَكَتَبْتُ إِلَى مُعَاوِيَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ.
فَأَمَّا أَبُو هَاشِمٍ فَإِنَّهُ حَدَّثَنَا بِحَدِيثِ هُشَيْمٍ فِي عَقِبِ خَبَرِ مُغِيرَةَ وَمُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَرَّادٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ.
في هذا فيه التكرار ثلاثًا، أعد السند.
فَأَمَّا أَبُو هَاشِمٍ فَإِنَّهُ حَدَّثَنَا بِحَدِيثِ هُشَيْمٍ فِي عَقِبِ خَبَرِ مُغِيرَةَ وَمُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ وَرَّادٍ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَتَبَ إِلَى الْمُغِيرَةِ أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ بِشَيْءٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الصَّلَاةِ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَمَنْعٍ وَهَاتِ، وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ.
(وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ) كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن قيل وقال؛ لأن هذا يُقال هو الكذب، قالوا كذا، وقيل كذا، وفي اللفظ الآخر: (وعقوق الأمهات).
(وَمَنْعٍ وَهَاتِ) هات: جمع المال وغيره، ومنع الواجب، وأخذه من غير مستحله من غير حقه.
(وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السُّؤَالِ) وكثرة السؤال أيضًا كذلك، كثرة السؤال للمال، في الحديث الآخر: «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ».
وكذلك كثرة السؤال لأهل العلم إذا قُصد به إيذاء المسؤول، أو إيقاعه في الحرج والعنت، أو غير ذلك، أما إذا قصد الاستفادة فلا بأس، وكثرة السؤال، ومنعٍ وهات، وقيل وقال كل هذه منهي عنها.
وَعُقُوقِ الْأُمَّهَاتِ، وَوَأْدِ الْبَنَاتِ.
(وَوَأْدِ الْبَنَاتِ) قتلهن وهنَّ أحياء، عقوق الأمهات، ووأد البنات، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وقيل وقال كل هذه منهي عنها.
س: [00:07:52]؟
الشيخ: نعم، السؤال، «مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ» ويدخل فيه السؤال لأهل العلم –أيضًا- إذا قُصد به غير الفائدة.
قال: أخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بِهَذَا الْخَبَرِ الدَّوْرَقِيُّ وَأَبُو هِشَامٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ الْمُغِيرَةُ وَمُجَالِدٌ وَرَجُلٌ ثَالِثٌ أَيْضًا، كُلُّهُمْ عَنِ الشَّعْبِيِّ.
ثُمَّ قال: أَخْبَرَنَا أَبُو هَاشِمٍ فِي عَقِبِ هَذَا الْخَبَرِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ وَرَّادًا يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنِ الْمُغِيرَةِ عَنِ النَّبِيِّ.
بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ
توقف.