الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في كتابه الصحيح:
جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْعُذْرِ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ تَرْكُ إِتْيَانِ الْجَمَاعَةِ.
بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ تَرْكِ أَكْلِ الثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ مَطْبُوخًا.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قال: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ وَهْبٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خَضِرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ، أَوْ كُرَّاثٌ، فَلَمْ يَرَ فِيهِ أَثَرَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْكُلَ؟» فَقَالَ: لَمْ أَرَ أَثَرَكَ فِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَسْتَحِي مِنْ مَلاَئِكَةِ اللهِ، وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ».
الشيخ: تخريجه.
طالب: تخريجه: صحيح، أخرجه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، ومسلم في صحيحه، والترمذي، وابن أبي عاصم في [الآحاد والمثاني]، والنسائي في [الكبرى].
الشيخ: مسلم بهذا اللفظ أو لفظ آخر؟ يراجع مسلم.
طالب: نعم، ثم قال: تعليق: "لم أر أثرك فيه يا رسول الله"، قال المحقق: كان أبو أيوب -رضي الله عنه- يأكل من موضع أصابع النبي -صلى الله عليه وسلم- تبركًا.
الشيخ: في هذه المرة ما رأى أثر أصابعه، أرسل له طعام فيه كراث وكذا، وفيه ثوم، ولا عرف أثره، فإذا أرسل له طعام ثم رده إليه أكل من الموضع الذي يأكل منه النبي -صلى الله عليه وسلم- للتبرك، لما جعل الله في أثره وما لامس جسده من البركة، وهذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، يُراجع لفظ مسلم في هذا.
طالب: قال: يُنظر شرح النووي على صحيح مسلم، في المجلد السابع صفحة (207).
الشيخ: ماذا قال الأعظمي؟
طالب: قال هنا صحيح.
الشيخ: الترجمة ماذا؟
بَابُ ذِكْرِ مَا خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ تَرْكِ أَكْلِ الثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ مَطْبُوخًا.
الشيخ: القول هنا قال: إني أستحي، جاء اللفظ هذا في مسلم.
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- خُصَّ بِتَرْكِ أَكْلِهِنَّ لِمُنَاجَاةِ الْمَلاَئِكَةِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ، وَزِيَادُ بْنُ يَحْيَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ أَبُو قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ، وَقَالَ زِيَادٌ: عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُمِّ أَيُّوبَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: نَزَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَتَكَلَّفْنَا لَهُ طَعَامًا فِيهِ بَعْضُ الْبُقُولِ، فَلَمَّا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ لأَصْحَابِهِ: «كُلُوا، فَإِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ أُوذِيَ صَاحِبِي».
يعني جبريل.
وَقَالَ أَبُو قُدَامَةَ: عَنْ أُمِّ أَيُّوبَ: نَزَلْتُ عَلَيْهَا، فَحَدَّثَتْنِي قَالَتْ: نَزَلَ عَلَيْنَا.
والثوم إذا طُبخ زال المحظور، زالت الرائحة، فلماذا يمتنع عنه النبي؟ هل لازال فيه بعض الأثر، يبقى له أثر يسير، في الحديث الآخر: فليمتهما طبخًا، يعني تموت الرائحة، فكيف يمتنع -عليه الصلاة والسلام- مع أنه ...
طالب: [00:05:49]
الشيخ: لا بأس، لكن ذهبت الرائحة، نعم.
طالب: [00:05:59]
الشيخ: والبصل، هل هذا فيه ثوم، البقول؟ قال: فيه ثوم؟ ذكرها أبو أيوب؟
طالب: بقول.
الشيخ: بقول، عام، محتمل أنه معه شيء من الثوم وأنه يبقى.
طالب: في الترجمة، أما في الأصل لا:
مِنْ تَرْكِ أَكْلِ الثُّومِ، وَالْبَصَلِ، وَالْكُرَّاثِ مَطْبُوخًا.
القارئ: قال: الحديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة أبي يزيد، وهو المكي، وقد تفرد بالرواية عنه ابنه عبد الله، لكنه يتقوى بالشواهد، فقد رواه سفيان ابن وهب عند ابن حبان، وأفلح مولى أبي أيوب عند مسلم، عن أبي أيوب، لذا صححه المصنف، وتلميذه ابن حبان، ومن قبلهما الترمذي.
الشيخ: نعم، الثوم صح يرى معه، يمكن يكون معه شيء من الثوم، وقد يقال: إن البصل يبقى شيء يسير، ولكن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يريد أن يكون له أثر ولا شيئًا يسيرًا.
طالب: أنه بعث إليّ يومًا بفضلةٍ لم يأكل منها؛ لأن فيها ثومًا، فسألته: أحرامٌ هو، قال: «لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه»، قال: فإني أكره ما كرهت.
الشيخ: العزو لمسلم، يعزو على مسلم، مع أن الحديث هذا عام، وذاك خاص، فيه تساهل العزو، مفروض إذا عزا إلى مسلم يقول: وفيه أنه ...
طالب: يقول في لفظ مسلم هكذا.
الشيخ: نعم.
طالب: وفي رواية أخرى قال: فإني أكره ما تكره، قال: وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤتى.
الشيخ: كان فيه جبريل، ويأتيه الوحي.
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَكْلِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
يعني عند الحاجة والضرورة ولو ترك الجماعة، أما إذا كان في البرية وكذا، فله أن يأكله، سواء عند الحاجة أو بغير حاجة، ولو لم يكن للضرورة، مادام ما فيه جماعة، الأمر واسع، وكذلك النساء يأكلنه، لا بأس، لضرورة أو غير ضرورة، لكن الرجل الذي يصلي مع الجماعة لا يأكله إلا للضرورة، للعلاج يعني، ويكون له رخصة في ترك الجماعة، أما لغير العلاج فلا يأكله لئلا يترك الجماعة.
بَابُ الرُّخْصَةِ فِي أَكْلِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْحَاجَةِ إِلَيْهِ.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قال: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: أَكَلْتُ ثُومًا، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِرَكْعَةٍ، فَلَمَّا صَلَّى قُمْتُ أَقْضِي، فَوَجَدَ رِيحَ الثُّومِ، فَقَالَ: «مَنْ أَكَلَ هَذِهِ الْبَقْلَةَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهَا»، فَلَمَّا قَضَيْتُ الصَّلاَةَ أَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ لِي عُذْرًا، نَاوِلْنِي يَدَكَ، فَوَجَدْتُهُ سَهْلاً، فَنَاوَلَنِي يَدَهُ، فَأَدْخَلْتُهَا مِنْ كُمِّي إِلَى صَدْرِي، فَوَجَدَهُ مَعْصُوبًا، فَقَالَ: «إِنَّ لَكَ عُذْرًا».
طالب: قال: صحيح، أخرجه ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن حبان من طريق وكيع به، وأخرجه البيهقي من طريق يزيد بن هارون عن سليمان بن المغيرة به، وأخرجه أحمد وأبو داوود، والطحاوي في [شرح مشكل معاني الآثار]، والطبراني في [الكبير]، والبيهقي من طرق عن أبي هلال، عن حميد بن هلال به، انتهى.
الشيخ: وهذا واضح؛ لأن المغيرة بن شعبة إنما أكله للعلاج، قال: إن لي عذرًا.
بَابُ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ فِي الْجَمَاعَةِ ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ.
بركة، وفق الله الجميع.