الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى-:
جُمَّاعُ أَبْوَابِ الصَّلاَةِ عَلَى الْبُسُطِ.
بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْحَصِيرِ.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى حَصِيرٍ.
بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْبِسَاطِ، إِنْ كَانَ زَمْعَةُ يَجُوزُ الاِحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ.
نعم، والحديث الأول فيه دليل على الصلاة على الحصير، الصواب أنه يجوز الصلاة على الحصير، وعلى البساط، وعلى الأرض، والحمد لله، ومن الدليل على الصلاة على الحصير قصة أنس؛ لما جاءه النبي -صلى الله عليه وسلم- وزاره، فقال: وكان لنا حصير قد اسودّ من طول ما لُبس، قال: فنضحته فصلى عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، قد اسود من طول ما لُبس يعني من طول ما جُلس عليه، سمى الجلوس لُبس.
بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْبِسَاطِ إِنْ كَانَ زَمْعَةُ يَجُوزُ الاِحْتِجَاجُ بِخَبَرِهِ.
يعني كأن المؤلف شك في زمعة، هل هو يُحتج به، إن كان يُحتج بخبره دليل على الجواز، وإن كان لا يُحتج فلا يجوز الصلاة على البساط.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قال: حَدَّثَنَا زَمْعَةُ (ح) وحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ قال: أَخْبَرَنَا زَمْعَةُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنَ وَهْرَامٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ.
وَقَالَ نَصْرٌ فِي حَدِيثِهِ: صَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى بِسَاطٍ، وَقَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى بِسَاطٍ.
الشيخ: زمعة بن صالح ضعيف، قال المؤلف، تكلم على زمعة؟
القارئ: هو زمعة بن صالح الجندي اليماني، قال عنه ابن حنبل: ضعيف، وقال عنه البخاري: يخالف في حديثه.
الشيخ: نعم هو ضعيف، قال أبو بكر، لكن الأدلة الأخرى دلّت على أنه لا بأس بالصلاة على البساط، حتى لو ما صح الحديث هذا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْقَلْبِ مِنْ زَمْعَةَ.
في القلب منه شيء، يعني المؤلف عنده شك في ضعفه، أو في النفس منه شيء، ما يدري عنه، كأن المؤلف ما عرف حاله، في القلب منه شيء، وهو ضعيف، زمعة بن صالح الجُندي ضعيف، أو الجَنَدي.
بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْفِرَاءِ الْمَدْبُوغَةِ.
على كل حال الصلاة على البساط لا بأس بها، صح الحديث أو لم يصح، الأصل الطهارة في كل شيء، وإذا صلى على الحصير، فالبساط مثل الحصير، الحكم واحد.
بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْفِرَاءِ الْمَدْبُوغَةِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، وَبِشْرُ بْنُ آدَمَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَوانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ، وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَبُو عَوانٍ هَذَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عبيد اللهِ الثَّقَفِيُّ
الشيخ: تكلم على تخريجه؟ تكلم عليه؟
القارئ: إسناده ضعيف لضعف يونس بن الحارث الطائفي، ولجهالة والد أبي عوان، وهو عبيد الله بن سعيد الثقفي.
الشيخ: المؤلف ما تكلم عليه، هذه الفروة المدبوغة إن كانت مما يؤكل لحمه، الفروة المدبوغة، ظاهره المدبوغة من جلد الميت، أما جلد الحي ما فيه إشكال، سواء مدبوغ أو غير مدبوغ، المذبوح (المٌذكى)، لكن هذا جلد (فروة) غير المذكاة، فهل يطهره الدباغ؟
فيه حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بشاة لميمونة ميتة، قال: «هلا أخذتم إهابها» يعني جلدها، قالوا: يا رسول الله، إنها ميتة! قال: «يطهرها الإهاب والقَرَض»، يطهرها الدباغ وفي الحديث الآخر: «دباغ الميتة طهورها».
الميتة إذا كانت مأكولة اللحم كالإبل والبقر والغنم، ثم ماتت، فإنها تكون نجسة، لكن إذا أُخذ الجلد ودُبغ طهُر، الدباغ يطهره، فالدباغ للجلد، جلد مأكول اللحم، بمنزلة التذكية، كما أن التذكية تُحل الذبيحة في الإبل والبقر والغنم، فكذلك الدباغ.
لكن جلد ما لا يؤكل لحمه، كجلد النمر، جلد الذئب، جلد الحيات، هذا يطهر أو لا يطهر؟
فيه قولان لأهل العلم:
- قيل: يطهر، وهو اختيار البخاري وجماعة، لعموم حديث: «أيما إهاب دُبغ فقد طهر»، هذا عام للمأكول وغير المأكول.
- ومن العلماء من خصه بمأكول اللحم.
والمأخوذ به الآن، الفتوى على أنها لمأكول اللحم، لكن الآن ترِد جلود من الخارج، الظاهر أنها جلود حيات، وغيرها، ومدبوغة، تعم بها البلوى.
بَابُ الصَّلاَةِ عَلَى الْخُمْرَةِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ (ح) وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (ح) وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ (ح) وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ.
هَذَا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَقَالَ يُوسُفُ: يُصَلِّي عَلَى خُمْرَةٍ لَهُ قَدْ بُسِطَتْ فِي مَسْجِدِهِ، وَأَنَا نَائِمَةٌ إِلَى جَنْبِهِ، فَإِذَا سَجَدَ أَصَابَ ثَوْبُهُ ثَوْبِي، وَأَنَا حَائِضٌ.
في مسجده يعني في مصلاه، وليس المراد في المسجد، داخل البيت، مسجده يعني المكان الذي يسجد فيه، والخمرة: سجادة صغيرة من سعف النخل، سجادة صغيرة بمقدار مكان السجود، سُميت خُمرة لأنها تستر الأرض، مادة الخاء والميم والراء تدل على الستر، ومنها الخمر، سُميت خمر لأنها تستر العقل وتغطيه، هذه خُمرة لأنها تستر الأرض، وتقي الأرض.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَني عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ.
بَابُ الصَّلاَةِ فِي النَّعْلَيْنِ، وَالْخِيَارِ لِلْمُصَلِّي بَيْنَ الصَّلاَةِ فِيهِمَا وَبَيْنَ خَلْعِهِمَا وَوَضْعِهِمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، كَيْ لاَ يُؤْذِيَ بِهِمَا غَيْرَهُ.
بركة، وفق الله الجميع، سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.