شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_60

00:00
00:00
تحميل
40

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْمَشْيِ الْقَهْقَرَى فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ الْعِلَّةِ تَحْدُثُ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ أَنَّ سَلَامَةَ، حَدَّثَهُمْ عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ بَيْنَمَا هُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِهِمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا بِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ فَضَحِكَ. فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ. وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ: أَنْ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ.

وهذا فيه دليل على: أنه لا بأس أن يتأخر الإنسان، أو يتقدم لحاجة وهو في الصلاة، وأنَّ هذا لا يؤثر في الصلاة، كما فعل أبو بكر –رضي الله عنه- فإنه لما كان يصلي بالناس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حجرته عن يساره، كشف النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الحجرة فرأوه، وظنوا أنه يريد أن يأتي يتقدم، فتأخر أبو بكر، فلمَّا لم يتقدم فبقي في مكانه، هذا لا بأس به.

ومن ذلك: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما صلى بالناس على المنبر وركع، قال: ثم لمَّا سجد تأخر، ثم لمَّا رقي المنبر فقال: «إنما فعلت هذا لتعلَّموا صلاتي» فلا بأس للحاجة التقدم والتأخر، وكما ثبت أن النبي فتح الباب لعائشة، وكان قريبًا منه، وكذلك فِعل الأشياء اليسيرة مثل حمل النبي أُمامة بنت زينب بن العاص وهو يصلي بالناس، كل هذا لا يؤثر في الصلاة، والإشارة كذلك عند الحاجة لا بأس بها، الإشارة باليد؛ رد السلام، أو الإشارة بالرأس كما فعلت عائشة لمَّا جاءتها أسماء قالت: آية [00:02:38] فأشارت برأسها نعم.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي حَمْلِ الصِّبْيَانِ فِي الصَّلَاةِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يُفْسِدُ صَلَاةَ الْمُصَلِّي، وَزَعَمَ أَنَّ هَذَا عَمَلًا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ، جَهْلًا مِنْهُ لِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

هذا باطل، ما يُفسد الصلاة؛ لأن النبي فعله، إذا حمل الصبي للحاجة فلا بأس به، كما حمل النبي أُمامة بنت أبي العاص بنت ابنته زينب، وهو يصلي بالناس، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها.

لكن ليس معنى ذلك أن يأتي الإنسان بالصبيان وكذا، لكن هم جاءوا إليه، وكما جاء الحسن والحسين، فإذا جاء فلا بأس، أما كونه يتعمد ويأتي بالصبيان، ولا سيمَّا إذا كان يؤم الناس لا ينبغي هذا، لكن إذا حملهم لا يمكن تأثيمه.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حدثثَنَا سُفْيَانُ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَابْنُ عَجْلَانَ، سَمِعَا عَامِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَؤُمُّ النَّاسَ وَعَلَى عَاتِقِهِ أُمَامَةُ بِنْتُ زَيْنَبَ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا.

بَابُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَتْلَهَا وَقَتْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، حدثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ؛ ح وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، حدثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ؛ ح وَحدثَنَا أَبُو مُوسَى، حدثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى؛ ح وَحدثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حدثَنَا غُنْدَرٌ؛ ح وَحدثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالُوا: حدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ ضَمْضَمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمْرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ؛ الْعَقْرَبِ وَالْحَيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ غُنْدَرٍ، قَالَ مَعْمَرٌ، فَقُلْتُ لَهُ، فَقَالَ: الْعَقْرَبُ وَالْحَيَّةُ.

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ يَحْيَى: يَعْنِي الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ.

وقوله: (الْأَسْوَدَيْنِ): من باب التغليب، تغليب العقرب والحية، مثل: القمرين، والعمرين، والأبوين، الأبوين: الأب، والأم، غَلَّب الأب، والقمرين: الشمس والقمر، مثل: الأسودين؛ التمر والماء، هنا الأسودين: يعني الحية، والعقرب، العقرب سوداء، لكن الحية قد لا تكون سوداء.

وفيه دليل على: أنه لا بأس بقتل الحية، والعقرب في الصلاة، وأنَّ هذا لا يؤثر في الصلاة، والمؤلف قال فيه ضد من قال بأنها تُفسد الصلاة.

وهذا من المعلوم أنه يقتلها ولكن لا يستدبر القبلة، فإذا احتاج إلى عمل كثير، واحتاج إلى أنه يستدبر القبلة، أو ينتقل من مكان إلى مكان، فإذا احتاج إلى ذلك يقطع الصلاة إذا كانت فيها خطر، الحية والعقرب فيها خطر يقطع الصلاة للضرورة، ثم يستأنف الصلاة، لكن إذا أمكن قتله وهو في الصلاة، والقبلة أمامه، ويتحرك بحركات، ويفعل أفعال لا تنافي الصلاة فلا بأس، فإذا احتاج إلى استدبار القبلة، واحتاج إلى عملٍ كثير؛ فإما أن يتركها، وإما أن يقطع الصلاة إذا كان هناك ضرورة.

س: العقرب إذا كانت غير سوداء تُقتل أيضًا؟

الشيخ: نعم، من ذوات السموم، سوداء هذا وصف يعني ليس له تأثير، لا مفهوم له أنها إذا كانت غير سوداء، ما دام من ذوات السموم، وفيها خطر، فتُقتل.

قال: بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ النَّائِبَةِ تَنُوبُ الْمُصَلِّي

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ بالتَّصْفِيقِ الْتَفَتَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّفِّ، فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَكَذَا، يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ، قَدْ أَمْلَيْتُهُ قَبْلُ بِطُولِهِ.

الشيخ: أعد الترجمة.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ النَّائِبَةِ تَنُوبُ الْمُصَلِّي

يعني لا بأس بالالتفات بالرأس فقط، بالعنق دون الالتفات بالجسم عند الحاجة، إذا كانت حاجة فلا بأس أن يلتفت برأسه، أما إذا ألتفت بجسمه واستدبر القبلة تبطل الصلاة، لكن جسمه ثابت، وقدماه ثابتان للقبلة، ويلتفت بالرأس بالعنق عند الحاجة، كأن يسمع وجفة في المسجد فيلتفت.

أبو بكر –رضي الله عنه- كان يصلي بالناس، والنبي -صلى الله عليه وسلم- ذهب إلى بني عمرو يُصلح بينهم، قدَّمه بلال يصلي بالناس، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر يصلي، فجعل الناس يُصفقون، فلما أكثروا التصفيق التفت أبو بكر، فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأراد أن يتأخر فأشار له النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: ولكنه تأخر، فتقدم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يُنكر عليه التفاته، فدلَّ على أنه لا بأس بالالتفات عند الحاجة، عند النائبة تنوب الإنسان، ثم لمَّا سلم النبي قال –الحديث في الصحيحين- للناس: «ما لكم أكثرتم التصفيق، إذا نابكم شيء فقولوا سبحان الله، فليُسبح الرجال» أنكر عليهم التصفيق.

قال -صلى الله عليه وسلم-: ما بالك يا أبا بكر حين أشرت عليك أن تبقى ألا تبقى؟ قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللَّحْظِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ الْمُصَلِّي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ

يعني يلحظ بعينه بدون أن يلوي عنقه، هذا اللَّحظ غير الالتفات، الالتفات يلتفت بالرأس، واللَّحظ يلحظ بعينه بدون أن يلتفت، يلَّحظ بعينه ينظر شيء، يلحظ بعينه من هنا أو من هنا من غير التفات.

القارئ: قال في (النهاية): هو النظر بشق العين الذي يلي الصدغ.

الشيخ: نعم، شق العين هنا بدون أن يلوي العنق، أمامه شيء يلحظه بعينه ينظر إليه.

قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قال: حدثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ- عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ يَمِينًا وَشِمَالًا، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ.

الشيخ: تكلم عليه؟

القارئ: قال: سبق تخريجه، هو سبق تخريجه في المجلد الأول.

الشيخ: يعني هذا استدل به على اللَّحظ، يلتفت يعني يلَّحظ من غير أن يلتفت، وهذا جائز عند الحاجة.

بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْمُصَلِّي فِي مُرَافَقَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَالنَّظَرِ إِلَيْهِمْ، هَلْ يُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ أَمْ لَا، لِيَأْمُرَهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنِي جَدِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ، وَكَانَ أَحَدَ الْوَفْدِ، قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَحَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنِهِ إِلَى رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فلما قضى نَبِيُّ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: يا معشر المسلمين! إنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود".

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْخَبَرُ لَيْسَ بِخِلَافِ أَخْبَارِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنِّي لَأَرَى مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَى مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ"، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِنْ كَانَ يَرَى مِنْ خَلْفِهِ فِي الصَّلَاةِ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ بِمُؤَخِّرِ عَيْنِهِ إِلَى مَنْ يُصَلِّي، لِيُعَلِّمَ أَصْحَابَهُ إِذَا رَأَوْهُ يَفْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ؛ إِنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

هذا فيه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يرى من خلفه، من خصوصياته، قال: «إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ ورَاءِ ظَهْرِي» لكن كونه يلمح بعينه فهذا فعل لبيان الجواز، وإلا فهو -صلى الله عليه وسلم- يرى من خلفه.

بَابُ الرُّخْصَةِ لِلْمُصَلِّي فِي مُرَافَقَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَالنَّظَرِ إِلَيْهِمْ، هَلْ يُتِمُّونَ صَلَاتَهُمْ أَمْ لَا، لِيَأْمُرَهُمْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ إِتْمَامِ الصَّلَاةِ

إذا كان يصلي مع أحد، ورآه يُخل بصلاته لا بأس أن يلحظه حتى يعلمه إذا انتهت الصلاة، فالنبي لمح بعينيه رجل لا يقيم صُلبه في الصلاة، فلما قضى النبي قال: لا تُجزي صلاة رجل لا يُقيم صلبه في الصلاة، وعلمه.

بَابُ إِبَاحَةِ الْتِفَاتِ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ إِرَادَةِ تَعْلِيمِ الْمُصَلِّينَ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمْ بِمَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ، وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ صَلَاتَهُ

قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قال: حدثَنَا شُعَيْبٌ، قال: حدثنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا.

إذا أشار المصلي بإشارة مُفهمة لا تُفسد الصلاة، أشار لرد السلام، أو أشار هكذا نعم، أو أشار لا، غير مفسد للصلاة، لكن هنا قوله كونه لمح إليهم، ماذا يقول؟

بَابُ إِبَاحَةِ الْتِفَاتِ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ إِرَادَةِ تَعْلِيمِ الْمُصَلِّينَ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمْ بِمَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ، وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ صَلَاتَهُ

النبي -صلى الله عليه وسلم- ظاهره أنه ما التفت إليهم أشار إليهم، لمَّا اشتكى صلى جالسًا وصلوا خلفه قيام، فأشار إليهم اجلسوا، ما يلزم من هذا أنه يلتفت إليهم، يُشير إليهم بيده وهم يرونه جالس يقول هكذا.

المؤلف –رحمه الله- يقول: إنه التفت إليهم.

القارئ: الحديث فيه التفات.

الشيخ: اقرأ الحديث.

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا.

إذًا معنى الالتفات المؤلف أخذها من (فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا).

بَابُ إِبَاحَةِ الْتِفَاتِ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ عِنْدَ إِرَادَةِ تَعْلِيمِ الْمُصَلِّينَ بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمْ بِمَا يَفْهَمُونَ عَنْهُ، وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ إِشَارَةَ الْمُصَلِّي بِمَا يُفْهَمُ عَنْهُ غَيْرُ مُفْسِدَةٍ صَلَاتَهُ

قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قال: حدثَنَا شُعَيْبٌ، قال: حدثنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا فَرَآنَا قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا.

وهذا في مرضه الأول (فَقَعَدْنَا)، وأما في مرض موته فإنهم بقوا يصلون خلفه قيامًا، وذلك لأن أبا بكر ابتدئ بهم الصلاة قائمًا، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وجلس عن يساره.

جمع العلماء بينهما:

- بأنه إذا ابتدأ الصلاة قائما ثم اُعتُل، يستمرون قيامًا، وأما إذا ابتدأ الصلاة قاعدًا فإنهم يجلسون، هذا أحد الوجوه.

- ومن العلماء من قال: هو مُخير بين الأمرين، فالجلوس أفضل؛ لأن النبي أمر به، والقيام جائز؛ لأن النبي أقرهم على القيام.

وهناك –أيضًا- القول الثالث من اختيار البخاري: أن هذا منسوخ، قال: وإنما أخذوا بالآخر من آخر فعل للنبي -صلى الله عليه وسلم-، صلى بهم قاعدًا فأمرهم بالقعود، هذا في مرضهِ الأول، ثم في مرضهِ الذي تُوفي فيه أقرهم على القيام.

قال البخاري: هذا منسوخ، أمرهم بالجلوس منسوخ بالأول؛ لأنه يؤخذ بالآخر من آخر فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والقاعدة عند أهل العلم تقول: أنه إذا أمكن الجمع بين الحديثين فلا داعي من النسخ، وهذا يمكن، يمكن الجمع؛ لأنه يُحمل الأمر بالجلوس على الاستحباب، والقيام على الجواز، فيكون فيه عمل بالحديثين، والقاعدة: إذا أمكن الجمع فلا داعي من النسخ.

س: لو فعل هذا بعض الأئمة كأن يكون مريض فيصلي قاعدًا ويأمر الناس بالقعود؟

الشيخ: لا بأس في الجلوس على الصحيح، على الصحيح إذا ابتدأ بهم الصلاة جالس يجلسون بشرط أن يكون الإمام الراتب، أما غير الإمام الراتب لا، إذا كان مريض ما يصلي بالناس، ما يصلي المريض يصلي الصحيح، لكن الإمام الراتب له، هذا على القول هذا.

أما على اختيار البخاري يقول: لا، هذا منسوخ يصلي بهم قيامًا.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي بَصْقِ الْمُصَلِّي عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى

قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْصَرَ نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِحَصَاةٍ، وَنَهَى أَنْ يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعَنْ يَمِينِهِ، وَقَالَ: «لِيَبْزُقْ عَنْ شِمَالِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى».

(يَبْزُقَ الرَّجُلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) يعني أمامه، أو عن يمينه، وفي الحديث الآخر: فإن الله أمامه، فإن الله قِبل المصلي، ولا يبزق عن يمينه فإن عن يمينه ملكٍ، ولكن من يساره أو تحت قدمه، وهذا إذا كان في غير المسجد، يبصق عن يساره أو تحت قدمه إذا كان الصحراء، أما إذا كان في المسجد فإنه يبصق في ثوبه، أو في المنديل.

قال: أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولَانِ: قَدْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُخَامَةً فِي الْقِبْلَةِ فَتَنَاوَلَ حَصَاةً فَحَكَّهَا، ثُمَّ قَالَ: «لَا يَتَنَخَّمَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْقِبْلَةِ، وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ رِجْلِهِ الْيُسْرَى».

وهذا خارج المسجد، أما في المسجد فلا يبصق، منهي عن البصق في المسجد.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي بَصْقِ الْمُصَلِّي خَلْفَهُ، وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى إِبَاحَةِ لَيِّ الْمُصَلِّي عُنُقَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَبْصُقَ فِي صَلَاتِهِ، إِذِ الْبَزْقُ خَلْفَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ إِلَّا بِلَيِّ الْعُنُقِ

قال: أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بُنْدَارٌ وَأَبُو مُوسَى، قَالَا: حدثَنَا يَحْيَى -وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ- عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كُنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَلَا تَبْزُقَنَّ عَنْ يَمِينِكَ، وَلَكِنْ خَلْفَكَ أَوْ تِلْقَاءَ شِمَالِكَ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِكَ الْيُسْرَى».

هَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ. وَقَالَ أَيْضًا، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَقَالَ: «وَابْصُقْ خَلْفَكَ، أَوْ تِلْقَاءَ شِمَالِكَ إِنْ كَانَ فَارِغًا، وَإِلَّا فَهَكَذَا»، تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى.

الشيخ: تكلم عليه؟

القارئ: الحديث قال: صحيح، هذا ماهر يقول: حديث صحيح رواه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد بن ماجة، والترمذي، والنسائي، والحاكم، والبيهقي، قال الترمذي عقب هذا الحديث: حديث طارق هذا حديث حسنٌ صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم، وسمعت الجارود يقول: سمعت وكيعًا يقول: لم يكذب ربعي بن حراش في الإسلام كَذبة، وقال عبد الرحمن بن مهدي: أثبت أهل الكوفة منصور بن المعتمر.

بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ إِبَاحَةَ بَزْقِ الْمُصَلِّي تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ يَسَارِهِ فَارِغًا، وَإِبَاحَةِ دَلْكِ الْبُزَاقِ بِقَدَمِهِ إِذَا بَزَقَ فِي صَلَاتِهِ

قف على هذا، هذا البزق خلفه فيه نظر، الحديث فيه نكارة، ما في داعي أن يبزق خلفه، يعني عن يساره أو تحت قدمه في غير المسجد، كونه الآن يلوي عنقه ويبصق خلفه وهو في الصلاة مع أنه يمكن أن يبصق عن يساره، أو تحت قدمه هذا فيه نكارة في هذه المسألة، قوله: صحَّ أو لا ولكن يحتاج أن يُبحث عن السند، قد يكون السند له علة ليس ببعيد؛ لأن فيه نكارة؛ لأن كونه يلوي عنقه ويبزق خلفه ما الداعي لهذا؟ ما في داعي لهذا، وهو يجد عن يساره، أو تحت قدمه.

قد يُقال: إنه لا يمكن أن يبصق عن يساره، على كل حال فيه إشكال، لا شك أن فيه إشكال هذا.

س: لو بزق في منديل ثم ألقاه أمامه؟

الشيخ: لا، ما ينبغي أن يُلقيه، يُدخله في جيبه، وفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد