قال الإمام/ ابن خزيمة رحمه الله:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ زَيْدٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَعْنِي الطَّائِفِيَّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ زَكَاةٌ فِي كَرْمِهِ، وَلَا زَرْعِهِ إِذَا كَانَ أَقُلَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ».
الشيخ:
الحديث فيه ضعف، الحديث ضعيف.
القارئ:
أحسن الله إليكم، جاء في زكاة العنب عدة أحاديث في غير الصحيحين منها الحديث الأول هذا الذي مر عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله، أخرجه أحمد وعبد الرزاق وابن ماجه من طريق محمد بن مسلم الطائفي به، لكن ليس في روايتهم ذكر الكَرْم، وأخرجه الحاكم بذكر الكَرْم وصححه وتقدم أن ابن خزيمة أعلَّهُ بالانقطاع، وكذلك البخاري في التاريخ الكبير.
الحديث الثاني: قال الإمام أحمد: "حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن عثمان يعني ابن موهب، عن موسى بن طلحة قال: عندنا كتاب معاذ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أنه إنما أخذ الصدقة من الحِنطة والشَعير والزبيب والتمر»، صححه الحاكم ووثَّقه الذهبي، لكن قال ابن حجر في تخريجه في (مشكاة المصابيح) مُرسل.
وقال الألباني في (رواية الغليل): "لا وجه عندي لإعلال هذا السند بالإرسال؛ لأن موسى إنما يرويه عن كتاب معاذ، ويُصرح بأنه كان عنده، فهي روايةٌ من طريق الوجادة وهي حُجَّة على الراجح من أقوال علماء أصول الحديث، ولا قائل باشتراط اللقاء مع صاحب الكتاب، وإنما يشترط الثقة بالكتاب وأنه غير مدخول، فإذا كان موسى ثقة ويقول: عندنا كتاب معاذٍ بذلك فهي وجاده من أقوى الوجادات لقرب العهد بصاحب الكتاب والله أعلم.
الشيخ:
قال هذا الحافظ في ماذا؟
القارئ:
في تخريج (مشكاة المصابيح).
الشيخ:
نعم.
القارئ:
وقال محقق المُسند: "إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، موسى بن طلحة وإن لم يلقى معاذ إلَّا أنه نقله عن كتابه وهي وجادة صحيحة مقبولة عند أهل العلم".
قالوا: "وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي عن سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبي بُردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم: «لا تأخذوا الصدقة إلَّا من هذه الأربعة: الشعير والحنطة والزبيب والتمر».
وإسناده ضعيف، أبو حذيفة سيء الحفظ وطلحة بن يحيى التيمي مختلف فيه، وثَّقه يحيى بن معين وغيره وقال يحيى القطان: "لم يكن بالقوي"، وقال البخاري: "منكر الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: "كان يخطئ" وأخرج يحيى بن آدم والبيهقي من طريق عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي عن سفيان الثوري عن طلحة بن يحيى عن أبي بُردة عن أبي موسى الأشعري ومعاذ أنهما حين بُعث إلى اليمن لم يأخذا إلَّا من الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وهذا غير صريح بالرفع، وفيه طلحة بن يحيى التيمي أيضًا وقد سلف الكلام عليه آنفًا. انتهى من حاشية المُسند".
الحديث الثالث: حديث الزهري عن سعيد بن المُسيب عن عَتَّابَ بْنَ أُسَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: «أَمَرَ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْرُصَ الْعِنَبَ كَمَا يَخْرُصُ النَّخْلَ، وتؤخذ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤخذ صدقة النخلِ تَمْرًا» رواه الأربعة، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود، واختلف فيه على الزهري وصلًا وإرسالًا فرجَّح إرساله أبو حاتم وأبو زُرعة، وكذلك الألباني، وذكر أبو داوود عقبه أن سعيد بن المسيب لم يسمع من عتَّاب بن أسيد، وكذلك أعلَّه ابن حجر بالانقطاع في (بلوغ المرام).
الشيخ:
هنا يقول: رواه ابن خزيمة.
هنا عندنا هنا؟
القارئ:
يعني سيأتي بعد خمسة أبواب.
الشيخ:
نعم.
القارئ:
الحديث الرابع: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جَدِّه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: «إنما سنَّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الزكاة في هذه الخمسة: في الحنطة، والشعير، والتمرِ، والزَبيب، والذرة» رواه ابن ماجه من طريق محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العرزمي وهو متروك كما في التقريب، ورواه ابن أبي شيبة وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الكريم بن أبي المُخارق وهما ضعيفان.
الخامس: وروى عبد الرزاق وبن أبي شيبة من طريق ابن جريجٍ قال: "أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- أنه كان يقول: «كُلُّ صَدَقَةِ الثِّمَارِ، وَالزَّرْعِ مَا كَانَ مِنْ نَخْلٍ أَوْ عِنَبٍ، أَوْ زَرْعٍ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعَيرٍ أَوْ سُلْتٍ مِمَّا كَانَ بَعْلًا، أَوْ يُسْقَى بِنَهْرٍ، أَوْ يُسْقَى بِالْعَيْنِ أَوْ عَثْرِيًّا يُسْقَى بِالْمَطَرِ، فَفِيهِ الْعُشْرُ» وإسناده صحيح موقوفًا.
وقد نقل غير واحد الإجماع على وجوب الزكاة في العنبِ قال ابن المنذر في (كتاب الإجماع): "وأجمعوا على أن الصدقة واجبة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب".
وقال أبو جعفر النحاس في (الناسخ والمنسوخ): "لم يختلف العلماء أن في أربعة أشياء منها: الزكاة الحنطة والشعير والتمر والزبيب فهذا إجماع".
وجماعة من العلماء يقولون: "لا تجب الزكاة فيما أخرجت الأرض إلَّا في أربعة أشياء: "الحنطة والشعير والتمر والزبيب". فممن قال هذا: الحسن ومحمد بن سيرين والشعبي وابن أبي ليلة وسفيان الثوري والحسن بن صالح وعبد الله بن المبارك ويحيى ابن آدم وأبو عبيد، واحتج أبو عبيد بحديث الثوري عن طلحة بن يحيى عن أبي بُردة أن معاذ وأبو موسى لما بُعث ليعلم الناس أمر دينهم لم يأخذ الزكاة فيما أخرجت الأرض إلَّا من هذه الأربعة.
واحتج غيره أن أموال المسلمين محذورة فلما أُجمع على هذه الأشياء وجبت بالإجماع، ولما وقع الاختلاف في غيرها لم يجب فيها شيء". انتهى.
لكن روى أبو عبيد في الأموال بإسناده عن شُريح قال: "تؤخذ الصدقة من الحنطة والشعير والتمر قال: وكان لا يرى في العنب صدقة".
وروى عن الشعبي قال: "الصدقة في البُر والشعير والتمر".
ثم قال أبو عبيد: "وأما الذين لم يوجبوها إلَّا في الحنطة والشعير والتمر وأسقطوا الزبيب منها فذهبوا إلَّا أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنما حكم على العرب في صدقاتها بما يعرف من أقواتها مما هو طعامٌ لها في حاضرتها وباديتها، فلم تكن إلَّا هذه الأصناف الثلاثة فكانت الحنطة والشعير لأهل المَدر، وكان التمر لأهل الوبر، وخرج الزبيب من هذا المعنى.
يقولون: "فإنما وجبت الصدقة للفقراء على الأغنياء فيما لا حياة لهم بعد الله إلَّا به؛ ليعيشوا معهم كالإبل والبقر والغنم التي خصَّها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالصدقة من بين جميع سوائم الخيل والبغال والحَمير فجعل الله -تبارك وتعالى- ألبان تلك ولحومها معاشًا للناس دون هذه، فلذلك وجبت في تلك الصدقة دون الأخرى، فيقولون فكذلك هذه الأصناف الثلاثة من الطعام: البُر والشعير والتمر هي قوت الناس ومعاشهم عند العرب".
ثم قال: "إلَّا أن الذي أختار من ذلك الاتباع لسُنة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه لا صدقة إلا في الأصناف الأربعة التي سمَّاها وسنَّها مع قول من قاله من الصحابة والتابعين ثم اختيار ابن أبي ليلة وسفيان إياه، وذلك أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين خصَّ هذه بالصدقة وأعرض عما سواها قد كان يعلم أن للناس أموالًا مما تخرج الأرض فكان تركه ذلك عندنا عفوًا منه كعفوه عن صدقة الخيل والرقيق، وإنما يحتاج إلى النظر والتشبيه والتمثيل إذا لم توجد سُنَّة قائمة، فإذا وجدت السُّنَّة لزم الناس اتباعها، فكان حديث موسى بن طلحة مع هذا وإن لم يكن مُسندا لنا إمامًا مع من اتبعه من الصحابة والتابعين إذا لم نجد عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما هو أثبت منه وأتمُ إسنادًا يرده". انتهى. أحسن الله إليك.
الشيخ:
على كل حال يحتاج إلى بحث لعل يأتي إن شاء الله في كلام بعده.
مناقشة:
شيخ -أحسن الله إليك- زكاة الفطر أُقر فيها الزبيب أحسن الله إليك؛ لأنه يُدَّخر ويكال أحسن الله إليك؟
الشيخ:
الزبيب هو طعام من طعام اليوم يخرج من زكاة الفطر ما في إشكال، لكن زكاة المال هذه يُدَّخر مدة طويلة سنة كالتمر.
الطالب: هو يكون كالتمر أحسن الله إليك.
الشيخ:
وذكر الإجماع، وهنا الإجماع وهذا قول الأكثر، وليس المراد بالإجماع من جمع العلماء، كأنه قول الأكثرين.
س/ أحسن الله إليك، الأرز؟
ج/ الأرز يقاس على البُر، يقيس الفقير، والأرز كالبُرِّ وكذلك حتى في (10:11) في جامع الطعم أو في جامع الكيل والادخار.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
قال ابن خزيمة رحمه الله:
"بَابُ ذِكْرِ مَبْلَغِ الْوَاجِبِ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، وَالْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاجِبِ فِي الصَّدَقَةِ فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوِ الْأَنْهَارُ أَوْ هُمَا، وَبَيْنَ مَا سُقِيَ بِالرِّشَاءِ، وَالدَّوَالِي"
أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عمر إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحق بن خزيمة، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة، قال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، وَهُوَ يَقُولُ وَجَدْتُ فِي كِتَابِي بِخَطِّ يَدَيَّ، وَتَقْييِدِي، وَسَمَاعِي عَنْ عَمِّي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ الْعُشْرِ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ».
الشيخ:
الحديث كان في الصحيحين؟
القارئ:
أحسن الله إليك. قال: "أخرجه أبو داود وابن ماجه والنَسائي وابن حبان وسيأتي"، أشار إلى الحديث الذي بعده وفي الحديث الذي بعده قال: أخرجه البخاري.
الشيخ:
والحديث صحيح، فيه دليل على أن الزكاة واجبة في الحبوب والثمار إذا كان يُسقى عن طريق المطر، أو كان يشرب بعروقه، فهذا فيه العُشر، وإن كان يُسقى بالنضح والدواب ومكائن تستفاد من الأرض (12:01) ففيه نصف العُشر، وإن كان بعضه بهذا وبهذا فيكون في ثلاثة أرباع العشر كما قال العلماء.
إذا كان يُسقى عن طريق المطر أو العيون أو يشرب بعروقه؛ فيه العُشر، وإذا كان عن طريق استخراج الماء عن طريق الدواب أو المكائن ففيه نصف العُشر، وإن كان بعضه بهذا وبعضه بهذا ففيه ثلاثة أرباع العُشر.
القارئ:
قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ، نِصْفُ الْعُشْرِ».
الشيخ:
العُشْر: يعني عشرة من مائة، أو واحد من عشرة.
القارئ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُرَّةَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَثَرِيُّ: الْبَعْلُ.
الشيخ:
عثريًا: يعني بعل.
بَعْل: يُسقى عن طريق المطر.
القارئ:
قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ الْبَغْدَادِيَّ يَحْكِي، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنِ الْأَصْمَعِيِّ قَالَ: الْبَعْلُ: مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ الْمَاءِ.
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى بِخَبَرٍ غَرِيبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، وَحَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: وَحَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشُورُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعَشْرِ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "قَالَ لَنَا يُونُسُ مَرَّةً: أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ لَمْ يَقُلْ عِيسَى: وَالْغَيْمُ".
الشيخ:
الغَيم: السحاب أو المطر.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ مَبْلَغِ الْوَسْقِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَبْلَغِهِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِلَّا أَنَّ أَبَا الْبُختُرِيِّ لَا أَحْسَبُهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ".
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيَّ، يَذْكُرُ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُخَرِّمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ إِدْرِيسَ الْأَوْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، يَرْفَعُهُ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسَاقٍ زَكَاةٌ». وَالْوَسْقُ: سِتُّونَ مَخْتُومًا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «يُرِيدُ الْمَخْتُومُ، الصَّاعُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْوَسْقَ سِتُّونَ صَاعًا، وَقَدْ بَيَّنْتُ مَبْلَغَ الصَّاعِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ فِي ذِكْرِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ».
الشيخ:
وهو أربعة حَفنات كل حافنة منه كفي الرجل المتوسط، وهي المُدّ وتكون أربعة أمداد، ويكون خمسة أوسق ثلاثمائة صاع بصاع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الوسق: ستون صاعًا، والنَّصاب: خمسة أوسق.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
الطالب:
الحديث ضعيف.
الشيخ:
ضعيف؟
ماذا قال عليه.
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "إسناده ضعيف؛ لانقطاعه، فإن أبا البختري لم يسمع من أبي سعيد".
الشيخ:
المؤلف ذكر هذا. في الترجمة قال ماذا؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ مَبْلَغِ الْوَسْقِ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي مَبْلَغِهِ عَلَى مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إِلَّا أَنَّ أَبَا الْبُختُرِيِّ لَا أَحْسَبُهُ سَمِعَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ".
الشيخ:
الحديث هذا منقطع لكن ثابت من طريق أخرى أن الوسق ستون صاعًا.
القارئ:
بَابُ الزَّجْرِ عَنْ إِخْرَاجِ الْحُبُوبِ وَالتُّمُورِ الرَّدِيئةِ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة: 267].
الشيخ:
المقصود بالصدقة هنا الصدقة الواجبة، يعني ما يخرج الإنسان من زكاته الشيء الواجب الرديء، ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ﴾ يعني كيف تخرج لربك الرديء وأنت لو رديت بالرديء لا تقبله إلَّا عن إغماض وحياء؟!
نعم.
مناقشة:
(16:30).
الشيخ:
يعني يخرج من الشيء الجيد، لا يخرج من السيء ولا من الرديء، كما أنه في بهيمة الأنعام يخرج الزكاة من الوسط لا من خيارها ولا من شرارها.
القارئ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ يَتَلاومون بِئْسَ...........
الشيخ:
يتلاومون كذا؟
القارئ:
نعم. أحسن الله إليك.
وفي نسخة يَتلاءمون، وأثبت في الأصل يتلاومون.
الشيخ:
ما بعده؟
القارئ:
كَانَ أُنَاسٌ يَتَلاومون بِئْسَ أَثْمَارُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة: 267] قَالَ: «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَوْنَيْنِ الْجُعْرُورِ، وَعَنْ لَوْنِ حُبَيْقٍ».
الشيخ:
يعني النوعين.
تكلم عن الجُعرور؟
القارئ:
«فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَوْنَيْنِ الْجُعْرُورِ، وَعَنْ لَوْنِ حُبَيْقٍ».
الشيخ:
في الحاشية؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "الجعرور ضرب من الدَقل يحمل رطبًا صغارًا لا خير فيه" من النهاية، والحُبيق هو نوعٌ من أنواع التمر رديء منسوب إلى ابن حُبيق وهو اسم رجل.
الشيخ:
أعد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
القارئ:
كَانَ أُنَاسٌ يَتَلاومون بِئْسَ أَثْمَارُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ [البقرة: 267] قَالَ: «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لَوْنَيْنِ الْجُعْرُورِ، وَعَنْ لَوْنِ حُبَيْقٍ».
الشيخ:
وهما نوعان رديئان من التمر. لكن قوله يتلاومون ويتلاءمون يعني، ما تكلم عليهما؟
القارئ:
ما تكلم أحسن الله إليك.
الشيخ:
كان أناس ماذا؟
القارئ:
كَانَ أُنَاسٌ يَتَلاومون بِئْسَ أَثْمَارُهُمْ.
الشيخ:
بِئس كذا؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
السياق يقضي أنهم يخرجون من الرديء فأنزل الله الآية.
القارئ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حُمَيْدٍ الْيَحْصِبِيُّ، أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: 267] قَالَ: «هُوَ الْجُعْرُورُ وَلَوْنُ حُبَيْقٍ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ تُؤْخَذَا فِي الصَّدَقَةِ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «أَسْنَدَ هَذَا الْخَبَرَ سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ جَمِيعًا» رَوَيَاهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي أَبَا الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ هَذَا السَّخْلِ بِكَبَايِسَ - قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي الشِّيصَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَاءَ بِهَذَا وَكَانَ لَا يَجِيءُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ إِلَّا نُسِبَ إِلَى الَّذِي جَاءَ بِهِ» وَنَزَلَتْ: ﴿وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ [البقرة: 267] قَالَ: «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُعْرُورِ، وَلَوْنِ الْحُبَيْقٍ أَنْ تُؤْخَذَا فِي الصَّدَقَةِ» قَالَ الزُّهْرِيُّ: «لَوْنَانِ ثَمَرٌ مِنْ ثَمَرِ الْمَدِينَةِ».
الشيخ:
يعني نوعان من التمر.
القارئ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُصُوا» فَخَرَصَ الْقَوْمُ، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ: «أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ؟» قَالَت: "عَشَرَةُ أَوْسُقٍ خَرْصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
الشيخ:
نعم. أعد الحديث السابق.
القارئ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: «اخْرُصُوا» فَخَرَصَ الْقَوْمُ، وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ: «أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: «كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ؟» قَالَت: "عَشَرَةُ أَوْسُقٍ خَرْصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
الشيخ:
يعني وفق خَرص رسول الله.
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال أخرجه: "البخاري ومسلم". أحسن الله إليك.
الشيخ:
رواه الشيخان. نعم.
القارئ:
بَابُ وَقْتِ بِعْثَةِ الْإِمَامِ الْخَارِصَ يَخْرُصُ الثِّمَارَ «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الثِّمَارَ تُخْرَصُ كَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ عَلَى مَالِكِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثَّمَرَةُ وَتُفَرَّقَ، وَيُخَيِّرُ الْخَارِصُ صَاحِبَ الثَّمَرَةِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الثَّمَرَةِ وَيَضْمَنَ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ لِلصَّدَقَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ جَمِيعَ الثَّمَرِ إِلَى الْخَارِصِ، وَيَضْمَنَ لَهُ الْخَارِصُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الثَّمَرَةِ، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا مِنْ عِشْرِينَ سَهْمًا إِذَا يَبُسَتْ، إِنْ كَانَتِ الثِّمَارُ مِمَّا سُقِيَتْ بِالرِّشَاءِ وَالدَّوَالِي، إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ ابْنُ جُرَيْجٍ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ».
الشيخ:
بارك الله فيك. وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.