الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه-:
جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعُذْرِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ تَرْكُ إِتْيَانِ الْجَمَاعَةِ.
بَابُ إِبَاحَةِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي السَّفَرِ، وَالأَمْرِ بِالصَّلاَةِ فِي الرِّحَالِ فِي الْمَطَرِ الْقَلِيلِ غَيْرِ الْمُؤْذِي.
الرحال في السفر؛ لأن الأسفار يكونوا متفرقين، كل واحد له رحل، لذلك كان الصحابة -رضي الله عنهم- كانوا إذا نزلوا في النهار ورأوا شجرة ظليلة جعلوها للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ويذهبون للأشجار الأخرى، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم نزل تحت الشجرة، فجاء أعرابي ووقف على النبي واخترط سيفه، فاستيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- والسيف في يده صلتًا، قال: من يمنعك مني؟ فقال: «الله»، فسقط السيف منه، فأخذه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: «من يمنعك مني؟»، قال: كن خير آخذ، قال: أتشهد أن لا إله إلا الله ...
المقصود جاءه ما عنده أحد، متفرقين، كذلك أيضًا حتى في غير النهار كانوا يتفرقون تحت الأشجار وتحت مظلات، فإذا جاء المطر يشق عليهم أن يجتمعوا، إذا لم يكن هناك مطر يجتمعون، يؤذنون ويصلون والكل يأتي من خيمته ومن الشجرة التي تحتها ويصلون جماعة.
إذا جاء المطر الغزير صار يشق عليهم أن يذهبوا فيصلون في الرحال، كل يصلي في رحله، في مكانه، وهذا المؤلف يقول ... باب ماذا؟
بَابُ إِبَاحَةِ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي السَّفَرِ، وَالأَمْرِ بِالصَّلاَةِ فِي الرِّحَالِ فِي الْمَطَرِ الْقَلِيلِ غَيْرِ الْمُؤْذِي بِمِثْلِ اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْتُ قَبْلُ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَقَالَ مُؤَمَّلٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، قَالَ: خَرَجْتُ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ إِلَى الْمَسْجِدِ صَلاَةَ الْعِشَاءِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ اسْتَفْتَحْتُ، فَقَالَ أَبِي: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو مَلِيحٍ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصَابَتْنَا سَمَاءٌ لَمْ تَبُلَّ أَسْفَلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ.
تخريجه؟ سبق؟
طالب: تخريجه كما سبق، لكن كما سبق صحيح.
الشيخ: ماذا قال؟ الأعظمي، الألباني ماذا قال؟
طالب: بعض التخاريج.
الشيخ: لا، تخريج الحديث هذا خصوصًا.
طالب: قال: انظر حديث (1655)، وهذا حديث أخرجه أحمد وأبو داوود من طريق إسماعيل، وقال: صحيح، وأخرجه الشافعي في [الأم].
الشيخ: هذا في المطر الذي لم يبل أسفل ... هذا بخصوص هذا.
طالب: يقول: هذا حديث صحيح.
الشيخ: كذا عندكم؟
طالب: عندنا إسناده صحيح من طريق أبي مليح مختصر، ومن طريق إسماعيل الأحوص.
الشيخ: هذا الألباني أم الأعظمي؟
طالب: الأعظمي.
طالب: عند أحمد: فقال لي أبي أسامة: رأيتنا ...
الشيخ: السند؟
طالب: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح، قال: صليت العشاء الآخرة بالبصرة، ومُطرنا، ثم جئت أستفتح فقال لي أبي أسامة: رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية، مُطرنا فلم تبل السماء أسفل نعالنا فنادى منادي النبي -صلى الله عليه وسلم- أن صلوا في رحالكم.
قال: إسناده صحيح، رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير صحابيُّه، فقد روى له أصحاب السنن، سفيان هو الثوري، وخالد الحذاء هو ابن مهران، وأبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجرمي، وهو عند عبد الرزاق في المصنف، ومن طريقه أخرجه الطبراني في [الكبير] والضياء في [المختارة]، وأخرجه البخاري في [التاريخ الكبير] عن محمد بن يوسف عن سفيان الثوري بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داوود وابن خزيمة والحاكم من طريق سفيان ابن حبيب وابن حبان، وأبو موسى المديني في [نزهة الحفاظ] من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما عن خالد الحذاء به، وأخرجه ابن أبي شيبة عن هُشيم، وابن قانع في [معجم الصحابة] من طريق بشر بن المفضل، والطبراني في [الأوسط] من طريق أشعث بن سوار، والبيهقي من طريق عبد الوهاب بن عطاء الثقفي، أربعتهم عن خالد الحذاء به.
