بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام أو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
بَابُ إِدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الْإِمَامَ سَاجِدًا، وَالْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي السُّجُودِ، وَأَنْ لَا يَعْتَدَّ بِهِ، إِذِ الْمُدْرِكِ لِلسَّجْدَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ قَبْلَهَا
(إِذِ الْمُدْرِكِ لِلسَّجْدَةِ) السجدة أي الركعة، فعبر عن الركوع بالسجود، يعني لا يدرك الركعة إلا بإدراك الركوع، فإذا أدرك الإمام في السجدة فإنه يقضي تلك الركعة، وألا يُعتد بها؟
القارئ: (وَالْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي السُّجُودِ، وَأَنْ لَا يَعْتَدَّ بِهِ).
الشيخ: يصلح (يُعْتَدَّ بِهِ) أو (يَعْتَدَّ بِهِ)، يعني المسبوق.
س: لأنه لم يدرك الركعة؟
الشيخ: نعم، لا يُعتد به، قال: لا يُعتد بهذا السجود.
القارئ: السجود المقصود به الصلاة هنا.
الشيخ: نعم، السجود الصلاة، لا يُعتد به في الركعة لأنها فاتت الركعة، يقضيها.
س: يعني يدرك السجود ولا يحسب الركعة؟
الشيخ: نعم، يبدأ في السجود متابعةً الإمام في السجود والرفع والسجود الثاني، كله هذا متابعة للإمام ولكن الركعة فاتته، يقضيها.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بن عبد الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قال: حدثَنَا ابْنُ مَرْيمَ، وَحدثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْعِتَابِ وَابْنُ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا جِئْتُمْ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، فَإِنِّي كُنْتُ لَا أَعْرِفُ يَحْيَى بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَظَرْتُ فَإِذَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَدْ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ هَذَا أَخْبَارًا ذَوَاتَ عَدَدٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ: "فَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا" مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي بَيَّنْتُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْعَرَبَ تَنْفِي الِاسْمَ عَنِ الشَّيْءِ لِنَقْصِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِنْ صَحَّ عَنْهُ الْخَبَرُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "فَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا" أَيْ: لَا تَعُدُّوهَا سَجْدَةً تُجْزِئُ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ، لَمْ يُرِد لَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا لَا فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا.
المؤلف -رحمه الله- يقول في شك من هذا الحديث، ماذا قال عليه؟
القارئ: إسناده ضعيف لضعف يحيى بن أبي سليمان وقد تفرد به، قال البيهقي: تفرَّد به يحيى بن أبي سليمان، ويحيى هذا قال فيه البخاري منكر الحديث، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث ليس بالقوي يُكتب حديثه.
الشيخ: البخاري -رحمه الله- لطيف العبارة، فيأتي بالعبارة إذا أراد يجرح، إذا قال: "فيه نظر" معناه مجروح عنده، البخاري عبارته لطيفة، فقول البخاري "فيه نظر" يساوي قول بعضهم: "منكر الحديث" أو "مجروح"، فالبخاري لطيف في عبارته.
وهذا الحديث ضعيف ولكن ما دلَّ عليه الحديث من كون المسبوق لا يدرك الركعة إلا بإدراك الركوع، هذا دلَّت عليه أحاديث أخرى مثل حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- لما جاء والنبي -صلى الله عليه وسلم- راكع، ركع من الصف، ثم دبَّ دبيبًا ودخل في الصف، فلما سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: «زادك الله حرصًا ولا تعُد»، ولم يأمره بإعادة الركعة، فدلَّ على أن الركعة تُدرك بالركوع.
وأما هذا الخبر وقوله (لَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا) كلمة (لاتعدوها شيئا) فيها الإشكال، يدخل مع الإمام على أي حال، لكنه إذا دخل معه بعد الركوع فإنه يتابع الإمام ولا يُعد هذه الركعة شيئًا، يقضيها.
س: المعنى صحيح أنها لا تُعد.
الشيخ: إي نعم لا تُعد، لكن في ثبوتها.
س: لكن كأن الحاكم وثَّقه؟
الشيخ: في أي شيء؟
س: يحيى بن أبي سليمان.
الشيخ: ماذا قال على هذا؟ والحاكم متساهل -رحمه الله-، معروف.
طالب: قال: "وفي كتاب الجرح والتعديل عن الدارقطني قال: ثقة، وقال الحاكم لما خرَّج حديثه: "هو من الثقات المصريين"، وفي موضعٍ آخر: "شيخٌ من أهل المدينة سكن مصر"، كذا ذكره، فيُنْظَر، وخرَّج أبو علي الطوسي حديثه في صحيحه، وكذلك ابن حبان وابن خزيمة، وقال: "في القلب من الإسناد شيئًا"". يعني نفس الكلام هذا الحميدي.
وأما في التكميل في الجرح التعديل، بمعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل قال يحيى بن أبي سليمان...
الشيخ: هذا من هذا؟
طالب: هذا أبو الفداء في كتاب [التكميل في الجرح والتعديل]: "قال: يحيى بن أبي سليمان أبو صالح المدني قدِم البصرة عن زيد بن أبي العتاب وسعد بن إبراهيم وسعيد المقبري، وعن عطاء بن أبي رباح وعنه سعيد بن أبي أيوب وشعبة وشعيب بن صفوان وعبد الله بن رجاء، وابن أبي ذئب ونافع بن يزيد، وأبو سعيد مولى بني هاشم، وأبو الطيالسي، قال البخاري: "منكر الحديث"، وأبو حاتم قال: "مضطرب الحديث ليس بالقوي"، وذكره ابن حبان في الثقات، وأورد له ابن عدي أحاديث ثم قال: "وله غير ما ذكرَت وهو ممن يُكتب حديثه وإن كان بعضه غير محفوظ"".
الشيخ: هذا يعني يظهر إن فيما قاله ابن خزيمة، هذا فيه ضعف ...
طالب: صححه الحاكم والذهبي، وهو حديثٌ حسن.
الشيخ: من يقول؟
طالب: [00:08:00]
الشيخ: صححه الحاكم والذهبي ...
طالب: إي نعم، وهو حديثٌ حسن كما حققته في صحيح أبي داوود.
الشيخ: الشيخ ناصر -رحمه الله- كثيرًا ما يحسِّن الأحاديث، يحسِّن أحاديث كثيرة -رحمه الله-، على كل حال المعنى صحيح، لكن الكلام في هذه اللفظة، أعد الترجمة.
بَابُ إِدْرَاكِ الْمَأْمُومِ الْإِمَامَ سَاجِدًا، وَالْأَمْرِ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي السُّجُودِ، وَأَنْ لَا يَعْتَدَّ بِهِ، إِذِ الْمُدْرِكِ لِلسَّجْدَةِ إِنَّمَا يَكُونُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ قَبْلَهَا
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بن عبد الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ
نسبة إلى بلدة برقة، قرية في مصر.
قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بن عبد الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قال: حدثَنَا ابْنُ مَرْيمَ، وَحدثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي الْعِتَابِ وَابْنُ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا جِئْتُمْ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا، وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا، وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْإِسْنَادِ، فَإِنِّي كُنْتُ لَا أَعْرِفُ يَحْيَى بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَظَرْتُ فَإِذَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَدْ رَوَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ هَذَا أَخْبَارًا ذَوَاتَ عَدَدٍ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ: "فَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا" مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي بَيَّنْتُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كُتُبِنَا أَنَّ الْعَرَبَ تَنْفِي الِاسْمَ عَنِ الشَّيْءِ لِنَقْصِهِ عَنِ الْكَمَالِ وَالتَّمَامِ، وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِنْ صَحَّ عَنْهُ الْخَبَرُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: "فَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا" أَيْ: لَا تَعُدُّوهَا سَجْدَةً تُجْزِئُ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ، لَمْ يُرِد لَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا لَا فَرْضًا وَلَا تَطَوُّعًا.
يعني سعيد تطوُّع زائدة ليست من الفرض. [00:10:47].
بَابُ إِجَازَةِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِإِمَامَيْنِ، أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ مِن غَيْرِ حَدَثِ الْأَوَّلِ
مثلما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر الصلاة بإمامين، تقدَّم أبو بكر أولاً وصار إمامًا، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وصار هو الإمام، ورجع أبو بكر فصار مأمومًا من غير حدث، ما أحدث الإمام، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو الإمام الراتب وأبو بكر نائبٌ عنه، فلما افتتح الصلاة النائب، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، فصار أبو بكر مأمومًا بعد أن كان إمامًا، فصارت الصلاة بإمامين من غير حدث، وتأخر الإمام فصار مأمومًا، كل هذا لا بأس به.
س: الإمام يقضي ما فاته؟
الشيخ: نعم يقضي ما فاته إذا كان فاته شيء من الصلاة.
س: والمأمومين ينتظرون يا شيخ حتى يسلِّم؟
الشيخ: نعم، يقضي ما فاته، الظاهر أن النبي ما فاته شيئًا، ولكن الأولى في مثل هذه الحالة أن ينظر الإمام الراتب إن كان الإمام صلى شيئًا من الصلاة فيكون مأمومًا ما يتقدم، وإن كان في أول الصلاة فله أن يتقدم ويتأخر المأموم، هذا أولى حتى لا يحدث ارتباك للمأمومين.
س: أيكون خاص بفعل الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟
الشيخ: لا، ليس خاص، الإمام الراتب له، إذا جاء وخليفته أو النائب عنه يصلي له أن يتقدم كونه الإمام وله أن يصلي مع الناس ويكون مأمومًا، ليس خاصًا بالرسول، هو أحق بالإمام، هو الإمام.
س: صلاة التراويح إذا كان صلاها أكثر من إمام، أكملوها، هل يُعتبر خلف إمام واحد؟
الشيخ: نعم، بعض الركعات بإمام وبعضها بإمام، مثلاً إذا كانا إمامين أو ثلاثة يصلون بالناس في حكم الإمام الواحد، فالمأموم مأمورٌ بألا ينصرف حتى ينتهي الإمام؛ لأنه في حكم الإمام الواحد، «من صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة» هذا المراد، ولو كانوا ثلاثة أو أربعة يعني حتى ينصرف آخرهم من الصلاة.
س: المأموم ينتظر حتى يقضي ما فاته الإمام؟
الشيخ: نعم.
س: ثم يسلِّم مع الإمام؟
الشيخ: هذا هو.
بَابُ إِجَازَةِ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ بِإِمَامَيْنِ، أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ مِن غَيْرِ حَدَثِ الْأَوَّلِ إِذَا تَرَكَ الْأَوَّلُ الْإِمَامَةَ بَعْدَ مَا قَدْ دَخَلَ فِيهَا، فَتَقَدَّمُ الثَّانِي فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ انْتَهَى إِلَيْهِ الْأَوَّلُ، وَإِجَازَةِ صَلَاةِ الْمُصَلِّي يَكُونُ إِمَامًا فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ مَأْمُومًا فِي بَعْضِهَا، وَإِجَازَةِ ائْتِمَامِ الْمَرْءِ ...
وإجازة صلاة المصلي يكون إمامًا في أول الصلاة ومأمومًا في آخرها كما فعل أبو بكر.
وَإِجَازَةِ ائْتِمَامِ الْمَرْءِ بِإِمَامٍ قَدْ تَقَدَّمَ افْتِتَاحَ الْمَأْمُومِ الصَّلَاةَ قَبْلَ إِمَامِهِ
يعني الرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء بعد أن افتتح أبو بكر الصلاة وافتتح المأمومون الصلاة، ثم جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فتأخر أبو بكر، فصار النبي -صلى الله عليه وسلم- إمامًا وأبو بكر مأمومًا، فصار الناس يقتدون بالإمام الثاني وقد افتتحوا الصلاة قبله بإمامٍ آخر، هذا لا بأس به.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال: حدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ؛ وَقال: حدثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال حدثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ وَقال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ؛ وَحدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ
الشيخ: ما في تحويل؟
طالب: لا.
وَحدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ
إذا قال (وحدثنا) معناه فيه تحويل، يقول (ح)، إذا قال (وحدثنا) فيه تحويل السند، قبلها حاء.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال: حدثنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَازِمٍ؛ وحدثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ،
يعني هي مروية لو ما فيه، إذا قال (وحدثنا) تقول (ح)، لأن هذا معناه تحويل الإسناد.
قال حدثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ؛ وَقال: حدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ؛ وَحدثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتِ الصَّلَاةُ، وَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَتُصَلِّي بِالنَّاسِ فَأُقِيمَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَالنَّاسُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ، فَصَفَّقَ النَّاسُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ، الْتَفَتَ، فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِ امْكُثْ مَكَانَكَ. فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ ذَلِكِ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى فِي الصَّفِّ، وَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَصَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إِذْ أَمَرْتُكَ؟".
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا لِي رَأَيْتُكُمْ أَكْثَرْتُمُ التَّصْفِيقَ؟ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، فَلْيُسَبِّحْ، فَإِنَّهُ إِذَا سَبَّحَ الْتُفِتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّصْفِيح لِلنِّسَاءِ".
هَذَا حَدِيثُ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا سُبِّحَ بِهِ، فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَلْتَفِتَ إِلَى الْمُسَبِّحِ لِيَعْلَمَ الْمُصَلِّي الَّذِي نَابَ الْمُسَبِّحَ، فَيَفْعَلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ.
وهذا الحديث صحيح رواه الشيخان البخاري ومسلم، ومن أصح الأحاديث، وفيه من الفوائد مشروعية الإصلاح بين الناس والذهاب إليهم، وأن هذا من أفضل القربات كما قال الله تعالى: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[النساء:114]، هذا الإخلاص، ﴿مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾.
وفيه من الفائدة أن الإمام إذا تأخر فإن المأمومون يقدمون من يصلي بهم ولا يُحبس الناس، وفيه دليل على أن المؤذن (المؤذن لأنه هو المعني هنا) هو الذي ينيب من يصلي عن الإمام، ولهذا جاء بلال إلى أبي بكر قال إن الرسول حُبس أو إن الرسول ذهب فهل لك أن تصلي؟ قال: نعم إن شئت؛ فكان بلال هو الذي أناب.
وفيه أيضًا دليل على أن الإمام إذا جاء والناس يصلون فهو بالخيار، إن شاء صلى معهم وإن شاء تقدم، لكن الأولى ألا يتقدم إذا كان فاته شيءٌ من الصلاة حتى لا يحصل للمؤمنين ارتباك، وإذا كان في أول الصلاة فلا بأس.
وفيه دليل على أن الصلاة قد يكون فيها إمامان، وفيه دليل على أن الإمام قد يتحول فيكون مأمومًا، وكما استنبط المؤلف في الترجمة فيه دليل على أن المأمومين يفتتحون الصلاة، فيصلون خلف من يفتتحون الصلاة بإمام قبله، وأنهم افتتحوا الصلاة قبل أن يأتي.
وفيه دليل على مشروعية التسبيح إذا ناب الإمام شيء، والنهي عن التصفيق، ولهذا إنكار النبي عن التصفيق، قال: «إنما التصفيق للنساء»، فإن المشروع التسبيح، وفي لفظٍ آخر أنه يُشرع التكبير، قول: "الله أكبر إنها السنن"، فيُشرع عند التعجب وعندما ينوب الإنسان شيئًا أن يكبِّر يقول: "الله أكبر، الله أكبر"، ويقول: "سبحان الله، سبحان الله"، أما التصفيق هذا من شأن النساء، قال «إنما التصفيق للنساء»، وإذا ناب الإمام شيء فإن الرجل يسبِّح، يقول: "سبحان الله"، والمرأة تصفق ببطن كفها على ظهر الأخرى هكذا، لتنبيه الإمام.
وفيه دليل على جواز الالتفات في الصلاة بالعنق إذا حصل للإنسان شيء، ولا يلتفت بجسمه، إذا التفت بجسمه واستدار عن القبلة بطلت الصلاة، لكن الالتفات بالعنق، بالرأس، وكان أبو بكر لا يلتفت، فلما جاء النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس من التصفيق، وكان أبو بكر لا يلتفت، فلما أكثروا التفت، فإذا النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهنا العمل بالإشارة، وفيه أن الإمام إذا كان يصلي يُشار إليه، ويعمل بالإشارة، فأشار إلى أبي بكر أن يثبت، لكنه تأخر، فلما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-»، وهذا من تواضعه -رضي الله عنه- وتوقيره وتعزيزه للنبي -صلى الله عليه وسلم-.
وفيه دليل أيضًا على جواز الحمد في الصلاة ورفع اليدين، فإن أبا بكر رفع يديه وحمد الله، وهذا دليل على جواز مثل هذا، كل هذه فوائد مأخوذة من هذا الحديث.
س: إذا عطس في الصلاة [00:24:05]؟
الشيخ: إذا عطس في الصلاة، إذا عطس فحمِد الله، فالحمد هذا ذكر ما ينافي الصلاة، لكن الأولى أن يستمر في صلاته.
س: لو تكلم الإمام؟
الشيخ: لا يتكلم، هذا من كلام البر، الإمام الأول إذا تكلم عامدًا بطلت الصلاة، وإذا أخطأ ...
س: قال: للإمام: صلِّ؟
الشيخ: لا، لا يتكلم من كلام الدنيا، ما يقال صلِّ، إذا قال متعمدًا بطلت الصلاة، إذا تكلم في الصلاة عامدًا وبان حرفان بطلت الصلاة إذا كان متعمدًا.
