بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولمشايخنا ووالدينا وذرياتنا والسامعين.
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الصَّلاَةِ جَمَاعَةً نَافِلَةً، بَعْدَ الصَّلاَةِ مُنْفَرِدًا فَرِيضَةً.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشار، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، وَهَذَا، حَدِيثُ يَحْيَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيَتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ فَقَالَ لَهُ: صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا، فَإِذَا أَدْرَكْتَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَلاَ تَقُلْ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ، فَلاَ أُصَلِّي».
لَمْ يَقُلْ بُنْدَارٌ: صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا.
القارئ: صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المصنف به، وأخرجه أحمد ومسلم والنسائي، وفي الكبرى من طريق إسماعيل بن علية به، وأخرجه عبد الرزاق وأحمد، والبخاري في الأدب المفرد، والبزار، وأبو عوانة، والبيهقي، وابن عبد البر في التمهيد من طرق عن أيوب، ثم ساق التخريج طويل.
الشيخ: طوَّل، ماذا قال؟
طالب: وأخرجه الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد والدارمي ومسلم والنسائي، وفي الكبرى له، وأبو عوانة، والطحاوي في [شرح معاني الآثار]، والبيهقي من طرق عن أبي العالية به.
وأخرجه الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد والدارمي ومسلم، وأبو داوود وابن ماجه والترمذي، وأبو عوانة، والطحاوي في [شرح معاني الآثار]، وابن حبان، والطبراني في [الكبير]، والبيهقي في [السنن الكبرى]، وابن عبد البر في [التمهيد]، والبغوي في [شرح السنة] من طرقٍ عن عبد الله بن الصامت به.
وأخرجه أحمد، وأبو عوانة، والبيهقي في [السنن الكبرى] من طريق شعبة به.
الشيخ: أعد الباب.
بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الصَّلاَةِ جَمَاعَةً نَافِلَةً، بَعْدَ الصَّلاَةِ مُنْفَرِدًا فَرِيضَةً.
يعني إذا صلى الفريضة منفردًا، فلا يترك الصلاة في جماعة بعد ذلك، شخص فاتته الصلاة وصلى فريضة، ثم وجد جماعةً يصلون، يصلي معهم الأخير، ولا يترك صلاة الجماعة النافلة من أجل أنه صلى الفريضة منفردًا وحده، واضح هذا؟
يعني الإنسان إذا صلى فريضة خلاص، هي الفريضة منفردة، ما تكون الثانية هي الفريضة إلا إذا كان يصلي وحده، ثم أحس بجماعة يصلون، فله أن ينويها نافلة ويدخل معهم، أما إذا سلم انتهى، إذا سلم منها هي الفريضة الأولى، سواء وحده أو في جماعة، باب ...
بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الصَّلاَةِ جَمَاعَةً ...
بعدما صلى الفريضة منفردًا.
بَعْدَ الصَّلاَةِ مُنْفَرِدًا فَرِيضَةً.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشارٍ، وَيَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، وَهَذَا، حَدِيثُ يَحْيَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيَتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ فَقَالَ لَهُ: صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا، فَإِذَا أَدْرَكْتَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا فَصَلِّ مَعَهُمْ، وَلاَ تَقُلْ: إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ، فَلاَ أُصَلِّي».
لَمْ يَقُلْ بُنْدَارٌ: صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا.
«كَيْفَ أَنْتَ إِذَا بَقِيَتَ فِي قَوْمٍ يُؤَخِّرُونَ الصَّلاَةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ فَقَالَ لَهُ: صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا»، يعني صلّ منفردًا، لا تؤخر الصلاة، الوقت مقدم على الجماعة، «صَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا»، ثم إذا أدركتهم لم يصلوا صلِّ معهم فتكون لك الثانية نافلة.
س: وجوبًا؟
هذا أمر، فصلِّ، أصل الأمر للوجوب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أنكر على الرجلين اللذين كانا خلفه في منى، لما صلى الفجر وجد رجلين لم يصليان، فقال: «عليّ بهما، ما منعكما ألا تصليا معنا»، قالا: يا رسول الله، صلينا في رحالنا، قال: «إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد الجماعة فصليا معهم فإنها لكم نافلة»، الحديث فيه الأمر، وهنا قال: ولا تقل صليت ولا أصلي، إذا جئت والناس يصلون صلّ معهم، سواء صليت أو ما صليت، ما تجلس خلف الناس هكذا، تكون لك الثانية نافلة، ولا تقل صليت.
فإذا كان الناس يؤخرون الصلاة عن وقتها فأنت تصلّي الصلاة في وقتها وحدك، ثم تصلي معهم، وقد حصل هذا من بعض أمراء بني أمية، كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها، في قصة أنس، وقد تقدمت به السن، تجاوز المائة، فدخلوا عليه بعض التلاميذ، فقال: أصليتم العصر؟ قالوا: لا، نحن الآن صلينا الظهر، قال: قوموا صلوا العصر، كانوا جاءوا متأخرين، جاءوا وقالوا: صلينا الظهر مع بعض الأمراء، يؤخرونها إلى العصر، قال: صليتم العصر؟ قالوا: لا، نحن صلينا الظهر، قال: قوموا صلوا العصر.
هذا دليل على أنه وُجد بعض أمراء بني أمية كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّلاَةَ الأُولَى الَّتِي يُصَلِّيهَا الْمَرْءُ فِي وَقْتِهَا تَكُونُ فَرِيضَةً، وَالثَّانِيَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا جَمَاعَةً مَعَ الإِمَامِ تَكُونُ تَطَوُّعًا.
نعم، إذا كانت الصلاة الأولى في الوقت تكون هي الفريضة، والثانية تكون نافلة ولو كانت مع الإمام، ولو كانت جماعة، الأولى هي الفريضة سواء كان منفرد أو جماعة، والثانية هي النافلة، باب ...
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الصَّلاَةَ الأُولَى الَّتِي يُصَلِّيهَا الْمَرْءُ فِي وَقْتِهَا تَكُونُ فَرِيضَةً، وَالثَّانِيَةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا جَمَاعَةً مَعَ الإِمَامِ تَكُونُ تَطَوُّعًا، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَكُونُ فَرِيضَةً، وَالأُولَى نَافِلَةً.
نعم، هذا الزعم ليس عليه دليل، «إنما الأعمال بالنيات»، صلى الأولى الفريضة وفي الوقت، ضد ماذا؟
ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الثَّانِيَةَ تَكُونُ فَرِيضَةً، وَالأُولَى نَافِلَةً.
هذا خطأ، الزعم هذا.
مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الإِمَامَ إِذَا أَخَّرَ الْعَصْرَ فَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ فِي وَقْتِهَا.
نعم، سواء العصر أو غيرها، إذا أخّر الإمام الصلاة سواء العصر أو الظهر، يصليها في وقتها، ثم إذا أدركها معهم صلاها معهم نافلة.
ثُمَّ يَنْتَفِلُ مَعَ الإِمَامِ، وَفِي هَذَا مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ»، نَهْيٌ خَاصٌّ لاَ نَهْيٌ عَامٌّ.
نهي خاص يعني بعد اصفرار الشمس، عند غروب الشمس، وليس نهيًا عامًا هذا قول بعض العلماء، «وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ» محمول على الوقت المضيق، بعد اصفرار الشمس، أما بعد العصر قبل أن تصفر الشمس فلا بأس بالنافلة.
س: [00:09:47]
الشيخ: نعم، وهذا محل نظر.
وأخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قال: حَدَّثَنَا عصام، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ الصَّلاَةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ لَلْوَقْتِ الَّذِي تَعْرِفُونَ، ثُمَّ صَلُّوا مَعَهُمْ، وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً».
سبحة يعني نافلة؛ التخريج؟
القارئ: صحيحٌ أخرجه أحمد وابن ماجه والنسائي، وفي [الكبرى] له، وابن الجارود، والطبراني في [الأوسط]، وأبو نُعيم في [الحليلة]، والبيهقي وفي [دلائل النبوة] له، والخطيب في [تاريخ بغداد]، وابن عبد البر في التمهيد من طريق أبي بكر بن عياش به، وأخرجه أبو داوود وابن حبان من طريق عبد الله بن مسعود بهذا الإسناد.
الشيخ: نعم، وهذا واضح، أن الصلاة تُصلى في وقتها ولا تؤخر، إذا كان الناس يؤخرون الصلاة عن وقتها فإنه يصلي الفريضة في بيته إذا لم يجد أحد، أو يصلي مع من يجد جماعة، ثم يصلي معهم نافلة.
بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِعَادَةِ الصَّلاَةِ عَلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ كُرَيْبٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ قال: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ (ح)، قال: وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ حُسَيْنٍ (ح)، وقال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى ابْنَ عُمَرَ، وَهُوَ قَاعِدٌ على بلاطٍ، وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ: أَلاَ تُصَلِّي ؟ قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ، قُلْتُ: أَلاَ تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لاَ تُصَلُّوا صَلاَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ».
هَذَا حَدِيثُ عِيسَى.
الشيخ: تخريجه؟
طالب: صحيحٌ أخرجه الدارقطني والبيهقي من طريق أبي أسامة به، وأخرجه أحمد وأبو داوود والنسائي وفي [الكبرى له]، والطحاوي في [شرح معاني الآثار]، وابن حبان والطبراني في [المعجم الكبير]، والدارقطني، وأبو نُعيم في [الحلية]، والبيهقي، وابن عبد البر في [التمهيد] من طرقٍ عن حسين بن ذكوان المعلّم به.
لكن يوجد كلام لابن عبد البر على: «لاَ تُصَلُّوا صَلاَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ».
قال ابن عبد البر في [الاستذكار]: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تصلوا صلاةً في يومٍ مرتين» أن ذلك أن يصلي الرجل صلاةً مكتوبةً عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضًا.
قال: وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها له نافلةً، اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمره بذلك، وقوله -صلى الله عليه وسلم- للذين أمرهم بإعادة الصلاة في جماعة: «إنها لكم نافلة»، فليس ذلك ممن أعاد الصلاة في يومٍ مرتين؛ لأن الأولى فريضة والثانية نافلة.
أعد، باب...
بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِعَادَةِ الصَّلاَةِ عَلَى نِيَّةِ الْفَرْضِ.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ بْنِ كُرَيْبٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ قال: أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ الْمُكْتِبُ (ح)، قال: وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنْ حُسَيْنٍ (ح)، وقال: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى ابْنَ عُمَرَ، وَهُوَ قَاعِدٌ على بلاطٍ، وَالنَّاسُ فِي الصَّلاَةِ، فَقُلْتُ: أَلاَ تُصَلِّي ؟ قَالَ: قَدْ صَلَّيْتُ، قُلْتُ: أَلاَ تُصَلِّي مَعَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «لاَ تُصَلُّوا صَلاَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ».
هَذَا حَدِيثُ عِيسَى.
الشيخ: ماذا قال ابن عبد البر؟
طالب: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لاَ تُصَلُّوا صَلاَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ» أن ذلك أن يصلي الرجل صلاةً مكتوبةً عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضًا.
قال: وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها له نافلةً، اقتداءً برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمره بذلك، وقوله -صلى الله عليه وسلم- للذين أمرهم بإعادة الصلاة في جماعة: «إنها لكم نافلة»، فليس ذلك ممن أعاد الصلاة في يومٍ مرتين؛ لأن الأولى فريضة والثانية نافلة.
الشيخ: صحيح هذا، ما فيه إشكال، صلى أولًا الفرض وحده في الوقت، ثم صلى معهم جماعة نافلة، ما يدخل في هذا.
بَابُ الْمُدْرِكِ وِتْرًا مِنْ صَلاَةِ الإِمَامِ، وَجُلُوسِهِ فِي الْوِتْرِ مِنْ صَلاَتِهِ اقْتِدَاءً بِالإِمَامِ.
بركة.
طالب: أحسن الله إليك، هنا كلام عن إجازة الوفود، أحسن الله إليك.
قال في [مرقاة الصعود]: وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بثلاث -أي أشياء-، قال: «أخرجوا المشركين»، قال ابن الملك: يريد اليهود والنصارى، «من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفود»، من الإجازة بالزاي؛ إعطاء الأمير الوفد، هم الذين يقصدون الأمراء بزيارة أو استرفادٍ أو رسالةٍ وغيرها، والمعنى: أعطوهم مدة إقامتهم ما يحتاجون إليه.
«بنحو ما كنت أجيزهم»، في التعبير بالنحو إيماء إلى مقدار العطاء مفوض إلى رأيهم، فتجوز الزيادة والنقصان قال التورَبشتي: وإنما أخرج ذلك بالوصية عن عموم المصالح لما فيه من المصلحة العظمى، وذلك أن الوافد سفير قومه، وإذا لم يكرم رجع إليهم بما يُنفر دونهم رغبة القوم في الطاعة والدخول في الإسلام، فإعطاء سفيرهم ففيه ترغيبه وترغيبهم وبالعكس.
ثم إن الوافد إنما يفد على الإمام، فيجب رعايته من مال الله الذي أقيم لمصالح العباد، وإضاعته تفضي إلى الدناءة التي أجار الله عنها أهل الإسلام.
(قال) أي: ابن عباس -رضي الله عنهما- كما في نسخة، والظاهر أنها غير صحيحة وأن ضمير قال راجع إلى عن ابن عباس -رضي الله عنهما-؛ لأن الفاعل في قوله (وسكت عنه في الثالثة).
أي الوصية الثالثة أحسن الله إليك، سكت عنها ابن عباس ولم يذكرها.
الشيخ: ما هي الوصية الثالثة؟
طالب: هو قال: ثلاث، أحسن الله إليك، وذكر منها: إخراج اليهود والنصارى، وإجازة الوفود، والثالثة سكت عنها.
الشيخ: يعني يُعطى الوفد مثل ما أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويكون من بيت المال، من المصالح العامة؛ لأن فيه ترغيب له في الإسلام، وترغيب من خلفه، بخلاف ما إذا لم يُعطَ، فإنه يكون فيه تنفير له وتنفير من وراءه، هي مصلحة عامة، الذي نص عليه النبي هذه للمصلحة العامة، هذا كلام من ذا؟
طالب: هذا في مرقاة الصعود.
الشيخ: فيه كلام عنه؟
طالب: وَقَوله «أجيزوا الْوَفْدَ» أَيْ أَعْطُوهُمْ وَالْجَائِزَةُ الْعَطِيَّةُ وَقِيلَ أَصْلُهُ أَنَّ نَاسًا وَفَدُوا عَلَى بَعْضِ الْمُلُوكِ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَنْطَرَةٍ، فَقَالَ: أَجِيزُوهُمْ، فَصَارُوا يُعْطُونَ الرَّجُلَ وَيُطْلِقُونَهُ فَيَجُوزُ عَلَى الْقَنْطَرَةِ مُتَوَجِّهًا، فَسُمِّيَتْ عَطِيَّةُ مَنْ يَقْدَمُ عَلَى الْكَبِيرِ جَائِزَةً، وَتُسْتَعْمَلُ أَيْضًا فِي إِعْطَاءِ الشَّاعِرِ عَلَى مَدْحِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَولُهُ: «بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ»، أَيْ بِقَرِيبٍ مِنْهُ وَكَانَتْ جَائِزَةُ الْوَاحِدِ عَلَى عَهْدِهِ -صلى الله عليه وسلم- وُقِيَّةً مِنْ فِضَّةٍ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
الشيخ: وهذا يختلف باختلاف الأحوال والأوقات، «بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ»، كلمة نحو، يعني بما يسد حاجتهم، وبما يناسب حالهم، وهذا يختلف باختلاف الأزمان.
بركة، بارك الله فيكم، وفق الله الجميع.