ولم يذكروا جميعًا أبا قلابة بإسناده، ولخالد رواية عن أبي المليح بدون واسطة.
الشيخ: هذا تعليق على المسند؟
طالب: على المسند.
وتخريجه على أبو داوود قال: حدثنا نصر بن علي، قال سفيان بن حبيب: أخبرنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح، عن أبيه أنه شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية في يوم الجمعة، وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم.
قال: هذا حديث صحيح، وإسناده ضعيف لانقطاعه كما هو مصرح به في إسناد المصنف بين سفيان بن حبيب وخالد الحذاء، وهو ابن مهران، وبذلك أعله ابن القطان في [الوهم والإيهام]، لكن رواه غير سفيان بن حبيب عن خالد الحذاء، فلم يذكروا يوم الجمعة.
وأخرجه ابن خزيمة، وأخرجه الحاكم في [المستدرك] من طريق محمد بن النضر الجارودي، والبيهقي في السنن الكبرى من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، ثلاثتهم عن ابن خزيمة والجارودي ويوسف، عن نصر بن علي الجهضمي، عن سفيان بن حبيب، عن خالد الحذاء به، فقالوا عن خالد الحذاء.
وصححه ابن خزيمة والحاكم، وسكت عنه الذهبي، وقال ابن خزيمة: لم يقل أحد: يوم الجمعة، غير سفيان بن حبيب، وأخرجه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن عُلية عن خالد الحذاء بهذا الإسناد، ولم يذكروا يوم الجمعة.
وهو في مسند أحمد وصحيح ابن حبان، وانظر تمام تخريجه عندهما.
وأخرجه بذكر يوم الجمعة أحمد وابن قانع في [معجم الصحابة] من طريق أبي بشر الحلبي، وأبو قاسم البغوي في [الجعديات]، والطبراني في [الكبير، والأوسط] من طريق أبي معاوية سعيد بن زربي العبداني، والطبراني في الكبير من طريق محمد بن غالب الأنطاكي، عن الحسين بن السكن، عن عمران بن القطان، عن قتادة، وزيادة بن أبي المليح، خمستهم عن أبي المليح عن أبيه، انظر ما سلف -الحديث الذي قبله-.
الشيخ: يعني زيادة أبي داوود فيه انقطاع بين سفيان وبين خالد الحذاء، السند هنا ما فيه سفيان، سند ابن خزيمة؟
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ، وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالاَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قال: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَقَالَ مُؤَمَّلٌ: عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ.
القارئ: كلهم يصححونه يا شيخ.
طالب: حدثنا حبان بن موسى، قال: أخبرنا عبد الله عن شعبة عن قتادة عن أبي المليح، عن أبيه قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية فأصابتنا سماء لم تبل أسفل نعالنا، فأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مناديه أن صلوا في رحالكم، ثم قال: انظر [صحيح موارد الظمآن للألباني]، وللتفصيل انظر [أبو داوود] للألباني كذلك.
قال: انظر [صحيح موارد الظمآن للألباني] على صحيح ابن حبان.
الشيخ: هذا مشهور في الحديبية أنه أصابهم ماء، يحتمل أنه أصابهم مطر مرات، وأن هذا في مرة لم يبل أسفل النعال، وهذا مثل الحديث المعروف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أصبح في الحديبية على إثر مطر من الليل، وصلى بهم -عليه الصلاة والسلام-، هذا يدل على أن المطر كان في أيام.
قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية، فصلى بنا النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح في الحديبية على إثر سماء من الليل، فلما سلَّم استقبلنا بوجهه وقال: «أتدرون ماذا قال ربكم الليلة؟» قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: «قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب».
هذا يدل على أنه في هذه المرة صلى بهم، ولم يقل صلوا في الرحال، وفي بعضها: في الرحال،لأن الحديبية أيام طويلة، كأنه في هذه المرة لم يبل أسفله، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمرهم أن يصلوا في رحالهم لكونهم في السفر، السفر والمطر، وكان المطر في أيام متكرر.
ولهذا في الحديث أنه صلى بهم وأقبل عليهم بوجهه، وقال هذا، وهنا قال: في هذا اليوم مطر لم يبل أسفل ...
طالب: عندي ابن السرَّاج قال: "فمطرنا مطر فابتل أسفل نعالنا"، لم يقل: لم يبتل.
الشيخ: هذا ابن السراج.
طالب: نعم، قال: حدثنا أحمد بن محمد البرتي، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا سفيان عن خالد الحذاء، عن أبي المليح، قال: صليت البصرة في ليلة مطيرة، ثم جئت أستفتح، فقال لي: من هذا؟ قلت: أبي المليح، فقال: لقد رأيتنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية، فمُطرنا مطرًا فابتل أسفل نعالنا، فنادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن صلوا في رحالكم.
هنا ذكر أنها ابتلت.
الشيخ: هذه اختلفت، رواية من هذا؟
طالب: ابن السراج.
الشيخ: على كل حال الحديث الذي يأتي فيه متشابه يُضم إلى المحكم، قاعدة عند أهل العلم، أن المتشابه يُضم إلى المحكم حتى يُفسر، دلت الأحاديث المحكمة على أن الرخصة إنما تكون في المطر الذي فيه مشقة، لأن هذه أحاديث محكمة.
وأما هذا متشابه، يُرد إلى المحكم، فإما أن يقال مثل ما قال ابن السراج أو يقال: إنه من الأحاديث المتشابهة التي تُضم إلى المحكم، تفسره وتوضحه؛ لأن القاعدة عند أهل العلم هي: إذا كان هناك محكم ومتشابه، العمدة على المحكم، والمتشابه يُضم إليه، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ﴾[آل عمران:7].
يعني والمعنى أن الذين ليس في قلوبهم زيغ يتبعون المحكم، يعملون بالمحكم، من ذلك الآن المتشابه حديث الخثعمية التي جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، والنبي -صلى الله عليه وسلم- قد أردف الفضل، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فصرف النبي وجه الفضل -عليه الصلاة والسلام-، وسألت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: «حجي عنه».
قال بعضهم، تعلق بهذا الدليل على أن المرأة سافرة، وهذا دليل على أنه يجوز السفور، وأنه لا بأس بكشف الوجه، تعلقوا بهذا، لكن تركوا النصوص المحكمة، من النصوص المحكمة: الآية، يقول تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ﴾[الأحزاب:53]، والحجاب ما يحجب المرأة عن الرجل، سواء جدار أو باب أو غطاء.
قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾[الأحزاب:59]، وهي ما تنزله المرأة على وجهها تستر به صدرها، وكذلك حديث عائشة في الصحيح قالت: "فخمّرت وجهي بجلبابي وكان يعرفني قبل الحجاب"، خمرت وجهي: غطيت وجهي بجلبابي، رواه البخاري في الصحيح.
يتركون النصوص المحكمة، ويتعلق بحديث الخثعمية، وحديث أسماء، دخل النبي عليها وعليها ثياب رقاق، فقال: يا أسماء، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه ويديه.
هذا الحديث فيه علل كثيرة، تعلق به بعض دعاة السفور، هذا حديث ضعيف، منكر المتن، من أبطل أحاديث على وجه الأرض، فيه سعد بن بشير ضعيف، وفيه أيضًا خالد بن دريك لم يدرك عائشة، وأيضًا حديث منكر، لا يمكن أن تدخل أسماء على النبي بثياب رقاق، تعلق به دعاة السفور، وتعلقوا بحديث الخثعمية، وتركوا النصوص الواضحة.
فهذا يُضم إلى النصوص الأخرى، ولاسيما أن الحديث الصحيح أن النبي صلى بهم في الحديبية، وقال هذا، هذا يُحمل على أنه هناك عذر، لولا أن هناك عذر ما رخص لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- في أن يصلوا في رحالهم.
طالب: [00:16:10]
نعم، الظلمة مع المطر، ولهذا الحنابلة وجماعة لا يرون الجمع في الظهر والعصر؛ إنما يرون في المغرب مع المطر، اجتمع المطر والظلمة، أما الظلمة وحدها فلا، أو الرياح، الريح وحدها ما تكفي.
طالب: هنا كلام للحافظ، قال الحافظ -رحمه الله-: (أو) للتنويع لا للشك.
الشيخ: ابن حجر؟
طالب: نعم.
الشيخ: أين (أو)؟
طالب: نعم، قال: أو في حديث: (في مطرٍ أو ليلة مظلمة)، قال: هنا أو للتنويع لا للشك، وفي الصحيح عن أبي عوانة: "ليلة باردة، أو ذات مطر، أو ذات ريح"، ودل ذلك على أن الثلاثة عذر في التأخر عن الجماعة، وقد نقل ابن بطال فيه الإجماع، لكن المعروف عند الشافعية أن الريح ...
الشيخ: واضح، إذا كان الريح ريح شديدة باردة مع الظلمة.
طالب: أن الريح عذر في الليل فقط، وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل، لكن في السنن من طريق أبي إسحاق عن نافع بهذا الحديث: "في الليلة المطيرة، والغداة القرة".
الشيخ: الغداة القرة يعني الباردة، نعم.
طالب: وفيه بإسناد صحيح من حديث أبي المليح عن أبيه أنهم مُطروا يومًا فرخص لهم، قال: ولم أر في شيء من الأحاديث الترخيص بعذر الريح في النهار صريحًا، لكن القياس يقتضي إلحاقه، وقد نقله ابن الرفعة وجهًا.
الشيخ: بعضهم قاسه، قاس الريح الباردة.
طالب: لكن أكثر الأحاديث كانت في السفر.
الشيخ: نعم، هذا هو، لكن في الحضر ما ... بعض الناس يقول: ما ثبت أن النبي جمع في المطر في المدينة، ولم يروا الشمس سبتًا، نعم.
ثم قال -رحمه الله تعالى-:
بَابُ إِبَاحَةِ الصَّلاَةِ فِي الرِّحَالِ، وَتَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي الْيَوْمِ الْمَطِيرِ فِي السَّفَرِ، مِثْلَ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ قَبْلَ.
هذا كله في السفر، الحديث الذي قبله في الليل، وهذا في النهار يقول، حتى في النهار، الحكم واحد.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ النَّهَارِ فِي إِبَاحَةِ تَرْكِ الصَّلاَةِ فِي الْجَمَاعَةِ فِي الْمَطَرِ كَحُكْمِ اللَّيْلِ سَوَاءٌ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكرٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ح)، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قال: حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ.
وحديث الخثعمية الذي يتعلق به بعض دعاة السفور، ما يلزم أن تكون سافرة، ينظر إليها ابن العباس، قد يكون ينظر لقدّها أو طولها، أو صوتها، أو انكشف منها شيء، ولا يلزم أن تكون سافرة.
قال: حَدَّثَنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ (ح)، وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عروبة، وحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى، عَنْ سَعِيدٍ (ح)، وحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قال: حَدَّثَنِي أَبِي (ح)، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ قال: أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ كُلُّهُمْ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَصَابَتْنَا السَّمَاءُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «الصَّلاَةُ فِي الرِّحَالِ».
هَذَا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ مَرَّةً أُخْرَى: أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ.
نعم، هذا في حنين، والأول في الحديبية، والحديث الأول في الحديبية فيه اختلاف، في رواية ابن السراج أنه ابتل.
بابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُتَقَصِّي لِلَّفْظَةِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِالصَّلاَةِ فِي الرِّحَالِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ أَمْرُ إِبَاحَةٍ لاَ أَمْرُ عَزْمٍ، يَكُونُ مُتَعَدِّيهِ عَاصِيًا إِنْ شَهِدَ الصَّلاَةَ جَمَاعَةً فِي الْمَطَرِ.
يعني يقول: إن هذا الأمر رخصة، من شاء يتحمل ويأتي المسجد فلا حرج، ليس معناه أنه يجب الصلاة في الرحال، قال: هي رخصة، من شاء أخذ بالرخصة، ومن شاء أخذ بالعزيمة، وجاء وصلى في المسجد، وعلى هذا إذا كان مثلًا هناك مطر وصلى الناس، أو هناك مثلًا يبقون في المسجد إلى العشاء يصلون العشاء، ومن كان في بيته إن كان استطاع فالحمد لله، وإن لم يستطع صلى في بيته، من استطاع أن يصلي في المسجد صلى في المسجد، ومن لم يستطع صلى في بيته، إذا كان ما يستطيع ولا عنده وسائل.
يقول المؤلف أن الصلاة في الرحال ليس على سبيل العزم، بل على سبيل الرخصة، لأن النبي قال: صلوا في الرحال، ولو جاء وصلى مع الجماعة فلا بأس، ما يكون عاصي.
قال: أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قال: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قال: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قال: حَدَّثَنَا سِنَانٌ، يَعْنِي ابْنَ مُظاهِرٍ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَمُطِرْنَا، فَقَالَ: «لِيُصَلِّ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فِي رَحْلِهِ».
ليُصل من شاء، لكن فيه عنعنة أبي الزبير، ماذا قال عليه، بن الزبير مدلس؟
طالب: قال: صحيح، أخره ابن حبان من طريق المصنف، وأخرجه الطيالسي وابن الجعد، وأحمد، ومسلم، وأبو داوود، والترمذي، وأبو عوانة في المسند.
الشيخ: فيه عنعنة أبي الزبير، وعلى كل حال البخاري ومسلم اعتنوا برواية المدلسين.
طالب: وابن حبان، وابن عدي في [الكامل]، والبيهقي من طريق زهير به، ثم قال: انظر [إتحاف المهرة].
الشيخ: الأعظمي ما تكلم عليه؟
استدل به المؤلف على الصلاة في الرحال في السفر على سبيل الرخصة، وإذا أرادوا أن يجتمعوا ويصلون فلا حرج عليهم، ولا يكونون عاصين.
بَابُ إِتْيَانِ الْمَسَاجِدِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ الْمُظْلِمَةِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الأَمْرَ بِالصَّلاَةِ فِي الرِّحَالِ فِي مِثْلِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَمْرُ إِبَاحَةٍ لَهُ لاَ حَتْمٌ.
يعني أنه على سبيل الرخصة، وليس على سبيل الوجوب، الباب الذي بعده ما هو؟
بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِتْيَانِ الْجَمَاعَةِ لِآكِلِ الثُّومِ.
اقرأ الحديث هذا.
أخبرنا أبو طاهرٍ قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قال: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قُلْتُ: وَاللَّهِ لَوْ جِئْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- فَأَتَيْتُهُ، فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلاً فِي قِصَّةِ الْعَرَاجِينَ، قَالَ: ثُمَّ هَاجَتِ السَّمَاءُ مِنْ تِلْكِ اللَّيْلَةِ، فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِصَلاَةِ الْعِشَاءِ بَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَرَأَى قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ، فَقَالَ: «مَا السُّرَى يَا قَتَادَةُ؟» فَقَالَ: عَلِمْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنَّ شَاهِدَ الصَّلاَةِ اللَّيْلَةَ قَلِيلٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَشْهَدَهَا، قَالَ: «فَإِذَا صَلَّيْتَ فَاثْبُتْ حَتَّى أَمُرَّ بِكَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَعْطَاهُ الْعُرْجُونَ، فَقَالَ: خُذْ هَذَا، فَسَيُضِيءُ لَكَ أَمَامَكَ عَشْرًا، وَخَلْفَكَ عَشْرًا، فَإِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَرَأَيْتَ سَوَادًا فِي زَاوِيَةِ الْبَيْتِ فَاضْرِبْهُ قَبْلَ أَنْ تَكَلَّمَ؛ فَإِنَّهُ الشَّيْطَانُ»، قَالَ: فَفَعَلَ، فَنَحْنُ نُحِبُّ هَذِهِ الْعَرَاجِينَ لِذَلِكَ.
قف عليه، يحتاج [00:26:56]، فيه معجزات، وفيه [00:26:58]، وفق الله الجميع لطاعته.