شعار الموقع

شرح كتاب الصلاة من صحيح ابن خزيمة_143

00:00
00:00
تحميل
26

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهُمَّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه- في صحيحه:

بَابُ الِاسْتِسْقَاءِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا شُكِيَ إِلَى الْإِمَامِ بِقَحْطِ الْمَطَرِ، وَدُعَاءِ الْإِمَامِ بِحَبْسِ الْمَطَرِ عَنِ الْمُدُنِ وَالْقُرَى، إِذَا شُكِيَ إِلَيْهِ كَثْرَةُ الْأَمْطَارِ، وَخِيفَ هَدْمُ الْبُنْيَانِ، وَانْقِطَاعُ السُّبُلِ

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

هذه الترجمة مشتملة على أحكام، الاستسقاء هو طلب السُّقيا ونزول المطر.

(إِذَا شُكِيَ إِلَى الْإِمَامِ بِقَحْطِ الْمَطَرِ) قحوط أي انقطاع وانحباس المطر، وكذلك طلب الاستصحاء المطر إذا طُلب إلى الإمام وشُكي إليه وخيف تهدم البنيان، فهذه الترجمة مشتملة على طلب السُّقيا عند قحوط المطر إذا شُكي إلى الإمام، وطلب الاستصحاء عند كثرة الأمطار وخيف تهدم البنيان إذا شُكي إلى الإمام.

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، قال: حدثنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَامَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَصَاحُوا، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَحَطَ الْمَطَرُ، وَاحْمَرَّ الشَّجَرُ، وَهَلَكَ الْبَهَائِمُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا». قَالَ: وَايْمُ اللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً مِنْ سَحَابٍ فَنَشَأَتْ سَحَابَةٌ فَانْتَشَرَتْ، ثُمَّ إِنَّهَا أَمْطَرَتْ، فَنَزَلَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَصَلَّى وَانْصَرَفَ فَلَمْ يَزَلْ يُمْطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، صَاحُوا قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَهَا عَنَّا، قَالَ: فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا». قَالَ: فَتَقَشَّعَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَتْ تُمْطِرُ حَوْلَهَا وَمَا تُمْطِرُ بِالْمَدِينَةِ قَطْرَةً. قَالَ فَنَظَرْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَإِنَّهَا لَفِي مِثْلِ الْإِكْلِيلِ.

(مثْلِ الْإِكْلِيلِ) أي المستدير، والحديث أصله في الصحيحين، لكن في قوله إنه كان يخطب ثُمَّ صاحوا، المعروف في الصحيح أنه جاء رجل والنبي يخطب فقال: "يا رسول الله، قحط المطر، وانقطعت السبل فادع الله أن يسقينا"، فدعا، وليس في الصحيح أنهم صاحوا وأنهم جماعة، وكذلك استمر المطر إلى الجمعة الثانية، ثُمَّ لما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب دخل رجل، فقال: "يا رسول الله، تهدمت البنيان، فادع الله أن يحبسها عنا"، قوله: لاأدري هو الرجل أو غيره، وليس فيه أنهم صاحوا وأنهم جماعة، ماذا قال عليه؟

القارئ: "هذا الحديث صحيح، أخرجه ابن حبان، وأحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وفي الكبرى له من طرق عن ثابت به، وأخرجه عبد الرزاق، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وفي الكبرى له من طرقٍ عن أنسٍ به"، هذا كلام ماهر الفحل.

الشيخ: هل هناك غيره في الحاشية الثانية؟ لا شك أن أصله في الصحيح، لكن رجاله، قوله: (فَصَاحُوا)، وفيه زيادة أنه تبسم أيضًا وهو في الخطبة، هذه الزيادة ليست موجودة في الصحيح.

وفيه مشروعية الاستسقاء في خطبة الجمعة، سبق أن الاستسقاء له ثلاثة أحوال عن النبي -صلى الله عليه وسلم:

  • الحالة الأولى: أنه واعد الناس يومًا يخرجون إليه في الصحراء، فصلى ركعتين، وخطب، واستسقى.
  • والنوع الثاني: أن يستسقي في خطبة الجمعة كما في هذا الحديث.
  • والنوع الثالث: أنه دعا عند أحجار بدون صلاة، وفي غير خطبة الجمعة.

هل تكلم الأعظمي عن الحديث؟

طالب: قال في البخاري.

الشيخ: معروف أصله في الصحيح، لكن لم يتكلم عن الزيادة؟

طالب: عند النسائي يقول الإثيوبي: "فدخل رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَأَجْدَبَ الْبِلاَدُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا ‏.‏ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَيْهِ حِذَاءَ وَجْهِهِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اسْقِنَا»‏.‏ فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى أُوسِعْنَا مَطَرًا وَأُمْطِرْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى فَقَامَ رَجُلٌ -لاَ أَدْرِي هُوَ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقِ لَنَا أَمْ لاَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْقَطَعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ الأَمْوَالُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَاءِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُمْسِكَ عَنَّا الْمَاءَ ‏.‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: ‏«اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا وَلَكِنْ عَلَى الْجِبَالِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ»‏.‏ قَالَ وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ تَمَزَّقَ السَّحَابُ حَتَّى مَا نَرَى مِنْهُ شَيْئًا".

الشيخ: استُجيب له في الحال -عليه الصلاة والسلام-، في الجمعة الأولى استسقى فما نزل -عليه الصلاة والسلام- حتى صار كل واحد يهم نفسه أن يصل إلى بيته من المطر، وكذلك الجمعة الثانية استجيب لدعائه في الاستصحاء، انقشعت الغيوم عن المدينة فصارت كالإكليل؛ أي دائرة حول المدينة لا يأتيها المطر، والمطر من حولها، استجيب دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- في الاستصحاء في الحال، هذا معروف في الأحاديث، لكن هنا ذكر أن جماعة صاحوا وقالوا: يا رسول الله، انقطعت السبل، وقحط المطر. وفي الخطبة الأخرى قال: صاحوا وقالوا: يا رسول الله، تهدمت البيوت. كأنهم جماعة.

طالب: قد تكون حادثة أخرى؟ ذكرها النسائي كذلك في حديث آخر، قال: "فقام إليه الناس، فصاحوا فقالوا: يا نبي الله، قحط المطر.." بنفس ما ذكره ابن خزيمة، حتى قال: "وإن هذا في مثل الإكليل"، فقد تكون حادثة أخرى؟

الشيخ: ممكن، ليس ببعيد، ماذا قال في التخريج؟

طالب: ذكر إسناده فقط ولم يتكلم عليه، قال: "قال الجامع: هذا الحديث متفقٌ عليه".

الشيخ: نعم، أصله متفق عليه، لكن الزيادة ...

س: هل يؤخذ من هذا أن الاستسقاء في أي مكان؟

الشيخ: الدعاء في أي مكان، إذا صلى في مكان ثُمَّ دعا الله أن يسقي فلا بأس بالدعاء، لكن يصير في وقتٍ مناسب، إذا وجد الناس مجتمعين وقال: "ندعو الله أن يسقينا وأن يغيثنا"، فهذا طيب.

بَابُ تَرْكِ الْإِمَامِ الْعَوْدَ لِلْخُرُوجِ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ ثَانِيًا إِذَا سُقُوا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ اسْتَسْقَوْا

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حدثنَا أَبُو الْيَمَانِ، قال: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عَبَّادُ بْنُ تَمِيمٍ، أَنَّ عَمَّهُ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخْبَرَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ بِالنَّاسِ إِلَى الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِي لَهُمْ، فَقَامَ فَدَعَا قَائِمًا، ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَأُسْقُوا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَعْلَمُهُ «فَأُسْقُوا» إِلَّا فِي خَبَرِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ.

القارئ: قال: "صحيح، أحمد، والدارمي، والبخاري، والنسائي، وفي الكبرى له من طريق شعيب عن الزهري به، وانظر: إتحاف المهرة".

الشيخ: قول أبو بكر ...

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَعْلَمُهُ «فَأُسْقُوا» إِلَّا فِي خَبَرِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ

كأنه يريد أن لفظة «فَأُسْقُوا» شاذ، لكن الترجمة فيها أنه لا يعود مرة أخرى إذا سقوا.

القارئ: قال في الأصل: (فَسُقُوا) لكن صححها بتصحيح المؤلف، قال أبو بكر: (لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَعْلَمُهُ «فَأُسْقُوا» إِلَّا فِي خَبَرِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ) أي: بالهمزة.

الشيخ: كأنه يريد أنه شاذ، لأنه في الأصل (فسُقوا)؟

القارئ: نعم، يمكن في الأصل المطبوع القديم.

الشيخ: في متن الحديث؟

القارئ: لا، في الحاشية، قال: في الأصل (فسُقوا)، ولكنه صححه بتصحيح المؤلف، قال: («فَأُسْقُوا» إِلَّا فِي خَبَرِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ).

الشيخ: لكن في الترجمة أنه في عدم العود مرة أخرى، وهو الظاهر.

طالب: ما فيه دليل على الترجمة من الحديث.

الشيخ: عدم العود يعني.

القارئ: لفظ الحديث أنه خرج بالناس إلى المصلى يستسقي، فأُسقوا، مرةً واحدة.

الشيخ: في حديث آخر؟

القارئ: لا، هذا آخر الأبواب، بقي (جماعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَمَا فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ).

طالب: إسناده صحيح، لم أجده في هذا السياق للنسائي.

الشيخ: حديث واحد يُستدل به على عدم العود مرة أخرى، غير ظاهر العود مرة أخرى.

طالب: لأنهم سقوا من أول مرة.

جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَمَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ

بَابُ عَدَدِ رَكَعَاتِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، ح، وَحدثَنَاهُ عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قال: حدثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ- عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: صَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم-، وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى.

فيه أن صلاة العيد ركعتان مثل صلاة المسافر ركعتان، ومثل صلاة النافلة، ومثل صلاة الفجر، وهذا قاله عُمر -رضي الله عنه- وجمع من الصحابة، ماذا قال عليه؟

القارئ: "صحيح، أخرجه النسائي في الكبرى، والبيهقي من طريق محمد بن رافع به، ولم نقف عليه من طريق عبدة بن عبد الله إلا عند المصنف، وأخرجه ابن ماجه، وأخرجه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وأحمد، والبزار، والنسائي، وفي الكبرى له".

بَابُ اسْتِحْبَابِ الْأَكْلِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى، وَتَرْكِ الْأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ إِلَى الرُّجُوعِ مِنَ الْمُصَلَّى فَيَأْكُلُ مِنْ ذَبِيحَتِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يُضَحِّي

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قال: حدثنَا أَبُو عَاصِمٍ، قال: حدثنَا ثَوَابُ بْنُ عُتْبَةَ، قال: حدثنَا ابْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَذْبَحَ.

السنة أن يأكل تمرات وترًا قبل الخروج لصلاة العيد يوم الفطر، ثلاث تمرات، أو خمس تمرات، وترًا، وأما في الأضحى السُنة المبادرة بالصلاة حتى يذبح أضحيته، فيأكل منها بعد الصلاة.

بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَذْبَحَ الْمَرْءُ فَضِيلَةٌ

يعني سُنة وليس بواجب، وإذا أكل فلا حرج عليه.

وَإِنْ كَانَ الْأَكْلُ مُبَاحًا قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى، وَالْآكِلُ غَيْرَ حَارِجٍ وَلَا آثِمٍ

(غَيْرَ حَارِجٍ) أي ليس عليه حرج، وليس عليه إثم لو أكل وأفطر، أو شرب القهوة قبل أن يذهب لا حرج، لكن من باب الفضيلة والاستحباب.

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: حدثنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْأَضْحَى بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَقَالَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ: ذَبَحْتُ شَاتِي وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلَاةَ. فَقَالَ: «شَاتُكَ شَاةُ لَحْمٍ ...». وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الْأَضَاحِي.

ولم يُنكر عليه قول: (وَتَغَدَّيْتُ قَبْلَ أَنْ آتِيَ الصَّلَاةَ)، لم يقل: لا يجوز لك أن تأكل، وإنما قال: لا تجزئك الأضحية قبل الصلاة. فدلَّ على إباحة الأكل قبل الصلاة، لا بأس لو أكل أو أفطر أو شرب قهوة، لكن الأفضل المبادرة إلى مصلى العيد بدون أكل، هذا هو الأفضل من باب الاستحباب.

بَابُ اسْتِحْبَابِ أَكْلِ التَّمْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قال: حدثَنَا هُشَيْمٌ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْطِرُ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى تَمَرَاتٍ ثُمَّ يَغْدُو.

بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ يَوْمَ الْفِطْرِ عَلَى وِتْرٍ مِنَ التَّمْرِ

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحْرِزٍ بِالْفُسْطَاطِ، قال: حدثَنَا أَبُو النَّضْرِ، قال: حدثنَا الْمُرَجَّى بْنُ رَجَاءٍ، قال: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، قال: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ، وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا.

أي يأكل واحدة، أو ثلاث، أو خمس، وهذا من باب الاستحباب.

بَابُ الْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ تُصَلَّى فِي الْمُصَلَّى لَا فِي الْمَسَاجِدِ، إِذَا أَمْكَنَ الْخُرُوجُ إِلَى الْمُصَلَّى

هذا هو السُنة، السُنة أن تُصلى في صحراء قريبة من البلد، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يصلي العيدين في مسجده، ومسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة فيه بألف صلاة، ومع ذلك لا يصلي العيدين في مسجده، بل يصليها في صحراء قريبة من البلد، وهذا هو المعروف في القرى، لكن المدن الواسعة الكبيرة مثل الرياض فيها مشقة عظيمة، ولو جُعل مُصلى للعيدين لجُعلت مصليات، في كل جهة مصلى، ومع ذلك يشق على الناس، الزحام، والخروج من البلد، والشوارع، والسيارات، جمع في كل مكان، لذلك الآن جُعلت صلاة العيد في الجوامع دفعًا للمشقة، وإلا فالسُنة أن تكون في صحراء قريبة من البلد.

س: هنا مصلى العيد بجوار الجامع، يصلي الإنسان في المصلى أم الجامع؟

الشيخ: كله واحد، المصلى يكون خارج البلد، هذا الأصل، خارج البنيان، المصلى الأصل يكون خارج البلد، في صحراء قريبة من البلد، فإذا كان بجوار الجامع فهو والجامع سواء.

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَزَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، قَالَا: حدثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ -وَهُوَ ابْنُ أَسْلَمَ- عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَلَّى بِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفَ.

هذا الشاهد: (خرج في أضحى أو فطر إلى المصلى)، المصلى: مكان يُصلى فيه العيدين، ويُصلى فيه الاستسقاء، وقد يُصلى فيه الجنائز أيضًا كذلك، ولكن لا حرج أن يُصلى في المسجد عند الحاجة، إذا كان مثلا مطر وقت العيد واحتاجوا أن يصلوا، يصلوا في المساجد دفعًا لمشقة المطر.

س: [00:26:55]

الشيخ: كلها، كله خير، والأصل تكون الصلاة في صحراء قريبة من البلد، ولكن تعددت المصليات الآن والجوامع نظرًا للحاجة، وكثرة المصلين، واتساع البلد، والمشقة في الخروج منها إلى الصحراء.

بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّهْلِيلِ فِي الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى فِي الْعِيدَيْنِ، إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ. فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ، وَأَحْسَبُ الْحَمْلَ فِيهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْغَلَطُ مِنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ

(عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ) ضعيف، فيه ضعف، إن لم يكن الحمل فيه على ...

إِنْ لَمْ يَكُنِ الْغَلَطُ مِنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ وَهْبٍ، قال: حدثَنَا عَمِّي، قال: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَخْرُجُ فِي الْعِيدَيْنِ مَعَ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَالْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، وَجَعْفَرٍ، وَالْحَسَنِ، وَالْحُسَيْنِ، وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، وَزِيدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَأَيْمَنَ ابْنِ أُمِّ أَيْمَنَ، رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، فَيَأْخُذُ طَرِيقَ الْحَدَّادِينَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى، فَإِذَا فَرَغَ رَجَعَ عَلَى الْحَذَّائِينَ حَتَّى يَأْتِيَ مَنْزِلَهُ.

الشيخ: (الْحَذَّائِينَ)، وفي الأولى: (الْحَدَّادِينَ).

القارئ: الأول (الْحَدَّادِينَ)، والثانية (الْحَذَّائِينَ).

الشيخ: (الْحَدَّادِينَ) جمع حداد، و(الْحَذَّائِينَ) الذين يصنعون الأحذية، كان هؤلاء لهم مكان، وهؤلاء لهم مكان، أي يخالف الطريق، ماذا قال عليه؟

القارئ: إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر العمري، وقد توقف فيه المصنف، لكن البيهقي صرح بتضعيف الحديث وهو الصواب.

قال الأعظمي هنا: "ضعفه في الأصل بالعمري، لكن عاد فحسنه في الصحيح"، قال اللحام: "ذكره الحافظ بطرفٍ بمخالفة الطريق من عند الحاكم، ولم يعزوه لابن خزيمة، وقال الحافظ: أورده شاهدًا لحديث سعيد بن الحارث عن أبي هريرة"، قلت: "وهو هناك في مخالفة الطريق، لكن وهنا فيه العودة من الطريق ذاتها، فليُتأمل". كأن الحذائين كانت هي الحدادين.

الشيخ: كانت طريق واحدة؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ليس ببعيد، على كلامه أنها في طريق واحدة، قد يكون خطأ مطبعي، إذا كان هناك مخطوطة لابن خزيمة يُنظر "فليُتأمل".

بركة، قف على هذا، وفق الله الجميع.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد