شعار الموقع

شرح كتاب الجمعة من صحيح ابن خزيمة_3

00:00
00:00
تحميل
67

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في صحيحه في كتاب الجمعة:

بَابُ ذِكْرِ مَنِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرِ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ بِهِدَايَتِهِ إِيَّاهُمْ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَلَهُ الْحَمْدُ كَثِيرًا عَلَى ذَلِكَ، إِذْ قَدْ ضَلَّ عَنْهُ أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَهُمْ بَعْدَ فَرْضِ اللَّهِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْهِدَايَةَ هِدَايَتَانِ عَلَى مَا بَيَّنْتُهُ فِي كِتَابِ «أَحْكَامِ الْقُرْآنِ»

أَحَدُهُمَا: هِدَايَةُ خَاصَّةٌ لِأَوْلِيَائِهِ دُونَ أَعْدَائِهِ مِنَ الْكُفَّارِ، وَهَذِهِ الْهِدَايَةُ مِنْهَا، إِذِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَصَّ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.

وَالْهِدَايَةُ الثَّانِيَةُ بَيَانٌ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ، وَهِيَ عَامٌّ لَا خَاصٌّ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ.

يقول: إن الله هدانا ليوم الجمعة، وأضل عنه اليهود والنصارى، المراد هداية التوفيق.

الهداية هدايتان، بل أربع هدايات:

  • الهداية الأولى: هداية عامة لبني آدم وللطيور وللحيوانات، المذكورة في قوله تعالى: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)﴾[طه:50]، من ذلك: هدى الطفل إلى ثدي أمه، وهدى الطيور إلى أوكارها، ومن ذلك أن الدابة ترفع حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه، هذه هداية عامة للآدميين والحيوانات والطيور، ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)﴾[طه:50]، الطفل مجرد ما يسقط الآن يلتقم ثدي أمه، من الذي هداه؟ الله؛ وكذلك الحيوانات والطيور إلى أوكارها.
  • والثانية هداية خاصة ببني آدم، وهي عامة، هداية الدلالة والإرشاد والبيان، بيَّن الله تعالى طريق الخير وطريق الشر، لقوله: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)﴾[البلد:10]، لقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾[يونس:25]، وهذه عامة، للرسل والدعاة والمصلحون وغيرهم، يملكها النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)﴾[الشورى:52]، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى﴾[فصلت:17]، يعني دللناهم، ومنه قوله تعالى: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10)﴾[البلد:10]، يعني بينا له طريق الخير وطريق الشر، هذه عامة، ومنه قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (25)﴾[يونس:25]، بيان وإيضاح، إقامة الحُجة على الكفرة كلهم، وهذه عامة للمؤمنين وللكفار، لكنها خاصة ببني آدم.

الأولى عامة، للآدميين والحيوانات والطيور وغيرها، والثانية خاصة ببني آدم مؤمنهم وكافرهم.

  • والثالثة هداية التوفيق والتسديد وقبول الخير، كونه يقبل الحق ويختاره، هذه خاصة بالمؤمنين من بني آدم، أخص، الأولى عامة، والثانية أخص، والثالثة أخص، خاصة بالمؤمنين الذين هداهم الله، ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[القصص:56]، يعني لا توفق، هذه أنزلها الله -سبحانه وتعالى- لما مات أبو طالب على الشرك وحزِن عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، سلَّاه الله *+: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾[القصص:56]، وهداه معناها التوفيق والتسديد، وكونه يقبل الحق ويرضاه ويختاره، القلوب بيد الله، لا يملكها إلا الله، لا يملكها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وأما قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)﴾[الشورى:52] هذه هداية الدلالة والإرشاد.
  • الهداية الرابعة تكون في الآخرة، الهداية إلى منازل المؤمن في الجنة، يهديه الله إلى منزله: «فهو أهدى إلى منزله في الجنة منه من منزله في الدنيا»، وكذلك الكفرة كذلك يعرفون منازلهم، هذه هداية الكفار إلى منازلهم، وهداية المؤمنين إلى منازلهم في الجنة.

هذه أنواع الهدايات، فالمؤلف ذكر نوعين:

هداية البيان والإرشاد والدلالة.

وهداية التوفيق والتسديد.

ومنه في هذا الحديث الذي ذكره، إن الله تعالى هدى هذه الأمة ليوم الجمعة، هذه هداية التوفيق والتسديد.

س: [00:05:57]

الشيخ: الجن؟ نعم، الجن مكلفون مثل بني آدم، منهم من هداه الله هداية التوفيق، وهم المؤمنون، ومنهم من هداه الله هداية البيان ولم يؤمن، مثل بني آدم.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلَا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ خَيْرٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، هَدَانَا اللَّهُ لَهُ، وَضَلَّ النَّاسُ عَنْهُ، وَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، فَهُوَ لَنَا، وَالْيَهُودُ يَوْمُ السَّبْتِ، وَالنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، إِنَّ فِيهِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

وهذا فيه فضل الله تعالى ومنته على هذه الأمة، هداهم ليوم الجمعة وما فيه من الفضائل، وضل عنه اليهود والنصارى.

وفيه دليل على أن يوم الجمعة أفضل الأيام، أفضل الأيام يوم الجمعة يعني أفضل أيام الأسبوع، وأفضل أيام السنة يوم النحر، يليه يوم عرفة [00:08:06] السنة، وأما الجمعة فهي أفضل أيام الأسبوع.

وفيه أن الله تعالى هدى هذه الأمة لهذا اليوم وضل عنه اليهود والنصارى.

وفيه إثبات الهداية والإضلال، وأن الهداية والإضلال بيد الله، والله تعالى له الحكمة البالغة، يهدي من يشاء بمنه وفضله، ويضل من يشاء بعدله وحكمته.

وفيه أن يوم الجمعة فيه ساعة الاستجابة، لا يوافقها عبدٌ يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، والساعة جزء من الزمن، وليس المراد بالساعة أنها المعروفة الآن، ستون دقيقة، لا، المراد جزء من الزمن، قد تزيد على الساعة وقد تنقص، ومنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في فتح مكة: «إن مكة أُحلت لي ساعة من نهار»، كانت هذه الساعة من الضحى إلى العصر، سماها ساعة، جزء من الزمن.

ومنه ساعة في الجمعة، يوم الجمعة في الحديث: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة»، ثم إذا دخل الإمام طوى الملائكة الصحف وجلسوا يستمعون الذكر، خمس ساعات، من طلوع الشمس أو من طلوع الفجر إلى دخول الخطيب، وهذه الساعات تكون طويلة في الصيف، وتكون قصيرة في الشتاء، فهي من بعد طلوع الفجر أو من بعد طلوع الشمس، في الصيف تزيد على الساعة ستين دقيقة؛ لأن الصيف طويل، وفي الشتاء قد تكون ستين دقيقة، وتكون أقل، فالمراد جزء من الزمن، وهذا هو الصواب.

وذهب الإمام مالك -رحمه الله- إلى أنها لحظات بعد الزوال، وهذا قولٌ ضعيف، [00:10:22] الإمام مالك يقول هذه الساعات لحظات بعد الزوال، خمس لحظات، قال: إذا زالت الشمس خمس لحظات ثم يدخل الخطيب، هذا قولٌ مرجوح، ضعيف.

طالب: [00:10:35] قائمٌ يصلي؟

الشيخ: «وهو قائم يصلي» استشكل بعض العلماء هذا، فقال له، أُجيب بأن بعد العصر لا توجد صلاة، فكيف «وهو قائمٌ يصلي»؟ قالوا العصر من أرجح الأقوال [00:11:06]، فأجيب بأن منتظر الصلاة في حكم المصلي، وهذه الساعة اختلف فيها العلماء، ذكر الحافظ بن حجر قال: "اختلفوا فيها على أربعين قولًا أمليتها في [فتح الباري]"، أربعين قول، لكن أرجحها قولان:

  • القول الأول: أنها عند صعود الخطيب للمنبر حتى تُقضى الصلاة.

طيب كيف؟ متى يدعو؟

يدعو مثلًا إذا صعد وسلم قبل أن يتكلم، ويدعو بين الخطبتين، ويدعو أيضًا بعد انتهاء الخطبة، ويدعو في الصلاة في السجود، وبين السجدتين، وفي آخر التشهد.

  • والقول الثاني: أنها آخر ساعة بعد العصر.

أرجح الأقوال هذان القولان.

أعد الحديث.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَلَا غَرَبَتْ عَلَى يَوْمٍ خَيْرٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، هَدَانَا اللَّهُ لَهُ، وَضَلَّ النَّاسُ عَنْهُ، وَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ، فَهُوَ لَنَا، وَالْيَهُودُ يَوْمُ السَّبْتِ، وَالنَّصَارَى يَوْمُ الْأَحَدِ، إِنَّ فِيهِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ». فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

والحديث صحيح، أخرجه الشيخان وغيرهما، ماذا قال تخريجه؟

طالب: قال: "صحيحٌ، أخرجه ابن الجعد وأحمد والنسائي في [عمل اليوم والليلة]، وفي الكبرى له، والبيهقي".

الشيخ: ما ذكره في الصحيح؟

طالب: لا.

الشيخ: «فِيهِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ».

طالب: [00:14:16]

الشيخ: الحديث صحيح.

جُمَّاعُ أَبْوَابِ فَضْلِ الْجُمُعَةِ

بَابٌ فِي ذِكْرِ فَضْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَنَّهَا أَفْضَلُ الْأَيَّامِ، وَفَزَعِ الْخَلْقِ غَيْرِ الثَّقَلَيْنِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُخْتَصَرٍ غَيْرِ مُتَقَصًّى

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ، ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ الْمَدَنِيَّ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ بُنْدَارٌ: عَنِ الْعَلَاءِ، وَقَالَ: أَبُو مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ، ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ بِيَوْمٍ وَلَا تَغْرُبُ أَفْضَلَ أَوْ أَعْظَمَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ لَا تَفْزَعُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا هَذَيْنِ الثَّقَلَيْنِ: الْجِنَّ وَالْإِنْسَ». قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَابْنُ بَزِيعٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ: «عَلَى يَوْمٍ أَفْضَلَ»، وَلَمْ يَشُكُّوا.

فيه دليل على فضل يوم الجمعة وأنه أفضل الأيام، وما من دابة إلا فزعة لأنها تخشى قيام الساعة، لأن الساعة إنما تقوم يوم الجمعة عند الفجر قبل طلوع الشمس، فيه تقوم الساعة.

في الحديث الآخر: «من خير أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِق آدم، وفيه أهبط، وفيه أدخل الجنة، وفيه تقوم الساعة»، وفيه النفخ والصعق، ماذا قال عليه؟

طالب: أطال في التخريج، لكن قال: حديثٌ متفقٌ عليه.

الشيخ: اقرأ الكلام.

طالب: صحيحٌ، أخرجه أحمد والنسائي في [الكبرى] كما في [تحفة الأشراف] من طريق شعبة عن العلاء بهذا الإسناد، وأخرجه النسائي في [الكبرى] كما في [تحفة الأشراف]، والطحاوي في [شرح معنى الآثار]، وابن حبان من طريق روح بن القاسم عن العلاء بهذا الإسناد، وأخرجه عبد بن حميد والنسائي وأبو يعلى وابن حبان والبغوي من طرقٍ عن العلاء بن عبد الرحمن بهذا الإسناد، وأخرجه عبد الرزاق وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي وفي الكبرى له، وأبو يعلى والطحاوي في [شرح معنى الآثار]، والبيهقي من طريق أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة به، وأخرجه الدارمي والنسائي في [الكبرى] وأبو يعلى والطحاوي في شرح معنى الآثار من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد والبخاري والنسائي وفي [الكبرى] له من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي عبد الله الأغر مقرونين به، وأخرجه الحميدي وأحمد ومسلم وابن ماجه والنسائي في [الكبرى] له، والطحاوي في شرج [معنى الآثار]، والبيهقي من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به، وأخرجه مالكٌ في الموطأ برواية الليث، وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وفي [الكبرى] له، والبيهقي من طريق أبي صالح عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد والنسائي في [الكبرى] من طريق أبي عبد الله إسحاق مولى زائدة به، وسيأتي عند الأحاديث.

بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُتَقَصَّى لِلَّفْظَةِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي تَفْزَعُ الْخَلْقُ لَهَا مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ هِيَ خَوْفُهُمْ مِنْ قِيَامِ السَّاعَةِ فِيهَا إِذِ السَّاعَةُ تَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "غَلَطْنَا فِي إِخْرَاجِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُرْسَلٌ، مُوسَى بْنُ أَبِي عُثْمَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَبُوهُ أَبُو عُثْمَانَ التَّبَّانُ، رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَارًا سَمِعَهَا مِنْهُ".

أعد السند.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

يعني [00:20:49] منقطع، شرط ابن خزيمة أن يكون صحيح، هو سماه صحيح، والمنقطع ضعيف، ولذا قال: (غَلَطْنَا فِي إِخْرَاجِه).

طالب: قال الحافظ: كأنه سقط من نسخته (عن أبيه)، فقد رواه الحاكم من حديث ابن وهب بهذا الإسناد فقال فيه: عن أبيه.

الشيخ: هذا كلام من؟

طالب: [00:21:14]

الشيخ: حاشيته [00:21:18]

طالب: ؟؟؟

الشيخ: ماذا يقول؟

طالب: كأنه سقط من نسخته (عن أبيه)، فقد رواه الحاكم من حديث ابن وهب بهذا الإسناد فقال فيه: عن أبيه.

الشيخ: لكن ابن خزيمة يقول: (غَلَطْنَا)، لو كان سقط ما قال غلطنا، ما يرى أنه سقط.

طالب: قال (غَلَطْنَا فِي إِخْرَاجِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُرْسَلٌ).

الشيخ: تكلم عليه في الحاشية؟ ماذا قال؟

طالب: قال: "إسناده ضعيف لانقطاعه كما سيشرحه المصنف، وأخرجه الحاكم والبيهقي في [شعب الإيمان]، وأخرجه الشافعي في الأم وفي المسند له بتحقيقي، وابن أبي شيبة والبيهقي في [المعرفة] مرسلا عن سعيد بن مسيب".

الشيخ: هنا يقول قال الحافظ في الفتح؟ قال الحافظ ماذا؟

طالب: كأنه سقط من نسخته (عن أبيه)، فقد رواه الحاكم من حديث ابن وهب بهذا الإسناد فقال فيه: عن أبيه.

طالب: لكن الحكم عليه، ما له حكم؟

طالب: [00:22:44]

الشيخ: هنا حكم خاص، إذا زال المحذور، يحتمل أن ابن خزيمة ما اطلع على رواية ابن أبي إسحاق في الحاكم.

طالب: هو في مسلم بدون كلمة (سَيِّدُ الْأَيَّامِ).

الشيخ: أعد المتن.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ».

كل هذه الأشياء ثابتة، آدم خلق يوم الجمعة، وفيه أدخل الجنة، وأهبط منها يوم الجمعة، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة، يوم الجمعة بعد الفجر وقبل طلوع الشمس موعد قيام الساعة، ولهذا ما من دابة إلا أنها مصيخة حتى تطلع الشمس، وابن آدم في [00:24:18]

س: يعني قيامها بعد صلاة الفجر؟

الشيخ: نعم.

أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُصْعَبٍ يَعْنِي الْقُرْقُسَانِيَّ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَرُّوخَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ».

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي قَوْلِهِ: «فِيهِ خُلِقَ آدَمُ» إِلَى قَوْلِهِ: «وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ»، أَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ؟ قَدْ خَرَّجْتُ هَذِهِ الْأَخْبَارَ فِي كِتَابِي الْكَبِيرِ: مَنْ جَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ رِوَايَةً مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ جَعَلَهُ عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَالْقَلْبُ إِلَى رِوَايَةِ مَنْ جَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ كَعْبٍ أَمْيَلُ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُسْكِنَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلْ شَيْءٌ حَدَّثَنَاهُ كَعْبٌ وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، وَشَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ؟ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ»، فَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَكَّ وَلَا مِرْيَةَ فِيهِ، وَالزِّيَادَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: فِيهِ خُلِقَ آدَمُ إِلَى آخِرِهِ؛ هَذَا الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ كَعْبٍ.

فيه خلق آدم، وفيه أخرج منها، كل هذا [00:27:18] أن هذا من رواية أبي هريرة عن كعب الأحبار، لا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ماذا قال المحشي عليه؟

طالب: قال: "صحيح من غير هذا الوجه، وأخرجه أحمد من طريق عبد الله بن فروخ عن أبي هريرة به، وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وفي [الكبرى] له، وفي [عمل اليوم والليلة]، والبيهقي والبغوي من طرقٍ عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد من طريق محمد بن مسلمة الأنصاري عن أبي سعيد وعن أبي هريرة مقرونين".

الشيخ: ما تكلم على كلام المؤلف في الأخبار؟ في النسخة الثانية ماذا قال؟

طالب: قال: "قلت: الحديث كله صحيح مرفوعًا بلا ريب، ويكفي أن مسلما أخرجه من طريق الأعرج عن أبي هريرة، ورواه المصنف من طريقين آخرين عنه، فلعل العلة من يحيى، فإنه مدلس، وللمرفوع شاهد من حديث ابن أوس في [صحيح أبو داود] وسيسوقه المصنف مختصرًا".

الشيخ: هو ثابت، ليس [00:28:41] كعب الأحبار، «فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ» كل هذا ثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

بَابُ صِفَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَأَهْلِهَا ...

بركة.

 

 

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد