الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في كتابه الصحيح:
جِماعُ أبوابِ الأذَانِ والخُطبَةِ في الجُمُعَةِ:
بَابُ ذِكْرِ أَنَّ مَوْضِعَ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْخُطْبَةِ، كَانَ قَبْلَ اتِّخَاذِهِ الْمِنْبَرَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ عَلَى الأَرْضِ جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ صُعُودِ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
المنبر صُنع له من خشب، صنعته له امرأة، كما سيأتي.
وَالْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ.
حتى يرتفع، ويُشرِف ويراه الناس ويسمعون كلامه، هذا هو الحكمة من كونه على مكان مرتفع.
إِذْ هُوَ أَحْرَى أَنْ يَسْمَعَ النَّاسُ خُطْبَةَ الإِمَامِ إِذَا كَثُرُوا إِذَا خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
نعم، ليس عندهم مكبرات صوت.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى، يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنِ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ ابْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ خَشَبٍ، أَوْ جِذْعٍ، أَوْ نَخْلَةٍ -شَكَّ الْمُبَارَكُ- فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ، قَالَ: ابْنُوا لِي مِنْبَرًا، فَبَنَوْا لَهُ الْمِنْبَرَ، فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ، حَنَّتِ الْخَشَبَةُ حَنِينَ الْوَالِهِ، فَمَا زَالَتْ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمِنْبَرِ، فَأَتَاهَا فَاحْتَضَنَهَا، فَسَكَنَتْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَالِهُ: يُرِيدُ بِهَا الْمَرْأَةَ إِذَا مَاتَ لَهَا وَلَدٌ.
الله أكبر! يعني كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب على خشبة، فلما بُني له المنبر وتركها جعلت تبكي بكاء الواله، يعني الواله على الطفل، فجاء النبي -صلى الله عليه وسلم- واحتضنها، وجعل يسكتها حتى سكنت، وهذا مما جعله الله فيها كما جعل في الجبال، قال: ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾[البقرة:74]، والله على كل شيء قدير، جعل فيها إحساس، حتى جعلت تبكي بكاء الصبي، نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يُخفضها ويُسكتها حتى سكتت.
وتبكي لأنه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- [00:03:54] عليها، فلما بعد عنها بكت، ما الترجمة الأولى؟ أعد.
بَابُ ذِكْرِ أَنَّ مَوْضِعَ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْخُطْبَةِ، كَانَ قَبْلَ اتِّخَاذِهِ الْمِنْبَرَ.
وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُطْبَةَ عَلَى الأَرْضِ جَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ صُعُودِ الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاتِّخَاذِ الْمِنْبَرِ؛ إِذْ هُوَ أَحْرَى أَنْ يَسْمَعَ النَّاسُ خُطْبَةَ الإِمَامِ إِذَا كَثُرُوا إِذَا خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ.
اقرأ الحديث.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قال: أَخْبَرَنَا عِيسَى، يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ، عَنِ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ ابْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُومُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ خَشَبٍ، أَوْ جِذْعٍ، أَوْ نَخْلَةٍ -شَكَّ الْمُبَارَكُ- فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ، قَالَ: ابْنُوا لِي مِنْبَرًا، فَبَنَوْا لَهُ الْمِنْبَرَ، فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ، حَنَّتِ الْخَشَبَةُ حَنِينَ الْوَالِهِ، فَمَا زَالَتْ حَتَّى نَزَلَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمِنْبَرِ، فَأَتَاهَا، فَاحْتَضَنَهَا، فَسَكَنَتْ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الْوَالِهُ: يُرِيدُ بِهَا الْمَرْأَةَ إِذَا مَاتَ لَهَا وَلَدٌ.
