القارئ:
قال الإمام/ ابن خزيمة -رحمه الله- في (صحيحه):
"بَابُ ذِكْرِ لَعْنِ لَاوِي الصَّدَقَةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا"
الشيخ:
الحديث السابق في مسلم: «أول ثلاثة تُسَعَّر بهم النار: مانع الزكاة» في مسلم؟
أحد الحضور:
في مسلم أحسن الله إليك.
الشيخ:
في مسلم ممكن جزء من الحديث، بعض الحديث.
القارئ:
راجعت إلى (إتحاف المهرة) لابن حجر فوجدته ذكر أنه أخرجه مسلم لكن علق عليه المُحَشِّي إنه وهم ليس في مسلم.
الشيخ:
وعلى هذا تكون ترجمة ابن خزيمة -رحمه الله-: «أول من تُسعَّر بهم النار» مبنية على هذا الحديث، والحديث لا يصحُّ، إذا كان لا يصحُّ تكون الترجمة.....
الترجمة ماذا؟ بابُ؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ إِدْخَالِ مَانِعِ الزَّكَاةِ النَّارَ مَعَ أَوَائِلِ مَنْ يَدْخُلُهَا، بِاللَّهِ نَتَعَوَّذُ مِنَ النَّارِ"
الشيخ:
كونه مع أوائل من يدخلها هذا مبني على الحديث، والحديث لا يصحُّ.
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ ذِكْرِ لَعْنِ لَاوِي الصَّدَقَةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا"
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: «آكِلُ الرِّبَا، وَمُوكِلُهُ، وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلِمَاهُ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ وَلَاوِي الصَّدَقَةِ، وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
الشيخ:
باب لَعْنِ لَاوِي هكذا عندك؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ لَعْنِ لَاوِي الصَّدَقَةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا"
الشيخ:
نعم.
القارئ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «آكِلُ الرِّبَا، وَمُوكِلُهُ، وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلِمَاهُ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ وَلَاوِي الصَّدَقَةِ، وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
قال: "في إسناده مقال من أجل يحيى بن عيسى الرملي فقد تكلم فيه يحيى بن معين والنسائي وابن حبان والجوزجاني وابن عدي ووثَّقه العجلي".
وقال الذهبي: "صُويلح". فقد جمع ابن حجر بين أقول النُقاد فقال في (التقريب): "صدوق يخطئ". وللحديث طريق آخر لكن فيه الحارث الأعور وهو ضعيف جدًّا.
أخرجه عبد الرزاق وأحمد والنسائي في الكبرى وأبو يعلى وابن حبان والحاكم والبيهقي.
الشيخ:
محتمل أن يكون حسن ومحتمل ألا يكون....
أعد الحديث.
القارئ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «آكِلُ الرِّبَا، وَمُوكِلُهُ، وَشَاهِدَاهُ إِذَا عَلِمَاهُ، وَالْوَاشِمَةُ وَالْمُوتَشِمَةُ وَلَاوِي الصَّدَقَةِ، وَالْمُرْتَدُّ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
الشيخ:
وهؤلاء كلهم لهم شواهد. آكلُ الربا وموكله، ففي القرآن العظيم وكذلك الحديث: «لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده» وقال: هم سواء.
وكذلك المرتد أعرابيًا جاء أيضًا، وكذلك الواشمة والمستوشمة في الحديث الصحيح من كبائر الذنوب، كلهم من كبائر الذنوب، كلهم لهم شواهد، ما عدا لاوي الصدقة هذا، لاوي الصدقة الممتنع من آدائها؟
ما ذكر معهم كلهم شواهد، كلهم محتمل أن يكونوا حسن.
مناقشة: أحسن الله إليك لما خص الأعرابي هنا؟
ج/ المرتد أعرابيًا؛ لأنه ما يجوز التعرب.
التعرب معناه: أن ينتقل من المدينة إلى البادية فيكون أعرابيًا يترك الجمعة والجماعة، وسماع الذكر، والمعروف والنهي عن المنكر ويصير وحده في البريِّة، هذا عليه الوعيد الشديد، إلَّا في آخر الزمان، إذا فسد الزمان كما في صحيح البخاري: «خير ما يكون للمرء غنمٌ يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن».
إذا نُزع الخير من المدن ومن القُرى وليس فيها جمعة ولا صلاة ولا آمر ولا ناهي وخاف الإنسان على نفسه؛ في هذه الحالة ينتقل إلى البادية، إلى البريِّة حتى يسلم له دينه، كما قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحديث الصحيح: «يوشك أن يكون خير مال الأرض غنمٌ يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن» هذا في آخر الزمان.
أما إذا كان المدن فيها خير وفيها صلاة وفيها جمعة وجماعة وأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فلا ينبغي أن يتعرب. ذهب أعرابيًا معناه: ترك الجمعة والجماعة، ترك الخير.
وفي الحالة الثانية: يأتي قول الشاعر:
عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى |
*** |
وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ |
يصير يستأنس بالوحوش، ويفر من الإنسان.
س: لكن اللاوي أحسن الله إليك ما يعني؟
ج/ المانع.
س: إن كان يتأخر في سدادها يكون من ضعف الإيمان فيه؟
ج/ لا شك أن هذا من ضعف الإيمان، يمنع الصدقة التي هي الزكاة يعني هذا من كبائر الذنوب العظيمة، بعض العلماء يرى أنه كفر إذا تركها، رِدَة.
س: يعني يماطلوا بها أحسن الله إليك.
ج/ يمنعها، إما إنه إذا طلبها ولي الأمر لا يدفعها، أو أنه لا يُخرجها، لا يُخرج الزكاة، وعيد شديد.
القارئ:
أحسن الله إليك، هنا في الحاشية قال: "لاوي الصدقة: المتثاقل عنها".
الشيخ:
متثاقل: متهاون متساهل، والمراد بالصدقة الزكاة هنا، متثاقل؟! محتمل إذا كان يدفعها ولكنها يتأخر هذا عليها الوعيد الشديد، أما إذا تركها إذا لم يُخرجها بالكُليِّة؛ فهذا عليه الوعيد الشديد، وقال بعض العلماء بكُفره لأنه ترك الزكاة، لا يؤديها، أو ترك الحج، أو ترك الصيام، كفر عند جمع من أهل العلم.
ويرى آخرون من أهل العلم: أنه من كبائر الذنوب ولا يكون كفرًا إلَّا إذا جحد وجوبها أو وجوب الصيام.
أما الصلاة: فإن تركها كفرًا على الصحيح؛ لأنه جاء في الصلاة ما لم يأتِ في غيرها، نقل عبد الله شاكر العُقيلي التابعي الجليل قال: "كان أصحاب محمد لا يرون شيئًا تركه كُفر إلَّا الصلاة"، قال عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام: «الصلاة عمود الإسلام، فمن تركها فقد كفر»، وقال: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» وأتى (07:29) بالأقل، كفر الرجال المُعَرَّف يراد به الأكبر، بخلاف المُركب لقول -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام-: «اثنتان من الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب والنياحة على الميت» هذا كفر أصغر من كبائر الذنوب.
«أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الطَّعْنُ في الأنْسابِ، والفَخْرُ في الأحْسابِ ، والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ، والنياحة على الميت» كل هذه جاء تسمية الكفر كونه أنه كفر، معاصي، بخلاف ترك الصلاة لأنها كفر أكبر على الصحيح.
وذهب جمعٌ من الجمهور المتأخرين إلى أنه: "لا يكفر تارك الصلاة إلَّا إذا جحد وجوبها".
مناقشة:
في الصحيح -أحسن الله إليك- أنها (08:13)؟
الشيخ:
نعم. ما وردت، هي ما وردت في غيرها، النصوص كثيرة، ويدل على ذلك أيضًا الحديث الصحيح، النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عن الخروج على الأمراء، وقال: «إلَّا أن تروا كفرًا بواحًا يكون من الله برهان»، ثم قال في الحديث في صحيح مسلم: «خير أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتُصلون عليهم ويصلون عليكم -يعنى تدعوا لهم ويدعوا لكم- وشر أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم» قلنا: يا رسول الله: أفلا نؤدبهم بالسيف؟ قال: «لا، ما أقاموا فيكم الصلاة» فإذا ضم هذا الحديث إلى الحديث الآخر دل على أن ترك الصلاة يكون بالبواح، هنا قال: «إلَّا أن تروا كفرًا بواحًا»، وهنا قال: «لا، ما أقاموا الصلاة».
س: يمكننا هنا (09:02) فسر لاوي الصدقة الممتنع من أدائها؟
الشيخ:
من هو؟ في الترجمة يعني؟
القارئ:
نعم. أحسن الله إليك.
الشيخ:
وهنا المتثاقل. المماطل من الذي قالها؟
القارئ:
الأعظمي.
الشيخ:
المُحَشِّي.
الترجمة باب ماذا؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ لَعْنِ لَاوِي الصَّدَقَةِ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا"
الشيخ:
هنا في الحديث ذكر اللعن الآن؟
القارئ:
نعم. قال: «مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
الشيخ:
نعم. لعن آكل الربا هكذا وردت في الحديث الشريف، وكذلك الواشمة ملعونة، والمستوشمة، والمرتد أعرابي، كلها جاء لعنهم ما عدا مانع الصدقة.
والمرتد أعرابيًا ذكر أنه من الكبائر لكن لعنه أيضًا فيه نظر.
القارئ:
"بَابُ صِفَاتِ أَلْوَانِ عِقَابِ مَانِعِ الزَّكَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخَلْقِ، بِاللَّهِ نَعُوذُ مِنْ عَذَابِهِ"
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّغْلِبِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، وَقَالَ جَعْفَرٌ: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ إِسْحَاقُ: قَالَ: انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «هُمُ الْأَخْسَرُونَ، وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» قَالَ: فَجَلَسْتُ، فَلَمْ أَتَقَارَّ أَنْ قُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي؟ قَالَ: «هُمُ الْأَكْثَرُونَ إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وهكذا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَقَلِيلٌ مَا هُمْ، وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ، وَلَا بَقَرٍ، وَلَا غَنَمٍ........
الشيخ:
وفي الرواية الأخرى فسَّرها قال: «من أمامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله» يعني يُخرج المال من هنا ومن هنا ومن هنا ومن هنا، هذا يسلم من الخسارة، ذكر قَالَ: «هُمُ الْأَكْثَرُونَ إِلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ» يعني ينفق، أو يتصدق، أو يُحسن.
القارئ:
وَمَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ، وَلَا بَقَرٍ، وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمُ مَا كَانَتْ، وَأَسْمَنُهُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، وَتَطَأَهُ بِأَخْفَافِهَا، كُلَّمَا نَفَذَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ». «هَذَا حَدِيثُ إِسْحَاقَ». وَقَالَ جَعْفَرٌ: عَنْ أَبِي ذَرٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ» ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى آخِرِهِ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ.
الشيخ:
وفي صحيح مسلم زيادة: «حتى يُقضى بين العباد فيَرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار». في صحيح مسلم أطول من هذا قال: «مَا مِنْ صاحِبِ ذهَبٍ، وَلا فِضَّةٍ، لا يُؤَدِّي زَكاتها أو حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفائِحُ مِنْ نَارِ، فَيُكْوَى بهَا جنبُهُ، وجبِينُهُ، وظَهْرُهُ، كُلَّما برَدتْ أُعيدتْ عليه في يوْمٍ كَانَ مِقْدَارُه خمْسِينَ أَلْف سنَةٍ، حتَّى يُقْضَى بيْنَ العِبادِ فَيُرَى سبِيلُهُ، إِمَّا إِلى الجنَّةِ وإِما إِلى النَّارِ».
وما من صاحبِ إِبِلٍ لا يؤَدِّي مِنهَا حقَّهَا، ومِنْ حقِّهَا، حَلْبُهَا يومَ وِرْدِها، إِلا إِذَا كَانَ يَومُ القيامَة بُطِحَ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فتَطؤُهُ بأَخْفَافِها، وتَعَضُّهُ بِأَفْواهِها، كُلَّما مَرَّت عليْهِ أَولاها، ردَّ عليْهِ أُخْراها، في يومٍ كانَ مِقْداره خَمْسِينَ أَلْفَ سَنةٍ، حتَّى يُقْضَي بَيْنَ العِبَاد، فَيُرَى سبِيلُه، إِمَّا إِلى الجنَّةِ وإِمَّا إِلى النارِ».
وما من صاحِبِ بقرٍ لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حقَّهَا إِلاَّ إِذا كَانَ يَوْمُ القيامَةِ، بُطِحَ لهَا بقَاعٍ قَرقَرٍ، فَتَطَؤُهُ بِأَظْلافِهَا، وتعضُّه بأفواهها».
وما من صاحِبِ غَنمٍ كذلك لاَ يُؤَدِّي مِنْهَا حقَّهَا إِلاَّ إِذا كَانَ يَوْمُ القيامَةِ، بُطِحَ لهَا بقَاعٍ قَرقَرٍ، فَتَطَؤُهُ وتعضُّه بأفواهها كُلَّما مَرَّت عليْهِ أَولاها، ردَّ عليْهِ أُخْراها، في يومٍ كانَ مِقْداره خَمْسِينَ أَلْفَ سَنةٍ، حتَّى يُقْضَي بَيْنَ العِبَاد، فَيُرَى سبِيلُه، إِمَّا إِلى الجنَّةِ وإِمَّا إِلى النارِ».
هذا من الأدلة من قال بأن تارك الزكاة لا يكفر إذا تركها بُخلًا وتهاونًا؛ لأنه لو كان كافرًا لم يكن له سبيل إلى الجنة، قال: «فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار» فلو كان كافرًا لا يكن له سبيل إلى الجنة، دل على أنه ليس بكافر، ولكنه مرتكب إلى جريمة عظيمة من كبائر الذنوب، مُتوعد بهذا الوعيد الشديد، متوعد بالنار، ومتوعد بالعذاب في البرزخ، هذا في موقف القيامة قبل دخول النار، نسأل الله السلامة والعافية، ونعوذ بالله.
نعم.
الترجمة السابقة.
القارئ:
"بَابُ صِفَاتِ أَلْوَانِ عِقَابِ مَانِعِ الزَّكَاةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَبْلَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْخَلْقِ، بِاللَّهِ نَعُوذُ مِنْ عَذَابِهِ"
الشيخ:
هذا عذابه قبل الفصل بين الخلق، يعني قبل الذهاب إلى الجنة أو الذهاب إلى النار.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ بَعْضِ أَلْوَانِ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ مَنْ جَهِلَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ [التوبة: 34] الْآيَةَ، فَزَعَمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ لَا فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَالنَّبِيُّ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْمُؤْمِنِينَ لَا فِي الْكُفَّارِ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ: يُعَذَّبُ الْكَفاِرُ إِلَى وَقْتِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يُرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَكُونُ مُخَلَّدًا فِي النَّارِ لَا يَطْمَعُ أَنْ يُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ تَعْذِيبِ بَعْضِ الْعَذَابِ قَبْلَ الْفَصْلِ بَيْنَ النَّاسِ، ثُمَّ يُخَلَّى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ، بَلْ يُخَلَّدُ فِي النَّارِ بَعْدَ الْفَصْلِ بَيْنَ النَّاسِ"
الشيخ:
الكافر ما له سبيل إلى الجنة، أسأل الله السلامة والعافية.
الترجمة طويلة هذه. نعم.
القارئ:
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُهَيْلٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا مِنْ عَبْدٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ إِلَّا أُتِيَ بِهِ وَبِمَالِهِ فَأُحْمِيَ عَلَيْهِ صَفَائِحُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَتُكْوَى بِهِ جَنْبَاهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ يَوْمًا مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ، إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».
«وَلَا عَبْدٍ لَا يُؤَدِّي صَدَقَةَ إِبِلِهِ إِلَّا أُتِيَ بِهِ، وَإِبِلُهُ عَلَى أَوْفَرَ مَا كَانَتْ فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَسِيرُ عَلَيْهِ كُلَّمَا مَضَى آخِرُهَا رَدَّ أَوَّلُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».
الشيخ:
فَتَسِيرُ أو تُسَيَّر محتمل.
في مسلم: «في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة».
القارئ:
«وَلَا عَبْدٍ لَا يُؤَدِّي صَدَقَةَ غَنَمِهِ إِلَّا أُتِيَ بِهِ وَبِغَنَمِهِ عَلَى أَوْفَرَ مَا كَانَتْ فَيُبْطَحُ لَهَا بِقَاعٍ قَرْقَرٍ فَتَسِيرُ عَلَيْهِ كُلَّمَا مَضَى عَنْهُ آخِرُهَا رَدَّ أَوَّلُهَا تَطَأَهُ بِأَظْلَافِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَ عِبَادِهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ».
الشيخ:
ومعنى لا يؤدي صدقة: لا يؤدي الزكاة. الصدقة تطلق على الزكاة.
«لَيْسَ فِيهَا عَقْصَاءُ، وَلَا جَلْحَاءُ»: يعني كلها نشيطة، قوية، مُوفَّرة أعضائها.
القارئ:
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْخَيْلُ قَالَ: «الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَالْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ هِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.
قَالُوا: الْحُمُرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيَّ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ الْجَامِعَةَ الْفَاذَّةَ ﴿فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾».
الشيخ:
الْحُمُرُ: جمع حمار.
الآية الجامعة يعني جامعة لجميع أنواع الخير وجميع أنواع الشر. ﴿فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه﴾ يعني جامعة لجميع أنواع الخير، ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ هذه جامعة لجميع أنواع الشر.
والفاذَّة: أي ليس لها نظير.
أي نوع من الأعمال، ولما سُئل عن الحمار إذا كان له حمار ويركبه للدعوى إلى الله، والإحسان إلى الناس، ويُعينهم ويحمل عليه أمتعة المحتاجين؛ صار خير، يأجره الله، وإذا كان يستعمله في الشر وفي إيذاء الناس، وفي التجسس عليهم، والعدوان عليهم، وما أشبه ذلك، أو الضرر؛ صار شرًا وجُزي به.
وكذلك صاحب السيارة: إذا استعملها في الخير؛ خير، وإذا استعملها في الشر؛ شر، وإذا استعملها في المباح؛ مباح.
القارئ:
أحسن الله إليك. يعني ليس لها آية نظير لها؟
الشيخ:
هذا هو الظاهر يعني فاذَّة، يعني في كونها جمعت جميع أنواع الخير وجميع أنواع الشر.
مَن مِن صيغ العموم. ﴿فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا﴾ مَن عامة، ﴿يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ ما تركت الأولى شيئًا من الخير، والثانية ما تركت شيئًا من الشر.
وفي الآية الأخرى: ﴿وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء:47]، ما فيها عموم؛ لأنه يحاسب على مثقال ذرة، لكن ما فيها عموم مثل الآية هذه، هي عامة فاذَّة.
القارئ:
الْجَلْحَاءُ: الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَرْنٌ. وَالْعَقْصَاءُ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ.
الشيخ:
يعني تامة الخِلقة ما في واحدة ليس لها قرون.
العقصاء التي ليس لها قرون.
والجلحاء: مكسورة القرن.
القارئ:
الْجَلْحَاءُ: الَّتِي لَيْسَ لَهَا قَرْنٌ. وَالْعَقْصَاءُ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ.
الشيخ:
يعني حتى قرونها تامة حتى تنطحه بقرونها، تعضه بأفواهها، وَتَطَؤُهُ بِخِفَافِهَا، كلها تامة الخِلقة.
نعم.
تخريج الحديث قال: أخرجه. بمعنى مسلم، وفئة من هذا.
القارئ:
قال: "البخاري ومسلم".
الشيخ:
لكن ما اختلافٍ في اللفظ والزيادة.
القارئ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ فِي كُلِّهَا: «فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ»، وَقَالَ أَيْضًا: «ثُمَّ تَسْتَنُّ عَلَيْهِ».
الشيخ:
تمشي عليه.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَنْزِ مُجْمَلَةً غَيْرَ مُفَسَّرَةٍ"
الشيخ:
بارك الله فيك. قف على هذا. التفسير -إن شاء الله- يوم الخميس نقرأ تكملة هذا وتفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.