بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهُمَّ اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله- وأسكنه فسيح جنانه:
جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَمَا يُحْتَاجُ فِيهِمَا مِنَ السُّنَنِ
بَابُ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْقِسِيِّ أَوِ الْعَصَا عَلَى الْمِنْبَرِ فِي الْخُطْبَةِ
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ الْمِصْرِيُّ، قال: حدثنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قال: حدثنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ الْحَوْشَبِيُّ، قال: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى -أَوْ مَعَ- رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَالُ لَهُ: الْحَكَمُ بْنُ حَزَنٍ الْكُلَفِيُّ،
الشيخ: (الْكُلَفِيُّ)، ضبطها (الْكُلَفِيُّ)؟
القارئ: نعم.
الشيخ: الكلبي؟ عندك بالباء أم بالفاء؟
القارئ: عندي بالكاف: كاف ثم لام ثم فاء.
الشيخ: (الْكُلَفِيُّ)! ماتكلم عليه؟
القارئ: لم يتكلم عليه.
الشيخ: ضعوا له إشارة، يُراجع.
قال: حَدَّثَنِي شُعَيْبُ بْنُ رُزَيْقٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى -أَوْ مَعَ- رَجُلٍ لَهُ صُحْبَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقَالُ لَهُ: الْحَكَمُ بْنُ حَزَنٍ الْكُلَفِيُّ،
صحابي.
فَأَنْشَأَ يُحَدِّثُنَا، قَالَ: وَفَدْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَابِعَ سَبْعَةٍ أَوْ تَاسِعَ تِسْعَةٍ، فَشَهِدْنَا الْجُمُعَةَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ أَوْ عَصًا، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ كَلِمَاتٍ طَيِّبَاتٍ خَفِيفَاتٍ مُبَارَكَاتٍ.
القارئ: قال: "إسناده حسن، شهاب بن خراش، وشعيب بن رزيق، كل واحدٌ منهما صدوقٌ حسن الحديث، وأخرجه أحمد، وأبو داوود، وأبو يعلى، وابن قانع في معجم الصحابة، والطبراني في الكبير، والبيهقي، وفي الدلائل له، وابن الأثير في أسد الغابة، والمزي في تهذيب الكمال".
الشيخ: أي حسَّنه، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمد في الجمعة على عصا أو قوس، والباب في العيدين والأضحى، فكأن المؤلف يريد القياس، يريد أن يقيس خطبة العيد على خطبة الجمعة، كما أنه يعتمد على عصا أو قوس في خطبة الجمعة، فكذلك في خطبة العيد يعتمد على عصا.
وهل الاعتماد على العصا سُنة أو ليس بسُنة؟
محل نظر؛ ولهذا لم يجزم المؤلف، لم يقل إن السنة للخطيب أن يعتمد على العصا، قال: "باب الاعتماد على العصا"، ما قال: السنة الاعتماد على عصا، قال العلماء: يعتمد على أي شيء؛ على قوس، أو سيف، أو عصا، لكن هل هو مُباح أو سنة؟
من العلماء مَنْ قال أنه مُباح، ومنهم مَنْ قال سُنة، والأقوى أنه مُباح، إن شاء اعتمد على عصا أو قوس، وإن شاء لم يعتمد على شيء، الأمر في هذا واسع.
بَابُ إِبَاحَةِ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخُطْبَةَ صَلَاةٌ، وَلَوْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ صَلَاةً مَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا بِمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ
لما جاء سُليك الغطفاني وجلس قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يَا سُلَيْكُ، هَلْ صَلَّيْتَ؟». قَالَ: لَا. قَالَ: «قُمْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». وكلم الرجل الذي قال: "يا رسول الله! هلكت الأموال، فادع الله أن يسقينا"، فدلَّ على أنه لا بأس بالأمر والنهي والكلام مع الخطيب، الممنوع أن يُكلِّم أحد، لكن كون أحد المأمومين يكلم الخطيب عند الحاجة لا بأس، لكن كونه يتكلم مع غيره هذا هو المنهي عنه، الكلام في الخطبة من اللغو، «مَنْ قال لصاحبه والإمام يخطب: أنصت. فقد لغا، ومَنْ لغا فلا جمعة له»، لكن مع الإمام، من كان يكلم الإمام أو يكلمه الإمام فلا حرج عند الحاجة.
وَلَوْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ صَلَاةً مَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا بِمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ
وهذا باقي الترجمة، المؤلف استدل في هذه الترجمة ... يُبين فيها أن الكلام في الخطبة ليس كالكلام في الصلاة، الكلام في الصلاة يبطلها إذا كان عمدًا، والكلام في الخطبة لا بأس به عند الحاجة.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ- عَنْ قَيْسٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ-، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَآنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ فَأَمَرَنِي، فَحَوَّلْتُ إِلَى الظِّلِّ.
وَفِي خَبَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: -وَهُوَ يَخْطُبُ لِمَنْ أَخَّرَ الْمَجِيءَ-: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ».
الرجل الذي تخطى رقاب الناس، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ». آذيت بتخطي رقاب الناس، وآنيت بتأخرك عن المجيء إلى الجمعة، جمعت بين أمرين، الأذى والتأخُر.
وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ: فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَمَرَهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: «تَصَدَّقُوا».
وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلدَّاخِلِ: «هَلْ صَلَّيْتَ؟». قَالَ: لَا. قَالَ: «قُمْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
وهو سليك الغطفاني.
ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «تَصَدَّقُوا».
وَفِي أَخْبَارِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ سُلَيْكٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
كأنه الأول غير سليك هذا.
ثُمَّ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ. وَأَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَا يَنُوبُ الْمُسْلِمِينَ، وَيُعَلِّمُهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ.
بَابُ أَمْرِ الْإِمَامِ الْقَارِئَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ...
بركة، أعد الترجمة السابقة.
بَابُ إِبَاحَةِ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخُطْبَةَ صَلَاةٌ، وَلَوْ كَانَتِ الْخُطْبَةُ صَلَاةً مَا تَكَلَّمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهَا بِمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاةِ
فالمقصود من الترجمة إباحة الكلام في الصلاة للخطيب أو مَنْ يكلم الخطيب، وأنها ليست كالصلاة التي يحرم فيها الكلام.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي خَالِدٍ- عَنْ قَيْسٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ-، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَآنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ فَأَمَرَنِي، فَحَوَّلْتُ إِلَى الظِّلِّ.
الشيخ: من هذا؟
القارئ: (عَنْ قَيْسٍ -وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ-، عَنْ أَبِيهِ).
الشيخ: أعد، رآني ...
رَآنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَخْطُبُ فَأَمَرَنِي، فَحَوَّلْتُ إِلَى الظِّلِّ.
كأنه في الشمس.
وَفِي خَبَرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: -وَهُوَ يَخْطُبُ لِمَنْ أَخَّرَ الْمَجِيءَ-: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ وَآنَيْتَ».
وَفِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ: فَإِنْ كَانَ لَهُ حَاجَةٌ بِبَعْثٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ لِلنَّاسِ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ أَمَرَهُمْ بِهَا، وَكَانَ يَقُولُ -صلى الله عليه وسلم-: «تَصَدَّقُوا».
وَفِي خَبَرِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلدَّاخِلِ: «هَلْ صَلَّيْتَ؟». قَالَ: لَا. قَالَ: «قُمْ، فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: «تَصَدَّقُوا».
وَفِي أَخْبَارِ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ سُلَيْكٍ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
ثُمَّ قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
فَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ كُلِّهَا دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ. وَأَنَّ لِلْخَاطِبِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَمَا يَنُوبُ الْمُسْلِمِينَ، وَيُعَلِّمُهُمْ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ.
ذكر أن الكلام إنما خاصٌ بالخطيب وبمَنْ يكلمه فقط، أما كلام المأمومين بعضهم مع بعض فهذا ممنوع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قال لصاحبه والإمام يخطب: أنصت. فقد لغا، ومَنْ لغا فلا جمعة له».
س: تشميت العاطس؟
الشيخ: كذلك، لا تُشمت العاطس، ولا ترد السلام، مثل الصلاة، لكن إذا سلم عليك ومددت اليد بدون كلام لا بأس، مثل الصلاة، هل تشمت العاطس في الصلاة، ترد السلام؟ وكذلك السواك، لا تتسوك في الخطبة كما أنك لا تتسوك في الصلاة، ما لا يفعله في الصلاة لا يفعله في الخُطبة.
س: [00:13:39]
الشيخ: حتى التسوّك.
س: [00:13:42]
الشيخ: قبل أن تأتي هذا شيء آخر، الكلام إذا جلست تسمع الخطبة.