الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وأسكنه فسيح جنانه- في كتاب [المختصر]:
جِمَاعُ أَبْوَابِ صَلَاةِ النِّسَاءِ فِي جَمَاعَةٍ
بَابُ تَخْيِيرِ الْإِمَامِ فِي الِانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يَنْصَرِفَ يُمْنَةً، أَوْ يَنْصَرِفَ يُسْرَةً.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، قال: حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، قال: حدثنا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ (ح)، وَحدثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أخبرنَا عِيسَى (حٌ)، وَحدثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حدثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ (حٌ)، وَحدثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، قال: حدثَنَا وَكِيعٌ جَمِيعًا، عَنِ الْأَعْمَشِ، (حٌ) وَحدثَنَا بُنْدَارٌ، قال: حدثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، (حٌ) وَحدثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ-، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَارَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا، لَا يَرَى إِلَّا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ، أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ.
أظنه في الصحيح هذا، قال تخريجه في الصحيحين؟
الطالب: نعم، قال: أخرجه الشافعي في الأم، وفي المسند، وعبد الرزاق، ثم قال: متفقٌ على صحته.
الشّيخ: في الصحيح.
الطالب: وأبو داوود وابن ماجة والنسائي وأبو عوانة والشاشي وابن حبان والطبراني في [الكبير] والبيهقي والبغوي، وقد أُبهِم اسم عمارة عند عبد الرزاق والطبراني.
الشّيخ: متفقٌ عليه كذا عندكم في الصحيحين؟
الطالب: إي، نعم.
الشّيخ: نعم، يكون معلوم.
الأقرب أنّ الصنعاني نقل مذهب الزيدية في هذا، ويدل على ذلك الحديث الذي في صحيح مسلم، حديث عوف بن مالكٍ الأشجعي رواه مسلم في صحيحه، «خِيارُ أئمَّتِكُمُ» يعني الولاة، «الَّذينَ تحبُّونَهُم ويحبُّونَكُم، وتُصلُّونَ علَيهِم ويصلُّونَ علَيكُم، وشرارُ أئمَّتِكُمُ الَّذينَ تبغَضونَهُم ويبغَضونَكُم، وتَلعنونَهُم ويَلعنونَكُم، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ، أفَلا نُنابِذُهُمْ بالسَّيْفِ؟» ما داموا شرارًا يتلاعنون، «قالَ: لا، ألا مَن وليَ علَيهِ والٍ فرآهُ يأتي شَيئًا مِن معصيةِ اللَّهِ، فليَكْرَهْ ما يَأتي مِن معصيةِ اللَّهِ، ولا ينزِعَنَّ يدًا مِن طاعةٍ»، رواه مسلم في صحيحه.
«خِيارُ أئمَّتِكُمُ» يعني الولاة، «الَّذينَ تحبُّونَهُم ويحبُّونَكُم، وتُصلُّونَ علَيهِم ويصلُّونَ علَيكُم»، يعني تدعون لهم ويدعون لكم، «وشرارُ أئمَّتِكُمُ» يعني الولاة، «الَّذينَ تبغَضونَهُم ويبغَضونَكُم، وتَلعنونَهُم ويَلعنونَكُم، قُلنا: يا رسولَ اللَّهِ، أفَلا نُنابِذُهُمْ بالسَّيْفِ؟» ما داموا شرارًا يتلاعنون، «قالَ: لا، ألا مَن وليَ علَيهِ والٍ فرآهُ يأتي شَيئًا مِن معصيةِ اللَّهِ، فليَكْرَهْ ما يَأتي مِن معصيةِ اللَّهِ، ولا ينزِعَنَّ يدًا مِن طاعةٍ»، وهذا صريح هذا، في أصرح من هذا؟
فالظاهر أنّ مثل ما ذكر أنه نقل مذهب الزيدية في هذا الصنعاني -رحمه الله-، عفا الله عنا وعنه.
وهذا الحديث فيه دليل على أنّ الإمام له أنْ ينصرف عن يمينه أو عن يساره، كما جاءت الأحاديث أنّ الإمام إذا سلم يستغفر يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله ثلاثًا، اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، ثم ينصرف إلى المأمومين، من أي جهة ينصرف عن يمينه أو عن يساره؟ لا بأس، ينصرف عن جهة اليمين أو جهة اليسار.
عبد الله بن مسعود يقول: "لا يجعلن أحدكم للشيطان على نفسه سبيلًا"، يعتقد أنه لا يجوز الانصراف إلا عن اليمين، لا، (أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ)، يعني ينصرف عن جهة اليمين أو عن جهة الشمال، الأمر في هذا واسع.
الطالب: انصراف المأموم؟
الشّيخ: لا، هذا الإمام.
الطالب: المأموم؟
الشّيخ: المأموم ما فيه انصراف إلا بعد الخروج، الخروج يخرج جهة قصده، جهة الباب الذي يريد، أمَّا المأموم ما ينصرف، الكلام للإمام الذي ينصرف إلى المأمومين يعطي وجهه للمأمومين، أعد كلام ابن مسعود.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: "لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدُكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسِهِ جُزْءًا، لَا يَرَى إِلَّا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَّا عَنْ يَمِينِهِ، أَكْثَرُ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْصَرِفُ عَنْ شِمَالِهِ.
يعني لا يجعل للشيطان عليه سبيلًا، يعتقد أنه لا يجوز الانصراف إلا عن جهة اليمين، هذا الاعتقاد باطل، بل يجوز عن اليمين أو عن الشمال، أمَّا العمل ما دام تعتقد الجواز فتنصرف عن اليمين أو عن الشمال، الأمر في هذا واسع، لكن لا تعتقد أنه لا يجوز إلا عن اليمين، هذا جعلت من نفسك للشيطان جزءًا.
طالب: قال هنا: "قال العلماء: فإِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ فِي حَقِّهِ فَالْيَمِينُ أَفْضَلُ؛ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِفَضْلِ التَّيَامُنِ"، هذا في الفتح.
الشيخ: قال ماذا؟
طالب: "فقال: إذًا فإِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ فِي حَقِّهِ"؛ لأنه قال: "قال العلماء: يُسْتَحَبُّ الِانْصِرَافُ إِلَى جِهَةِ التي إليه حَاجَتِهِ".
الشّيخ: (حَاجَتِهِ)، يعني إذا كان الانصراف جهة اليمين يكون جهة اليمين، جهة الشمال جهة الشمال، يخرج من هنا جهة اليمين، ويخرج من هنا جهة الشمال، (فإِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ فِي حَقِّهِ).
طالب: "فإِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ فَالْيَمِينُ أَفْضَلُ؛ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِفَضْلِ التَّيَامُنِ كَحَدِيثِ عَائِشَة الْمُتَقَدّم فِي كتاب الطَّهَارَة، قَالَ ابن الْمُنِيِّر فيهِ أَن المندوبات قد تنقلب مَكْرُوهَاتٍ إِذَا رُفِعَتْ عَنْ رُتْبَتِهَا".
الشّيخ: يعني إذا كان يرى أنه ما ينصرف إلا عن شماله، أو مكروه إذا كان استوت الجهتان في حقه، مع ضم حديث عائشة: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُعجِبُه التيمُّنُ في ترجُّلِه وتنعُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّه"، فإذا استوت الجهتان وانصرف عن الشمال صار مكروه، هذا كلام ابن المُنير، محل نظر هذا.
طالب: قال: "لِأَنَّ التَّيَامُنَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ -أَيْ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَة-، لكن لما خشِي ابن مَسْعُودٍ أَنْ يَعْتَقِدُوا وُجُوبَهُ أَشَارَ إِلَى كَرَاهَيتِهِ وَالله أعلم".
الشيخ: أعد الكلام.
طالب: قال العلماء: "يُسْتَحَبُّ الِانْصِرَافُ إِلَى حَاجَتِهِ، لكن قالوا: إِذَا اسْتَوَتِ الْجِهَتَانِ في حقه فَالْيَمِينُ أَفْضَلُ؛ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِفَضْلِ التَّيَامُنِ كَحَدِيثِ عَائِشَة الْمُتَقَدّم فِي كتاب الطَّهَارَة".
قَالَ ابن الْمُنِير: "فيهِ أَن المندوبات قد تنقلب مَكْرُوهَاتٍ إِذَا رُفِعَتْ عَنْ رُتْبَتِهَا؛ لِأَنَّ التَّيَامُنَ مُسْتَحَبٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ -أَيْ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَة-، لكن لما خشِي ابن مَسْعُودٍ أَنْ يَعْتَقِدُوا وُجُوبَهُ أَشَارَ إِلَى كَرَاهَيتِهِ وَالله أعلم".
الشّيخ: وإذا كان ما فيه اعتقاد فالأمر واسع في هذا، المهم لا يكون فيه اعتقاد أنه لا يجوز إلا الانصراف إلا عن اليمين، هذا هو الذي يكون جعل للشيطان لنفسه جزءًا، فإذا زال هذا الاعتقاد فالأمر واسع عن اليمين أو عن الشمال، لكن يقول الحافظ: يكون الانصراف عن اليمين أفضل لعموم حديث عائشة: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- يُعجِبُه التيمُّنُ في ترجُّلِه وتنعُّلِه وطُهورِه، وفي شأنِه كلِّه".
وعلى هذا يكون جهة اليمين أفضل إذا استوت الجهتان، الأفضل أنْ ينصرف إلى جهة قصده، يخرج من الباب جهة اليمين أو من الباب الثاني، فإذا استوت الجهتان يقول الحافظ: الأفضل اليمين، وإذا انصرف عن الشمال يكون مكروه؛ لأنه استوت الجهتان في حقه كما قال ابن المنير، ابن المُنير يقول مكروه كراهة تنزيه، فالأمر في هذا واسع، يعتقد الجواز، الانصراف من الجهتين.
س: ألا يؤيد ما ذهب إليه ابن مسعود -رضي الله عنه- أنّ الصحابة في عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كانوا يفضلون اليمين، قالوا: حتى يقبل علينا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوجهه؟
الشّيخ: إي، أين في هذا؟ يفضلون اليمين، هل هذا في الانصراف من الصلاة أو في غيره؟
الطالب: في استواء الصفوف كانوا يفضلون الميامن حتى يقبل علينا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوجهه.
الشّيخ: ما في هذا، الصحابة يقولون يقبل عليهم بوجهه! متى؟ هل هذا في الصلاة ولا في الحلقة؟ هل هذا في الصلاة ولا في غيرها؟ ما هو بواضح النص.
الطالب: في الاستواء، إذا قال: استووا -أحسن الله إليك- فإنه يلتفت إليهم باليمين.
الشّيخ: ثم الشمال، والشمال كذلك بعدها، فيقبل على هؤلاء بوجهه ويقبل على هؤلاء بوجهه، محتمل.
بَابُ إِبَاحَةِ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ بِوَجْهِهِ بَعْدَ السَّلَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُهُ مَنْ قَدْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَكُونَ مُقَابِلَ الْإِمَامِ إِذَا قَامَ يَقْضِي.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ".
المؤلف بماذا قيدها؟ باب الترجمة، تخريجها؟
الطالب: تخريجها أخرجه مسلم والنسائي وأبو يعلى والبيهقي من طريق [00:12:04] مسلم في هذا الإسناد.
الشيخ: أعد المتن.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ".
الترجمة؟
بَابُ إِبَاحَةِ اسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ بِوَجْهِهِ بَعْدَ السَّلَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُقَابِلُهُ مَنْ قَدْ فَاتَهُ بَعْضُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَكُونَ مُقَابِلَ الْإِمَامِ إِذَا قَامَ يَقْضِي.
يعني إذا فاته شيء من الصلاة ما ينبغي أنْ يكون مقابل الإمام، أمَّا إذا كان لا يقضي فيكون لا بأس أنه يكون مقابل الإمام، يعني كأنه يشبه العابد له، فلذلك لا ينبغي للإنسان أنْ يقابل وهو يصلي شخص يقابله بوجهه، يوليه ظهره ولا يقابله بوجهه.
فالمؤلف قيَّده بهذا، إذا لم يكن فاته شيء، لكن إذا فات وقام والإمام يقابله فصار أمامه صار مواجهه، فإذا لم يكن يقضي فلا بأس يواجهه أنْ يكون المأموم يقابل الإمام.
بَابُ الزَّجْرِ عَنْ مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ بِالِانْصِرَافِ مِنَ الصَّلَاةِ.
حدثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، قال: حدثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، وَحدثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قال: حدثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ كِلَاهُمَا عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنَ الصَّلَاةِ أَقْبَلَ إِلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ، وَلَا بِالْقُعُودِ، وَلَا بِالِانْصِرَافِ، وَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفِي، وَايْمُ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ» هَذَا حَدِيثُ هَارُونَ، لَمْ يَقُلْ عَلِيٌّ: "وَلَا بِالْقُعُودِ"، وَقَالَ: "إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي".
وهذا الحديث حديث صحيح أظنه رواه الشّيخان، في تخريجه قال: رواه الشّيخان، أو مسلم؟
الطالب: مسلم.
الشّيخ: رواه مسلم.
وفي هذا الحديث أنه لا يجوز للمأموم أنْ يسابق الإمام لا في القيام ولا في القعود ولا في الانصراف، والانصراف معناه -وهذا هو الشاهد للترجمة- الانصراف الخروج، يعني يقوم قبل أنْ ينصرف الإمام إلى المأمومين يقوم يخرج من المسجد، الانصراف الخروج من المسجد.
بعض النَّاس مجرد ما يسلم الإمام التسليمة الأولى والثانية يقوم والإمام متجه إلى القبلة، هذا منهي عنه، ينتظر حتى ينصرف الإمام إلى المأمومين ويوليهم وجهه، ثم يقوم، أمَّا أن يبادر، قال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم يقوم، يقوم والإمام متجه إلى القبلة، هذا سبق الإمام في الانصراف.
وفيه دليل على أنه يجب متابعة الإمام في القيام والقعود، والخفض والرفع، ولا يجب مسابقته، وفيه أنه يرى النَّاس من وراء ظهره وهذا من خصائصه -عليه الصلاة والسلام- «وإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وراء ظهري»، «إني إمامكم، وإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وراء ظهري كما أراكم من أمامي».
مسابقة الإمام محرمة لا يجوز مسابقة الإمام، وإذا سبق بركن أو ركنين بطلت الصلاة.
قال في الحديث الآخر: «إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ، وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالِانْصِرَافِ».
في الحديث الآخر: «إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتمَّ به، فإذا كبَّر فكبِّروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجَد فاسجدُوا، وإذا قال: سمِعَ اللهُ لِمَن حمِدَه، فقولوا: ربَّنا ولك الحمد، وإذا صلَّى جالسًا، فصلُّوا جلوسًا أجمعون».
- فالمسابقة محرمة.
- والمتابعة واجبة.
- والموافقة مكروهة.
موافقة الإمام في الركوع والسجود هذا مكروه، والمتابعة هي السُّنَّة، والمسابقة حرام، والتأخر الكثير كذلك لا يجوز، كونه يتأخر على الإمام هذا يخل بالمتابعة، بل يأتي، قال: «فتلك بتلك»، والحديث «إذا ركع فاركعوا»، الفاء تفيد التعقيب مباشرة بعده، بعد انقطاع صوته كما كان الصحابة يفعلون، كانوا إذا انقطع صوت النبي تبعوه في الركوع وفي السجود، وكانوا لا يقومون حتى يقف النبي -صلى الله عليه وسلم- مستويًا قائمًا، ولا يسجدون حتى يقع النبي ساجدًا على الأرض.
فيأتون بالأفعال بعد الأفعال، ولهذا قال: «فتلك بتلك»، يعني مقابل سبق الإمام حينما يركع قبل النَّاس ويسجد قبل النَّاس يقابله تأخر المأموم حتى يقوم عنه، كما أنه الإمام يتقدم في السجود والمأموم يتأخر، فكذلك الإمام يتقدم في الرفع والمأموم يتأخر، وهكذا، «فتلك بتلك».
فالمسابقة محرمة مسابقة الإمام بركن أو ركنين، والموافقة مكروهة، والمتابعة هي السنَّة، والتأخر كذلك لا يجوز، بعض النَّاس يتأخر الإمام في السجود والركوع يدعو يجلس حتى يقوم الإمام، هذا قد يخل بالمتابعة، ما ينبغي التأخر، أنت مرتبط بالإمام، إذا صليت وحدك تطيل ما شئت، لكن إذا صليت مع الإمام فلا بُدَّ من متابعة الإمام.
س: تكون قومته ثقيلة قليلًا؟
الشّيخ: على حسب استطاعته، ما يخالف، لكن لا يتأخر متعمد، بعض النَّاس يتأخر متعمد في السجود وفي الركوع متعمد.
س: عند قول الإمام: ﴿وَلا الضَّالِّينَ﴾[الفاتحة:7] أكثر الناس يقولون: آمين قبل الإمام، هذه تعتبر مسابقة؟
الشّيخ: لا، هذه ليست مسابقة، المسابقة في الركوع والسجود، أمَّا في القراءة يقول: آمين، جاءت النصوص تدل على التأمين، وأنه مجرد ما ينتهي الإمام من قراءة الفاتحة تقول أنت: آمين، سواء وافقت الإمام أو لم توافقه، سبقته في القراءة وفي التأمين.
جاء في حديث: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ، فَأَمِّنُوا»، مجموع الأحاديث تدل على الجواز، وأنه يؤمن بعد انتهاء الإمام من الفاتحة، سواءً أمَّن الإمام أو لا.
س: الموافقة؟
الشّيخ: الموافقة هذا في الركوع والسجود والخفض والرفع، أمَّا والقراءة والتأمين فلا.
الطالب: مايلتفت إلا بعد أن يقول عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لاشريك له في المغرب؟
الشّيخ: يلتفت؟ ما يلتفت؟
الطالب: ما يلتفت للجماعة يتأخر.
الشّيخ: لا، لا، خطأ هذا، هذا خطأ، خطأ كثير، هذا خطأ ما يجوز فعل هذا، يقول: اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فقط، ثم يعطي وجهًا ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
بَابُ نُهُوضِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الصَّلَاةِ.
بركة، وفق الله الجميع.
س: بعض الأئمة يطيل في الجلوس، ولا يلتفت على المأمومين؟
الشيخ: هذا مخالف.
س: هل ينصرفون ويتركونه؟
الشيخ: هذه المسألة إذا حصل للإنسان ضرر بالتأخر، ما ينبغي هذا، المأموم لا ينبغي له أن يخالف، معناه أنه يشق على المأمومين في هذا، هذا ما يفعله، يمكن الإمام ما عنده علم، لو عنده علم ما فعل هذا.
س: بعضهم في الفاتحة يستعجل، لا يمكنك إكمالها إلا وهو راكع، يعني أحيانا يتأخر عن الركوع يكمل؟
الشيخ: يكملها، لكن لا يفوته الركوع، يكملها.
وفق الله الجميع، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.