شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_77

00:00
00:00
تحميل
35

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:

بَابُ إِسْقَاطِ فَرْضِ الصَّلاَةِ عَنِ الْحَائِضِ أَيَّامَ حَيْضِهَا.

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- إِنَّمَا فَرَضَ الصَّلاَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾[إبراهيم:31] وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾[النور:56] عَلَى بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ لاَ عَلَى جَمِيعِهِمْ، إِذْ لَوْ كَانَ فَرْضُ الصَّلاَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ فَرْضُ الصَّلاَةِ عَلَى الْحَائِضِ كَمَا هُوَ عَلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَجْمَلَ اللَّهُ فَرْضَهُ، وَوَلَّى نَبِيَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيَانَهُ عَنْهُ، فَأَعْلَمَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلاَةِ زَائِلٌ عَنِ الْمَرْأَةِ أَيَّامَ حَيْضِهَا.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ النَّاسَ فَوَعَظَهُمْ، ثُمَّ، قَالَ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، إِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ»، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ جَزْلَةٌ: وَبِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: «بِكَثْرَةِ اللَّعْنِ، وَكُفْرِكُنَّ الْعَشِيرَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنَ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَغْلَبَ لِذَوِي الأَلْبَابِ وَذَوِي الرَّأْيِ مِنْكُنَّ» قَالَتِ امْرَأَةٌ: مَا نُقْصَانُ عُقُولِنَا وَدِينِنَا؟ قَالَ: «شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْكُنَّ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ، وَنُقْصَانُ دِينِكُنَّ الْحَيْضَةُ، تَمْكُثُ إِحْدَاكُنَّ الثَّلاَثَ والأَرْبَعَ لاَ تُصَلِّي».

الشيخ: والأربع كذا الأيام، الثلاث والأربع كذا؟

القارئ: ذكر في الحاشية: أو الأربع.

الشيخ: الثلاث أو الأربع، وهذا الحديث واضح في دلالته للترجمة وهو أن الحائض ليس عليها قضاء الصلاة، هذا فيه رد على الخوارج الذين يرون أن الحائض تقضي الصلاة، ولهذا لما جاءت امرأة لعائشة تسأل، قالت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: أحرورية أنتِ؟ حرورية، نسبة إلى حروراء: بلدة في العراق تجمع فيها الخوارج، فصاروا يُنسبون إليها ويقال لهم الحرورية، قالت: أنتِ حرورية من الخوارج، ما أحسنتِ السؤال، تظنها تعترض.

قالت: لست بحرورية، ولكني أسأل، مسكينة ما تعرف تسأل، كأنها تعترض، ما بال الحائض تقضي الصوم... قالت: كان يصيبنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة، فالخوارج يأمرون الحائض بقضاء الصلاة، وهذا من جهلهم وضلالهم، والله تعالى سامح الحائض؛ لأنها تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، يصعب قضاؤها، بخلاف الصوم فإنه لا يكون إلا في السنة مرة، فوجب عليها قضاؤه.

وأما نقصانه، قال: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين...»، فسألت هذه المرأة: ما نقصان العقل، قال: نقصان الدين كونها تمكث الأيام لا تصلي، ونقصان العقل فشهادة امرأتين بشهادة رجل، «ما رأيت من ناقصات عقل أغلب لذوي الألباب والرأي منكن»، يعني هي ناقصة عقل ودين، ومع ذلك تغلب الرجل صاحب العقل واللب والرأي، تغلبه، وتأسره بميله إليها وحبه لها، وهي ناقصة عقل ودين.

الشاهد أن الحائض لا تقضي الصلاة.

بَابُ ذِكْرِ نَفْيِ إِيجَابِ قَضَاءِ الصَّلاَةِ عَنِ الْحَائِضِ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ قال: أَخْبَرَنَا حَمَّادٌ، يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، وَيَزِيدَ الرِّشْكِ، عَنْ مُعَاذَةَ: أَنَّ امْرَأَةً، سَأَلَتْ عَائِشَةَ: أَتَقْضِي الْحَائِضُ لِلصَّلاَةِ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قَدْ كَانَتْ تَحِيضُ فَلاَ تُؤْمَرُ بِقَضَاءٍ، قَالَتْ: وَذَكَرَتْ أَنَّهَا سَأَلْتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

الشيخ: تكلم عليه؟ تكلم على يزيد الرشك؟ ما فيه كلام...

القارئ: لم يتكلم.

الشيخ: والحديث أصله في الصحيح، لكن...

القارئ: لم يذكر.

بَابُ أَمْرِ الصِّبْيَانِ بِالصَّلاَةِ وَضَرْبِهِمْ عَلَى تَرْكِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ كَيْ يَعْتَادُوا بِهَا.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَهَذَا حَدِيثُ عَلِيٍّ قال: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلاَةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ».

بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الصِّبْيَانِ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ عَلَى غَيْرِ الإِيجَابِ.

أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالاَ:، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَرَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بِمَجْنُونَةِ بَنِي فُلاَنٍ، قَدْ زَنَتْ، أَمَرَ عُمَرُ بِرَجْمِهَا، فردّها عَلِيٌّ، وَقَالَ لِعُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: تَرْجُمُ هَذِهِ ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَوَ مَا تَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ»، قَالَ: صَدَقْتَ، فَخَلَّى عَنْهَا.

هذا فيه دليل على أن الصبي يؤمر بالصلاة لسبع من باب التأديب والتمرين، وهي ليست واجبة عليه، ويُضرب عليها لعشر، يضرب ضرب تأديب، حتى يتعودها، ولو كانت غير واجبة؛ لأنه إذا تُرك حتى يبلغ ما قبِل، ولا يمكن إلزامه، لكنه إذا أُمر قبل البلوغ سيتدرب عليها، فإذا بلغ صارت خفيفة عليه، فهذا أمر، قوله: الأمر ليس للوجوب (الترجمة)، ليس بصحيح، الأمر للوجوب، الأصل في الأوامر الوجوب، يجب على الولي أن يأمر الصبي، يأمره في السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة، صلّ يا فلان، صلّ يا فلان، وإذا ترك يتركه، فإذا بلغ عشر يؤدبه، يضربه ضرب تأديب، لا يجرح، ولا يكسر العظم، تأديب، يشعره بأن هذا أمر لابد منه، حتى يتمرن.

وابن السبع والعشر لا يجب عليه الصلاة حتى يبلغ، هذا من باب التدريب والتمرين؛ لأنه لو تُرك حتى يبلغ ما استطاع، ولا أمكن إلزامه.

جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّلاَةِ عَلَى الْبُسُطِ.

بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْحَصِيرِ.

بركة، فقط ذكر حديثين في الصبي؟ ترجمتين؟ الترجمة الأولى ذكر فيها الإيجاب، والثانية، الترجمة الأولى ماذا؟

بَابُ أَمْرِ الصِّبْيَانِ بِالصَّلاَةِ وَضَرْبِهِمْ عَلَى تَرْكِهَا قَبْلَ الْبُلُوغِ كَيْ يَعْتَادُوا عليها.

الترجمة الثانية:

بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَمْرَ الصِّبْيَانِ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ عَلَى غَيْرِ الإِيجَابِ.

يمكن على غير الإيجاب بالنسبة للصبي، وأنه يأمره وليه، وليست واجبة عليه، وإلا الولي واجب عليه أن يأمره، الأمر للوجوب، الأصل أنه على الوجوب، فالإيجاب بالنسبة للصبي، وبالنسبة للولي واجب أمره، والصبي الصلاة ليست عليه واجبة.

س: يجب عليه أن يوقظه في جميع الصلوات؟

نعم، جميع الصلوات، لكن لا يشدد عليه، السابعة والثامنة والتاسعة، غير العاشرة، لأن العاشرة قارب البلوغ، قد يبلغ في العاشرة، أو بالإحدى عشر، أو بالاثني عشر، قد يبلغ.

وفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد