الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين وللمستمعين.
قال الإمام الحافظ ابن خُزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في كتابه الصحيح:
جِماع أبواب الصلاة قبل الجمعة
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْجَالِسَ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّكْعَتَيْنِ لَا يَجِبُ إِعَادَتُهُمَا، إِذِ الرَّكْعَتَانِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ فَضِيلَةٌ لَا فَرِيضَةٌ.
لا يجب إعادتهما؟
طالب: نعم.
الشيخ: هو ما صلاهما، لا يجب إعادتهما، هل هو صلاهما حتى يُعيدهما؟ هو دخل جلس، كيف يعرفون، لا يجب فعلهما لو قال، وهذا على مذهب ... الترجمة يعني يدل على أن ابن خُزيمة يرى ما يراه الجمهور أن تحية المسجد سنة مؤكدة وليست فريضة، ليست واجبة.
وذهب الظاهرية إلى أنها واجبة، إلى أن تحية المسجد واجبة، وأنه يأثم إذا لم يُصل ركعتين؛ لأن ذلك له سبب، هذا واجب وسبب، صحيح أن الله تعالى ما أوجب إلى الصلوات الخمس؛ لكن أوجب أشياء أخرى بأسباب، هذا واجبٌ بسبب، فالصلوات الخمس هذه واجبة على الناس جميعًا على الأمة كلها، وهناك واجبات أخرى بأسباب منها: تحية المسجد، فإذا دخل المسجد فيجب عليه أن يُصلي، هكذا أقر الظاهرية.
أما الجمهور فيقولون: ليست واجبة كما أقرها الظاهرية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سأله الرجل الذي جاء قال: «زَعَمَ رَسُوُلُكَ أَنَّ اللهَ أَوْجَبَ عَلَيْنَا فَي الْيَوْمِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ؟ قَالَ: صَدَق، قَالَ: هَلْ عَلَيّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا؛ إِلَّا أَنْ تَطَّوَّع»؛ فدل على أنه لا يجب غير الصلوات الخمس.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، حدثَنَا حُسَيْنٌ -يَعْنِي ابْنَ عَلِيٍّ الْجُعْفِيَّ- عَنْ زَائِدَةَ، حدثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه- صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ النَّاسِ فَجَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟» قُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ! رَأَيْتُكَ جَالِسًا، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ».
ماذا قال عليه؟
طالب: قال: "أخرجه أحمد، ومسلم، والبيهقي في [السنن الكبرى]".
الشيخ: في الترجمة يقول إن الركعتين فضيلة لا فريضة، هنا الحديث فيه دليل على الوجوب.
طالب: لأنه قال: «فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ».
الشيخ: ماذا قال في الترجمة؟ «فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ»، عندك رواه أحمد؟
طالب: قال: "أحمد، ومسلم، والبيهقي في [السنن الكبرى]".
الشيخ: نعم، هذا صحيح، لكن الترجمة فيه أنها فضيلة وليست فريضة، والحديث يدل على الوجوب، الأصل الوجوب، إلا بصارف، لكن الجمهور يقولون: صرفها حديث: «هل عليَّ غيرها؟ قال: إِلَّا أَنْ تَطَوَّع»، [00:05:27]، وعلى هذا يكون المصنف يرى هذا، المحشي تكلم عن المعنى زيادة؟
طالب: لم يُتكلم، إنما التخريج.
طالب: ترجم له: استحباب ركعتين عند دخول المسجد.
الشيخ: من هو؟
طالب: مسلم.
الشيخ: الترجمة ما هي لمسلم، الترجمة للنووي، التراجم للنووي، مسلم ما كتب تراجم إلا كتب، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب الحج؛ هذا لمسلم، أما الأبواب: باب كذا، باب كذا؛ هذه من الشراح، التراجم والترجمة وضعها النووي.
طالب: النبي لم يأمره أن يركع؛ فيكون هذا للاستحباب، وهو ترجمة ابن خُزيمة، قال: الجالس قبل أن يُصلي ركعتين لا يجب عليه إعادتها، قصده لا يجب عليه أن يأتي [00:06:29]، كأنه استشفه من الحديث.
الشيخ: نعم، إذا جلس لا يجب عليه أن يقوم ويأتي بهما، لكن قول: أن يُعيدهما، ما فيه إعادة، الإشكال في الإعادة، هل هو إعادة؟ في الترجمة يقول ماذا؟
طالب: (لا يجب إعادتهما).
الشيخ: هذا هو الإشكال في تسميتها إعادة، مع أنه ما صلاهما.
بَابُ الْأَمْرِ بِتَطَوُّعِ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُصَلِّيَ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حدثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ يَخْطُبُ فَصَلَّى أَبُو سَعِيدٍ، فَجَاءَتْ إِلَيْهِ الْأَحْرَاسُ لِيُجْلِسُونهُ، فَأَبَى حَتَّى صَلَّى، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا لَهُ: كَادُوا يَفْعَلُونَ بِكَ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ. فَقَالَ: لَنْ أَدَعَهُمَا أَبَدًا بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
يعني أبو سعيد استمر في أدائه السنة، والحراس يُريدون أن يُجلسوه، يقولون: اجلس، فأبى حتى صلى ركعتين.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا حَاتِمُ بْنُ بَكْرِ بْنِ غَيْلَانَ الضَّبِّيُّ، حدثَنَا عِيسَى بْنُ وَاقِدٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ».
هذا فيه يكون الأمر للإرشاد، على مذهب الجمهور: يكون مصروفًا عن الوجوب إلى الاستحباب للحديث الآخر: «إلا أن تطوع»، والظاهرية يقولون: هذا الأمر للوجوب.
بَابُ سُؤَالِ الْإِمَامِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ أصَلى رَكْعَتَيْنِ أَمْ لَا؟
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لسُليك الغطفاني: أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قُم فاركع ركعتين وتَجوَّز فيهما.
وَأَمْرِ الْإِمَامِ الدَّاخِلَ بِأَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّاهُمَا قَبْلَ سُؤَالِ الْإِمَامِ إِيَّاهُ. وَالدَّلِيلِ عَلَى أن الْخُطْبَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حدثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ قَالَ عَمْرٌو: دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ، وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: دَخَلَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ: «صَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا بِهِمَا الْمَخْزُومِيُّ مُنْفَرِدَيْنِ، وَقَالَ: «فَقُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ».
وَقَالَ مَرَّةً فِي عَقِبِ خَبَرِ أَبِي الزُّبَيْرِ: وَاسْمُ الرَّجُلِ: سُلَيْكُ بْنُ عَمْرٍو الْغَطَفَانِيُّ.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَبِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ -وَهُوَ ابْنُ زَيْدٍ- قَالَ بِشْرٌ قَالَ: حدثَنَا عَمْرٌو، وَقَالَ الْآخَرَانِ: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ؛ وحدَثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قال: حدثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ أَيُّوبَ؛ وَحَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قال: حدثَنَا يَزِيدُ -يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ-، حدثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ؛ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْجَوْهَرِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، كُلُّهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَقَالَ: "أَصَلَّيْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَقُمْ فَارْكَعْ». وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ: «أَصَلَّيْتَ يَا فُلَانُ؟».
وَفِي حَدِيثِ أَبِي عَاصِمٍ، فَقَالَ: «أَرَكَعْتَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَارْكَعْهُمَا».
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَخْطُبُ، فَقَالَ لَهُ: «أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: فَقَالَ: «ارْكَعْ».
بَابُ أَمْرِ الْإِمَامِ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ دَاخِلِ الْمَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا. وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَقْطَعْ خُطْبَتَهُ لِيُصَلِّيَ الدَّاخِلُ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إِلَى أَنْ يَفْرُغَ الْمُصَلِّي مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ مَنْ لَمْ يُنْعِمِ النَّظَرَ فِي الْأَخْبَارِ.
يُنعِم يعني يُمعن، بمعنى واحد.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي خَبَرِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: وَأَمَرَهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ. قَدْ أَمْلَيْتُ الْخَبَرَ بِتَمَامِهِ قَبْلُ.
بَابُ أَمْرِ الْإِمَامِ فِي خُطْبَتِهِ الْجَالِسَ قَبْلَ [أَنْ] يُصَلِّيهِمَا بِالْقِيَامِ لَيُصَلِّيهِمَا أَمْرُ اخْتِيَارٍ وَاسْتِحْبَابٍ.
لا أمر وجوب، كلها التراجم تدور على الحديث.
وَالتَّجَوُّزِ فِيهِمَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا كَانَ خَاصًّا لِسُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ -رضي الله عنه-.
أَخبرنَا أَبُو طَاهِرٍ، حدثنَا أَبُو بَكْرٍ، حدثنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى -يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ- عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ بن عبد الله -رضي الله عنهما- قَالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ، فَجَلَسَ، فَقَالَ لَهُ: «يَا سُلَيْكُ! قُمْ فَارْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». ثُمَّ قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رحمه الله-: فَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ بَعْدَ فَرَاغِ سُلَيْكٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ: مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، بِهَذَا الْأَمْرِ كُلَّ مُسْلِمٍ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَالِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا خَصَّ بِهَذَا الْأَمْرِ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيَّ إِذْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَثَّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ بِلَفْظٍ عَامٍّ: «مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»، بَعْدَ فَرَاغِ سُلَيْكٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَاوِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتْرُكَهُمَا بَعْدَ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِمَا، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ هَذَا كَانَ خَاصًّا لِسُلَيْكٍ، أَوْ لِلدَّاخِلِ وَهُوَ رَثُّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ خَالَفَ أَخْبَارَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَنْصُوصَةَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» مُحَالٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ دَاخِلًا وَاحِدًا دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ» عِنْدَ الْعَرَبِ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ الْجَمْعِ، وَقَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ"، والله أعلم.
المؤلف -رحمه الله- أطال، ما تحتاج، أعد خمسة أسطر.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ -رحمه الله-: فَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَمَرَ بَعْدَ فَرَاغِ سُلَيْكٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ: «مَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ»، بِهَذَا الْأَمْرِ كُلَّ مُسْلِمٍ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ.
يعني يقول: هذا ليس خاصًا بسُليك الغطفاني؛ وإنما هو عام، كأنه يرد على من قال إنه خاصٌ بسُليك.
وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَوَّلَ عَالِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا خَصَّ بِهَذَا الْأَمْرِ سُلَيْكًا الْغَطَفَانِيَّ إِذْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ رَثَّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرُ بِلَفْظٍ عَامٍّ: «مَنْ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ»، بَعْدَ فَرَاغِ سُلَيْكٍ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ.
وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَاوِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحْلِفُ أَنْ لَا يَتْرُكَهُمَا بَعْدَ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِمَا، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ هَذَا كَانَ خَاصًّا لِسُلَيْكٍ، أَوْ لِلدَّاخِلِ وَهُوَ رَثُّ الْهَيْئَةِ وَقْتَ خُطْبَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَدْ خَالَفَ أَخْبَارَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَنْصُوصَةَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ» مُحَالٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ دَاخِلًا وَاحِدًا دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ» عِنْدَ الْعَرَبِ يَسْتَحِيلُ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَاحِدٍ دُونَ الْجَمْعِ، وَقَدْ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ. والله أعلم.
بَابُ إِبَاحَةِ مَا أَرَادَ الْمُصَلِّي مِنَ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ حَظْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ ...
بركة، كأن هذا قول: لمن هذا القول؟ كأنه خاص بسُليك، أو خاصٌ بمن دخل وهو رثُّ الهيئة، يُشير إلى هذا القول، نُراجعه ننظر الخلاف، لمن هذا القول.
طالب: فيه كلام للنووي، قال النووي -رحمه الله-: "هذه الأحاديث كلها صريحةٌ في الدلالة لمذهب الشافعي وأحمد، وإسحاق، وفقهاء المحدثين؛ أنه إذا دخل الجامعَ يوم الجمعة والإمام يخطب استُحب له أن يُصلي ركعتين تحية المسجد، ويُكره الجلوس قبل أن يُصليهما، وأنه يُستحب أن يَتجوز فيهما ليسمع بعدها الخطبة. وحُكي هذا المذهب أيضًا عن الحسن البصري وغيره من المتقدمين".
الشيخ: فقط، ما أشار إلى القول ...؟
طالب: المالكية يرون [00:22:15]
الشيخ: يرون ماذا؟
طالب: [00:22:18]
الشيخ: يجلس؟ العلماء ما يُوجبونه، يقولون: هذا خاصٌ بسُليك، أو خاصٌ بمن دخل رثَّ الهيئة؟
طالب: [00:22:34] حتى يراه الصحابة فيتصدقون عليه.
الشيخ: لكن هذا يحتاج إلى دليل، خصوصية تحتاج إلى دليل.
طالب: [00:22:45]
الشيخ: الأصل أن الأحكام عامة، ولا يُخص أحد إلا بدليل، هذا هو الأصل، قال الله -تعالى-: ﴿خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ﴾[الأحزاب:50]، ومثل قوله [00:23:04]: «تجزيك ولا تجزئ أحد من بعدك»، هذه الخصوصية، أما الأحكام الأصل عامة، حتى تشمل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكأن ابن خُزيمة رد عليهم في هذا.
طالب: الباب السابق قال: (والدليل على أن الخطبة ليست بصلاة) [00:23:26]
الشيخ: لأنه يتكلم فيها، الصلاة ما يُتكلم فييها، والخطبة يتكلم فيها، يجوز أن يُكلم الإمام أو من يُكلمه الإمام، يعني من هذه الجهة، وإلا غير المستمع ليس له أن يتكلم مع أحد غير الإمام.
طالب: ذكر هنا أن [00:23:46]
الشيخ: ما في طريق أخرى رواه أبو سعيد؟
طالب: [00:23:52]
الشيخ: كان مروان يخطب فماذا؟
طالب: [00:24:00]
الشيخ: حين أرادوا أن يمنعوه الحراس، فاستمر.
طالب: لكن باقي الروايات كلها ذكرها ابن خزيمة عن جابر بن عبد الله.
الشيخ: إذاكان يقول: أبو سعيد راوي الخبر هو الذي حصلت له القصة مع الحراس، هذا هو مقصوده.
طالب: [00:24:28]
الشيخ: لا، ليس خاصًا، يجوز للإنسان إذا دخل يقول لفلان: صلِّ معي، له ذلك.
طالب: [00:24:52]
الشيخ: الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال هذا لأنه مُشرِّع، يُشرِّع، فإذا عُرف الحُكم الشرعي خلاص، ما يحتاج يقول للإمام، هو يقول لأحد صلِّ معي.
طالب: [00:25:08]
الشيخ: هذه معروفة عند أهل العلم، لكن هذه المسألة الآن النبي -صلى الله عليه وسلم- كونه قال: «من يتصدق على هذا؟»، هذا تشريع؛ ليُبين أنه يجوز للإنسان أن يُصلي، أنه يجوز للإنسان المتأخر أن يُصلي معه، فلما حصل عُرف التشريع ما في حاجة للإمام أن يقول هذا؛ لأنه معروف الحُكم الشرعي، الرسول مُشرِّع.