بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن خزيمة رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه في مختصر المختصر من المسند الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:
جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي الْجَمَاعَةِ
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قِيَامِ الْمَأْمُومِ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ إِذَا كَانَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ، إِرَادَة النَّظَرَ إِلَيْهِنَّ أَوْ إِلَى بَعْضِهِنَّ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ الْفِعْلُ صَلَاتَهُ
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنَا نُوحٌ يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ الْحُدَّانِيَّ
عندك بالتخفيف أم بالتشديد؟
طالب: غير مشكلة.
الشيخ: وأبو طاهر عندك تكلم عليها؟
طالب: ضبطها قال: (الحُدَّاني).
الشيخ: ضبطها بالشكل أم بالحروف؟
طالب: (بضم الحاء وتشديد الدال المهملة).
الشيخ: قال كذا؟
طالب: لا.
الشيخ: هذا كلامك، ما قاله، ما قال بالتشديد المهملة، أنت تحضر شيئًا من عندك، تقول بالشكل؟ الشكل ليس عمدة، بعض الناس يشكِّل حسب الجمال فقط، وهذا خطأ، لكن الظاهر التخفيف، يراجع، لاتقول كذا وكذا إلا إذا قالها المؤلف، تقول بالشكل مضمومة، والمشددة لا.
أَخْبَرَنَا نُوحٌ يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ الْحُدَانِيَّ، حدثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ:
كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَتَقَدَّمُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخِّرِ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَأْنِهَا: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24].
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَبُو مُوسَى، قال: حدثنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحُدَانِيُّ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَأَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَاهُ الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، قال: حدثنَا نُوحٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، بِنَحْوِهِ.
ماذا قال عليه، تكلم عليه؟
طالب: قال: "إسناده صحيح، وقد صححه أيضًا ابن حبان والحاكم والذهبي وغيرهم، ومن أعلَّه بالغرابة والنكارة فما أصاب، وبيان هذا مما لا يتسع له المجال ومحله الأحاديث الصحيحة"، هذا ناصر الدين الألباني.
طالب: هنا الفحل قال: إسناده ضعيفٌ ومتنه منكر، ومعلولٌ بالإرسال، وعمرو بن مالك النُّكري لم يوثقه أحدٌ من أئمة الجرح والتعديل، وقد انفرد ابن حبان فذكره في الثقات، وقال: يُغرب ويخطئ، وقال الترمذي في جامعه عقب الحديث: "وروى جعفر بن سليمان هذا الحديث عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه، ولم يذكر فيه ابن عباس -رضي الله عنهما-،(الشيخ: المرسل .الطالب: نعم) وهذا أشبه أن يكون أصح من حديث نوح"، ولما ساق البيهقي هذا الحديث في سننه الكبرى ساكتًا عليه تعقبه ابن التركماني بقوله: "سكت عنه"، وقال ابن عدي: "منكر الحديث عن الثقات ويسرق الحديث، سمعت أبا يعلى يقول: كان ضعيفًا"، وكلام ابن عدي في الحديث وقد ساق له عددًا من الأحاديث المنكرة ثم قال: "ولعمرو غير ما ذكرت أحاديث مناكير بعضها سرقها من قومٍ ثقات".
الشيخ: عمرو من؟
طالب: عمرو بن مالك؛ وقال ابن كثيرٍ في تفسيره: "غريبٌ جدًا وفيه نكارةٌ شديدة، الظاهر أنه من كلام ابن الجوزاء فقط".
الشيخ: ذكر الموضع ابن كثير؟
طالب: نعم.
الشيخ: نعم، آية الحجر ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24].
طالب: وقال ابن كثيرٍ في تفسيره: "غريبٌ جدًا وفيه نكارةٌ شديدة، الظاهر أنه من كلام ابن الجوزاء فقط، ومن هذا يُعرف فساد قول الدكتور بشار عواد معروف -العراقي-، وشعيب الأرنؤوط في تحريرهما المزعوم".
الشيخ: يعني صححاه؟
طالب: نعم، في المجلد الثالث رقم الحديث (105).
الشيخ: (في تحريرهما) ولا في (تصحيحهما)؟
طالب: "في تحريرهما المزعوم عن عمرو بن مالك بأنه صدوقٌ حسن الحديث، ولهما أمثالٌ كثيرة دلَّت على تسرعهما في إطلاق الأحكام، ومعلوم أن سرعة الأحكام تورث كثرة الأوهام، والحديث أخرجه الطيالسي وأحمد وابن ماجة والترمذي والنسائي وفي الكبرى وفي التفسير له، والطبري في تفسيره وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي".
الشيخ: هذا كلام الألباني، أعد بابُ ...
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قِيَامِ الْمَأْمُومِ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ إِذَا كَانَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ، إِرَادَة النَّظَرَ إِلَيْهِنَّ أَوْ إِلَى بَعْضِهِنَّ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ الْفِعْلُ صَلَاتَهُ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، أَخْبَرَنَا نُوحٌ يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ الْحُدَّانِيَّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ تُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ، فَكَانَ بَعْضُ الْقَوْمِ يَتَقَدَّمُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِئَلَّا يَرَاهَا، وَيَسْتَأْخِرُ بَعْضُهُمْ حَتَّى يَكُونَ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخِّرِ، فَإِذَا رَكَعَ نَظَرَ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي شَأْنِهَا ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر: 24].
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الْحُدَّانِيُّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَاه الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا نُوحٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ، بِنَحْوِهِ.
الشيخ: بعده؟
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْمَسَاجِدَ ...
الشيخ: المؤلف -رحمه الله- في هذه الترجمة كأنه اعتمد هذا الحديث، كأنه يرى تصحيح الحديث، والأقرب عدم صحته كما ذكر الحافظ ابن حجر وأنه غريب؛ لأن فيه نكارة، وهذا بعيد، كون الصحابي يتأخر من أجل النظر إلى المرأة! وكذلك أيضًا النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف يترك هذه المرأة الحسناء تصلي خلفه إذا علموا أنها فتنة!
كيف امرأة تصلي خلفهم وهي جميلة وتفتن الناس، وكان بعض الناس يصلي من الأمام لئلا ينظر إليها وبعضهم يصلي من الخلف لئلا ينظر إليها، يعني صدور هذا من الصحابة! فيه نكارة، وكيف أن النبي يقر هذا الرجل على هذا، وإذا قيل أنه لا يعلم يقال فالله يعلم، الوحي.
وكون الآية نزلت: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24] فيه نظر، الحافظ ذكر أنه غريب منكر، والعجيب أن المؤلف رحمه الله ابن خزيمة يعتمد هذا الحديث في الترجمة.
س: أخرجه الترمذي والنسائي وأحمد
الشيخ: نعم، كلهم أخرجوه، توجد أحاديث ضعيفة أخرجوها، ما التزموا الصحة، يبينون الأسانيد، مثل غيره من الأحاديث الضعيفة.
س: أليس ابن خزيمة [00:12:32]
الشيخ: ابن خزيمة التزم الصحيح، سماه [الصحيح] صحيح ابن خزيمة، وسم به الصحة، فالأصل أنه ما أخرج إلا الصحيح.
س: إسناده؟
الشيخ: إسناده ما هو بصحيح، إسناده مرسل.
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قِيَامِ الْمَأْمُومِ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ إِذَا كَانَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ، إِرَادَة النَّظَرَ إِلَيْهِنَّ أَوْ إِلَى بَعْضِهِنَّ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ الْفِعْلُ صَلَاتَهُ
طالب: هذا في مسلم، كان ذكر هنا في ابن كثير أنه في مسلم، قال: "ورواه مسلم، وأخرجه مسلم وأهل السنن وهذا حديثٌ فيه نكارةٌ شديدة".
الشيخ: كيف أخرجه مسلم وفيه نكارة؟ بهذا اللفظ أم بلفظ آخر؟
طالب: "وكذا رواه أحمد وابن أبي حاتم في تفسيره، ورواه الترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننهما، وابن ماجه من طريقٍ عن نوح بن قيس الحداني، وقد وثقه أحمد وأبو داوود وغيرهما، وحكي عن ابن معين تضعيفه، وأخرجه ...".
الشيخ: كلام من هذا؟
طالب: هذا ابن كثير.
الشيخ: الحافظ؟
طالب: نعم.
الشيخ: هو ذكر ... سبق كلام ...
طالب: قال: وأخرجه مسلم وأهل السنن وهذا الحديث فيه نكارةٌ شديدة.
الشيخ: يُراجع (وأخرجه مسلم)، يمكن ليس في الأصول إن صح، مسلم يخرِج في الأصول ثم يخرِج بعدها، ثم يُخرج بعدها كما ذكر في مقدمته، يراجع.
طالب: فأخرج له مسلم، ممكن الراوي؟
الشيخ: فأخرج له مسلم يعني الراوي ممكن.
طالب: [00:14:34]
الشيخ: وأخرج له، ليس أخرجه، أخرج للراوي، يمكن سقط له، ابحث هل هو في مسلم في المتابعات أو في غيرها؟ ما أظن، ذكره مسلم لكان ذكر المحشي؟ لو كان ذكره مسلم كان ذكره الألباني أو غيره.
طالب: الألباني صحح لابن خزيمة؟
الشيخ: ما ذكره ابن خزيمة، لو كان ذكره كان ذكره الألباني، لعلها: أخرج له، سقطت (له)، (أخرج له مسلم) والحديث مرسل.
طالب: الراوي.
الشيخ: الراوي يعني كونه مرسلاً، النكارة واضحة الآن، وكيف أن النبي يقر الرجل على هذا، ويقر ويكون بعض الصحابة يتقدم أو يتأخر، ويقر هذه المرأة الحسناء أنها تصلي وتفتن الناس عن صلاتهم، وبعضهم يتقدم وبعضهم يتأخر، هذا فيه نكارة في المتن مع الضعف الذي في السند، والإرسال يكون ضعيف في السند ومتنه منكر.
والآية على عمومها، دخول هذه القصة في الآية ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24] فيه نظر، ما كلام الحافظ ابن كثير على الآية؟
طالب: قال السعدي: "يعلم المستقدمين من الخلق والمستأخرين منهم، ويعلم ما تنقص الأرض منهم وما تَفرَّق من أجزائهم، وهو الذي قدرته لا يعجزها معجزة، فيعيد عباده خلقًا جديدًا ويحشرهم إليه، إنه حكيم".
الشيخ: الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- معروف ما يتعارض المعنى في الآية، أراد المستقدمين من الخلق.
طالب: "يعلم المستقدمين من الخلق والمستأخرين منهم، ويعلم ما تنقص الأرض منهم وما تفرَق من أجزائهم، وهو الذي قدرته لا يعجزها معجز، فيعيد عباده خلقًا جديدًا ويحشرهم إليه، إنه حكيم، يضع الأشياء مواضعها، وينزِّلها منازلها، ويجازي كل عامل بعمله، إن خيرًا فخيرًا، وإن شرًا فشرًا".
الشيخ: نعم، هذا عموم الآية: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24] عموم الخلق، أما دخول هذه القصة أنها هي سبب النزول هذا فيه نظر.
طالب: قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره عند قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24]: ثم قال مخبرًا عن تمام علمه بهم ...
الشيخ: هات أول كلام بعد الآية.
طالب: هذا كلامه: ثم قال مخبرًا عن تمام علمه بهم أولهم وآخرهم ...
الشيخ: (ثم قال) هذه من عندك؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا تقل (ثم قال) اقرأ كلام الحافظ.
طالب: هذا كلام الحافظ ابن كثير الذي ورد في الموقع.
الشيخ: كلمة (ثم قال)؟
طالب: ربما تكون مبتورة.
الشيخ: لا،كلمة (ثم قال) هذه موجودة؟
طالب: نعم في التفسير هكذا، "ثم قال مخبرًا عن تمام علمه بهم أولهم وآخرهم، ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ ...﴾"
الشيخ: (ثم) تصير معطوفة على الآيات السابقة.
طالب: "﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما: المستقدمون كل من هلك من لدن آدم عليه السلام، والمستأخرون هم من هو حيٌ ومن سيأتي إلى يوم القيامة، وروي نحوه عن عكرمة ومجاهد والضحاك وقتادة ومحمد بن كعب والشعبي وغيرهم، وهو اختيار ابن جرير -رحمه الله-".
وقال ابن جرير: "حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن رجل عن مروان بن الحكم أنه قال: كان أناسٌ يستأخرون في الصفوف من أجل النساء، فأنزل الله ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24]، وقد ورد في هذا حديثٌ غريبٌ جدًا.
فقال ابن جرير: حدثني محمد بن موسى الحرشي، قال: حدثنا نوح بن قيس، قال: حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-، قال: كانت تصلي خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امرأة، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لا والله ما إن رأيت مثلها قط، وكان بعض المسلمين إذا صلوا استقدموا يعني لئلا يراها، وبعضٌ يستأخر، فإذا سجدوا نظروا إليها من تحت أيديهم، فأنزل الله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24].
وكذا رواه أحمد وأبي حاتم في تفسيره والترمذي والنسائي في كتاب التفسير من سننهما وابن ماجه من طرقٍ عن نوح بن قيس الحداني، وقد وثقه أحمد وأبو داوود وغيرهما، وحُكي عن ابن معين تضعيفه، وأخرج له مسلم وأهل السنن".
الشيخ: هذه (وأخرج له).
طالب: يعني (أخرج له مسلم) غير (روى له مسلم)؟
الشيخ: لا، ما هو روى له، أخرج للراوي، أخرج له غير هذا الحديث.
طالب: "وأهل السنن، وهذا الحديث فيه نكارةٌ شديدة، وقد رواه عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك وهو النُكري أنه سمع أبا الجوزاء يقول في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾[الحجر:24] في الصفوف في الصلاة، والمستأخرين، فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء فقط، ليس فيه لابن عباس ذكر، رضي الله عنهما".
وقال الترمذي: "هذا أشبه من رواية نوح بن قيس والله أعلم، وهكذا رواه ابن جرير عن محمد بن أبي مَعشر عن أبيه أنه سمع عون بن عبد الله يذاكر محمد بن كعب القرضي في قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24] وأنها في صفوف الصلاة، فقال محمد بن كعب: ليس هكذا ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾ الميت والمقتول، و﴿الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ من يُخلق بعد، ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ﴾[الحجر:25]، فقال عون بن عبد الله: وفقك الله وجزاك خيرًا". اهـ.
الشيخ: نعم، ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾[الحجر:24] مثلما قال السعدي، تشمل المستقدمين من الخلق والمستأخرين منهم، ﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ﴾[الحجر:24] عامة مثل ما قال الحافظ المستقدمين من الخلق والمستأخرين، المستقدمين من لدن آدم والمستأخرين إلى يوم القيامة، وتشمل المستقدمين في الصفوف والمستأخرين في الصفوف، لكن هذه القصة الأقرب أن فيها نكارة شديدة مثل ما قال الحافظ "والأقرب أنه من كلام أبي الجوزاء".
وهذه القصة بعيدة، وفيها أن الصحابة ينظرون إذا سجدوا إلى المرأة، هذا ما يمكن، ليس من الصحابة هذا، يسجد سجدة الصلاة وينظر إلى المرأة، الصحابة أتقى لله من ذلك، وفيه أيضًا اضطراب، في الأول قال: (إذا ركع نظر من تحت إبطه)، وهنا قال: (إذا سجدوا)، مرة إذا ركعوا ومرة إذا سجدوا، فيه اضطراب وقال هذا من كلام ابن الجوزاء وليس من كلام ابن عباس -رضي الله عنه-.
طالب: ولن يراها، إذا سجد لن يراها هو.
الشيخ: ماذا يرى وهو ساجد في الصلاة؟ يقول (يرى من تحت إبطه)، ماذا يرى؟ يرى وجهها، سواد؟! نكارة، لا شك أن فيه نكارة شديدة، قال: والأقرب عدم الصحة، وتصحيح الألباني-رحمه الله- ليس بجيد، بل هو ضعيف منكر، أعد، باب ...
بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قِيَامِ الْمَأْمُومِ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ إِذَا كَانَ خَلْفَهُ نِسَاءٌ، إِرَادَة النَّظَرَ إِلَيْهِنَّ أَوْ إِلَى بَعْضِهِنَّ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ خَلْفَهُ مِنَ النِّسَاءِ لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ الْفِعْلُ صَلَاتَهُ
كل هذا مبني على صحة الحديث، والحديث غير صحيح، إذا كان الحديث «خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها»، كافي هذا الحديث في الخيرية، وكافي في التغليظ، أما هذا الحديث فلا يصح ولا يُعتمد، والترجمة اجتهاد منه -رحمه الله-.
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْمَسَاجِدَ كَانَ إِذْ كُنَّ لَا يُخَافُ فَسَادُهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَظَنٌّ لَا بِيَقِينٍ
وهذه الترجمة تؤيد عدم صحة الحديث السابق، إذا كان النساء تُمنع إذا خيف عليها، فكيف الفساد الذي يحصل في الصلاة! هذا فساد في الصلاة، يعني ينظر إليها وهو في الصلاة وبعض الصحابة يتقدم وبعض الصحابة يتأخر خوفًا على نفسه، وهذا ينظر إليها وهو ساجد وهذا ينظر إليها وهو راكع، فإذا كانت تُمنع إذا خيف عليها في الطريق فكيف ما تُمنع هذه المرأة الجميلة التي تصلي خلف الناس ولا تُمنع وهي فتنت الناس في صلاتهم!
هذه أولى، أليس كذلك؟ أولى من كونها تُمنع في الطريق يُخشى عليها في الطريق هذا أولى، هذا حجة على المؤلف هذه الترجمة الثانية، باب ماذا؟
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْمَسَاجِدَ كَانَ إِذْ كُنَّ لَا يُخَافُ فَسَادُهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَظَنٌّ لَا بِيَقِينٍ
فإذا كان يُخشى، تُمنع، إذا كانت تُمنع إذا كان يُخشى عليها، فلها أن تُمنع إذا كانت في المسجد من باب أولى، النبي -صلى الله عليه وسلم- منع من أكل كراثًا أو ثومًا، من أكل الثوم أخرجه، أُخرج من المسجد، فكيف تترك هذه المرأة الجميلة تفتن الناس وليس بين النساء وبين الرجال حاجز! هذا لا يمكن.
ذكر حديث أم حديثين؟
طالب: حديث واحد بعدة طرق.
الشيخ: والترجمة التي بعدها؟
بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ أَحْدَاثِ نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ مُنِعْنَ الْمَسَاجِدَ
طالب: هو أطال في مسائل المساجد والنساء.
الشيخ: المهم حديث هذه الترجمة متعلقة بالترجمة السابقة، ما الترجمة التي قبلها؟
بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ مَنْعِ النِّسَاءِ الْمَسَاجِدَ كَانَ إِذْ كُنَّ لَا يُخَافُ فَسَادُهُنَّ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسَاجِدِ وَظَنٌّ لَا بِيَقِينٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قال: حدثنَا حَمَّادٌ يَعْنِي ابْنَ يَزِيدَ؛ ح وَحدثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قال: حدثنَا سُفْيَانُ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى؛ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: لَوْ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ بَعْدَهُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ، كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ؟ أَوَ مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.
هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي حَدِيثِهِ: قُلْتُ لِعَمْرَةَ: وَمُنِعَ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟
بركة، نعيد إن شاء الله هذا الحديث، المهم أنه يؤيد عدم صحة الحديث السابق.
وفق الله الجميع لطاعته.