شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_96

00:00
00:00
تحميل
48

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ بِاللَّيْلِ.

بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ نَسَخَ فَرْضَ قِيَامِ اللَّيْلِ بَعْدَ مَا كَانَ فَرْضًا وَاجِبًا.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَقَرَأَ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ أَيْضًا قال: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ (ح)، وحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ قال: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ (ح)، وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي (ح).

وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ المُقدّم قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ عَنْ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى حَكِيمِ بْنِ أَفْلَحَ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَهُوَ إِلَى عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأُدْخِلْنَا عَلَيْهَا، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ نَبِّئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ - تَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾[القلم:4]-، قَالَ: بَلَى قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -كَانَ الْقُرْآنَ.

فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، نَبِّئِينِي عَنْ قِيَامِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةِ: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ﴾[المزمل:1]؟ قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ حَوْلاً، حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ، وَأَمْسَكَ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ، ثُمَّ ذَكَرُوا الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِ الْحَدِيثِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فَأَخْبَرْتُهُ بِحَدِيثِهَا، فَقَالَ: صَدَقْتْ.

[00:03:55]، أم صدَقَت؟ محتمل، صدَقَت عائشة، ومحتمل صدَقْت.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ يُنْسَخُ فَيُجْعَلُ الْفَرْضُ تَطَوُّعًا، وَجَائِزٌ أَنْ يُنْسَخَ التَّطَوُّعُ ثَانِيًا فَيُفْرَضَ الْفَرْضُ الأَوَّلُ كَمَا كَانَ فِي الاِبْتِدَاءِ فَرْضًا.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

هذا الحديث فيه دليل على أن قيام الليل فُرض أولًا على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى الأمة، وهي مسألة خلافية بين أهل العلم؛ من العلماء من قالوا: إنه فُرض على الأمة ثم نُسخ، ومنهم من قال: فُرض على النبي خاصة.

وهذا الحديث فيه، حديث عائشة أن قيام الليل فُرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعلى الأمة حولًا كامل، لما أنزل الله تعالى أول سورة المزمل: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾[المزمل:1-6].

فقام النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقام الصحابة، واشتد عليهم ذلك حتى انتفخت أقدامهم من طول القيام، ثم بعد حول نسخ الله وجوب قيام الليل على الأمة، وبقي على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالنبي عليه قيام الليل فرض، بقي عليه فرضًا، بقي مفروضًا، والأمة نُسخ بحقها وبقي مستحبًّا، لما أنزل الله آخر آية في هذه السورة: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾[المزمل:20]، يعني صلوا ما تيسر من صلاة.

﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾[المزمل:20]، هذه الآية التي نسخت الوجوب، ﴿عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى ... فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾[المزمل:20]، يعني صلوا ما تيسر، فنُسخ الوجوب على الأمة وبقي الاستحباب، وأما النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه بقي في حقه الوجوب.

باب ذكر؟ أعد الترجمة الثانية.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْفَرْضَ قَدْ يُنْسَخُ فَيُجْعَلُ الْفَرْضُ تَطَوُّعًا.

مثلما نُسخ فرض قيام الليل من الأمة وصار تطوعًا.

وَجَائِزٌ أَنْ يُنْسَخَ التَّطَوُّعُ ثَانِيًا فَيُفْرَضَ الْفَرْضُ الأَوَّلُ كَمَا كَانَ فِي الاِبْتِدَاءِ فَرْضًا.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قال: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ (ح)، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قال: حَدَّثَنِي، يَعْنِي ابْنَ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ:

إِنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ فَصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ، فَصَلَّى رِجَالٌ بِصَلاَتِهِ، فَأَصْبَحَ نَاسٌ يَتَحَدَّثُونَ بِذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ كَثُرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى، فَصَلَّوْا بِصَلاَتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ، عَجَزَ الْمَسْجِدُ عَنْ أَهْلِهِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يُنَادُونَ: الصَّلاَةَ، فَكَمُنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

كمُن يعني اختبأ وبقي في مكانه، خشية أن يُفرض عليهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم ثلاث ليال، كل ليلة يصلي، فلما كان الليلة الرابعة ما خرج، فجعل الناس يقولون: الصلاةَ الصلاةَ، وبعضهم حصب الباب بالحصباء، فالنبي خرج بعد ذلك -عليه الصلاة والسلام- خرج مغضبًا، قال: إني خشيت أن يُفرض عليكم قيام الليل فتعجزون.

فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَطَفِقَ رِجَالٌ مِنْهُمْ يُنَادُونَ: الصَّلاَةَ، فَكَمُنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى خَرَجَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاَةَ الْفَجْرِ، قَامَ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ شَأْنُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ صَلاَةُ اللَّيْلِ فَتَعْجِزُوا عَنْهَا».

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدَّوْرَقِيِّ.

وذلك في رمضان، لما صلى بهم ثلاثة ليال، فلم يخرج في الليلة الثالثة أو الرابعة خشية أن يُفرض عليهم قيام الليل.

بَابُ كَرَاهَةِ تَرْكِ صَلاَةِ اللَّيْلِ بَعْدَ مَا كَانَ الْمَرْءُ قَدِ اعْتَادَها.

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الصَّدَفِيُّ قال: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قال: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ (ح)، وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَلِيلٍ الْمُقْرِئ، وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ اللَّخْمِيُّ التِّنِّيسِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ قال: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ».

قَالَ يُونُسُ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَا عَبْدَ اللهِ لاَ تَكُنْ».

بَابُ كَرَاهَةِ تَرْكِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا لاَ فَرْضًا.

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قال: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ (ح)، وحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قال: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ (ح)، وحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالاَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ مَنْصُورٍ (ح)، وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قال: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: إِنَّ فُلاَنًا نَامَ الْبَارِحَةَ عَنِ الصَّلاَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ذَاكَ شَيْطَانٌ بَالَ فِي أُذُنِهِ، أَوْ فِي أُذُنَيْهِ».

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى.

وفي لفظ: إن رجلًا نام حتى أصبح، فقال: ذاك بال الشيطان في أذنه، وهذا بول حقيقي، والله أعلم بكيفيته، قيل: نام عن قيام الليل، وقيل: نام عن صلاة الفجر، والقول بأنه نام عن قيام الليل لا شك يدل لما ذكره المؤلف من كراهة ترك قيام الليل وإن لم يكن فرضًا.

بَابُ اسْتِحْبَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ يَحِلُّ عُقَدَ الشَّيْطَانِ الَّتِي يَعْقِدُهَا عَلَى النَّائِمِ، فَيُصْبِحُ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ بِحَلِّ عُقَدِ الشَّيْطَانِ عَنْ نَفْسِهِ.

والذي نام حتى أصبح بقيت عقد الشيطان عليه.

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَعَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ...

يعني يرويه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذه صيغة من صيغ رفع الحديث، يعني الحديث مرفوع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، يبلغ به، أو يقال: روايةً.

 قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلاَثَ عُقَدٍ إِذَا هُوَ نَامَ، كُلُّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ عَلَيْهِ يَقُولُ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ».

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ الدَّوْرَقِيُّ.

بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ بَعْدَ ذِكْرِ اللهِ وَالْوُضُوءِ، تَحِلاَّنِ الْعُقَدَ كُلَّهَا الَّتِي يَعْقِدُهَا الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ النَّائِمِ.

وهي ثلاث عقد، فإذا قام وذكر الله انحلت عقدة، وإذا توضأ انحلت عقدة، وإذا صلى انحلت عقدة، ولهذا كان النبي يفتتح صلاة الليل بركعتين خفيفتين، حتى تنحل العقد الثلاث.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ قُرَّةَ بْنُ حَبِيبِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مَطَرٍ الرِّمَّاحُ قال: حَدَّثَنَا أَبِي قال: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن بادي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا نَامَ عَقَدَ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ ثَلاَثَ عُقَدٍ، فَإِنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَذَكَرَ اللَّهَ، حُلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ حُلَّتْ عُقْدَتَانِ فَإِنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، حُلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا، فَحُلُّوا عُقَدَ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ بِرَكْعَتَيْنِ».

بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيْطَانَ يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَةِ النِّسَاءِ كَعَقْدِهِ عَلَى قَافِيَةِ الرِّجَالِ بِاللَّيْلِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تَحِلُّ عَنْ نَفْسِهَا عُقَدَ الشَّيْطَانِ بِذِكْرِ اللهِ وَالْوُضُوءِ وَالصَّلاَةِ كَالرَّجُلِ سَوَاءً.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قال: حَدَّثَنَا أَبِي قال: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى إِلاَّ عَلَى رَأْسِهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ حِينَ يَرْقُدُ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِذَا قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ».

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ شَيْبَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مِنْ ذَكَرٍ وَلاَ أُنْثَى إِلاَّ عَلَيْهِ جَرِيرٌ مَعْقُودٌ حِينَ يَرْقُدُ بِاللَّيْلِ، بِمِثْلِهِ وَزَادَ: وَأَصْبَحَ خَفِيفًا طَيِّبَ النَّفْسِ، قَدْ أَصَابَ خَيْرًا».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْجَرِيرُ: الْحَبْلُ.

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ عَلَى أَنَّ صَلاَةَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ.

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلَكِ وهو ابْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَرْفَعُهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ يُوسُفُ -يَرْفَعُهُ- قَالَ: سُئِلَ أَيُّ صَلاَةٍ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ».

نعم، وجوف الليل هو نصف الليل، ونصف الليل الآخر هو أفضل من النصف الأول، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث عائشة إذا انتصف الليل أو قبله بقليل، أو بعده بقليل قام يصلي، وكانت صلاة داوود -عليه السلام- بعد نصف الليل، كان ينام نصف الليل ثم يقوم ثلثه، السدس الرابع والخامس من النصف الثاني، وينام سدسه، السدس الأخير حتى يستعين به على عمل النهار؛ لأنه حاكم يحكم الناس،(ي داوود إنا جعلناك خليفة) حاكم يقضي بين الناس -عليه الصلاة والسلام-، فكان ينام نصف الليل الأول ثم يقوم الثلث، السدس الرابع والسدس الخامس يصلي، ثم ينام السدس السادس يستعين به على أعمال النهار.

والسدس الخامس والسادس هذا هو ثلث الليل الآخر، وهو وقت التنزل الإلهي، قال -عليه الصلاة والسلام- كما في الحديث المتواتر: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟».

وتبين بهذا أن نصف الليل الآخر أفضل من النصف الأول بأسداسه الثلاثة؛ لأن إذا قلنا الليل ستة أسداس، النصف الثاني ثلاث أسداس، السدس الرابع والخامس هذا قيام داوود، صلاة داوود، والسدس الخامس والسادس هذا ثلث الليل الآخر، وقت التنزل الإلهي.

بَابُ التَّحْرِيضِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ.

بركة، نعم.

س: صلاة الليل أفضل من النهار؟

الشيخ: نعم، أفضل الصلاة صلاة الليل، أفضل من صلاة النهار.

س: [00:21:30]

الشيخ: لا، الرواتب هذه تبع الفرائض، معلوم أنها ما تُترك، لكن النوافل المطلقة، غير الرواتب، الصلاة بعد الظهر، الصلاة بعد المغرب، كذلك الصلوات الأخرى، صلاة الضحى، صلاة الضحى أيضًا ورد فيها فضل خاص، فالصلاة في الليل أفضل من الصلاة في النهار.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد