شعار الموقع

شرح كتاب الجمعة من صحيح ابن خزيمة_19

00:00
00:00
تحميل
48

 

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

جماع أبواب الأذان والخطبة في الجمعة

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعِلْمِ إِذَا سُئِلَ الْإِمَامُ وَقْتَ خُطْبَتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْخُطْبَةَ صَلَاةٌ، وَلَا يَجُوزُ الْكَلَامُ فِيهَا بِمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاة.

وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمٍ السُّلَمِيُّ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، قال: أخبرنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قال: حدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حدثنَا شَرِيكٌ عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: دخل رجل المسجد، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ أَنِ اسْكُتْ، فَسَأَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ: أَنِ اسْكُتْ، فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الثَّالِثَةِ: «وَيْحَكَ مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟»، قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: «إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً، ثُمَّ مَرَّ غُلَامٌ شَنَئِيٌّ، قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: أَقُولُ أَنَا: هُوَ مِنْ أَقْرَانِي قَدِ احْتَلَمَ، أَوْ نَاهَزَ -فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قَالَ: هَا هُوَ ذَا، قَالَ: «إِنْ أَكْمَلَ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ، فَلَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَرَى أَشْرَاطَهَا».

الشيخ: ماذا قال عليه؟

طالب: قال: "حديث صحيح، أخرجه الحميدي والبخاري، وعبد بن حميد، ومسلم".

الشيخ: معروف حديث متى الساعة، قال: ما أعددت لها؟ قال في البخاري: ما أعددت لها كبير صلاة وصوم، ولكني أحب الله ورسوله، فقال النبي: «أنت مع من أحببت»، قال أنس: ففرحنا بهذا فرحًا شديدًا، قال أنس: فإني أحب رسول الله، وأحب أبا بكر وعمر، فأرجو أن أحشر معه.

والمعنى أن المحب يكون مع من أحب، وفي لفظ آخر: «المرء مع من أحب» قالوا: يا رسول الله، الرجل يحب الله ورسوله، ولما لم يلحق بهم، قال: «المرء مع من أحب»، يعني المرء يحب الرجل، ولكن ما يلحق به، ما يكون بمثل عمله، ما الحيلة؟ عمله أكثر لكنه يحبه، قال: «المرء مع من أحب»، قال أنس: ففرحنا بذلك.

والمعنى أن المحب الذي يحب شخصًا فإنه يجتهد في العمل الصالح ويجاهد نفسه، ولا ينام، فإذا حصل تقصير، فإن المحبة تجبر هذا التقصير، وليس معنى ذلك أنه يدعي المحبة ولكنه يهمل، يترك الواجبات، لا، المعنى أنه يجاهد نفسه على أداء الواجب وترك المحرمات، ويجتهد في اللحاق بمن أحب، فإذا حصل نقص فإن هذا النقص تجبره المحبة.

استدل به المؤلف -رحمه الله- أنه يجوز للإنسان أن يكلم الخطيب يوم الجمعة، وكذلك الخطيب له أن يكلم من شاء، الممنوع الكلام من غير الخطيب، أما مع الخطيب فلا بأس.

وفيه أيضًا كذلك سؤال العلم، هذا سأله علم، قال: متى الساعة يا رسول الله، قال: «ما أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها كبير صلاة وصدقة، إلا أني أحب الله ورسوله.

وقول أنس: إن هذا من أقراني، قريب، يعني شاب صغير قد ناهز الاحتلام، يعني قد قارب الاحتلام، فقال: إن يعش هذا أو يستكمل عمره فإنكم ترون أشراط الساعة، أشراط الساعة موجودة، النبي -صلى الله عليه وسلم- بعثته من أشراط الساعة، هو نبي الساعة.

اللفظ الآخر: «إن يعش هذا الغلام فإنه لن يستكمل عمره حتى تقوم الساعة»، قالوا: المراد تقوم الساعة يعني ساعته وهي الموت، ساعة كل أحد موته، وليس المراد الساعة العامة، القيامة، أعد.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْعِلْمِ إِذَا سُئِلَ الْإِمَامُ وَقْتَ خُطْبَتِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ الْخُطْبَةَ صَلَاةٌ، وَلَا يَجُوزُ الْكَلَامُ فِيهَا بِمَا لَا يَجُوزُ فِي الصَّلَاة.

الشيخ: وهذا بالنسبة لغير الإمام نعم، كالصلاة، لا يتكلم الإنسان مع أحد، ولكن يشير إليه، إذا رأى أحد لا يتكلم، ولذلك جاء في الحديث: «من قال لصاحبه: أنصت، يوم الجمعة فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له»، ولكن يشير إليه باليد كما يشير في الصلاة، إلا مع الإمام، لا بأس أنه يتكلم مع الإمام، أو مَن يكلمه الإمام، فهذا مستثنى، وليست مثل الصلاة بالنسبة لمن يكلمه الإمام، وأما من غير الإمام حكمها حكم الصلاة.

وَأَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الْفَقِيهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ الْمُسْلِمٍ السُّلَمِيُّ، قال: حدثنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، قال: أخبرنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ.

الشيخ: يعني الذي قبله كلهم تلاميذ؟

طالب: نعم.

الشيخ: والوصل لابن إسحاق؟ بن خزيمة متأخر، وقبله تلاميذ.

قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قال: حدثنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قال: حدثنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قال: حدثنَا شَرِيكٌ [عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال:

دخل رجل المسجد، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم-] عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ أَنِ اسْكُتْ، فَسَأَلَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ: أَنِ اسْكُتْ.

هذا سؤال عن العلم، قال: متى الساعة؟ هذا علم، متى تقوم الساعة؟

فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِنْدَ الثَّالِثَةِ: «وَيْحَكَ مَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟»، قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: «إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ».

في اللفظ الآخر: ما أعددت لها كبير صلاة ولا صوم، إلا أني أحب الله ورسوله.

قَالَ: حُبَّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. قَالَ: «إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ»، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاعَةً، ثُمَّ مَرَّ غُلَامٌ شَنَئِيٌّ.

الشيخ: شنئي! كأنه طويل، ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حديث الإسراء: ورأيت موسى ربعة طويل، كأنه من رجال شَنُوءة، رجال شنوءة معروفين بالطول، وهم موجودون الآن في غامد الزهران الآن، هم الآن طوال، من رجال شنوءة، طويل، يعني شنئي رجل طويل كأنه من أسناني، يقول أنس، شنئي يعني طويل.

 ثُمَّ مَرَّ غُلَامٌ شَنَئِيٌّ قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: أَقُولُ أَنَا: هُوَ مِنْ أَقْرَانِي قَدِ احْتَلَمَ، أَوْ نَاهَزَ.

يعني قد قارب الاحتلام، يعني قارب البلوغ، الاحتلام يعني البلوغ، قارب البلوغ.

قَالَ أَنَسٌ -رضي الله عنه-: أَقُولُ أَنَا: هُوَ مِنْ أَقْرَانِي قَدِ احْتَلَمَ، أَوْ نَاهَزَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ؟» قَالَ: هَا هُوَ ذَا، قَالَ: «إِنْ أَكْمَلَ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ، فَلَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَرَى أَشْرَاطَهَا».

الشيخ: وفي رواية: «فلن يموت حتى تقوم الساعة»، والمراد ساعته، يعني موته، وهنا «حَتَّى يَرَى أَشْرَاطَهَا»، وأشراط الساعة الأولى ظهرت من بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهو نبي الساعة، ومنه: فتح بيت المقدس من أشراط الساعة، ولا زالت أشراط الساعة تكثر، منها كثرة القتال وكثرة الحروب، إلى آخر الأشراط المذكورة.

وأما أشراط الساعة القريبة فهي متأخرة، تكون قبيل قيام الساعة، الشروط العشر:

أولها: المهدي، ثم الدجال، ثم عيسى، ثم يأجوج ومأجوج، ثم تتوالى أشراط الساعة، الدخان، وهدم الكعبة، ونزع القرآن، وطلوع الشمس من مغربها، والدابة، والنار، هذه العشر هي آخرها، متتابعة كعِقد انقطع سلكه.

طالب: هذه زيادة في السند أثبتها ووضعها بين قوسين، قال: "ما بين المعقوفتين ساقطة من الأصل، وفي نسخة (م)، وهو إسناد دائر".

طالب: قوله: (كُلُّ ذَلِكَ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ: أَنِ اسْكُتْ)، يعني من قال إن الإشارة كالكلام؟

الشيخ: الإشارة لا، تجوز في الصلاة، النبي أشار في الصلاة، أسماء وهي تصلي في صلاة الكسوف، قالت لعائشة: الآية؟ قالت: نعم، قالت: ما خبر الناس؟ فأشارت إلى السماء، قالت: الآية؟ فقالت كذا برأسها، نعم، وكذلك في الصلاة إذا سلّم أحد تشير باليد أو بالإصبع، ما فيه مانع، الإشارة ما هي ممنوعة.

طالب: يقول: إذا كان الأخرس الذي لا يتكلم وأشار، هل يكون قد لغا بالجمعة؟

الشيخ: محل نظر، لأن إشارته بمثابة الكلام، ليس ببعيد، نعم يحصل.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَعْلِيمِ الْإِمَامِ النَّاسَ مَا يَجْهَلُونَ فِي الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ يُسْأَلُ الْإِمَامُ

أخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، قال: حدثنَا سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُبيل...

الشيخ: شبل؟

طالب: المثبت هنا شبيل، قال: "وهو البجلي الأحمسي، قيل: شُبل، وقيل: شبيل، انظر [التقريب]".

الشيخ: هذا فيه وجهان، قيل: شبل، وقيل: شبيل.

عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَقَالَ: «يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَوْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، أَلَا وَإِنَّ عَلَى وَجْهِهِ مَسْحَةَ مَلَكٍ».

الشيخ: جرير كان رئيسًا في قومه، قال: ما رآني النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا تبسم في وجهي، وما حجبني، وما استأذنت إلا أجازني، يراعيه لأنه رئيس في قومه، وله مكانة، وجميل، عليه مسحة ملَك، وأسلم متأخر ولذلك قال: "وهل أسلمت إلا بعد المائدة"، روى حديث المسح على الخفين، وعندما قيل له: المائدة فيها غسل الرجلين، والمسح؟ قال: وهل أسلمت إلا بعد المائدة؟

فالنبي -صلى الله عليه وسلم- يراعيه، وينزل الناس منازلهم، هو رجل رئيس في قومه، وله مكانته، فالنبي يقدره، قال: ما حجبني، ما استأذن الرسول فحجبه، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، وأخبر قال: يدخل من هذا الباب ذي يمن عليه مسحة ملك.

قَالَ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا أَبْلَانِي.

الشيخ: يعني حمدت الله على ما أبلاني من هذه النعمة، كما قال سليمان: ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل:40]، ليبلوني: يختبرني، اختبار، هذه نعمة أعطاه الله إياها، كونه رئيس في قومه، وكونه أعطاه مسحة ملك، وكون النبي لا يحجبه، قال: حمدت الله على هذه النعمة التي أبلاني بها، التي أعطاني إياها ﴿لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾ [النمل:40]، ابتلاء بالنعمة، اختبار، هل يشكر الإنسان أو لا يشكر؟ النعمة اختبار، فمن أعطاه الله نعمة فهو مبتلى، نعمة الصحة والعافية، نعمة الأمن، نعمة المال، نعمة الولد، هذه ابتلاء وامتحان، فهو مبتلى هل يشكر هذه النعمة أو يكفرها.

كما أن من فقد هذه النعمة وابتلي بالفقر، أو ابتلي بالخوف، أو ابتلي بالمرض، فهذا مختبَر أيضًا، هل يصبر أو يجزع؟ فالذي أعطي النعم مبتلى هل يشكر أو يكفر، والمبتلى بالضراء والفقر مبتلى، هل يصبر أو يجزع ويتسخط؟ ما منا إلا مبتلى، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك:2]، فالمعافى مبتلى بعافيته هل يشكر أم يكفر؟ والمريض مبتلى بمرضه هل يصبر أو...؟ والفقير مبتلى بفقره هل يصبر أو يتسخط؟ والغني مبتلى بغناه، هل يشكر أو يكفر؟ ما منا إلا مبتلى، ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [الملك:2].

الكل مبتلى، والمؤمن الذي وفقه الله يدور مع هذه الأحوال بما شرع الله، فإذا كان في نعمة فإنه يشكرها، وإذا كان في مصيبة فإنه يصبر، وإذا كان في ذنب فإنه يتوب إلى الله، الإنسان يتقلب بين هذين؛ إما في نعمة فيحتاج إلى شكر، وإما في بلية أو مصيبة فيحتاج إلى صبر، وإما في معصية فيحتاج إلى توبة.

إذا كان الإنسان يتوب عند الذنب ويصبر عند المصيبة ولا يتسخط، ويشكر عند النعمة، هذه علامة السعادة، لذلك قال الشيخ محمد -رحمه الله- في رسالة: "أسأل الله لطالب العلم أن يجعلك ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أُعطي شكر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاثة عنوان السعادة"، هذه عنوان السعادة؛ أن يكون الإنسان يشكر عند النعمة، ويصبر عند البلية ويتوب عند المعصية، هذه علامة السعادة.

الإنسان دائر بين هذه الأمور؛ إما في نعمة فيحتاج إلى شكر، وإما في مصيبة، فيحتاج إلى صبر، وإما في ذنب فيحتاج إلى توبة.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ.

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قال: حدثنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ -وَهُوَ ابْنُ شِبْيلٍ- عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ:

لَمَّا دَنَوْتُ مِنْ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَخْتُ رَاحِلَتِي وَحَلَلْتُ عَيْبَتِي، فَلَبِسْتُ حُلَّتِي، فَدَخَلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَمَانِي النَّاسُ بِالْحَدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِي شَيْئًا؟

قَالَ: نَعَمْ، ذَكَرَكَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، فبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ إِذْ عَرَضَ لَهُ فِي خُطْبَتِهِ، قَالَ: «إِنَّهُ سَيَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، وَإِنَّ عَلَى وَجْهِهِ لَمَسْحَةَ مَلَكٍ»، قَالَ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا أَبْلَانِي.

الشيخ: حمدت الله على هذه النعمة، على ما أبلاني من هذه النعمة، تكلم على قوله: "مسحة ملك" في الحديث الأول؟

طالب: لم يتكلم عليها.

الشيخ: ما فيه تعليق عندك في النسخة الثانية؟

طالب: لا، إنما التخريج، لكن نسخة الأعظمي....

الشيخ: أعد الترجمة.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي سَلَامِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ عَلَى الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ.

أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، قال: حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حدثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قال: حدثنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ -وَهُوَ ابْنُ شِبْيلٍ- عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ:

لَمَّا دَنَوْتُ مِنْ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَنَخْتُ رَاحِلَتِي وَحَلَلْتُ عَيْبَتِي، فَلَبِسْتُ حُلَّتِي، فَدَخَلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...

الحُلة: ثوب مكون من قطعتين أسفل وأعلى، أناخ الراحلة وحل العيبة، مثل ما نقول: الشنطة، فتح الشنطة وأخذ الحُلة يتجمل بها، الحلة كان إزار ورداء، حلة على الأعلى وعلى الأسفل، قطعتان، مكون من شيئين، الحلة من أجمل ما يكون، وهو رجل جميل معروف، ولبس حلة جميلة، وهو أيضًا كذلك سيد في قومه، فدخل على أحسن هيئة.

 فَلَبِسْتُ حُلَّتِي، فَدَخَلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَمَانِي النَّاسُ بِالْحَدَقِ، فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِي شَيْئًا؟

قَالَ: نَعَمْ، ذَكَرَكَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ فبَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ إِذْ عَرَضَ لَهُ فِي خُطْبَتِهِ، قَالَ: «إِنَّهُ سَيَدْخُلُ عَلَيْكُمْ مِنْ هَذَا الْبَابِ، أَوْ مِنْ هَذَا الْفَجِّ مِنْ خَيْرِ ذِي يَمَنٍ، وَإِنَّ عَلَى وَجْهِهِ لَمَسْحَةَ مَلَكٍ»، قَالَ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ عَلَى مَا أَبْلَانِي.

الشيخ: تخريجه؟

طالب: الحديث صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المصنف عن الحسين بن حريث به، وانظر ما سبق عند هذا الحديث، الحديث السابق.

الشيخ: قال: سلّم عليّ، يعني الظاهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي سلم عليه لما دخل، والأصل أن الداخل هو الذي يُسلّم.

طالب: كلام ابن جرير، ماذا قال [00:24:43]

الشيخ: [00:24:45]

طالب: [00:24:47]

الشيخ: نعم، لأن هذا كان أولًا، أو أنه ما بلغه شيء من هذا.

بَابُ أَمْرِ الإِمَامِ النَّاسَ فِي خُطْبَته يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّدَقَةِ، إِذَا رَأَى حَاجَةً، وَفَقْرًا.

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه، دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَخْطُبُ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَاءَ الأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ مَرْوَانُ أَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنْ كَادُوا لَيَفْعَلُونَ بِكَ.

قَالَ: مَا كُنْتُ لأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فألقوا ثِيَابًا، فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، وَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ.

ثُمَّ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَلْقَى رَجُلٌ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، فَصَاحَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ زَجَرَهُ، وَقَالَ: خُذْ ثَوْبَكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ هَذَا دَخَلَ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فَأَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فألقوا ثِيَابًا، فَأَمَرْتُ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ الْيَوْمَ فَأَمَرْتُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَلْقَى هَذَا أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.

الشيخ: يعني في المرة الأولى أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتصدقوا عليه وأخذ الصدقة، وفي الجمعة الثانية أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يتصدقوا فتصدقوا، لما حصل له ثوبين تصدق بواحد فزجره النبي -صلى الله عليه وسلم-، أنت فقير الآن، هو لما أعطاه الناس يريد أن يتصدق بواحد منها، بأحد ثوبيه، ماذا قال على تخريجه؟

طالب: قال: إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان، وأخرجه الشافعي في مسنده بتحقيقي، وعبد الرزاق، والحميدي، وأحمد، والدارمي، والبخاري في القراءة خلف الإمام -في جزء القراءة-، وأبو داود وابن ماجه، والترمذي، والنسائي، وفي [الكبرى] له، وأبو يعلى، والطحاوي في شرح معاني الآثار، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، والبغوي من طرق عن عياض بن عبد الله به، انتهى.

الشيخ: النسخة الثانية ماذا؟ الألباني؟

طالب: [00:28:48]

الشيخ: بعده؟

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قَطْعِ الإِمَامِ الْخُطْبَةَ لِتَعْلِيمِ السَّائِلِ الْعِلْمَ.

الشيخ: بركة، أعد الترجمة السابقة والإسناد.

بَابُ أَمْرِ الإِمَامِ النَّاسَ فِي خُطْبَته يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِالصَّدَقَةِ، إِذَا رَأَى حَاجَةً، وَفَقْرًا.

أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ...

ابن عجلان هذا فيه كلام، فلذلك صار الحديث حسن من أجله.

أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه، دَخَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ يَخْطُبُ، فَقَامَ -رضي الله عنه- يُصَلِّي، فَجَاءَ الأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُوهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا انْصَرَفَ مَرْوَانُ أَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، إِنْ كَادُوا لَيَفْعَلُونَ بِكَ.

قَالَ: مَا كُنْتُ لأَتْرُكَهُمَا بَعْدَ شَيْءٍ رَأَيْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

أبو سعيد الخدري صحابي جليل، ومروان بن الحكم هو أمير المدينة وبويع له قبل... ثم بويع لابنه عبد الملك بن مروان، فمروان هو الذي يخطب الآن، وهو الأمير، وهو ولي الأمر؛ لأن الولاة كانوا هم الذين يخطبون ويُصلون بالناس.

فدخل أبو سعيد -رضي الله عنه- وهو يخطب فصلى ركعتين، فجاء الحراس يمنعونه، يقولون اجلس لا تصلي، أبى، فلما انتهت الصلاة جاءوا له قالوا: يا أبا سعيد، يرحمك الله، الحراس كادوا يؤذونك بعد قليل، لو جلست، قال: لا، ما أترك الركعتين، بعدما رأيت النبي قال لسُليك الغطفاني: «قم، فاركع ركعتين وتجوَّز فيهما»، فأنا ما أترك الركعتين مهما فعلوا، هذا الشاهد أبو سعيد.

وأبو سعيد كذلك أنكر على مروان مرة لما قدم الخطبة على الصلاة يوم العيد، وقال: إن الناس لا يجلسون لنا.

ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ رَجُلاً جَاءَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ...

يعني فقير، في ثياب تدل على فقره.

هذا الشاهد، وأمره فصلى ركعتين، لما دخل صلى ركعتين، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس أن يتصدقوا عليه.

ففيه دليل على أن الداخل يصلي ركعتين، ولو كان الإمام يخطب، ولهذا لما دخل سليك الغطفاني والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، جلس، قال: «يا سُليك، صليت ركعتين؟» قال: لا، قال: «قم، فصل ركعتين وتجوّز فيهما»، يعني خففهما، فدل على أهمية صلاة الركعتين، حتى ولو كان الإمام يخطب.

كذلك إذا جاء الإنسان والحلقة في الدرس، ولو كان الحلقة في الدرس يصلي ركعتين خفيفتين ويأتي الحلقة، بعضهم يأتي يقول: لا يفوتني الدرس، ويجلس، لا، صلّ ركعتين خفيفتين، إذا كان في خطبة الجمعة النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر سُليك أن يصلي ركعتين، فكذلك أيضًا في الدرس يصلي ركعتين.

طالب: [00:32:35]

الشيخ: على الخلاف، شيخ الإسلام وجماعة رأوا فعل ذوات الأسباب، وهو الذي عليه العمل الآن، إلا إذا تضيَّفت الشمس، إذا كان عند طلوع الشمس فلا، أو عند غروبها، أو عند قيامها، في الأوقات المغلظة لا، ما فيه صلاة ولا دفن موتى.

طالب: [00:32:56]

الشيخ: نعم عندها، حتى ترتفع عشر دقائق إلى ربع ساعة، وكذلك التضيُّف للغروب، وعند قيامها، وما عدا ذلك الوقت موسع، تُفعل ذوات الأسباب، في أصح قولي العلماء.

أما الجمهور فيرون عدم فعل ذوات الأسباب مطلقًا، قالوا: أحاديث النهي أصح وأكثر، مقدمة.

فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، وَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

طالب: [00:33:21]

الشيخ: فما لقوا؟ ماذا عندك أنت؟

فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فألقوا ثِيَابًا.

الشيخ: فألقوا ثيابًا، وعندك فما لقوا؟

طالب: في الأصل: فما لقوا، والصواب ما أثبتناه.

الشيخ: فما لقوا ثيابًا.

طالب: الأصل يقول: فما لقوا، عند الإخوان، هنا المحشي، ويقول: والصواب ما أثبتناه، (أن يتصدقوا فألقوا ثيابًا فأمر له بثوبين)، وهو الأقرب.

الشيخ: فما ألقوا ثيابًا، فأمر له، كأنه، كأن ظاهره أنهم في الأول ما ألقوا ثيابًا، ثم أمر له، أعد العبارة.

طالب: قال: الأصل: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فألقوا ثِيَابًا، فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ.

قال في الحاشية: فما لقوا، والصواب ...

الشيخ: الأصل كأنها هي الأصح، يعني أمر له أن يتصدقوا، ما تصدقوا عليه، ما ألقوا شيئًا، فأمر له بثوبين لما لم يتصدقوا.

طالب: قال: في الأصل: فما لقوا، والصواب ما أثبتناه.

الشيخ: فيه نظر.

طالب: وهو كما سيأتي ضمن الحديث وبقية التخاريج.

الشيخ: إذا كان ضمن الحديث فلا بأس، وإلا فالظاهر، الصواب كما في الأصل، الظاهر في الشياق أنه أمر أن يتصدقوا، فما ألقوا شيئًا، ما تصدقوا، فأمر له بثوبين.

طالب: لكن هو كذلك في النسائي: فألقوا ثيابًا.

الشيخ: فألقوا، فأمر له بعده؟

طالب: فألقوا ثيابًا فأمرت له منها بثوبين.

طالب: يعني أعطاه قدر حاجته.

الشيخ: فأمرت ماذا؟

فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الناس أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فألقوا ثِيَابًا، فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ.

الشيخ: فأمر ولا فأمرت؟ فأمرت له بثوبين.

فَأَمَرَ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، وَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ.

ثُمَّ جَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ الأُخْرَى، وَرَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَلْقَى رَجُلٌ أَحَدَ ثَوْبَيْهِ.

الشيخ: ألقاها يعني صدقة، يعني يريد أن يتصدق بالشيء الذي أعطيه، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نهاه عن ذلك.

فَصَاحَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ زَجَرَهُ، وَقَالَ: خُذْ ثَوْبَكَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ هَذَا دَخَلَ فِي هَيْئَةٍ بَذَّةٍ، فَأَمَرْتُ النَّاسَ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فألقوا ثِيَابًا، فَأَمَرْتُ لَهُ بِثَوْبَيْنِ، ثُمَّ دَخَلَ الْيَوْمَ فَأَمَرْتُ أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَأَلْقَى هَذَا أَحَدَ ثَوْبَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.

تحية المسجد، وهذا فيه دليل على أن الإمام له أن يتكلم في الخطبة، ويأمر بالصدقة، إذا رأى من هو مستحق للصدقة، كما أن له أن يُعلِّم الجاهل كما سيأتي، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع الخطبة وأمر بكرسي، وعلَّم الجاهل، كما أن له أن يرد السلام كما في جرير، والخلاصة أن الإمام له أن يُكلم من شاء، ويكلمه من شاء، إنما الممنوع أن يُكلم الناس بعضهم بعضًا، أما الكلام مع الإمام فلا بأس.

طالب: إذا كان الفقير في حاجة، يمنع أن يتصدق؟

الشيخ: لا ما يمنع، لكن كأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى أنه الآن هو بحاجة، أحوج ممن يريد أن يتصدق، هو الآن يريد أن يتصدق، والذين تصدقوا وبذلوا الآن أحسن حالًا منه، وليس هناك في المسجد من هو أقل حالًا منه، ولذلك زجره، وإلا فلا بأس أن يتصدق فيما بعد.

طالب: في الحديث الذي قبله، كون جرير دخل، ومدحه النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: (فَقُلْتُ لِجَلِيسٍ لِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ! هَلْ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِي شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَكَرَكَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ)، كأن الكلام بعد الخطبة.

الشيخ: محتمل أنه بعد الخطبة، وكونه في الخطبة أنه ما عرف الحكم الشرعي، أو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما نهى عن ذلك إلا بعد ذلك، قال هذا الكلام.

طالب: بينما هو يخطب، كأنه يبين له أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره بينما هو يخطب.

الشيخ: والأقرب أنه يكون بعد الصلاة، يسأل يقول: هل ذكرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

طالب: (قَالَ: نَعَمْ، ذَكَرَكَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ بَيْنَمَا هُوَ يَخْطُبُ).

الشيخ: ظاهره أنه بعد الخطبة، وهذا ما فيه إشكال بعد الصلاة، ولو كان في أثناء الصلاة يُحمل على أنه لم يعلم الحكم الشرعي في هذا.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد