شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_133

00:00
00:00
تحميل
35

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال ابنُ خُزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

بَابٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَيْضًا وَانْتِظَارِ الْإِمَامِ الطَّائِفَةَ الْأُولَى بَعْدَ سَجْدَةٍ مِنَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِيَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ «وَانْتِظَارِ الثَّانِيَةِ حَتَّى تَرْكَعَ رَكْعَةً لِتَلْحَقَ بِالْإِمَامِ فَتَسْجُدَ مَعَهُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَنْتَظِرُهُمُ الْإِمَامُ قَائِمًا لِتَسْجُدَ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، وَجَمْعِ الْإِمَامِ الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَيَكُونُ فَرَاغُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ جَمِيعًا مِنَ الصَّلَاةِ مَعًا».

أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحْرِزٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قال حدثنا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قال حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَتْ: فَصَدَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ صَدْعَيْنِ، فَصَفَّتْ طَائِفَةٌ وَرَاءَهُ، وَقَامَتْ طَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ قَالَتْ: فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَبَّرَتِ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ صُفُّوا خَلْفَهُ، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا وَسَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعد:

المُراد بالسجدة هُنا الركعة، يعني ركعوا ركعةً كاملة، إطلاق الركعة على السجدة؛ لأن السجود أهم الأركان، ولأنه خاتمة الركعة، ثم ثبت جالسًا؟

ثُمَّ مَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا وَسَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ.

يعني صلَّوْا ركعة، الركعة الثانية.

ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى، حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ قَالَ أَحْمَدُ: الْأُخْرَى، وَقَالَا جَمِيعًا: فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ.

ثم رجعت الطائفة الأخرى القهقرى، يعني رجعوا من الخلف.

رجعوا من الخلف؛ هذا يرجعون من خلفهم، يتأخروا من خلفهم حتى تركوا فراغًا للطائفة الأخرى وجاءت خلفهم.

ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى، حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ قَالَ أَحْمَدُ: الْأُخْرَى، وَقَالَا جَمِيعًا: فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ، فَسَجَدُوا - زَادَ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ: فَسَجَدُوا مَعَهُ.

ظاهر لنا الآن أنَّ الطائفة الأولى صلت ركعتين وانصرفت، والركعة الثانية جاءت الطائفة الثانية، وركعوا لأنفسهم ركعة، ثم الركعة الثانية ركعوا مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصار لكل طائفةٍ ركعتان [00:06:55] ركعتان، ثم ظاهر هذا أنَّ النبي أتى بركعةٍ ثالثة، أو رابعة.

ثُمَّ قَامُوا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِمْ يَمْشُونَ الْقَهْقَرَى، حَتَّى قَامُوا مِنْ وَرَائِهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَةُ قَالَ أَحْمَدُ: الْأُخْرَى، وَقَالَا جَمِيعًا: فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَبَّرُوا، ثُمَّ رَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ.

(رَكَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ) يعني صلَّوا ركعةً لأنفسهم.

ثُمَّ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَجْدَتَهُ الثَّانِيَةَ، فَسَجَدُوا -زَادَ أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَرِ: فَسَجَدُوا مَعَهُ- ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رَكْعَتِهِ، وَسَجَدُوا لِأَنْفُسِهِمُ السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ قَامَتِ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا، وَقَالَا: فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدُوا جَمِيعًا قَالَ أَبُو الْأَزْهَرِ: ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَرَفَعُوا مَعَهُ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: وَرَفَعُوا مَكَانَهُ، وَلَمْ يَقُلْ: ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، وَقَالَا جَمِيعًا: كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَرِيعًا جِدًّا، لَا يَأْلُو أَنْ يُخَفِّفَ مَا اسْتَطَاعَ، ثُمَّ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسَلَّمُوا، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ شَرَكَهُ النَّاسُ فِي صَلَاتِهِ كُلِّهَا".

هذه الصفة فيها أنَّ كل طائفة هي صلَّت ركعتين الآن، لكن ظاهرها أنَّ النبي قام فصلى ركعتين، أنَّه ما قصر الصلاة، أنَّه أتمها.

س: والمغرب أحسن الله إليك؟

الشيخ: أو المغرب، لأنها ركعة واحدة يعني؟

طالب: لأنها ثلاث ركعات؟

الشيخ: هذا هو الظاهر، نعم، ثلاث ركعات وما ركع ركعة رابعة، يبقى إشكال، طائفتين كل منهما صلت ركعتان.

طالب: هم صلوْا ركعةً معه.

الشيخ: والطائفة الأولى صلَّت ركعتين وانصرفت، ثم جاءت وصلَّت ركعة، والطائفة الثانية كذلك، يعني مُحتمل أن يكون المغرب ليس ببعيد.

طالب: لأن ابن حزم ذكر أنَّها المغرب والفجر لا بد أن تكون ثلاث واثنين.

الشيخ: كيف ثلاث واثنين؟

طالب: لإنها لا تُقصر.

الشيخ: ما في شك المغرب والفجر لا تُقصر، هذا معروف، معروف أنها لا تُقصران، ولا أشار المصنف أنها صلاة المغرب، كان من عادته أنَّه يشير.

طالب: في العادة يشير أنهم أتمُّوا.

الشيخ: نعم، هم أتموا، كل طائفة ثلاث ركعات، والطائفة الأولى ركعتين وانصرفت، ثم جاءت الطائفة الثانية فصلُّوا لأنفسهم ركعة، ثم صلَّوا مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركعة، ثم ثبت قائمًا ثم جاءت الطائفة الثانية، فصلى بهم ركعة، بالطائفتين جميعًا، وسلَّم بهم رجميعًا.

طالب: يعني تقدَّموا على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بركعة.

الشيخ: ما تقدَّموا.

طالب: في الترجمة ذكر ركعتين، ما ذكر ثالثة.

الشيخ: قال صلى ركعتان؟

طالب: لا، لكن قال [00:10:57] الثانية حتى تركع ركعةً لتلحق بالإمام، فتسجد معه سجدة ثانية، ثم ينتظرهم الإمام قائمًا لتسجد السجدة الثانية، فجمع الإمام الطائفتين جميعًا في الركعة الثانية، فيكون فرغ الإمام والمأمومين جميعًا من الصلاة معًا.

الشيخ: فراغه صحيح، لكن في الظاهر العد أنَّها ثلاثة، الأولى صلى ركعتين وانصرفوا، ثم جاءت الركعة الثانية فصلوْا ركعة، ثم صلى بهم النبي الركعة الثانية، ثم جاءت الطائفة الثالثة وصلى بالطائفتين ركعة، العد هو هذا، الظاهر.

طالب: وجلوسه؟ قد جلس للركعة الثانية.

الشيخ: جلس ينتظرهم؛ حتى يصلوا لأنفسهم الركعة، ثم صلَّى بهم الركعة، ثم جاءت الطائفة الأولى التي انصرفت فاجتمعت الطائفتان وصلى بهم ركعة، الظاهر أنهم ثلاث ركعات، لكن تظن أنه في ركعة رابعة لكن ما في ركعة رابعة.

 هذه صفة من الصفات، صفة صلاة الخوف، صحَّت عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِن أوجه متعددة، قال الإمام أحمد: صحت من ستة أوجه أو سبعة كلها جائزة، صفات متعددة ليست مثل الصفات السابقة، ليست صفة واحدة.

المصنف ما نصَّ على أن هذه الصفة أنها في صلاة المغرب.

طالب: كأنها في ابن حبان، لكن سأعيد الصياغة.

طالب: لكن ظاهر العدد من الركعات التي قاموا مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنها ثلاث لكل واحدٍ منهم، للطائفة الأولى وللطائفة الثانية وللرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

الشيخ: إي نعم، هذا هو الظاهر، لكن عادة المصنف أنَّه ينص، يقول: ثلاث ركعات؛ لأنَّ هذا فيها خلاف عن الصفات السابقة، فالأصل أنَّه ينص، يقول أنها صلاة المغرب.

طالب: وربما لأنها واضحة عندهم.

الشيخ: علَّق عليه؟

القارئ: ذكر: إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق وقد صرَّح بالسماع، أخرجه ابن حبان من طريق المصنف، عن أحمد بن الأزهر به، وأخرجه أحمد وأبو داوود والحاكم والبيهقي، ذكر: هذا الحديث لم يذكره ابن حجر في الإتحاف واستدركه عليه المحققون.

الشيخ: العادة لابن حبان ينص عليها.

بَابُ الْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ "وَقَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ، أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: 102] تَحْمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَيْ صَلَّيْتَ لَهُمْ.

هذا هو الظاهر، ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: 102] هذا هو الظاهر المتبادر.

 وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ أَمَرْتَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ، وَأَعْلَمْتُ أَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا: "أَنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الْأَمْرِ، كَمَا تُضِيفُهُ إِلَى الْفَاعِلِ، فَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنَ بِالْإِقَامَةِ جَازَ أَنْ يُقَالَ: أَقَامَ الصَّلَاةَ إِذْ هُوَ الْآمِرُ بِهَا، فَأُقِيمَ بِأَمْرِهِ".

الشيخ: كتاب [معاني القرآن] للمؤلف مطبوع؟ ما رأيتموه؟

طالب: لابن حبان؟

الشيخ: لا، لابن خزيمة يقول: "بيناه في كتابنا [معاني القرآن]"، هل موجود، مطبوع؟

طالب: لعلنا نراه اليوم.

الشيخ: قال عندك ابن حبان؟

طالب: لا، نبحث عن الحديث، لأن الترقيم هنا يختلف عن ترقيم ابن حبان.

أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ،

طالب: عندي المقداد بالدال.

الشيخ: ماذا عندك؟

القارئ: المقدام.

الشيخ: ما تكلم عليه؟

القارئ: ذكر تخريجه.

الشيخ: ما ذكره ابن حبان؟ يراجع.

أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قال حدثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، قال حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنِي يَزِيدُ الْفَقِيرُ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، أَقْصُرُهُمَا؟ قَالَ: لَا، إِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، وَإِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَه الْقِتَالِ، ثُمَّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَامَتْ خَلْفَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، وَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا فِي وُجُوهِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ تِلْكَ الطَّائِفَةُ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَةً وَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَّمَ، فَسَلَّمَ الَّذِينَ خَلْفَهُ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "قَوْلُ جَابِرٍ: إِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، أَرَادَ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ".

هذا ظاهره أن النبي صلى بهم ركعة، كل طائفة ركعة، أعد الترجمة والحديث.

بَابُ الْإِقَامَةِ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ "وَقَدْ كُنْتُ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ، أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ﴾ [النساء: 102] تَحْمِلُ مَعْنَيَيْنِ: أَيْ صَلَّيْتَ لَهُمْ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي أَيْ أَمَرْتَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ، وَأَعْلَمْتُ أَنَّ هَذَا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي أَعْلَمْنَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا: أَنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الْأَمْرِ، كَمَا تُضِيفُهُ إِلَى الْفَاعِلِ، فَإِذَا أَمَرَ الْإِمَامُ الْمُؤَذِّنَ بِالْإِقَامَةِ جَازَ أَنْ يُقَالَ: أَقَامَ الصَّلَاةَ إِذْ هُوَ الْآمِرُ بِهَا، فَأُقِيمَ بِأَمْرِهِ".

أخبرنا أبو طاهرٍ قال حدثنا أبو بكرٍ قال حدثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، قال حدثنا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، قال حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنِي يَزِيدُ الْفَقِيرُ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ، أَقْصُرُهُمَا؟ قَالَ: لَا، إِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، وَإِنَّمَا الْقَصْرُ وَاحِدَةٌ عِنْدَه الْقِتَالِ.

يعني الصلاة في السفر ليست قصر، يدل على ذلك الحديث الآخر: «صلاة السفر ركعتان، وصلاة السفر أربع ركعات»، يعني أنَّ المسافر يقصر الرباعية وليست مقصورة، يعني هذه فُرضت هكذا، ويدل عليه حديث: «فُرضت الصلاة ركعتين، فأقِّرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر»، هكذا، ليست قصرًا، صلاة المسافر ركعتان تمام، وإنما القصر تُقصر في الخوف، تكون ركعة، كما جاء عن ابن عباس صلاة الإقامة أربع ركعات، وصلاة السفر ركعتان، وصلاة الخوف ركعة، يعني هنا المسافر إذا صلى ركعتين ما يُقال أنها صلاة قصر، بل هكذا شُرعت، إنما قصرها عند القتال، عند الخوف تُقصر فتكون ركعة، كما قال ابن عباس.

ثُمَّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَقَامَتْ خَلْفَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، وَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ.

صلى بهم ركعة وسجد سجدتين، يعني هنا المراد بالسجدتين على ظاهرهما، فالركعة فيها سجدتان، وأحيانًا يُراد بالسجدة هي الركعة، لكن هنا المراد بالسجدة السجود، يعني صلى بكلٍّ ركعةً وسجد بهم سجودان.

فَصَلَّى بِالَّذِي خَلْفَهُ رَكْعَةً، وَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَانُوا فِي وُجُوهِ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ تِلْكَ الطَّائِفَةُ فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَةً وَسَجَدَ بِهِمْ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَلَّمَ، فَسَلَّمَ الَّذِينَ خَلْفَهُ وَسَلَّمَ أُولَئِكَ».

(وَسَلَّمَ أُولَئِكَ) ظاهر هذا أنه صلي بكل طائفة ركعة، وله ركعتان، يصلي بكل طائفةٍ ركعة، هذه الصفة كل طائفة صلَّت ركعة، قوله (سجد السجدتين) على ظاهرها، سجودان.

س: تكون الطائفة الأولى كبروا مع تكبير النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذين هم قبال على العدو؟

الشيخ: نعم، صلى بهم ركعة ثم انصرفوا، وجاءت الطائفة الأخرى وصلى بهم ركعة، ثم سلَّم بالطائفة الثانية، والأولى سلموا لأنفسهم، وليس فيه أنَّ كل طائفة أتت بركعة، كل طائفة صلى بهم ركعة واحدة.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "قَوْلُ جَابِرٍ: إِنَّ الرَّكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ، أَرَادَ لَيْسَتَا بِقَصْرٍ عَنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ".

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْقِتَالِ وَالْكَلَامِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ

الشيخ: بركة، وجدته؟

ذِكْرُ النَّوْع الثَّانِي مِن صَلَاة الخوْف عَلَى حَسَبِ الحَاجَة إِلَيْهَا.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاقَ بن خُزَيمَة قَالَ حَدَّثَنَا أَحمَد بن الأزْهَر قَالَ حَدَّثنا يَعقُوب.

يعني شيخ ابن خزيمة، يروى عنه، ابن حبان شيخ ابن خزيمة، صحيح ابن حبان أرفع في الحديث من صحيح ابن خزيمة، يعني في الصحة أقوى.

قَالَ: حَدثَنَا أَبي عَن أَبي إسحَاقَ قَالَ: حَدثَنَا محمد بن جَعفَر بن الزبير عَن عروَة عَن عَائشَة قَالَت: صَلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاة الخوف بذَات الرقَاع قَالَ: فَصَدَع رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس صِدعين، فصفَّت طَائفةٌ ورَاءَه، وَقَامَت طَائفةٌ وُجاهَ العدو، قَالَ: فكبَّرَ رَسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَكَبرت الطائفة الذين صفوا خَلْفَهُ ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدُوا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا، ثُمَّ مَكَثَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا، وَسَجَدُوا لأنْفُسِهِم السَّجدة الثَّانِيَة، ثم قاموا فَنَكَصُوا عَلَى أَعْقَابِهِم يمشُون القَهْقَرَى حتى قامُوا مِن ورائهم، وَأَقْبَلَتِ الطَّائِفَة الأُخْرَى فَصَفُّوا خَلْفَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَكَبَّروا ثمَّ ركعوا لأنفسهم، ثمَّ سجد رَسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السَّجدة الثَّانيَة فَسَجَدُوا معه، ثمَّ قَامَ رَسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ركعته وسجدوا لأنفسهم السَّجدة الثانية، ثم قامت الطائفتان جميعًا فصفوا خَلْفَ رَسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فرَكَع بهم ركعةً وركعوا جميعًا ثمَّ سَجَدَ فسجدوا جميعًا، ثمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَرَفَعُوا مَعَهُ، كل ذَلِك مِنْ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَريعًا جدًّا لا يألو أن يُخفف ما اسْتَطَاعَ، ثمَّ سلَّم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسَلَّمُوا ثُمَّ قَامَ رَسُولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَد شرَكه النَّاس فِي صَلاتهِ كُلِّهَا.

القارئ: قال: هذا إسنادُه قوي فقد صرَّح ابنُ إسحاق بالتحديث وهو في صحيح ابن خزيمة برقم ...، وأخرجه البيهقي وأخرجه أحمد وابن خزيمة والحاكم والبيهقي من طريق يعقوب بن إبراهيم به، وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي وانظر حديث أبي هريرة الآتي برقم (2887).

الشيخ: لكن ما نص عليها.

القارئ: نفس الحديث؛ لأن هذا تحقيق شعيب.

الشيخ: ما فيه زيادة؟

القارئ: ما فيه زيادة.

طالب: ظاهره الثلاث ركعات.

الشيخ: نعم، هذا هو الظاهر.

القارئ: هي ثلاثة.

الشيخ: هذا هو الظاهر.

طالب: كأن الأثيوبي قدَّم تقديم قول ابن حزم في [المحلى]، ذكر أنَّ الصلوات تعدد فيها ستة عشر نوع.

الشيخ: الأثيوبي؟ صلاة الخوف يعني؟

طالب: إي نعم، ذكر أنها ستة عشر، وذكر أنَّ بعضهم عدَّها سبعة عشر حالة.

الشيخ: صحيح، لكن الإمام أحمد يقول: التي صحَّت من ستة أوجه وسبعة أوجه، وصحَّت صلاته، معناه فيها صفات ما صحت، قال الإمام أحمد: "صحَّت صلاة الخوف عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من ستة أوجه أو سبعة أوجه كلها جائزة، وأنا أختار صلاة ذات الرقاع"، فالمفروض كان بالإمام أحمد أنَّ الصفات الأخرى ما تصح، لكن صحَّت عنده ستة أو سبعة، والصفات الأخرى ما صحَّت.

طالب: كل البقية ما صحَّت؟

الشيخ: هذا ظاهر كلام الإمام أحمد، وهذا يشبه تعدد صلاة الكسوف، ركعات صلاة الخسوف، الشيخان اتفقا على أنَّ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى صلاة الكسوف ركعتين، في كل ركعةٍ ركوعان، والإمام مسلم أخرج صفات، من الصفات أنَّه صلى صلاة الكسوف في كل ركعة ثلاث ركوعات، وصفة ثانية في كل ركعة أربع ركوعات، وصفة ثانية في كل ركعة خمس ركوعات، وصفة ثانية في كل ركعة ست ركوعات.

 اختلف العلماء في هذا، مِن العلماء مَن قال: أنَّ كل الصفات صحَّت والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى صلاة الكسوف متعددة، وأقام عشر سنوات، وهذه مدة طويلة، يمكن كسفت الشمس والقمر فيها، لكن المشهور عند المحققين أنَّه ما صلاها إلا مرة واحدة يوم مات إبراهيم، ولذلك قال: والصفات الأخرى كلها شاذة، وهذا مُقر إلى ما اتفق عليه الشيخان.

فكذلك هنا ذكر ابن حزم خمسة عشر صفة، ظاهر كلام الإمام أحمد أنها ما صحت منها إلا ستة أو سبعة، والباقي رُويت لكن ما صحَّت.

طالب: وكأنه اختار الصلاة التي رواها أبو بكرة.

الشيخ: الإمام أحمد يقول: وأنا اختار صلاة ذات الرقاع.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد