بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:
بَابُ جَامِعِ الدُّعَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، وَأَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ جَمِيعًا، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَمِّهِ الْمَاجِشُونِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الْأَعْرَجِ -وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزَ- عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَنَّهُ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، فَسَلَّمَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ».
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ».
هذا فيه مشروعية هذا الدعاء، هذا الذكر بعد الصلاة، وأيضًا كذلك لا بأس أن يقوله في آخر التشهد «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَالْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ»، هذا ورد، وورد –أيضًا- كذلك الدعاء: اللهم قِنِا عذابَك يومَ تبعَثُ عِبادَكَ. ثلاثًا، هذا ورد أن يكون بعد الصلاة، يعني بعد الأذكار يأتي بهذا الدعاء حَسن مستحب، وإن أتى به قبل السلام فكذلك؛ لأن في آخر التشهد محل للدعاء.
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ آدَمَ الْبَصْرِيُّ، قال: حدثنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نَغْدُو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَجِيءُ الرَّجُلُ وَتَجِيءُ الْمَرْأَةُ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! كَيْفَ أَقُولُ إِذَا صَلَّيْتُ؟ قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي. فَقَدَ جَمَعَ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ».
وهذا جاء في الحديث أنها تقال بين السجدتين: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» –وجاء فيه زيادة: واجبرني- «وَعَافِنِي» والواجب: رب اغفر لي مرة، وإن كررها ثلاثًا فلا بأس، والزيادة مستحبة: رب اغفر لي، وارحمني، واهدني.
والواجب: رب اغفر لي ، هذا عند الحنابلة وجماعة واجب، وعند الجمهور مستحب، وكذلك التكبيرات، وسبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود، كل هذه مستحبة عند الجمهور، وواجبة عند جميع الحنابلة [00:03:24]؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حافظ عليها قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ كَعْبًا حَلَفَ لَهُ بِالَّذِي فَلَقَ الْبَحْرَ لِمُوسَى، إِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ دَاوُدَ نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي جَعَلْتَهُ لِي عِصْمَةً، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي جَعَلْتَ فِيهَا مَعَاشِي، اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ نِقْمَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".
قَالَ: وَحَدَّثَنِي كَعْبٌ، أَنَّ صُهَيْبًا صَاحِبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَهُ أَنَّ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُهُنَّ عِنْدَ انْصِرَافِهِ مِنْ صَلَاتِهِ.
هذا إنما يَثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، أما رواية كعب أنَّ نبي الله داوود كان يقول ذلك، كعب بينه وبين داوود أزمان طويلة، لكن ما ثبت بحديث صهيب إن صحَّ السند، السند ماذا؟
القارئ: قال: إسناده فيه مقال.
الشيخ: نعم، فلا يصح، على هذا لا يصح، إنما ما يصح: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ»، (اللهم قني عذابك)، هذا ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقولها بعد السلام، أما هذه فلا يصح، [00:05:18] قال... التعليق من؟
القارئ: المحقق.
الشيخ: ما ذكر المقال؟
القارئ: قال: "فأبو مروان والد عطا، وإن وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات إلا أن النسائي قال عنه: ليس بالمعروف كما في (الميزان)".
بَابُ التَّعَوُّذِ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قال: حدثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ وَعَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَزْدِيِّ، قَالَا: كَانَ سَعْدٌ يُعَلِّمُ بَنِيهِ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا يُعَلِّمُ الْمُكْتِبُ الْغِلْمَانَ،
(الْمُكْتِبُ) يعني صاحب الكتاتيب، يعلمهم.
يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَتَعَوَّذُ بِهِنَّ دُبُرَ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ».
وأظن هذا الإسناد أيضًا في صحيح مسلم، فيه مشروعية هذه الدعوات، في (دُبُرَ الصَّلَاةِ) يعني في آخر الصلاة، دُبر الشيء آخره، ومنه دُبر الحيوان، آخره.
اللهم إني أعوذ بك من الجُبن والبخل، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من أن أُرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة القبر، هذه يقولها في آخر التشهد.
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، قال: حدثنَا وَكِيعٌ، عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ».
بَابُ فَضْلِ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ بَعْدَ السَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ
الشيخ: هل تكلم على الحديث الأخير؟
القارئ: قال: صحيح.
الشيخ: يعني هو المراد (فِي دُبُرِ الصَّلَاةِ) يعني آخر الصلاة، في آخر التشهد.