الشيخ: فيه رواية الحسن عن أنس، تكلم عليه، أنس -رضي الله عنه- طالت حياته حتى جاوز المائة [00:06:15]
طالب: قال: "صحيح فقد توبع المبارك ابن فضالة، وأخرجه أحمد، وأبو يعلى، وابن حبان، والبيهقي في [دلائل النبوة] من طريق المبارك عن الحسن عن أنس به، وأخرجه الطبراني والضياء في [المختارة] من طريق يزيد بن إبراهيم التُّستري عن الحسن عن أنس.
والوله: ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد".
الشيخ: الحسن وُلد في آخر خلافة عمر -رضي الله عنه-، أنس طالت حياته -رضي الله عنه-، والمبارك بن فضالة فيه كلام.
طالب: جاء في بعض طرق الحديث زيادة نصها، قال المبارك بن فضالة: وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى، ثم قال: يا عباد الله، الخشبة تحن إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شوقًا إليه لمكانه من الله، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.
الشيخ: الحسن البصري -رضي الله عنه- كان واعظًا، معروف بالوعظ، مشهور بوعظه.
بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا حَنَّ الْجِذْعُ عِنْدَ قِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، وَصِفَةِ مِنْبَرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَعَدَدِ دَرَجَهِ، وَالاِسْتِنَادِ إِلَى شَيْءٍ إِذَا خَطَبَ عَلَى الأَرْضِ.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قال: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، قال: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى جِذْعٍ مَنْصُوبٍ فِي الْمَسْجِدِ فَيَخْطُبُ.
فَجَاءَ رُومِيٌّ فَقَالَ: أَلاَ نَصْنَعُ لَكَ شَيْئًا تَقْعُدُ وَكَأَنَّكَ قَائِمٌ؟ فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا لَهُ دَرَجَتَانِ، وَيَقْعُدُ عَلَى الثَّالِثَةِ، فَلَمَّا قَعَدَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ خَارَ الْجِذْعُ خُوَارَ الثَّوْرِ.
يعني خرج له صوت خوار.
فَلَمَّا قَعَدَ نَبِيُّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ خَارَ الْجِذْعُ خُوَارَ الثَّوْرِ حَتَّى ارْتَجَّ الْمَسْجِدُ بِخُوَارِهِ حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَنَزَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمِنْبَرِ، فَالْتَزَمَهُ وَهُوَ يَخُورُ، فَلَمَّا الْتَزَمَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ أَلْتَزِمْهُ مَا زَالَ هَكَذَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» حُزْنًا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدُفِنَ، يَعْنِي الْجِذْعَ.
وَفِي خَبَرِ جَابِرٍ: فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ هَذَا بَكَى لِمَا فَقَدَ مِنَ الذِّكْرِ».
الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟
طالب: قال: "صحيح، أخرجه الدارمي، والترمذي، والطحاوي في [مشكل الآثار]، والبيهقي في دلائل النبوة من طريق عمر بن يونس عن عكرمة به".
الشيخ: هذا من الآيات والدلائل على قدرة الله تعالى ووحدانيته، هذا الجذع جماد، جعل الله فيه هذا الإحساس، ولما صار فيه هذا الإحساس عامله النبي -صلى الله عليه وسلم- معاملة الآدميين، أمر بدفنه؛ لأن صار عنده إحساس مثل الآدمي.
الحجارة جعل الله فيها، كما قال الله: ﴿وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ﴾ [البقرة:74]، فواعجبًا لقلوب أقسى من الحجارة، قلوبنا قلوب بني آدم أقسى من الحجارة، الحجارة تلين، وقلوب كثير من الناس لا تلين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا تلين للحق، ولا تذعن للحق، نسأل الله أن يُليّن قلوبنا بطاعته.
طالب: [00:12:07]
الشيخ: حنّ الجذع معروف، في مسلم الظاهر، ما ذكر في مسلم؟
طالب: [00:12:19]
الشيخ: الألباني ماذا قال؟ تخريجه؟
طالب: [00:12:28] غير مسموع
الشيخ: حنين الجذع معروف في الصحيح، ثابت، كذلك الحجارة، قال النبي: «إني لأعرف حجرًا كان يُسلّم عليّ بمكة»، وكذلك تسبيح الطعام، الطعام يسبح، والله تعالى يقول: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾ [الإسراء:44]، ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [الحديد:1]، ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [التغابن:1]، ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل:48].
ماعدا عصاة بني آدم، هم الذين شذوا، وإلا الجمادات كلها خاضعة لله -عز وجل-، والملائكة لا يعصون الله، والمؤمنون المطيعون، بقي عصاة بني آدم.
بَابُ اسْتِحْبَابِ الاِعْتِمَادِ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى الْقِسِيِّ، أَوِ الْعَصَا، اسْتِنَانًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
يعني اقتداءً به، يُستحب للخطيب أن يعتمد على القسي أو العصا، أو سيفن أو شيء، سنة من باب الاستحباب، سنة، وليس بواجب، اقتداءً بالنبي -صلى الله عليه وسلم-.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْمِصْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ، وَهُوَ الْعَدْوَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ أَبْصَرَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَوْسٍ، أَوْ عَصًا حِينَ أَتَاهُمْ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾ [الطارق:1]، فعلمتها فِي الْجَاهِلِيَّةِ
الشيخ: فوعيتها؟ ماذا عندك؟ فوعيتها في النسخة التي عندي، ماذا عندك في النسخة؟ فعلمتها، نسخة.
فعلمتها فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا مُشْرِكٌ، ثُمَّ قَرَأْتُهَا فِي الإِسْلاَمِ، فَدَعَتْنِي ثَقِيفُ فَقَالُوا: مَا سَمِعْتَ مِنَ هَذَا الرَّجُلِ، فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِصَاحِبِنَا، لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَمَا يَقُولُ حَقٌّ لَتَابَعْنَاهُ.
الشيخ: نعوذ بالله من الكبر والعناد، ماذا قال على التخريج؟
طالب: قال: إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن خالد العدواني، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، ولتفرد وضعف عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، وأخرجه أحمد، والبخاري في [التاريخ الكبير] وابن أبي عاصم في [الآحاد والمثاني]، والطبراني في ا[الكبير] من طريق مروان بن معاوية عن عبد الله بن عبد الرحمن لطائفي به.
الشيخ: أعد السند.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَّامٍ الْمِصْرِيُّ، قال: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قال: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِفِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدٍ، وَهُوَ الْعَدْوَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ أَبْصَرَ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَوْسٍ، أَوْ عَصًا حِينَ أَتَاهُمْ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: ﴿وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ﴾[الطارق:1]، فعلمتها فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَا مُشْرِكٌ، ثُمَّ قَرَأْتُهَا فِي الإِسْلاَمِ، فَدَعَتْنِي ثَقِيفُ فَقَالُوا: مَا سَمِعْتَ مِنَ هَذَا الرَّجُلِ، فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ: نَحْنُ أَعْلَمُ بِصَاحِبِنَا، لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَمَا يَقُولُ حَقٌّ لَتَابَعْنَاهُ.
الشيخ: على كل حال الأمر سهل في ثبوت القصة أو عدم ثبوتها، النبي -صلى الله عليه وسلم- معروف، دعوته معروفة، كونه يتكئ على قوس أو عصا معروف.
طالب: [00:17:58]
الشيخ: فيه اختلاف في النسخ؟
طالب: [00:18:06]
الشيخ: ما الفرق؟ ما النسخة هذه؟
طالب: هذه تحقيق صالح اللحام.
الشيخ: والأولى؟
طالب: الفحل.
قال: حدثنا محمد بن يحيى عن وهب بن جرير عن شعبة، عن منصور، عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة، رأى كعب بن عجرة عبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدًا، قال: انظروا إلى هذا، وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة:11].
وعن محمد بن يحيى بن محمد بن عثمان الرَّقي، عن عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنيسة، عن عمرو بن مرة بنحوه.
وهذا أخرجه مسلم والنسائي.
الشيخ: تكلم عليه؟
طالب: لم يتكلم، قال: أخرجه مسلم، والنسائي في [الإتحاف].
الشيخ: رآه يخطب قاعدًا فأنكر عليه، قال: الله قال: ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة:11]، الشاهد، ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة:11]، وهذه القصة كانت قبل أن يؤمر الناس بالاستماع للخطبة، لما جاءت عير، خرج الناس، ولم يكن معه إلا اثني عشر رجلًا، فن زلت هذه الآية، ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾ [الجمعة:11]، والشاهد: ﴿وَتَرَكُوكَ قَائِمًا﴾[الجمعة:11].
فدل على أن الخطابة تكون من قيام، لا من قعود.
بَابُ ذِكْرِ الْعُودِ الَّذِي مِنْهُ اتُّخِذَ مِنْبَرُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: اخْتَلَفُوا فِي مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هُوَ؟ فَأَرْسَلُوا إِلَى سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ -رضي الله عنه- فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي، هُوَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: الأَثْلُ هُوَ الطَّرْفَاءُ.
الشيخ: يعني مأخوذ من الأثل، جاء النجار وقطعه، وجعله منبر.
في الحديث الآخر أن النبي قال لامرأة: مُري غلامك فليجعل لي أعوادًا أقعد إليها إذا كلمت الناس، كان غلامها نجارًا فصنع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من أثل الغابة منبر، ما ذكر القصة هذه؟ [00:21:30]
طالب: قال ابن الأثير في [النهاية]: "الأثل: شجر شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه".
الشيخ: والأثل معروف، نسميه عندنا الأثل، خشب مرتفع وقوي.
بَابُ أَمْرِ الإِمَامِ النَّاسَ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنْ كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمَنْ دُونَهُ حَفِظَ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- فِي هَذَا الإِسْنَادِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ ابْنِ جُرَيْجٍ أَرْسَلُوا هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
لَمَّا اسْتَوَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ لِلنَّاسِ: «اجْلِسُوا»، فَسَمِعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَهُوَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «تَعَالَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ».
الشيخ: تخريجه؟
طالب: قال: "إسناده ضعيف لإرساله كما أشار إليه المصنف، والوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، وأخرجه الحاكم من طريق هشام بن عمار، انتهى".
الشيخ: أعد الترجمة.
بَابُ أَمْرِ الإمَامِ النَّاسَ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ الاِسْتِوَاءِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِنْ كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَمَنْ دُونَهُ حَفِظَ من ابْنَ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الإِسْنَادِ؛ فَإِنَّ أَصْحَابَ ابْنِ جُرَيْجٍ أَرْسَلُوا هَذَا الْخَبَرَ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
الشيخ: أعد السند.
أخبرنا أبو طاهر قال: حدثنا أبو بكر قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ:
لَمَّا اسْتَوَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ، قَالَ لِلنَّاسِ: «اجْلِسُوا» ...
على كل حال، الأمر سهل في هذا، الحسن بن جريج أرسله عن عطاء، يعني عطاء دون ابن عباس، والوليد بن مسلم مدلس، في التسوية بين الشيوخ.
على كل حال، الإمام له أن يتكلم، ويكلم من شاء كما هو معروف، إذا احتاج في الخطبة يُكلّم من شاء، كما كلّم شريك الغطفاني، وقال له لما دخل متأخر: «أصليت؟» قال: لا، قال: «قم فاركع ركعتين وتجوّز فيهما»، وكما كلمه الأعرابي الذي دخل والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، قال: يا رسول الله، هلكت الأنعام فادعُ الله أن يغيثنا.
بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ جَهِلَ السُّنَّةَ، فَزَعَمَ أَنَّ السُّنَّةَ بِدْعَةٌ، وَقَالَ: الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِدْعَةٌ.
أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَحْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيُّ، قال: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، قال: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خُطْبَتَيْنِ، يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سَمِعْتُ بُنْدَارًا يَقُولُ: كَانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ يُجِلُّ هَذَا الشَّيْخَ، يَعْنِي الْبَكْرَاوِيَّ.
طالب: قال: سبق تخريجه عند الحديث...
الشيخ: على كل حال، الجمعة خطبتان، هذا ثابت في الأحاديث، والسنة أن يجلس بينهما، يفصل بينهما بجلسة، أما من قال مثل ما قال المؤلف أن هذه بدعة، هذا ما عرف السنة، الترجمة، باب ماذا؟
بَابُ ذِكْرِ عَدَدِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.
نعم، خطبتان، هذا معروف ي الأحاديث الصحيحة.
وَالْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ.
نعم، لابد من الجلسة، يفصل بينهما، ما يصل هذه بهذه.
ضِدَّ قَوْلِ مَنْ جَهِلَ السُّنَّةَ، فَزَعَمَ أَنَّ السُّنَّةَ بِدْعَةٌ، وَقَالَ: الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِدْعَةٌ.
هذا جهل السنة كما قال المؤلف.
بَابُ اسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِ الْخُطْبَةِ وَتَرْكِ تَطْوِيلِهَا.
الشيخ: بركة.
فيه تعليق عندك؟ ماذا قال؟
طالب: يقول الألباني: إسناده صحيح لغيره؛ لأن عبد الرحمن البكراوي ضعيف، لكن المتن ثابت برواية الثقات الأثبات، الحديث جاء عند البخاري من طريق عبيد الله عن نافع، هو يتكلم عن البكراوي على أنه ضعيف.
الشيخ: لا شك أن الحديث ثابت، أن النبي كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما.
طالب: [00:28:11] دُفن في نفس الـ ...
الشيخ: نعم، في الحال، لما أمر النبي بالدفن دُفن.
طالب: [00:28:29]
الشيخ: لا، المأموم إذا تكلم والإمام يخطب، أما إذا سكت لا، ما يعتبر لغو.
طالب: ذكر في أبو داود [00:28:42]
الشيخ: أن النبي كان يخطب خطبتين ويجلس بينهما؟
طالب: [00:28:51]
الشيخ: عندك الكلام؟
طالب: قال: حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، قال حدثنا ...
الشيخ: هذا سند أبو داود؟
طالب: نعم، قال: "حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، قال: حدثنا مخلد بن يزيد، قال: حدثنا ابن جريج عن عطاء عن جابر -رضي الله عنه- قال: لما استوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة فقال: «اجلسوا»، فسمع ذلك ابن مسعود فجلس على باب المسجد، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «تعال يا عبد الله بن مسعود»؛ ذكر بالأخير: حكم الحديث صحيح".
الشيخ: مخلد بن يزيد؟
طالب: نعم.
الشيخ: ما فيه كلام مخلد بن يزيد؟
طالب: قال أبو داود: هذا يُعرف مرسلًا، إنما رواه الناس عن عطاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومخلد هو شيخ يُكتب حديثه.
الشيخ: فيه كلام، وأبو داود يرى أنه مرسل، على كل حال الأمر سهل في هذا، كون النبي كلم الناس إذا استوى، الخطيب له أن يكلم من يشاء، ويتكلم معه من شاء، لكن الممنوع كون الإنسان يكلم الناس، أما يتكلم مع الخطيب عند الحاجة فلا بأس، أو الخطيب يكلمه فلا بأس، أو الخطيب يكلم الناس، الأمر في هذا واسع الحمد لله.
طالب: والأمر بالجلوس، أمر الناس بالجلوس.
الشيخ: إذا دعت الحاجة لا بأس، إذا دعت الحاجة وكانوا قيامًا وقال لهم: اجلسوا؛ فلا حرج.