قال ابن خزيمة رَحِمهُ اللهُ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ: سَمِعْتُ بَهْذَا، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، ح وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قال: أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، لَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ مِنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ».
قَالَ الصَّنْعَانِيُّ: «مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ». وَقَالَ بُنْدَارٌ: «وَمَنْ أَبَى فَأَنَا آخِذُهَا وَشَطْرَ مَالِهِ» ، وَقَالَ: «لَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ مِنْ حِسَابِهَا».
أحسن الله إليك، هذا الحديث رواه أحمد وأبو داوود والنسائي والحاكم وغيرُهم كلهم من طريق بَهْز بن حكيم عن أبيه عن جده وجاء في أكثر الروايات بلفظِ: «فإنَّا آخذوها وشطر إبله» وفي بعضها الآخر: «فإنَّا آخذوها وشطر ماله». والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وقال ابن حِبَّان في ترجمة بهز بن حكيم من كتاب المجروحين: "كان يخطئ كثيرًا فأما أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم -رحمهما الله- فهما يحتجان به ويرويان عنه، وتركه جماعة من أئمتنا ولولا حديث: «إِنَّا آخِذُوه وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا» لأدخلناه في (الثقات) وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه...
الشيخ:
يعني كان متوقف فيه.
القارئ:
ونقل قوله هذا ابن عبد الهادي في (المُحَرر) وتعقبه بقوله: "وفي قوله نظر بل هذا الحديث صحيح، وبَهز ثقة عند أحمد، وإسحاق، وابن المديني، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، وتعقب ابن حِبَّان كذلك الذهبي في (تاريخ الإسلام) بقوله: "قلتُ على أبي حاتم البُستي في قوله هذا مؤاخذات، أحدها قوله: كان يخطئ كثيرًا، وإنما يُعرفُ خطأ الرجل بمخالفة رفاقه له، وهذا فانفرد بالنسخة المذكورة، وما شاركه فيها ولا له في عامتها رفيق، فمن أين لك أنه أخطأ؟!
الثاني: قولك: تركه جماعة، فما علمت أحدًا تركه أبدًا، بل قد يتركون الاحتجاج بخبره، فهلَّا أفصحت بالحق؟!
الثالث: ولولا حديث: «إنا آخذوها.....» فهو حديث انفرد به أصلًا ورأسًا، وقال به بعض المجتهدين، وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الكبرى: بهز هذا وثَّقه النسائي وابن معين وابن المديني وأبوه حكيم بن معاوية ليس به بأس ولكن هذا الحكم لا يؤخذ عن مثله".
ونقل البيهقي في (السنن الكبرى) عن الشافعي قوله: ولا يثبت أهل العلم بالحديث أن تؤخذ الصدقة وشطر إبل الغالي لصدقته ولو ثبت قلنا به.
الشيخ:
الغالي؟!
القارئ:
الغَال.
الشيخ:
ولا ماذا؟
القارئ:
ولا يثبت أهل العلم بالحديث أن تؤخذ الصدقة وشطر إبل الغالِ لصدقته ولو ثبت قلنا به.
ثم قال البيهقي: "هذا حديث قد أخرجه أبو داود في كتاب (السنن) فأما البخاري ومسلم رحمهما الله فإنهما لم يخرجاه جرينا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلَّا راوٍ واحد لم يُخرج حديثه في الصحيحين، ومعاوية بن حيدة القشيري لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه. فلم يخرج حديثه في الصحيح والله أعلم.
وقد كانت تضعيف الغرامة على من سبق في ابتداء الإسلام ثم صار منسوخًا واستدل الشافعي على نسخِه بحديث البراء بن عازب فيما أفسدت ناقته فلم ينقل عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تلك القصة أنه أضعف الغرامة بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط فيحتمل أن يكون هذا من ذاك، والله أعلم.
وقال ابن قدامة رحمه الله في المغني: فصلٌ وإن منعها معتقدًا بوجوبها وقدر الإمام على أخذها منه أخذها وعذَّره ولم يأخذ زيادة عليها في قول أكثر اهل العلم منهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم، وكذلك إن غلَّ ماله فكتمه حتى لا يأخذ الإمام زكاته فظهر عليه.
وقال إسحاق راهويه وأبو بكر عبد العزيز: "يأخذها وشطر ماله لما روى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه كان يقول: «فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ، لَا يُفَرَّقُ إِبِلٌ مِنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ آبَاها فَإِنَّا آخِذُهَا وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ».
وذكر هذا الحديث لأحمد فقال: "ما أدري ما وجهه"، وسئل عن إسناده فقال: "هو عندي صالح الإسناد" رواه أبو داود والنسائي في سننهما ووجه الأول قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «ليس في المال حقٌ سوى الزكاة»؛ ولأن منع الزكاة كان في زمن أبي بكر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بموت رسُول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع توفر الصحابة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم- فلم يَنقل أحد عنهم زيادة ولا قولًا بذلك".
واختلف أهل العلم في العذر عن هذا الخبر فقيل: كان في بدء الإسلام حيث كانت العقوبات في المال ثم نُسخ بالحديث الذي رويناه، وحكى الخطّابي عن إبراهيم الحربي أنه يؤخذ منه السن الواجبة عليه من خيار ماله من غير زيادة في سنٍ ولا عدد، لكن ينتقي من خير ماله ما تزيد به صدقته في القيمة بقدر شطر قيمة الواجب عليه من خيار ماله من غير زيادة في سن ولا عدد، لكن ينتقي من خير ماله ما تزيد به صدقته في القيمة بقدر شطر قيمة الواجب عليه، فيكون المراد بماله ها هنا الواجب عليه من ماله فيُزاد عليه في القيمة بقدر شطره، والله أعلم.
فأما إن كان مانع الزكاة خارجا عن قبضة الإمام قاتله؛ لأن الصحابة -رضي الله عنهم- قاتلوا مانعيها, وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقاتلتهم عليه.
فإن ظفر به وبماله أخذها من غير زيادة أيضًا، ولم تُسب ذريته؛ لأن الجنابة من غيرهم؛ ولأن المانع لا يُسبى فذريته أولى وإن ظفر به دون ماله دعاه الى أدائها واستتابه ثلاثًا، فإن تاب وأدى وإلا قتل ولم يحكم بكفره. وعن أحمد ما يدل على أنه يكفر بقتاله عليها". انتهى.
الشيخ:
لأنه إذا قاتل عليها دل على جحوده وإنكاره، لأن الصحابة قاتلوا من منع هذا وقاتل عليها، أما إذا لم يقاتل عليها تؤخذ منه ويُعذَّر ولا يكفر، لكن إذا قاتل عليها دل على جحوده، هذا قول بعض أهل العلم.
القارئ:
وقال ابن القيِّم في (الطرق الحكمية) بعد أن ذكر أمثلة على العقوبات المالية منها حديث بهز بن حكيم: "فمن قال إن العقوبات المالية منسوخة وأطلق ذلك فقد غلط على مذاهب الأئمة نقلًا واستدلالًا، فأكثر ذلك المسائل سائغٌ في مذهب أحمد وغيره وكثير منها سائغ عند مالك وفعل الخلفاء الراشدين وأكابر الصحابة لها بعد موته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مبطلٌ أيضًا لدعوة نسخها، والمدَّعون للنسخ ليس معهم كتاب ولا سُنة ولا إجماع يصحح دعواهم إلَّا أن يقول أحدهم مذهب أصحابنا عدم جوازها، فمذهب أصحابه عيار القبول والرد، وإذا ارتفع عن هذه الطبقة ادَّعى أنها منسوخة بالإجماع وهذا غلط أيضًا، فإن الأمة لم تجمع على نسخها ومحال أن ينسخ الإجماع السَّنَة ولكن لو ثبت الإجماع لكان دليلًا على نص الناسخ.
وقال ابن القيِّم أيضًا في حاشيته على (09:07) أبي داود: "أكثر العلماء على أن الغلول في الصدقة والغنيمة لا يوجب غرامة في المال، وقالوا: كان هذا في أول الإسلام ثم نسخ، واستدل الشافعي على نسخه بحديث البراء بن عاذب فيما أفسدت ناقته فلم يُنقل عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه أضعف الغُرم بل نقل فيها حكمه بالضمان فقط.
وقال بعضهم يشبه أن يكون هذا على سبيل التوعد لينتهي فاعل ذلك، وقال بعضهم إن الحق يستوفي منه غير متروك عليه وإن تلف شطر ماله كرجل كان له ألف شاه فتلفت حتى لم يبقَ له إلَّا عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه بصدقة ألف، وهو شطر ماله الباقي أو نصفه، وهو بعيد لأنه لم يقل إنا أخذوا شطر ماله.
وقال إبراهيم الحربي: "إنما هو وشُطِّرَ ماله: أي جعل ماله شطرين ويتخير عليه المُصدق فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة فأما ما لا يلزمه فلا"، قال الخطابي: "ولا أعرف هذا الوجه". هذا آخرُ كلامه، وقال بظاهر الحديث الأوزاعي والإمام أحمد وإسحاق بن راهويه على ما فُصل عنهم، وقال الشافعي في القديم: من منع زكاة ماله أخذت منه وأخذ شطر ماله عقوبة على منعه واستدل بهذا الحديث، وقال في الجديد: لا يؤخذ منه إلَّا الزكاة لا غير، وجعل هذا الحديث منسوخًا، وقال: كان ذلك حين كانت العقوبات في المال ثم نُسخت، هذا آخر كلامه.
ومن قال إن بهز بن حكيم ثقة احتاج إلى الاعتذار عن هذا الحديث بما تقدم، فأما من قال أنه لا يحتج بحديثه فلا يحتاج إلى شيء من ذلك.
وقد قال الشافعي في بهز: "ليس بِحُجة، فيحتمل أن يكون ظهر له ذلك من بعد اعتذاره عن الحديث، ولا يحتج به، أو أجاب عنه على تقدير الصحة".
وقد قال أبو حاتم الرازي في بهز بن حكيم: "هو شيخ يُكتب حديثه ولا يحتج به".
وقال البُسطي: "كان يخطئ كثيرا، فأما الإمام أحمد وإسحاق فهما يحتجان به ويرويان عنه وتركه جماعة من أئمتنا ولولا حديثه: «إِنَّا آخِذُوه وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةٌ مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا» لأدخلناه في (الثقات) وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه، فجعل روايته لهذا الحديث مانعة من إدخاله في الثقات". تم كلامه.
وقد قال علي بن المديني: "حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح".
وقال الإمام أحمد: "بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح، وليس لمن رد هذا الحديث حُجَّة ودعوى نسخه دعوى باطله إذ هي دعوى ما لا دليل عليه، وفي ثبوت شرعية العقوبات المالية عدة أحاديث عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يثبت نسخها بحُجَّة وعمل بها الخلفاء بعده، وأما معارضته بحديث البراء في قصة ناقته ففي غاية الضعف فإن العقوبة إنما تسوغ إذا كان المعاقب متعديًا بمنع واجب أو ارتكاب محظور، وأما ما تولد من غير جنايته وقصده فلا يسوغ أحد عقوبته عليه".
وقول من حمل ذلك على سبيل الوعيد دون الحقيقة في غاية الفساد يُنزه عن مثله كلام النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقول من حمله على أخذ الشطر الباقي بعد التلف باطلٌ لشدة منافرته وبُعده عن مفهوم الكلام؛ ولقوله: «فَإنَّا آخِذُوها وَشَطْرَ مَالِهِ».
الشيخ:
هذا كله كلام ابن القيِّم؟
الطالب:
نعم أحسن الله إليك. في حاشية....
الشيخ:
في السنن. نعم.
الطالب:
وقوله الحربي: "إنه وشُطِّرَ بوزن شُغل في غاية الفساد ولا يعرف أحد من أهل الحديث بل هو من التصحيف". وقول ابن حِبَّان: ولولا حديثه هذا لأدخلناه في (الثقات) كلامٌ ساقط جدًّا، فإنه إذا لم يكن لضعفه سببٌ إلَّا روايته هذا الحديث، وهذا الحديث إنما رُد لضعفه كان هذا دورًا باطلًا، وليس في روايته لهذا ما يوجب ضعفه فإنه لم يخالف فيه الثقات". انتهى كلام ابن القيِّم.
الشيخ:
على كل حال. جمهور العلماء على أنه لا يؤخذ شيءٌ من ماله، قالوا: إنه منسوخ، وقال آخرون من أهل العلم: إنه غير منسوخ وهذا الذي انتصر له ابن القيِّم رحمه الله.
ولكن ينظر تتبع الخلفاء الراشدين هل كانوا يأخذون غرامات أم لا يأخذون؟ إن كانوا يأخذون دل على أنه باقي، وإن لم يكونوا يأخذون دل على أنه منسوخ.
الجمهور: يرون أنه لا يؤخذ لا من الغال ولا من...... (13:53).
سمِّ.
القارئ:
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللَّهُم اغْفِر لنَا ولوالدينا ولمشايخنا وذرياتنا والسامعين.
قال الحافظ/ أبو بكر بن خزيمة -رَحِمهُ اللهُ تَعالى-:
"بَابُ صَدَقَةِ الْبَقَرِ بِذِكْرِ لَفْظٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ"
حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، ح وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، وَإِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَخْبَرَهُ: «أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعًا، وَمِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بَقَرَةً مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ». «هَذَا حَدِيثُ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّازِقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَتَبَ لَهُ كِتَابًا فِيهِ: «وَفِي الْبَقَرِ فِي ثَلَاثِينَ بَقَرَةً تَبِيعٌ وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ».
الشيخ:
ماذا قال عليه؟
القارئ:
الأول -أحسن الله إليك- قال: "صحيح أخرجه الشافعي في المُسند وعبد الرزاق وأحمد والدارمي وأبو داود وابن ماجه والترمذي والبزَّار والنسائي وابن الجارود والشاشي وابن حِبَّان والطبراني في (الكبير) والدارقطني والحاكم والبيهقي".
الشيخ:
الثاني؟
القارئ:
الثاني -أحسن الله إليك- قال: "صحيح، أخرجه مالك في (الموطَّأ) والدارمي والنسائي".
الشيخ:
فيه دليل على وجوب الزكاة في البقر، وأن النِّصاب ثلاثين وما دون الثلاثين ليس فيه زكاة، فإذا بلغ الثلاثين ففيها تبيعٌ وتبيعة والتبيع والتبيعة من ولد البقر ما تم له سنة، فإذا بلغت أربعين وجبت فيها مُسِنَّة: وهي ما تم لها سنتان، هكذا زكاة البقر، فقال: النصاب ثلاثين، نصاب الغنم أربعين أقل من....، نصاب الإبل خمس، نصاب البقر ثلاثين إذا بلغت ثلاثين وحال عليها الحول فإن الزكاة تبيع وتبيعة من ولد البقر يعني ذكر تبيع، أو أنثى تبيعة، فإذا بلغت أربعين ففيها مُسِنَّة وهي ما تم له سنتان من ولد البقر.
القارئ:
أحسن الله إليك. قال رَحِمهُ اللهُ تَعالى: "بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَفْظَةِ الْجُمْلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ فِي الْبَقَرِ فِي سِوَائِمِهَا دُونَ عَوَامِلِهَا»".
الشيخ:
نعم. السوائم: جمع سائمة، والسائمة هي التي ترعى من البر أكثر الحول، أكثر من ستة أشهر، لكن ترعى ولا تعطى شيء من العلف فهي تجب عليها الزكاة، فإن كانت تُعلف أكثر من ستة أشهر فليس فيها زكاة، زكاة السوم، لكن فيها زكاة التجارة إذا أعدَّها للبيع والتكسب (18:37) عند تمام الحول، لكن إذا أبقاها عنده للدر والنسل والأكل للضيوف ولا يريد بها تجارة ولا سوم فليس فيها زكاة. نعم.
القارئ:
أحسن الله إليك.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْجِرَارُ بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَامٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَرَجُلٍ آخَرَ سَمَّاهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ - أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الشيخ:
أَحْسَبُهُ أو أَحْسِبُهُ؟
القارئ:
أَحْسَبُهُ.
الشيخ:
نعم. حَسِبَ يَحْسَبُ.
ولكن أَحْسِبُهُ. نعم.
القارئ:
وَلَكِنْ -أَحْسِبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَحَبُّ إِلَيَّ، وَعَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَفِي الْغَنَمِ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعَةٌ وَثَلَاثِينَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ شَاةٌ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْمِائَتَيْنِ شَاةٌ فِيهَا أَيْ فَفِيهَا».
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: "أَوْ فَفِيهَا ثَلَاثٌ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَفِي الْبَقَرِ فِي ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ"، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: "تَبِيعٌ لَيْسَ بِسِنٍّ، إِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ تَبِيعًا إِذَا قَوِيَ عَلَى اتِّبَاعِ أُمِّهِ فِي الرَّعْيِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى اتِّبَاعِ أُمَّهِ فِي الرَّعْيِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَوْلِيًّا أَيْ قَدْ تَمَّ لَهُ حَوْلٌ".
الشيخ:
حَوْلِيًّا عندك هكذا؟
الطالب:
نعم. حَوْلِيًّا أحسن الله إليك.
الشيخ:
يعني مضى عليه الحول.
القارئ:
قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «لَيْسَ عَلَى مُثِيرِ الْأَرْضِ زَكَاةٌ».
الشيخ:
أعد الحديثين. الترجمة بابُ ماذا؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَفْظَةِ الْجُمْلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا أَوْجَبَ الصَّدَقَةَ فِي الْبَقَرِ فِي سِوَائِمِهَا دُونَ عَوَامِلِهَا»".
الشيخ:
مناقشة: (22:26) سوائمها هذا خطأ، الميم سوائم جمع سائم، والسائم هي التي ترعى أكثر من البر.
الطالب:
هي العوامل.
الشيخ:
نعم. العوامل التي تعمل ما فيها زكاة. تكون في الحرث والسواقي سبق في الدرس الماضي، إن العوامل التي تشتغل بالسوالي تسلي أو بالحرث هذه عوامل ما تجب فيها زكاة إلَّا إذا أعدها للتجارة.
والسوائم: التي ترعى من البر أكثر الحول.
القارئ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْجِرَارُ بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ تَمَامٍ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَرَجُلٍ آخَرَ سَمَّاهُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الشيخ:
وَلَكِنْ أَحْسَبُهُ: كأن في شك.
القارئ:
أَحَبُّ إِلَيَّ، وَعَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَفِي الْغَنَمِ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعَةٌ وَثَلَاثِينَ فَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ.
الشيخ:
يعني النصاب أربعون فإذا نقصت واحدة فليس فيها زكاة.
القارئ:
وَفِي الْأَرْبَعِينَ شَاةٌ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، فَفِيهَا شَاتَانِ إِلَى الْمِائَتَيْنِ.
الشيخ:
من مائة واحد وعشرين شاتان إلى مائتين ففيها ثلاث شياه.
القارئ:
فَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْمِائَتَيْنِ شَاةٌ فِيهَا أَيْ فَفِيهَا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: "أَوْ فَفِيهَا ثَلَاثٌ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، ثُمَّ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ.
الشيخ:
يعني تستقر الفريضة بعد مائتين ثلاثة أشياه ثم تستقر الفريضة في كل مائة شاة، أربعمائة أربع أشياه، خمسمائة خمس أشياه، ست مائة ست أشياه، وهكذا، تستقر الفريضة.
القارئ:
وَفِي الْبَقَرِ فِي ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ".
الشيخ:
نعم. تعمل بالحرث أو الزرع، بالسواني تسنى بها تستخرج الماء على ظهورها.
القارئ:
ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: "تَبِيعٌ لَيْسَ بِسِنٍّ، إِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ تَبِيعًا إِذَا قَوِيَ عَلَى اتِّبَاعِ أُمِّهِ فِي الرَّعْيِ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَقْوَى عَلَى اتِّبَاعِ أُمَّهِ فِي الرَّعْيِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَوْلِيًّا أَيْ قَدْ تَمَّ لَهُ حَوْلٌ".
قال: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، أَنَّ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «لَيْسَ عَلَى مُثِيرِ الْأَرْضِ زَكَاةٌ».
الشيخ:
لأنه من العوامل يحرث الأرض. ماذا قال عليه؟
القارئ:
أحسن الله إليك، قال: "صحيح موقوف"
الشيخ:
عن من؟
القارئ:
أنه سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: «لَيْسَ عَلَى مُثِيرِ الْأَرْضِ زَكَاةٌ».
الشيخ:
موقوف على جابر. نعم.
وهذا أخذها من الحديث: «ليس على عواملها شيء».
القارئ:
"بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ اللَّبُونِ فِي الصَّدَقَةِ بِغَيْرِ رِضَى صَاحِبِ الْمَاشِيَةِ"
الشيخ:
بارك الله فيك. قف على هذا. وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.