س: يريد الإمام أن يصلي؟
الشيخ: يتكلم بكلام الدنيا؟
س: قال: "صلِّ أنت".
الشيخ: هذا من كلام الدنيا، ما يقول: "صلِّ أنت"، إن يتقدم أو يتأخر أو يفعل، ما يحتاج يتكلم.
س: تبطل صلاته ...
الشيخ: تبطل صلاته إذا الإمام تكلم بكلام الدنيا متعمدًا وبان حرفان بطلت الصلاة، فإذا قال: (قل - كم - إن) بطلت الصلاة في النافلة والفريضة، لا يتكلم بكلام الدنيا.
س: صلاة من خلفه تبطل معه؟
الشيخ: لا، ماتبطل، المأمومين الآن صاروا يتقدموا خلف الإمام الواحد.
س: [00:25:37]
الشيخ: نعم رفع يديه، هنا ما فيه؟
طالب: ذكرها يا شيخ قال: (فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ)، هي في أثناء الصلاة.
الشيخ: نعم في أثناء الصلاة.
بَابُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْمَرَضِ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ لِيَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ بِالنَّاسِ
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، قَالُوا: حدثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، قال: حدثنَا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: "مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ؟، قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: "مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ. ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ"؟ قُلْنَا: نَعَمْ. فَقَالَ: "مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ". قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ؟ " قُلْنَا: نَعَمْ. فَقَالَ: "مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّي بِالنَّاسِ". قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ، فَقَالَ: "إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَأَمَرُوا بِلَالًا، فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، وَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "جِيئُونِي بِإِنْسَانٍ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ"، فَجَاءُوا بِبَرِيرَةَ، وَرَجُلٍ آخَرَ، فَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأُجْلِسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَنَحَّى فَأَمْسَكَهُ، حَتَّى فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ.
هَذَا حَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
هذا فيه أن النبي أُغمي عليه سبع مرات في هذه القصة، والمعروف في حديث سلمة ثلاث مرات، عدها كم مرة أُغمي عليه ثم أفاق، ست مرات أو سبع مرات؟ المعروف في الصحيح أنها ثلاث مرات.
وفيه من الفوائد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشر يصيبه ما يصيبه من المرض وغيره، وفيه دليل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ليس إلهًا يُعبد ولكنه بشر، نبي تصيبه الأمراض وتصيبه القتل والجراح، ويصيبه الموت، ولذا قال الله تعالى: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِينْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾[آل عمران:144]، فليس إلهًا يُعبد بل هو بشر-عليه الصلاة والسلام-.
وفيه ما أصابه -عليه الصلاة والسلام- من شدة الحمَّى، وأنه أُغمي عليه ثم يفيق، وذلك ليُعظِم الله له الأجر كما قال بعض الصحابة: ألئن ذلك لأن لك أجرًا؟ قال: «نعم»، وقال في الحديث الآخر «إني أوعك كما يوعك الرجلان منكم»، مثل ما يحصُل لاثنين وقالوا: "أذلك لأن لك أجر وأجرين؟" قال: «نعم»؛ لأن له أجرين -عليه السلام-، وكان أصابه شدة في الموت، قالت عائشة -رضي الله عنها- يعني ما غمطت أحدًا هوِّن عليه الموت بعد الذي رأيت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أصابه شدة عليه الصلاة والسلام.
وفيه أنه جاء في بعضها أنه أمر بأن يُفرغ عليه من سبع قِرب من أفواهها، وفيه عنايته -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة والإمامة، مرات يغمى عليه فيقول: «أصلى الناس؟» في بعض الروايات يقولون: "إنهم عكوف ينتظرونك"، هنا قال: «مروا بلالًا فليؤذن، ومروا أبا بكرٍ فليصلي بالناس»، وفي آخر حياته قال: «الصلاة الصلاة» وفيه عناية بالصلاة والاهتمام بها من النبي -صلى الله عليه وسلم-، كان في آخر حياته، «الصلاة وما ملكت أيمانكم»، ماذا قال عليه المؤلف التخريج؟
طالب: قال: سبق تخريجه.
الشيخ: هو أصله في الصحيحين.
طالب: قال: "صحيح، أخرجه عبد بن حُميد وابن ماجة والترمذي في الشمائل والنسائي في الكبرى وفي التفسير له، وأبو نعيم في الحلية والطبراني في الكبير، وسيأتي".
الشيخ: كأنه اختلاف ألفاظ، وإلا أصله في الصحيحين، وفي الصحيحين فيه أنه أُغمي عليه ثلاث مرات، هنا أكثر، كم؟
طالب: أربعة.
الشيخ: أكثر، أعد الباب.
بَابُ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فِي الْمَرَضِ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ لِيَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ بِالنَّاسِ
فيه أن النبي استخلف أبا بكر ليصلي بالناس.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، وَأَبُو طَالِبٍ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ الطَّائِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ نُبَيْطٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ نُبَيْطِ بْنِ شَرِيطٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: «أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ؟» قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: «مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: " أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ قَالَ: مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ "، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ.
أسيف يعني رقيق، وفي اللفظ الآخر: "لا يُسمع الناس من البكاء".
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ. ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: «أَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ»؟ قُلْنَا: نَعَمْ، فَقَالَ: «مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّ أَبِي رَجُلٌ أَسِيفٌ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَهُ، فَقَالَ: «إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ،
يعني تظهرن شيئًا وتردن غيره، وهي قالت إنها تريد أن تصرف الإمامة عن أبيها لئلا يتشاءم الناس به بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أمرًا آخر أن يبين فضله وتقديمه وأنه هو المقدم وأنه هو الخليفة بعده، يستدل بذلك، واستدل بذلك الصحابة فقالوا: "رضيه رسول الله لديننا، أفلا نرضه لدنيانا".
«إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ، مُرُوا بِلَالًا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَأَمَرُوا بِلَالًا فَأَذَّنَ، وَأَقَامَ، وَأَمَرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ: «أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ؟» قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: «جِيئُونِي بِإِنْسَانٍ أَعْتَمِدُ عَلَيْهِ»، فَجَاءُوا بِبَرِيرَةَ، وَرَجُلٍ آخَرَ، فَاعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأُجْلِسَ إِلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ، فَذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ يَتَنَحَّى، فَأَمْسَكَهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ. هَذَا حَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ.
وفيه عناية النبي بالصلاة، حتى إنه مريض صار يعتمد على غيره، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "ولقد كان الرجل يؤتى به" يعني من الصحابة، "يُهادى به بين الصفين حتى يُقام في الصف"، فهذا السلف والصحابة يعتنون بالصلاة، ويأتي المريض ويُهادي بين اثنين حتى يقف في الصف من عنايتهم بالصلاة.
وكثير من الناس اليوم يتأخر عن الصلاة وليس به علة، وإنما لمرضٍ في قلبه وعدم عنايتهم بالصلاة، ليس به علة ولكنه يتخلف ولا يبالي، فيتشبه بالنساء وبالمنافقين، نسأل الله السلامة والعافية.
س: (فجاءوا ببريرة) من الصحيحين العباس وعلي.
الشيخ: في الصحيح العباس وعلي، اعتمد عليهما، في الصحيحين، هنا جاء ببريرة، [00:35:15] إلى قصة وهو كونه ...
طالب: في رواية أنه يبخ عليه بالماء ليفيق.
الشيخ: نعم، ليفيق هذا كلام في البخاري أنه يصب عليه الماء ثم يفيق، وهذه بريرة اعتمد عليها لأن بريرة مولاة، ولا يجب عليها مثل ما يجب على الحرة من التستر؛ لأنها ما يجب عليها ستر الوجه، أمة تُباع وتُشترى، ولا يجب عليها الستر إلا إذا خيف من الفتنة بها تتستر، ولذا كان عمر ينهى الموالي أن يحتجبن ويقول: "تتشبهن بالحرائر!" إلا إذا خُشي منها الفتنة، الغالب أنها ما تكون جميلة، مولاة تباع وتشترى ولا يكون فيها جمال ولا فتنة، فإذا خيف الفتنة صار فيها جمال، هنا يجب أن تتحجب درءًا للفتنة.
س: «مروا بلالاً ليؤذن» يعني ليقيم الصلاة؟
الشيخ: لا، هذا أصل ظاهر، يعني كأنه في أول دخول الوقت.
س: [00:36:41] أذن وأقام؟
الشيخ: نعم، ما يلزم أن يكونا متواليان. ماذا بعده؟
بَابُ ذِكْرِ اسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ عَنْ حَضْرَةِ الْمَسْجِدِ الَّذِي هُوَ إِمَامُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ تَبْدُو لَهُ
بركة، وفق الله الجميع لطاعته.