الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه ومشائخه والمسلمين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
جُمَّاعُ أَبْوَابِ الطِّيبِ، وَالتَّسَوُّكِ، وَاللُّبْسِ لِلْجُمُعَةِ
بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِذْ مِنَ الْحُقُوقِ عَلَى الْمُسْلِمِ التَّطَيُّبِ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لَهُ
يعني من الحقوق المستحبة، وليس من الحقوق الواجبة.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ يُحَدِّثُ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ كُلَّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَهُ».
هذا مستحب في يوم الجمعة، أن يغتسل، عند جمهور العلماء.
وذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه واجب، وأنه يأثم إذا لم يغتسل إذا جاء الجمعة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصحيح: «غُسل الجمعة واجب على كل محتلم»، أي بالغ.
وذهب آخرون إلى أنه واجب على أهل المهن والحِرف، لحديث عائشة: كان الناس يأتون إلى الجمعة وهم بعملون بأنفسهم، فتظهر منهم الريح، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لو اغتسلتم!».
وفي كل حال ينبغي لمن أتى الجمعة أن يغتسل، وأن يعتني بالغسل ولا يخل به، وكذلك الطيب، كله مستحب، وأن يلبس أحسن ثيابه ويتطيب، كل هذا مستحب، ويستاك بالسواك، هذه مستحبات في يوم الجمعة.
بَابُ فَضِيلَةِ التَّطَيُّبِ، وَالتَّسَوُّكِ، وَلُبْسِ أَحْسَنَ مَا يَجِدُ الْمَرْءُ مِنَ الثِّيَابِ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَتَرْكِ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ، وَالتَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ بِمَا قَضَى اللَّهُ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَالْإِنْصَاتِ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ حَتَّى تُقْضَى الصَّلَاةُ
كل هذه لا بد منها، التطيب، والسواك، [00:02:50]، وعدم تخطي رقاب الناس، هذه مهمة، تخطي رقاب الناس هذا أمرٌ عظيم، فيه أذية للناس، عدم تخطي الرقاب والصلاة، له أن يصلي حتى يخرج الإمام، يصلي ما شاء.
وليس للجمعة قبلها سنةٌ راتبة، ولكنها تطوع لمن شاء إلى خروج الإمام، له أن يصلي إلى أن يخرج الإمام.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ قَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْتَنَّ وَمَسَّ مِنَ الطِّيبِ إِنْ كَانَ عِنْدَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يَتَخَطَّ رِقَابَ النَّاسِ، ثُمَّ رَكَعَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْكَعَ، ثُمَّ أَنْصَتَ إِذَا خَرَجَ إِمَامُهُ حَتَّى يُصَلِّيَ كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا».
يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ زِيَادَةً، إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا.
نعم، لقوله تعالى: ﴿مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا﴾[الأنعام:160]، فإذا جاء بهذه الشروط، غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام، الأفضل [00:04:29] عشرة أيام، أن يبكر، وأن يتطيب، يغتسل، يلبس أحسن ثيابه، ولا يتخطى رقاب الناس، ويصلي، وينصت إذا خرج الإمام، بهذه الشروط، غفر الله له ما بينه وبين الجمعة ...
والمراد غفران الصغائر، أما الكبائر فلا بد لها من توبة، الكبائر كالزنا، والسرقة، وشرب الخمر، عقوق الوالدين، قطيعة الرحم، والتعامل بالربا، وأكل الرشوة، وأذية الناس في دمائهم [00:05:08] وأموالهم وأعراضهم، هذه كبائر لا بد لها من توبة، يقول الله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)﴾[النساء:31]، قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الذي رواه مسلم [00:05:20]: «الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر».
أما إذا لم يجتب الكبائر تبقى عليه الكبائر والصغائر، وإن كان يتابع العمل.
بَابُ فَضِيلَةِ الِادِّهَانِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالتَّجْمِيعِ بَيْنَ الِادِّهَانِ وَبَيْنَ التَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
طالب: عندي (والتَّخَيُّر ِبَيْنَ الِادِّهَانِ وَبَيْنَ التَّطَيُّبِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ).
الشيخ: ماذا عندك؟
طالب: (وَالتَّجْمِيعِ بَيْنَ الِادِّهَانِ وَبَيْنَ التَّطَيُّبِ)
الشيخ: محتمل، يعني يختار إما الادهان وإما التطيب، يدَّهن بالدهن، نوع من الطيب، يدَّهن أو يتطيب بغير الدهن، أو يجمع بينهما، محتمل، على حسب ما ورد في الأحاديث.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَدِيعَةَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ الْغُسْلَ، ثُمَّ لَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ، ثُمَّ مَسَّ مِنْ دُهْنِ بَيْتِهِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، أَوْ مِنْ طِيبِهِ، ثُمَّ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، كَفَّرَ اللَّهُ عَنْهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا».
قَالَ سَعِيدٌ: فَذَكَرْتُهَا لِعُمَارَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ: صَدَقَ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
هذا فيه إيزاع أنه يتخير، ادَّهن من بيته أو تطيب، جعله على التخيير، إما هذا وإما هذا، [00:07:24] الرجوع بينهما، إما أن يدَّهن وإما أن يتطيب بغير الدهن، لأن الدهن نوع من الطيب فيه رطوبة أكثر، يسوي فيه البخور أو دهن العود أو ماء الورد، الأطياب المعروفة، أي نوع منها.
أما الكولونيا ليست من الطيب، يتضمخ بعض الناس بالكولونيا، هذا معقم جروح، ورائحته ليست طيبة، [00:07:58]، ومنع منه جمعٌ من أهل العلم، قالوا إنه مسكر، وإذا كان مسكرًا، خمر، فهو نجس إذا كثُر، فلا ينبغي لك ... الشيخ حمد الشنقيطي في [00:08:13] قال: "لا ينبغي للمسلم أن يتضمخ بالكولونيا ثم يذهب إلى الجمعة".
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "قَالَ لَنَا بُنْدَارٌ: أَحْفَظُهُ مِنْ فِيهِ، وَعَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا عِنْدِي وَهْمٌ، وَالصَّحِيحُ: عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ".
المحشي تكلم عليه؟
طالب: لم يتكلم عنه.
الشيخ: نعم، تكلم عن الأحاديث كلها؟
طالب: تخريج الحديث: ذكر أن الحديث صحيح، وقد توبع ابن عجلان، وأخرجه أحمد من طريق الليث به، وأخرجه الحميدي عن ابن عجلانٍ به، وسيأتي.
بَابُ اسْتِحْبَابِ اتِّخَاذِ الْمَرْءِ فِي الْجُمُعَةِ ثِيَابًا سِوَى ثَوْبَيِ الْمِهْنَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَرَأَى عَلَيْهِمْ ثِيَابَ النِّمَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِنْ وَجَدَ سَعَةً أَنْ يَتَّخِذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ؟».
الثوبين: الإزار، والرداء، لأن العرب كانوا يلبسون الأُزُر والأردية، وغيرهم يلبسون القُمص أحيانًا، فإذا كانوا يلبسون الإزار والرداء، يتخذ إزار ورداء نظيفين للجمعة، غير الإزار والرداء [00:10:55]، وكذلك إذا كان يلبس قميص، يلبس قميص في الجمعة جديد أو مغسول، غير ما يلبسه في باقي أيام الأسبوع.
ماذا قال على الحديث؟
طالب: قال: "إسناده ضعيف بسبب عمرو بن أبي سلمة، وروايته عن زهير ضعيفة، قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل: روي عن زهير بن محمد أباطيل، ثم إن شيخه زهير بن محمد التميمي رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، ضعف بسببها. قال البخاري عن أحمد بن حنبل: كأن زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر. وقال أبو حاتم: حدَّث بالشام من حفظه، فكثُر غلطه. وبعضهم قوى هذا الحديث بشاهد مرسل عند أبي داود، أخرجه ابن حبان من طريق المصنف، وأخرجه ابن ماجه من طريق محمد بن يحيى به".
الشيخ: السند؟
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ زُهَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ
الشيخ: على كل حال، كونه يلبس ثوب جديد هذا في الأحاديث الأخرى، الأحاديث السابقة، [00:12:47]، الحديث إن كان ضعيف، لكنه يلبس ثيابًا جديدة ثابت في الأحاديث الصحيحة السابقة.
بَابُ اسْتِحْبَابِ لُبْسِ الْحُلَلِ فِي الْجُمُعَةِ إِنْ كَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
(الْجُبَّةِ)، ماذا عندك؟
طالب: (الْحُلَلِ).
الشيخ: تأتي في الحاشية، نعم.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ».
والحُلة مكونة من قطعتين: قطعة للنصف الأسفل، وقطعة للنصف الأعلى، مثل الإزار والرداء، مثل قميص وفوقها مثلًا (كوت أو فانيلة) وما أشبه ذلك، الحُلة مكونة من شيئين، ظاهره حُلَّة هنا، وليست جُبة، ماذا قال عليه؟
طالب: إسناده ضعيف، فإن الحجاج وهو ابن أرطاة كثير الخطأ والتدليس، وقد عنعن، أخرجه ابن سعد في طبقاته، وأبو الشيخ في [أخلاق النبي]، والبيهقي.
ثم ذكر: "في نسخة: جُبَّة".
الشيخ: أعد السند.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ، وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ».
يعني لا يصلح، لأنه ثابت في قصة عمر أنه قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: "أرى حلة من [00:15:04] تُباع، لو اشتريتها يا رسول الله تلبسها في العيد أو في الجمعة؟"، قال: «إنَّما يَلْبَسُ هذِه مَن لا خَلَاقَ له»، لكن كونه يلبس حُلة -صلى الله عليه وسلم-، فهذا يحتاج إلى دليل، هذه حُلة نوع خاص من اللباس، وكونه [00:15:25] أو جُبة، الجبة ثبت أنه لبس جبة شامية في تبوك، قصة وضوئه مع المغيرة بن شعبة، وأنه لما أراد أن يتوضأ، يغسل يديه، [00:15:45] كمه، فأخذ ذراعيه من تحت وغسلهما.
على كل حال اللباس يوم الجمعة يلبس ما يشاء من اللباس الخاص بالرجال، سواء حُلة أو ثياب، يلبس ثيابًا جميلة على عادة أهل زمانه وأهل بلده.
جُمَّاعُ أَبْوَابِ التَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَالْمَشْيِ إِلَيْهَا
بَابُ فَضْلِ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ مُغْتَسِلًا، وَالدُّنُوِّ مِنَ الْإِمَامِ، وَالِاسْتِمَاعِ، وَالْإِنْصَاتِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ح، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ غَدَا وَابْتَكَرَ، وَجَلَسَ مِنَ الْإِمَامِ قَرِيبًا، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا». هَذَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى.
(كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ) أو كان له بكل خطوة؟
طالب: (كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا).
الشيخ: في أبو داود: (كان له بكل خطوة)، أعد.
بَابُ فَضْلِ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ مُغْتَسِلًا، وَالدُّنُوِّ مِنَ الْإِمَامِ، وَالِاسْتِمَاعِ، وَالْإِنْصَاتِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، ح، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ، ثُمَّ غَدَا وَابْتَكَرَ، وَجَلَسَ مِنَ الْإِمَامِ قَرِيبًا، فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا». هَذَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى.
وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ: «كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ أَجْرُ سَنَةٍ صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا».
ماذا قال على تخريجه؟
طالب: قال: "صحيح، أخرجه أحمد والترمذي من طريق عبد الله بن عيسى عن يحيى به".
الشيخ: ذكر أخرجه أبو داود؟
طالب: لم يذكر.
طالب: [00:18:28]
الشيخ: هذا خبرٌ عظيم، وذاك لأن خطبة الجمعة هي موعظة الأسبوع، فإذا اغتسل وبكر ودنا ولم يلغُ، ولم يفرق بين اثنين، واستمع الخطبة، كان له هذا الأجر، كان له بكل خطوة أجر سنة، صيامها وقيامها.
بَابُ تَمْثِيلِ الْمُهَجِّرِينَ إِلَى الْجُمُعَةِ فِي الْفَضْلِ بِالْمُهْدِينَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ بِالتَّهْجِيرِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ إِبْطَائِهِ
(الْمُهَجِّرِينَ) يعني المبكرين، الذين يبكرون للجمعة تمثيلهم (بِالْمُهْدِينَ)، من جاء في الساعة الأولى كأنما أهدى بدنة، ومن جاء في الساعة الثانية كأنما قرب بقرة، ومن جاء في الساعة الثالثة كأنما قرب كبشًا، ومن جاء في الساعة الرابعة كأنما قرب دجاجة، ومن جاء في الساعة الخامسة كأنما قرب بيضة.
خمس ساعات، ثم يخرج الإمام في الساعة السادسة، تبدأ هذه الخمس ساعات من طلوع الشمس أو من طلوع الفجر، إلى خروج الإمام، وهي ساعات طويلة في الصيف، وقصيرة في الشتاء، قد تكون في الصيف ساعة وربع أو زيادة، وفي الشتاء قد تقصر عن الساعة، المراد بالساعة جزء من الزمن، وليس المراد الساعة ستين دقيقة المعروفة عندنا الآن.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ أَبُو هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا مُبَشِّرٌ يَعْنِي ابْنَ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْمُسْتَعْجِلُ إِلَى الصَّلَاةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً، وَالَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً، وَالَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي شَاةً، وَالَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي طَيْرًا».
[00:20:55] طيرًا، والذي يليه يهدي بيضة، المؤلف كأنه اختصر، ما أتم الأحاديث الأخرى، ماذا قال عليه؟
طالب: صحيح، أخرجه الدارمي من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد والبخاري والنسائي، وفي الكبرى له من طريق أبي سلمة وعبد الله بن الأغر مقرونين عن أبي هريرة به، وأخرجه الطيالسي وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم والنسائي، وفي الكبرى له، والبيهقي من طريق عبد الله بن الأغر عن أبي هريرة به.
الشيخ: لكن بقية الحديث اقتصر المؤلف -رحمه الله-، ما ذكره.
طالب: سيأتي.
بَابُ ذِكْرِ جُلُوسِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِكِتَابَةِ الْمُهَجِّرِينَ إِلَيْهَا عَلَى مَنَازِلِهِمْ، وَوَقْتِ طَيِّهِمْ لِلصُّحُفِ لِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ؛ وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَائِكَةٌ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ، طُوِيَتِ الصُّحُفُ».
وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: «فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوَا الصُّحُفَ»، وَقَالَا جَمِيعًا: «وَاسْتَمَعُوا الْخُطْبَةَ، فَالْمُهَجِّرُ إِلَى الصَّلَاةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَمُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَمُهْدِي كَبْشًا»، حَتَّى ذَكَرَ الدَّجَاجَةَ وَالْبَيْضَةَ.
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ: كَمُهْدِي الْبَقَرَةِ، وَقَالَ: كَمُهْدِي الْكَبْشِ.
المُهدي: المقرِّب إلى الله، يتصدق ويتقرب به إلى الله، تقرب به يعني [00:23:20] بالكبش إلى الله، وذبح الكبش أو ذبح البعير، وتصدق به، وتقرب به إلى الله.
بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ مَنْ يَقْعُدْ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِكِتَابَةِ الْمُهَجِّرِينَ إِلَيْهَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الِاثْنَيْنِ قَدْ يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ جَمَاعَةٍ، إِذِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَوْقَعَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ اسْمَ الْمَلَائِكَةِ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ -يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ-، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ؛
ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْعَلَاءِ؛
ح وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ الْعَلَاءَ؛
ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ -يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ الْأَوَّلَ، فَالْأَوَّلَ، كَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَقَرَةً، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ شَاةً، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ طَيْرًا، وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَيْضَةً؛ فَإِذَا قَعَدَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ».
وَقَالَ بُنْدَارٌ: فَإِذَا قَعَدَ طُوِيَتِ الصُّحُفُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ: قَدَّمَ طَائِرًا.
قَالَ ابْنُ بَزِيعٍ: فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ.
ماذا قال عليه؟
طالب: تقدم تخريجه.
الشيخ: كلها أحاديث صحيحة، نعم.
بَابُ ذِكْرِ دُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ لِلْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ طَيِّهِمُ الصُّحُفَ
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا مَطَرٌ؛
ح وَحَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنِي هَمَّامٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «تُبْعَثُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَكْتُبُونَ مَجِيءَ النَّاسِ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ طُوِيَتِ الصُّحُفُ، وَرُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا حَبَسَ فُلَانًا؟ فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ ضَالًّا فَاهْدِهِ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَاشْفِهِ، وَإِنْ كَانَ عَائِلًا فَأَغْنِهِ».
هَذَا حَدِيثُ الْمُقْرِئِ.
وَقَالَ الْقُطَعِيُّ: قَالَ: «تَقْعُدُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ»، وَقَالَ أَيْضًا: «يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ ضَالًّا فَاهْدِهِ، وَإِنْ كَانَ ...» إِلَى آخِرِهِ.
حديث عمرو بن شعيب قف عليه.