بسم الله الرحمن الرحيم
صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:
بَابُ ذِكْرِ الْقَدْرِ الَّذِي يَكْفِي الِاسْتِتَارُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قال: حدثَنَا عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي وَالدَّوَابُّ تَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِينَا، فَسَأَلْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَقَالَ: «مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ تَكُونُ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ، وَلَا يَضُرُّ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ».
هذا الحديث فيه بيان السُترة التي تكون للمصلي، وأنها مثل آخرة الرحل، الرحل: الشيء الذي يكون على البعير من الخلف، وهي تُقارب ثلثي ذراع، تكون شيءٌ قائم.
مثل: الآن أمامكم هذه المصاحف هذه سُترة الآن، سُترة أقلها ثلثي ذراع مثل مؤخرة الرحل، تكون شيء قائم، أما ما يظنه بعض الناس أنَّ طرف السجادة سُترة، لا، ليست بسُترة، طرف السجادة ليست بسُترة، أو ينصب عصا يضعها بالعرض، ليس سُترة، السُترة شيءٌ قائم أقله ثلثي ذراع مثل: آخرة الرحل.
في صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَقْطَعُ صَلاَةَ الرَّجُلِ -إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مثل آخِرَةِ الرَّحْلِ-: المرْأةُ، والحِمَارُ، وَالكَلْبُ الأسْوَدُ».
مؤخر الرحل؛ يعني الخشبة التي تكون تشتد خلف الراكب في البعير، وهي تعادل ثلثي ذراع تقريبًا، إذا كانت ثلثي ذراع، أو ذراع شيء قائم مثل هذه، هذه السُترة، أما طرف السجادة، والعصا المنصوب عرضًا [00:02:10] فليس بسُترة، لكن جاء في الحديث أنه إذا صلى على تراب ولم يجد شيئًا، أن يخط خطًا هلاليًا -على شكل هلال- هذا الحديث رواه الإمام أحمد، وبعض العلماء قالوا: الحديث مضطرب، طعنوا فيه، والحافظ رجح صحته وقال: لم يُصب من قال إنه مضطرب.
وعليه: فإذا كان يصلي في تراب ولم يجد سترة، فإنه يخط خطًا هلاليًا فيكون سُترة، خط في التراب على شكل هلال.
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ». ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ. أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو الْخَطَّابِ، قال: حدثنَا بِشْرٌ -يَعْنِي ابْنَ الْمُفَضَّلِ- قال: حدثَنَا يُونُسُ بِمِثْلِهِ سَوَاءً".
ثم قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حدثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ؛ ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، قال: حدثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ مُؤَخِّرَةُ الرَّحْلِ الَّذِي بَلَغَكَ أَنَّهُ يَسْتُرُ الْمُصَلِّي؟ قَالَ: قَدْرُ ذِرَاعٍ.
(قَالَ: قَدْرُ ذِرَاعٍ) المعروف قدر ثلثي آخرة الرحل، مقدارها ثلثي ذراع.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَمَرَ بِالِاسْتِتَارِ بِمِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ فِي الصَّلَاةِ فِي طُولِهَا، لَا فِي طُولِهَا وَعَرْضِهَا جَمِيعًا
(فِي طُولِهَا) يعني ليس المراد أن تكون عريضة، يمكن مثلًا عصا قائم، لو كان العصا ليس بعريض المهم الطول، لا العرض، لا يُشترط تكون عريضة مثل السارية، مثل العمود، لا، ولو كان عصا دقيق.
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ أَبُو إِبْرَاهِيمَ الْأَسَدِيُّ، قال: حدثنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «تُجْزِئُ مِنَ السُّتْرَةِ مِثْلُ مُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ، وَلَوْ بِدِقِّ شَعْرَةٍ».
ولو كانت دقيقة، عصا دقيق.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَهِمَ فِي رَفْعِ هَذَا الْخَبَرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ:
أبو بكر هو المؤلف ابن خزيمة، كنيته أبو بكر.
وَالدَّلِيلُ مِنْ أَخْبَارِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ أَرَادَ مِثْلَ آخِرَةِ الرَّحْلِ فِي الطُّولِ، لَا فِي الْعَرْضِ، قَائِمٌ ثَابِتٌ، مِنْهُ أَخْبَارُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ تُرْكَزُ لَهُ الْحَرْبَةُ يُصَلِّي إِلَيْهَا، وَعَرْضُ الْحَرْبَةِ لَا يَكُونُ كَعَرْضِ آخِرَةِ الرَّحْلِ.
(الْحَرْبَةُ) عصا في طرفها حديدة، تُركز الحديدة في الأرض فتكون سُترة، كانت تُحمل للنبي -صلى الله عليه وسلم- فتكون سُترة، عصا في طرفها حديدة، والعصا دقيق لا يكون مثل آخرة الرحل ليس عريض، لا يُشترط أن يكون عريض.
قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حدثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي إِلَيْهَا بِالْمُصَلَّى -يَعْنِي الْعَنَزَةَ-.
(الْعَنَزَةَ) هي عصا في طرفها حديدة، كان يصلي إليها النبي يعني تكون سُترة.
وبعض الناس من العجائب، من الأشياء التي تحصل لبعض الرواة من التحريف، أنَّ بعضهم حَرف (العنزة)، وظن أنها قبيلة عنزة، وقال يفتخر: نحن من عنزة يصلي إلينا النبي -صلى الله عليه وسلم-، نحن من عنزة، من قبيلة عنزة.
والمراد من عنزة: العصا في طرفها حديدة يصلي إليها النبي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالِاسْتِتَارِ بِالسَّهْمِ فِي الصَّلَاةِ مَا بَانَ وَثَبَتَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَادَ بِالْأَمْرِ بِالِاسْتِتَارِ بِمِثْلِ آخِرَةِ الرَّحْلِ فِي طُولِهَا، لَا فِي طُولِهَا وَعَرْضِهَا جَمِيعًا.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حدثَنَا بِهَذَا الْخَبَرِ، عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِمْرَانَ الْعَابِدِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ -عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ- وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ -عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اسْتَتِرُوا فِي صَلَاتِكُمْ وَلَوْ بِسَهْمٍ».
وهذا الحديث من حُجة من قال بوجوب السُترة، وهم الظاهرية، وجماعة قالوا: إن السُترة واجبة، وإذا لم يضع سُترة يأثم.
والقول الثاني عند جَمع من العلماء: إن السُترة ليست واجبة وإنما مستحبة، واستدلوا بحديث: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شيء يسُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا».
فقوله: (إِذَا صَلَّى) جعل الاختيار له، دلَّ على أن السُترة ليست واجبة.
بَابُ الِاسْتِتَارِ بِالْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي مَا يَنْصِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلِاسْتِتَارِ بِهِ
هذا حديث الخط، ماذا قال؟
بَابُ الِاسْتِتَارِ بِالْخَطِّ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَلِّي مَا يَنْصِبُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِلِاسْتِتَارِ بِهِ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْجَوَّازُ، قَالَا، حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، يُحَدِّثُهُ عَنْ جَدِّهِ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْئًا. وَقَالَ مَرَّةً: تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلْيَنْصِبْ عَصًا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا، ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ».
وَقَالَ الْجَوَّازُ: فَلْيَضَعْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا، وَالْبَاقِي مِثْلُهُ سَوَاءً.
ظاهره قال: (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَلْيَنْصِبْ عَصًا) يضع عصا، فإذا لم يجد خطَّ خطًا هذا إذا لم يجد، فتكون العصا عندها مثل خط عند عدم وجود شيءٌ يركَزه.
وحديث الخط فيه كلام لأهل العلم، منهم من قال: إنه مضطرب الحديث، منهم من ضَعفه، ومنهم من حَسنه، الحافظ حَسنه قال: لم يُصب من قال إنه مضطرب في (بلوغ المرام).
القارئ: يقول: هذا الحديث ضعيف غير صحيح، أُعلَّ بالاختلاف، وبجهالة مداره.
الشيخ: كما سبق هو باضطرابه بعضهم أعَله، وبعضهم صححه، الحافظ قال: لم يُصب من قال إنه مُضطرب بل هو حَسن.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَحَدَّثَنَا بِمِثْلِ حَدِيثِ الْجَوَّازِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حدثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حدثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَالصَّحِيحُ مَا قَالَ بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، وَهَكَذَا قَالَ مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا: عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، حدثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، وَالثَّوْرِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ.
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ الْمُصَلِّي، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ مُدَّةً طَوِيلَةً انْتِظَارَ سَلَامِ الْمُصَلِّي خَيْرٌ مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: حدثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ إِلَى أَبِي جُهَيْمٍ، أَسْأَلُهُ عَنِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَوْ كَانَ أَنْ يَقُومَ أَرْبَعِينَ، خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قال: حدثنَا أَبُو أَحْمَدَ، قال: حدثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قال: أَخْبَرَنِي عَمِّي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حدثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ مَا فِي الْمَشْيِ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ مُعْتَرِضًا وَهُوَ يُنَاجِي رَبَّهُ، كَانَ أَنْ يَقِفَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ مِائَةَ عَامٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَخْطُوَ». هَذَا حَدِيثُ ابْنِ مَنِيعٍ.
وهذا يدل على أنه لا يجوز للإنسان أن يمر بين يدي المصلي.
وفي الحديث الآخر: «لو يعلم المار ما بين يدي المصلي، لكان أن يقف أربعين خيرٌ له أن يمر بين يديه»، قال الراوي: «ولا أدري أربعين سنة، أو أربعين شهرًا، أو أربعين يومًا»، وزيادة (ماذا عليه من الإثم) هذه مدرجة من بعض الرواة، نبه عليها الحافظ في بعض روايات الحديث: (لو يعلم المار ما بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم) كلمة: الإثم مُدرجة، ونبه عليها الحافظ في (الفتح)، ولما جاء في (البلوغ) وقع في الخطأ -رحمه الله-، نبه عليها أنها زائدة، ووضعها في البلوغ، لعله نسي -رحمه الله- الكمال لله.
(ماذا عليه من الإثم) كلمة الإثم ليست في الحديث، لكن هذا المعنى، المراد هذا، المراد: (ماذا عليه من الإثم، لكان يقف أربعين).
هذا فيه دليل على أنه لا يجوز للإنسان أن يمر بين يدي المصلي إذا لم يكن له سُترة إلا إذا لم يجد مسارًا للضرورة، ثم إذا اشتد الزحام في مكان؛ كالمسجد الحرام وغيره ولم يجد مسارًا، أما إذا كان يجد مسارًا وطريقًا فلا يجوز له المرور بين يدي المصلي مطلقًا.
وليس هناك شيئًا يخص الحرم، بعض الناس يظن أن المسجد الحرام خاص به، ليس فيه خصوصية، بعض العامة عنده جرأة، وإذا منعته يقول: حرم، حرم، يعني لا بأس، جائز، بعضهم يقول: جائز، حرم ما فيها شيء، جائز. هذا خطأ، هذه جرأة لايوجد شيء يخص مكان.
ولهذا بَوب البخاري قال: (باب السُترة في مكة وغيرها)، مكة وغيرها سواء، لكن إذا اشتد الزحام (والحرم مظنة الزحام) ولم يجد مسارًا طريقًا له، فلا بأس للضرورة، وإذا كان يجد طريق فلا، إذا كان يجد مسلك طريق آخر غير المرور بين يدي المصلي فلا يجوز له في الحرم وفي غيره، في مكة وفي غيرها.
س: هذا إذا لم يضع شيء؟
الشيخ: هذا إذا لم يضع، إن وضع ما في إشكال، إذا وضع تمر من ورائها ولا يضرك، إذا لم يضع لا تمر بين يديه إذا وجدت طريق غيره، وإذا لم تجد فالضرورات لها أحكام.
س:كم يكون ارتفاعها؟
الشيخ: ثلاثة أذرع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما دخل الكعبة جعل بينه وبين الجدار الغربي ثلاثة أذرع.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، إِذَا كَانَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ، وَإِبَاحَةِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى حَاشِيَةَ الْمَطَافِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّوَّافِينَ أَحَدٌ.
هذا مستثنى، الطوافين يمرون بين يدي المصلي، الطائفون مستثنون ولكن ليس معنى ذلك أن غيرهم مثلهم، هذا خاص بالطائفين، إذا كان يصلي والطائف يمر بين يديه فلا حرج.
القارئ: قال: هذا الحديث ضعيف، فإن ابن جرير مدلس وقد عنعن.
الشيخ: أعد السند.
القارئ: قال: "أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ".
الشيخ: ابن جرير مدلس وقد عنعن، وابن كثير تكلم عليه؟ لم يتكلم.
بَابُ أَمْرِ الْمُصَلِّي بِالدَّرْءِ عَنْ نَفْسِهِ الْمَارَّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِبَاحَةِ قِتَالِهِ بِالْيَدِ إِنْ أَبَى الْمَارُّ بِالِامْتِنَاعَ مِنَ الْمُرُورِ، بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيَّ-، قال: حدثنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعَنَّ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ».
هذا فيه دليل على منع المار بين يدي المصلي ومدافعتهُ، (فَلْيُقَاتِلْهُ) المراد: المدافعة باليد، وليس القتال بالسلاح، (فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ)، وفي لفظٍ: «فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ» الشيطان يُطلق على شيطان الإنس، وشيطان الجن، المتمرد من الإنسان والدواب يسمى شيطان.
بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالْبَيَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَمَرَ الْمُصَلِّي إِلَى سُتْرَةٍ، مَنْعِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَبَاحَ لَهُ مُقَاتَلَتَهُ إِذَا صَلَّى إِلَى سُتْرَةٍ، لَا إِذَا صَلَّى إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا هَمَّامٌ، ثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ:
(عَنْ أَبِيهِ) يعني أبو سعيد الخدري.
أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى سَارِيَةٍ، فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَنَعَهُ،
مر شاب وأبو سعيد الخدري يصلي إلى سارية فجاء شاب من بني أمية يمر بين يديه، فمنعه أبو سعيد.
فَذَهَبَ لِيَعُودَ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً فِي صَدْرِهِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ،
يعني في الأول أراد أن يمر فمنعه أبو سعيد، فذهب الشاب يبحث عن مكان فلم يجد، فعاود مرة أخرى ليمر، فدفعه أبو سعيد دفعة شديدة في صدره، فذهب يشتكيه إلى أمير المدينة.
فَذَكَرَ ذَلِكَ لِمَرْوَانَ،
(فَذَكَرَ ذَلِكَ لِمَرْوَانَ) مروان بن الحكم، وكان أمير المدينة.
فَلَقِيَهُ مَرْوَانُ، فَقَالَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ ضَرَبْتَ ابْنَ أَخِيكَ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ، فَذَهَبَ أَحَدٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». فَإِنَّمَا ضَرَبْتُ الشَّيْطَانَ.
أبو سعيد الصحابي الجليل كان يصلي إلى سارية، فمرَّ فتى من بني أمية -شاب- ليمرَّ بين يدي أبي سعيد، فمنعه أبو سعيد، فنظر الشاب مرة أخرى ليمر فلم يجد غير هذا الطريق فعاود، فدفعه دفعة أثرت في صدره، فذهب اشتكاه إلى أمير المدينة مروان، فجاء أبو سعيد، فقال: ما لك يا أبا سعيد على ابن أخيك، أوجعته؟ فساق الحديث قال: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ، فَذَهَبَ أَحَدٌ يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَمْنَعْهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ».
بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالْإِيضَاحِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَبَاحَ لِلْمُصَلِّي مَقَاتَلَةَ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيْهِ بَعْدَ مَنْعِهِ عَنِ الْمُرُورِ مَرَّتَيْنِ، لَا فِي الِابْتِدَاءِ إِذَا أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قال: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي الْبَابِ الثَّانِي، غَيْرَ أَنَّهُ زَادَ فِيهِ: وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُهُ فَأَبَى أَنْ يَنْتَهِيَ. قَالَ: وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ،
(وَمَرْوَانُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْمَدِينَةِ) أمير المدينة.
فَشَكَا إِلَيْهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ مَرْوَانُ لِأَبِي سَعِيدٍ، فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَحَدِكُمْ شَيْءٌ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَمْنَعْهُ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ».
بَابُ إِبَاحَةِ مَنْعِ الْمُصَلِّي مَنْ أَرَادَ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالدَّفْعِ فِي النَّحْرِ فِي الِابْتِدَاءِ
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قال: حدثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي إِلَى شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، إِذْ جَاءَهُ شَابٌّ مِنْ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَفَعَهُ فِي نَحْرِهِ، فَنَظَرَ فَلَمْ يَجِدْ مَسَاغًا إِلَّا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي سَعِيدٍ فَعَادَ، فَدَفَعَهُ فِي نَحْرِهِ أَشَدَّ مِنَ الدَّفْعَةِ الْأُولَى. قَالَ: فَمَثُلَ قَائِمًا، ثُمَّ نَالَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ،
يعني تكلم عن أبي سعيد، قال: يمنعني وكذا.
ثُمَّ خَرَجَ فَدَخَلَ عَلَى مَرْوَانَ، فَشَكَا إِلَيْهِ مَا لَقِيَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ.
قَالَ: وَدَخَلَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى مَرْوَانَ. فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِابْنِ أَخِيكِ جَاءَ يَشْتَكِيكَ؟
يقولها مروان لأبي سعيد.
فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَأَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَجْتَازَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْ فِي نَحْرِهِ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ».
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ" أَيْ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ مَعَ الَّذِي يُرِيدُ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ، لَا أَنَّ الْمَارَّ مِنْ بَنِي آدَمَ شَيْطَانٌ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ الشَّيْطَانِ قَدْ يَقَعُ عَلَى عُصَاةِ بَنِي آدَمَ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾[الأنعام:112]
يعني يُطلق على شيطان الإنس، لكن المراد الشيطان الذي معه الذي هو القرين، هو الذي دفعه على أن يمر.
قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا أَبُو بَكْرٍ -يَعْنِي الْحَنَفِيَّ- حدثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، قال: حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تُصَلُّوا إِلَّا إِلَى سُتْرَةٍ، وَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَإِنْ أَبَى فَلْتُقَاتِلْهُ؛ فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ».
وهذا ظاهره وجوب السُترة، «لَا تُصَلُّوا إِلَّا إِلَى سُتْرَةٍ».
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَامَ الْمُصَلِّي امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ أَوْ مُضْطَجِعَةٌ
وفق الله الجميع، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.