الحمد الله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام الحافظ ابن خزيمة - رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه - في صحيحه:
جماع أبواب صلاة الجمعة
بَابُ الْمُدْرِكِ رَكْعَةً مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ مَعَ الإِمَامِ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُدْرِكَ مِنْهَا رَكْعَةً يَكُونُ مُدْرِكًا لِلْجُمُعَةِ، يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهَا أُخْرَى، لاَ كَمَا قَالَ بَعْضُ مَنْ زَعَمَ: أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الْخُطْبَةُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ ظُهْرًا أَرْبَعًا، مَعَ الدَّلِيلِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ مِنْهَا رَكْعَةً فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظَهْرَ أَرْبَعًا،
إذا دخل وقتها، نعم.
نَقْضُ مَا قَالَ بَعْضُ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتَانِ.
نعم، هذا هو الصواب كما ذكر المؤلف، أنه إذا أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة، خلافًا لمن قال: إذا فاتته الخطبة يصليها ظهرًا، وخلافًا لمن قال: إذا أدرك التشهد أدرك الجمعة وأدرك الجماعة، قولان ضعيفان:
- القول الأول أنه إذا فاتته الخطبة وأدرك الصلاة يصليها ظهرًا، يقول: لأن الخطبة تتم مكان الركعتين.
- والقول الثاني: أنه يدرك الجمعة بإدراك التشهد.
والقول الثالث قول وسط، ذكره المؤلف: أنه إذا أدرك ركعة أدرك الجمعة، فالجمعة تدرك بركعة، والجماعة تدرك بركعة، والوقت يدرك بركعة، نعم.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلاَءِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ (ح) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ الآخَرَانِ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا»، قَالَ الْمَخْزُومِيُّ: مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ.
من أدرك ركعة؟ والمفروض قال: من أدرك الركعة، من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الجماعة، سواء صلاة الجمعة أو الجماعة، تدرك بإدراك ركعة، خلافًا لمن قال: أنه يدرك الصلاة إذا أدرك التشهد، نعم.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ يَعْنِي ابْنَ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَنَرَى أَنَّ صَلاَةَ الْجُمُعَةِ مِنْ ذَلِكَ، فَإِن أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى.
الشيخ: نعم، هذا هو الصواب، تخريجه؟ عندك حديثان الآن، الحديث الأول؟
فَإِن أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى، قال: أخبرنا أبو طاهر، قال: حدثنا أبو بكر.
الشيخ: ماذا قال عليه في التخريج؟
طالب: التخريج، قال: "صحيح أخرجه الدارمي".
الشيخ: الحديث هذا أم الذي قبله؟
طالب: الذي قبله صحيح، أخرجه الحميدي وأحمد والدارمي وابن ماجه، والترمذي والنسائي.
الشيخ: المتن؟ متنه؟
مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةٍ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَهَا.
نعم، والثاني؟
مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَة.
الشيخ: كذلك، تخريجه؟
طالب: كلاهما صحيحان.
الشيخ: نعم، الثاني.
طالب: نعم.
الشيخ: الوليد بن مسلم، نعم، صحيح، مدلس، [00:06:21] بين الرجال.
أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قال: حَدَّثَنَا بِخَبَرِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ بِالإِسْكَنْدَرِيَّةِ، قال: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قال: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا خَبَرٌ رُوِيَ عَلَى الْمَعْنَى، لَمْ يُؤَدَّ عَلَى لَفْظِ الْخَبَرِ، وَلَفْظُ الْخَبَرِ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً، فَالْجُمُعَةُ مِنَ الصَّلاَةِ أَيْضًا، كَمَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، فَإِذَا رُوِيَ الْخَبَرُ عَلَى الْمَعْنَى لاَ عَلَى اللَّفْظِ جَازَ أَنْ يُقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً، إِذِ الْجُمُعَةُ مِنَ الصَّلاَةِ، فَإِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاَةَ كَانَتِ الصَّلَوَاتُ كُلُّهَا دَاخِلَةً فِي هَذَا الْخَبَرِ، الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ أَيْضًا بِمِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
الشيخ: بعد كلام المؤلف فيه تعليق؟
طالب: نعم.
الشيخ: بعد قال أبو بكر، فيه تعليق بعده؟
طالب: نعم.
الشيخ: ماذا قال بعده؟
طالب: فيه تصحيح الحديث الثاني قال: "تنبيه، جميع هذه الروايات الواردة بالتخريج بدون ذكر الجمعة، لكن أبا داود جعله تحت باب (من أدرك من الجمعة ركعة)، وجاء عند الدارمي بلفظ: (من أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى)، وعند ابن ماجه (من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى)".
الشيخ: فليصِلْ أو فليُصلِّ، كذلك وعند من؟
طالب: وعند ابن ماجه: (من أدرك من الجمعة ركعة ...)
الشيخ: فليصلِّ إليها أخرى؟
طالب: (فليصَلِّ إليها أخرى)، نعم.
قال: حدثنا ابن أَبِي مَرْيَمَ، قال: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى، قَالَ أُسَامَةُ: وَسَمِعْتُ مِنَ أَهْلِ الْمَجْلِسِ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسَالِمًا يَقُولاَنِ: بَلَغَنَا ذَلِكَ.
بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى تَجْوِيزِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ بِأَقَلِّ مِنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا ...
بركة، هذا الحديث فيه الدليل على هذه الترجمة، هذا الحديث يدل على أن من أدرك ركعة من الجمعة فإنه يدرك الجمعة ويضيف إليها ركعة أخرى، وكذلك سائر الصوات، أما إذا أدرك أقل من ذلك فإنه إن كان الإمام دخل بعد الزوال، فإنه يضيف إليها الأخرى، فإنه يضيف إليها ثلاث ركعات، يعني يصليها ظهرًا أربعًا، وإن كان الوقت لم يدخل، يعني إن كان الإمام يتقدم، في بعض الأوقات كانوا يدخلون قبل دخول الوقت في الضحى، فإنه يضيف إليها، يصلي ركعتين وتكون نافلة، وإذا دخل الوقت يصلي الظهر أربعًا، هكذا، لأنه قد يدخل الإمام قبل دخول الوقت.
فصلاة الجمعة عند الحنابلة والجماعة تصح قبل وقت الضحى، قبل الزوال، وأما جمهور العلماء وسائر أهل الحديث فإنها ... فإن الجمعة ينبغي ألا تصلى إلا بعد الزوال، وهذا هو الأحوط، وعليه سائر الأحاديث، لكن لو تقدم بعض الأئمة وصلى قبل الزوال، فمن أدرك ركعة من الجمعة، يضيف إليها أخرى، ومن أدرك أقل من ذلك فإنه يصلي ركعتين تكون تحية المسجد، وينتظر حتى يدخل الوقت ثم يصلي الظهر أربعًا.
بركة، تقبل الله منا ومنكم.