بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام الحافظ محمد بن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
بَابُ تَخْفِيفِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِتْمَامِ
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قال: حدثنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَفَّ النَّاسِ صَلَاةً فِي تَمَامٍ.
كانت صلاته فيها وصفان: التخفيف مع الإتمام، فليس هناك تطويل ولا تخفيف مجرد، ولا تطويل مجرد، تخفيف مع الإتمام يعني الطمأنينة في الركوع والسجود والخفض والرفع والقيام، مع التخفيف بدون إطالة، ولا شك أن الإطالة هذه أمرٌ نسبي، يُرجع فيه إلى السنة، لا يُرجع فيه إلى آراء أحد.
بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَطْوِيلِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ مَخَافَةَ تَنْفِيرِ الْمَأْمُومِينَ وَقُنُوتِهِمْ
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حدثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قال: حدثنَا إِسْمَاعِيلُ، قال: حدثنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو؛ ح وَحدثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قال: حدثنَا الْمُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ لَنَا أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو؛ وَحدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ:
أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَشَدَّ غَضَبًا فِي مَوْعِظَةٍ مِنْهُ، يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ مِنْكُمْ لَمُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ ما صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ، وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ".
هَذَا حَدِيثُ بُنْدَارٍ.
الشيخ: فأيكم ماذا؟
طالب صلى.
الشيخ: ماذا عندك؟ فأيكم؟
القارئ: فأيكم ما صلى.
الشيخ: (ما صَلَّى) هذه مؤكِدة، قد تكون روايتين، وتخريجه؟
طالب: قال: صحيح أخرجه أحمد والبخاري والنسائي في الكبرى وابن الجارود، والطبراني من طريق يحيي بن سعيد عن إسماعيل بهذا الإسناد.
الشيخ: اللفظ آخر يُراجع، يمكن لفظين، جاء بهذا وبهذا، (فأيكم ما صَلَّى)، معروف (فأيكم ما صَلَّى) هذه مؤكدة.
س: مخافة تنفير الناس .....كذا الأصل، ولعل الصواب: فتنته.
الشيخ: مخافة ماذا؟ من الذي يقول هذا؟ التعليق؟
طالب: تعليق الأعظمي.
الشيخ: لعله فتنته مخافة ماذا؟
طالب: مخافة تنفير الناس.
الشيخ: هو الأقرب، هذا الأعظمي، والفحل ما علق عليها؟
طالب: لا ما علَّق عليها، قال الشيخ: (كذا الأصل، ولعل الصواب: وفتنته).
الشيخ: هذا هو الأقرب، يخاف حتى لا يفتتن الناس، قال صلاة الغداة ثم صلاة الفجر، هذا يقول أتأخر عن صلاة الفجر لأن فلان يطيل بنا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في صلاة الفجر من ستين إلى المائة، هذا تخفيف، لكن التطويل مثل ما فعل معاذ، قرأ البقرة، وكان عمر رضي الله عنه يقرأ سورة يوسف في الفجر، ويقرأ سورة النحل حتى يتلاحق الناس في الركعة الأولى من الفجر، كانوا يطيلون.
لكن هذا الذي كان يطيل كان يطيل إطالة شديدة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الإطالة التي تنفر الناس وتفتنهم، الأقرب (وفتنتهم).
س: هل [00:04:55] النبي -صلى الله عليه وسلم- بستين- ومائة؟
الشيخ: نعم، ما هي طويلة الستين، الآن السجدة، وهل أتى على الإنسان، في الجمعة أقل من الستين، وقد تكون ستين يعني يقسمها بين الركعتين أو في ركعة، محتمل.
س: الجماعة يشتكون من السجدة والإنسان ما يقرأها الإمام؟
الشيخ: لا، الذي يشتكي هذا يشتكي من السنة؟ إن لم يستطع يجلس معذور، المريض يجلس، إذا ما يستطيع معذور يجلس.
س: هل السنة قسم السجدة على الركعتين؟
الشيخ: لا، هذا بدعة، لا يقسمها، إما يفعل السنة أو لا يقسمها، يقال إن في واحد قسم السجدة بين الركعتين، رواها بعض الإخوان خلف سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله [00:05:55] في الطائف، فغضب عليه بعد الصلاة واشتد عليه، وقال: "افعل السنة أو اقرأ بغيرها"، هذا مخالفة للسنة، إما يقرأها كاملة أو يقرأ بغيرها، لا يخالف السنة.
بَابُ قَدْرِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الَّذِي لَا يَكُونُ تَطْوِيلًا
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قال: حدثنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ؛ ح وَحدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا عُثْمَانُ يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، قَالَا: حدثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَهَذَا حَدِيثُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ خَالِهِ وَهُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرُنَا بِالتَّخْفِيفِ وَيَؤُمُّنَا بِالصَّافَّاتِ.
هذا تخفيف، قراءة تخفيف، بالنسبة لقراءة البقرة، الصافات والبقرة، فليقرأ البقرة بالتطويل أو آل عمران أو النساء، وليقرأ الصافات بالتخفيف، التطويل والتخفيف نسبي الأمر نسبي.
س: في النافلة وفي الفرض سواء؟
الشيخ: الكلام في الفريضة التي يصلي مع الإمام بالناس، أما في النافلة مثل ما قال، فليطول ما شاء: «إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء».
س: النافلة للمنفرد ولا مع الإمام؟
الشيخ: التراويح قصدك؟
س: نعم، التراويح، يطيل ما شاء؟
الشيخ: لا، يراعي ما دام يصلي بالناس يراعي أحوال الناس، لكن الكلام إذا كان يصلي وحده.
حدثنا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ أَبِي قَدْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مَعَنَا. قُلْتُ: مَا لَكَ لَا تُصَلِّي مَعَنَا؟ قَالَ: إِنَّكُمْ تُخَفِّفُونَ الصَّلَاةَ، قُلْتُ، فَأَيْنَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ فِيكُمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ؟" قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا ثَلَاثَةَ أَضْعَافِ مَا تُصَلُّونَ.
الشيخ: التخريج؟
طالب: يقول: "صحيح أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط" فقط.
أعد، باب ...
بَابُ قَدْرِ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ الَّذِي لَا يَكُونُ تَطْوِيلًا
حدثنا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَزَّارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَبَّاسِ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كَانَ أَبِي قَدْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مَعَنَا. قُلْتُ: مَا لَكَ لَا تُصَلِّي مَعَنَا؟ قَالَ: إِنَّكُمْ تُخَفِّفُونَ الصَّلَاةَ، قُلْتُ، فَأَيْنَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ فِيكُمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ، وَذَا الْحَاجَةِ؟" قَالَ: قَدْ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا ثَلَاثَةَ أَضْعَافِ مَا تُصَلُّونَ.
الشيخ: ماذا قال عليه؟
طالب: يقول: إسناده صحيح ورجاله ثقات، البخاري، عبد الجبار بن العباس.
الشيخ: هذا الشيخ الألباني؟
طالب: لا، هذا الأعظمي.
الشيخ: الأعظمي ماذا يقول؟
طالب: يقول: "قلت: إسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال البخاري، غير عبد الجبار بن العباس وهو ثقة، ولا اعتداد بما تكلم فيه، الناسخ"،
طالب: [00:11:00]
الشيخ: الأعظمي نقله؟
طالب: قال الهيثمي: "رجاله موثوقون".
الشيخ: رجاله موثوقون لكن هل السند متصل؟ الكلام في اتصال السند، يعني يقول ثابت، هذا عبدالله بن مسعود صحابي جليل، وكان يصلي بثلاثة أرباع ما قرأ، يعني هذا دليل على التخفيف والتطويل نسبي، ليس كل ما أعده الناس في التطويل يصير تطويل، بعض الناس تقرأ عشر آيات يقول تطويل، تستطيع بعض الناس تنقرها كنقر الغراب وتقول هذا المطلوب هذا التخفيف.
فإذا رأى من يطمئن في صلاته قال «أفتان أنت يا معاذ» كما قال ابن القيم، ما يعرف إلا «أفتان أنت يا معاذ»، انظر معاذ ماذا يعمل؟ مرة قرأ البقرة كما ذكر ابن القيم رحمه الله، وقال النقارين والسارقين لصلاتهم لا يعرفون إلا قول «أفتان أنت يا معاذ»، ولا يعرفون النصوص، ولا يضمون النصوص بعضها إلى بعض.
س: ما ضابط التطويل.
الشيخ: ما خالف السنة، ما زاد على فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا التطويل.
س: [00:12:23]
الشيخ: هذا كلام الفقهاء، لكن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها الطمأنينة، وكانوا يحزرون له عشر تسبيحات مع التدبر، وعشر تسبيحات في السجود، وكان إذا رفع رأسه من الركوع وقف حتى يقول القائل قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة الأولى جلس حتى يقول القائل قد نسي، يعني يطيل هذين الركنين.
والأحناف يخففونهما جدًا، بمجرد ما يرفع رأسه يسجد؛ لأنهم ما يرون الطمأنينة في هذا، وكذلك بين السجدتين، ترون الإخوان الباكستانيين الآن ما يطمئنون في هذين الركنين، بمجرد أن يرفع رأسه من الركوع يسجد، وكذلك من السجدة الأولى إلى الثانية، مع أنه يشرع الطمأنينة في هذا الركن.
س: الضعيف والمريض هل له أن يقطع الصلاة إذا شعر بالتطويل؟
الشيخ: له أن يصلي في بيته، له أن يجلس إن ما استطاع، ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن:16].
س: يجلس أم يقطع الصلاة؟
الشيخ: إن استطاع ما يقطع الصلاة، يجلس، إذا كان يستطيع الجلوس يبقى جالسًا.
بَابُ تَقْدِيرِ الْإِمَامِ الصَّلَاةَ بِضُعَفَاءِ الْمَأْمُومِينَ، وَكِبَارِهِمْ، وَذَوِي الْحَوَائِجِ مِنْهُمْ
وفق الله الجميع لطاعته.