شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_68

00:00
00:00
تحميل
54

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ.

قال ابن خزيمة –رحمه الله تعالى-:

بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْمُرَاءَاةِ بِتَزْيِينِ الصَّلاَةِ وَتَحْسِينِهَا.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الأَشَجُّ قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ حَبَّانَ (ح)، وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، جَمِيعًا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: «يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ».

وجاء في الحديث الآخر: «إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي»، قالوا: ما هو يا رسول الله؟ قال: «يقوم الرجل فيصلي...»، وفي الحديث الآخر قال: «ألا أنبئكم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه»، شرك السرائر، لأنه شرك في السر، لأنه يكون بالقلوب لا يعلمه إلا الله.

في الحديث الآخر سماه بالشرك الخفي، وهنا سماه شرك السرائر.

والواجب على الإنسان جهاد النفس، والحذر من الشرك ومراءاة الناس، جهاد النفس على الإخلاص.

قال: بَابُ ذِكْرِ نَفْيِ قَبُولِ صَلاَةِ الْمُرَائِي بِهَا.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ (ح)، وحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى قال: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلاَءَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ، قَالَ: «أَنَا خَيْرُ الشُّرَكَاءِ»، وَقَالَ بُنْدَارٌ: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، فَمَنْ عَمَلَ عَمَلاً فَأَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ، وَهُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ».

وَقَالَ بُنْدَارٌ: قَالَ: «فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ وَلْيَلْتَمِسْ ثَوَابَهُ مِنْهُ» وَقَالَ بُنْدَارٌ: عَنِ الْعَلاَءِ.

هذا حديث قدسي من كلام الله –عز وجل-، قال: «أنا خير الشركاء عن الشرك»، وفي رواية مسلم: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه»، هذا فيه دليل على أن العمل إذا خالطه الرياء فهو غير مقبول، وأن الرياء يحبط العمل الذي قارنه، فقط، إلا إذا طرأ ثم دفعه فلا يضره هذا، لكن إذا استرسل فإنه يحبط العمل، يبطل العمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال: بَابُ نَفْيِ قَبُولِ صَلاَةِ شَارِبِ الْخَمْرِ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أبانٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ، عَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ الَّذِي كَانَ يَسْكُنُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، أَنَّهُ مَكَثَ فِي طَلَبِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَ عَنْهُ قَالُوا: قَدْ سَارَ إِلَى مَكَّةَ، فَاتبَعَهُ فَوَجَدَهُ قَدْ سَارَ إِلَى الطَّائِفِ فَاتبَعَهُ فَوَجَدَهُ فِي زُرْعَةٍ يَمْشِي مُخَاصِرًا رَجُلاً مِنْ قُرَيْشٍ، وَالْقُرَيْشِيُّ يُزِنُّ بِالْخَمْرِ.

فَلَمَّا لَقِيتُهُ سَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيَّ، قَالَ: مَا عَدَا بِكَ الْيَوْمَ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، هَلْ سَمِعْتَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ شَرَابَ الْخَمْرِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَانْتَزَعَ الْقُرَشِيُّ يَدَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ رَجُلٌ مِنْ أُمَّتِي فَتُقْبَلُ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا».

الشيخ: تكلم عليه؟

القارئ: نعم، قال: حديث صحيح، أخرجه أحمد، والدارمي، وابن ماجه، والبزار، والنسائي.

الشيخ: والمعنى أنه لا يُثاب على صلاته، لكنه لا يؤمر بإعادة الصلاة، صلاته صحيحة، ولا يؤمر بإعادة الصلاة، صلاته مجزئة، ولكن لا ثواب لها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

قال: بَابُ نَفْيِ قَبُولِ صَلاَةِ الْمَرْأَةِ المغضبة لِزَوْجِهَا، وَصَلاَةِ الْعَبْدِ الآبِقِ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ثَلاَثَةٌ لاَ يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلاَةً وَلاَ تصْعَدُ لَهُمْ حَسَنَةٌ: الْعَبْدُ الآبِقُ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَوَالِيهِ، فَيَضَعُ يَدَهُ فِي أَيْدِيهِمْ، وَالْمَرْأَةُ السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَرْضَى، وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ».

والمعنى أن هؤلاء ارتكبوا كبائر من كبائر الذنوب، شارب الخمر، وكذلك أيضًا العاق لوالديه، وشاهد الزور، وهؤلاء: الآبق  من سيده، والمرأة المغضبة لزوجها، كل هؤلاء ارتكبوا كبائر من كبائر الذنوب، ولا تُقبل لهم صلاة، هذا من باب الوعيد، يعني لا يثابون، وإن كانت صلاتهم مجزئة، لا يؤمرون بإعادتها.

فرق بين الإجزاء وبين القبول، الإجزاء شيء، والقبول شيء آخر.

القارئ: يقول: إسناده ضعيف، فقد تفرد زهير بن محمد في هذا الحديث، كما نص عليه الطبراني والبيهقي، وهذا الحديث ساقه ابن عدي في ضمن منكرات زهير، ثم إن زهيرًا قد اضطرب في الحديث كما فصَّل ذلك العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة.

الشيخ: أعد السند.

أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ.

الشيخ: يقول هذا من تفردات زهير؟

طالب: نعم، يقول: إسناده ضعيف، فقد تفرد زهير بن محمد في هذا الحديث، كما نص عليه الطبراني والبيهقي، وهي من رواية أهل الشام عنه، وهي ضعيفة، وقد ضُعف بسببها كما في [التقريب]، وهذا الحديث ساقه ابن عدي في ضمن منكرات زهير، ثم إن زهيرًا قد اضطرب في الحديث كما فصَّل ذلك العلامة الألباني.

الشيخ: نعم، لا شك التفرد في الرواة المتأخرين ما بعد طبقة التابعين، يعتبر طعن في الحديث.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ...

ولكن على كل حال هم مرتكبين لكبائر، المرأة إذا أغضبت زوجها فهي مرتكبة كبيرة، بدون سبب شرعي، وكذلك شارب الخمر مرتكب لكبيرة، وكذلك العبد الآبق، كل هؤلاء مرتكبون لكبائر.

قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قال: أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَقْدَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ يُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَوَالِيهِ».

قال: بَابُ التَّغْلِيظِ فِي النَّوْمِ عِنْدَ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ.

قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْوَهَّابِ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَمُحَمَّدٌ، يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، عَنْ عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ (ح) وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ نَحْوَهُ مِنْ كِتَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، وَقَرَأَهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ قال: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ لأَصْحَابِهِ: «هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رُؤْيَا؟» فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ.

وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: «إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي، فَقَالاَ لِي: انْطَلِقْ، انْطَلِقْ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ فَيَبْلُغُ رَأْسَهُ، فَيُدَهْدِهُ الْحَجَرَ هَاهُنَا، فَيَتْبَعُهُ، فَيَأْخُذُهُ، فِمَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يُصْبِحَ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ، فَيَفْعَلُ بِهِ كَمَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى»، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ: «قَالاَ: أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ، أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ ؛ فَإِنَّهُ رَجُلٌ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفِضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

(فَيَرْفِضُهُ) يعني يتركه، وهذا فيه الوعيد الشديد، وأن من نام عن الصلاة المكتوبة بغير عذر فهو مرتكب لكبيرة، وكذلك من رفض القرآن وتركه ولم يعمل به، وهذا يختلف، إذا لم يعمل به في أمور التوحيد هذا يكون شرك أكبر، أما إذا لم يعمل به دون ذلك يكون عاصٍ مرتكب لكبيرة، لم يعمل به في النهي عن التعامل بالربا وما أشبه ذلك.

وهذا مثل ما جاء عن بعض السلف قال: إن من الناس من يقرأ القرآن والقرآن يلعنه، يقرأ: ﴿أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾[هود:18]، وهو يظلم، ﴿لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[آل عمران:61]، وهو يكذب، يقرأ آيات الربا ويخالف النهي عن الربا.

قال: جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْفَرِيضَةِ فِي السَّفَرِ.

بركة، وفق الله الجميع لطاعته.

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد