قال الإمام/ الحافظ ابن خزيمة -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه- في كتابه الصحيح:
"جُمَّاعُ أَبْوَابِ فَضَائِلِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَصِيَامِهِ".
بَابُ ذِكْرِ تَزْيِينِ الْجَنَّةِ لِشَهْرِ رَمَضَانَ «وَذِكْرِ بَعْضِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلصَّائِمِينَ فِي الْجَنَّةِ غَيْرِ مُمْكِنٍ لِآدَمِيٍّ صِفَتِهِ، إِذْ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بِشْرٍ، إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ؛ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ جَرِيرِ بْنِ أَيُّوبَ الْبَجَلِيِّ».
الشيخ:
قرأنا هذا؟
الطالب:
نعم.
الشيخ:
ما بعده.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ طِيبِ خِلْفَةِ الصَّائِمِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمٍ، نا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيَّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، الصِّيَامُ عَنْهُ جُنَّةٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».
الشيخ:
عَنْهُ: يعني عن الصائم.
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "حديثٌ صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المُصَنِّف، وأخرجه أحمد من طريق محمد بن بكر عن بن جريج به وسبق الحديث برقم كذا".
الشيخ:
الشيخ المؤلف محمد بن تسنيم؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
هل له ترجمة في التقريب، الرجال، أو في الكتب الست؟
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال: "حديثٌ صحيح".
الشيخ:
الألباني تكلم عنه؟
الطالب:
ما تكلم عنه.
الشيخ:
وهو حديثٌ مشهور.
الطالب:
وسبقه ...(03:33).
الشيخ:
في الصحيحين. هذا تخريج مَن؟
الطالب:
صالح اللحام.
الشيخ:
وهذا الفحل استوفى التخريج.
نعم، وهو حديث مشهور، حديث قدسي. أعد الحديث، المتن.
القارئ:
عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ....
الشيخ:
هذا حديث قدسي من الأحاديث القدسية المضافة إلى الله عز وجل، قال الله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
وهذه الإضافة إضافة تشريف وتكريم، والمعلوم أن الأعمال كلها لله، ولكن هذه إضافة خصوصية، إضافة تشريف؛ لبيان شرف الصيام، وذلك لأن الصيام عبادةٌ سِرِّية لا يطَّلع عليها إلَّا الله عز وجل؛ ولهذا أضافه الله الرب -سبحانه وتعالى- إليه. كما أنه أخبر -سبحانه- أنه يجزي به، وأضاف الجزاء إليه، والجزاء غير مُقدر، جزاءٌ عظيم، كل هذا يدل على فضل الصيام؛ لأنه عبادة سِرية لا يطَّلع عليه إلَّا الله، بخلاف الأعمال الأخرى.
قال الله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ». فأضاف الصيام إليه، وأضاف الجزاء إليه، فدل على فضل الصيام وشرفه، وعظم الجزاء والثواب، وهذا من كلام الله لفظًا ومعنًا، أضافه النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- إلى الله مثل القرآن إلَّا أن كلام الله يتفاضل فالقرآن يتعبد بتلاوته، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته، القرآن معجزٌ بألفاظه، والحديث القدسي ليس كذلك.
القرآن لا يمسه إلَّا متوضأ، والحديث القدسي يمسه غير متوضأ. وهكذا، لكنه من كلام الله لفظًا ومعنًا، بخلاف من قال: "إن لفظه من الرسول ومعانيه من الرسول، الأشاعرة يرون هذا، يقولون: "إن اللفظ من الرسول والمعنى من الله؛ لأنهم يروون أن الكلام معنًا، مسمى الكلام للمعنى لا للفظ، وهذا باطل، مسمى الكلام اللفظ والمعنى، فالقرآن كلام الله لفظًا ومعنًا، كله كلام الله، تكلم الله به، والأشاعرة يقولون: "القرآن لفظه من الرسول أو من جبريل، ومعناه من الله؛ لأنهم يروون أن الكلام مسمًا للمعنى فقط، وهذا باطل، وإذا بحثت في كتب أصول التفسير والإتقان تجدهم يقولون هكذا، هذه طريقة الأشاعرة يقولون: "إن القرآن لفظه من الرسول -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- ومعناه من الله".
فالمقصود: إن القرآن والحديث القدسي كلام لفظه مضاف إلى الله؛ لأنه قال: قال الله تعالى: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي»، قال الله: «أنا أغنى بالشركاء عن الشرك»، بخلاف حديث: «إنما الأعمال بالنيات»، هذا لفظه من الرسول عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام، والمعنى من الله؛ لأن النبي -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- لا ينطق عن الهوى، وإنما بوحي.
الطالب:
المهملة، وكسر النون بعدها تحت (07:34) حصل تداخل لا علاقة له بما سبقه.
وقد يُنسب إلى جَده الأسدي العَتَكي، بفتح المهملة والمثناه، البصري نزيل الكوفة، صدوق يُغرب من التاسعة، مات ست وخمسين.
الشيخ:
في التقريب؟
الطالب:
نعم أحسن الله إليك، تهذيب التقريب.
القارئ:
لكن إذا قال في ترجمته: "صدوق يُغرب في الحديث" يعني يأتي بغرائب؟
الشيخ:
يأتي بأشياء تفرد بها.
القارئ:
يَعْنِي: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، الصِّيَامُ عَنْهُ جُنَّةٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».
عن الصائم جُنَّة، والجُنَّة هي ما يستتر بها الإنسان ما يستتر به، والجُنَّة أصلها: ما يستتر به المقاتل، ملقي الرماح، فكما أن المقاتل يجعل له جُنَّة يتقي بها السهام، فكذلك الصيام جُنَّةٌ للصائم يقي بها الذنوب والمعاصي.
خَلُوف يقال: "خَلُوف، وخُلُوف" بالفتح والضم، ولخُلُوف فم الصائم: الرائحة التي تنبعث من فمه بسبب خلو المعدة من الطعام والشراب، هذه تنبع رائحة كريهة في مشام الناس في الدنيا، لكنها محبوبة لله؛ لأنها ناشئة عن طاعته، ما ينبعث عن الصائم من الرائحة ناشئ عن الصيام، والصيام عبادة لله عز وجل فهي أقرب عند الله من ريح المسك.
«لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ»: إذا أفطر فرح بتوفيق الله عز وجل وإعانته حتى أدى الصيام، وفرح أيضًا بما أباح الله له بتناول الطعام والشراب.
والفرحة الثانية: فرحة عند لقاء ربه، إذا لقى ربه وجد ثوابه مدخرًا عند الله، فرح بذلك.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ الصَّائِمَ أَجْرَهُ بِغَيْرِ حِسَابٍ إِذِ الصِّيَامُ مِنَ الصَّبْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]".
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْف،ٍ قَالَ اللَّهُ: إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ مِنْ أَجْلِي، وَيَدَعُ الشَّرَابَ مِنْ أَجْلِي، وَيَدَعُ لَذَّتَهُ مِنْ أَجْلِي، وَيَدَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ أَجْلِي، وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ».
قال أحسن الله إليك: "حديث صحيح أخرجه أحمد والترمذي من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه به".
الشيخ:
أعد المتن.
القارئ:
نعم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ: إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ...
الشيخ:
وهذا فيه دليل على أن الصيام لا ينحصر تضعيفه بعدد قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ: إِلَّا الصِّيَامَ» فإنه لا يُحد بحد.
«إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي» لي: إضافة تشريف.
«وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»: أجزي بجزاء عظيم، لا يُقدر قدره، بخلاف الأعمال الأخرى فإن الحسنة بعشر أمثالها، قد تكون بعشرين، بثلاثين، من مائة إلى سبعمائة، إلى أضعاف كثيرة، أما الصيام فإنه لا ينحصر فضيلته بعدد؛ لأنه عبادةٌ سريِّة أضافه الرب إليه، وأضاف الجزاء إليه «وَأَنَا أَجْزِي بِهِ».
وبهذا تظهر ترجمة المؤلف، الترجمة بابُ؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ إِعْطَاءِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ الصَّائِمَ أَجْرَهُ بِغَيْرِ حِسَابٍ".
الشيخ:
إعطاء الصائم أجره بغير حساب: يعني بغير حساب عدد، بغير انحصار عدد، وليس المراد بغير حساب يعني الحساب يوم القيامة، ظاهر الترجمة بغير حساب يعني بغير حساب عدد؛ قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ» فأضاف «إِلَّا الصِّيَامَ فَإنه لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، يعني لا ينحصر بعدد، بل لا يعلم عدده أو مقدار ثوابه إلَّا الله سبحانه وتعالى.
القارئ:
قَالَ اللَّهُ: إِلَّا الصِّيَامَ، فَهُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ مِنْ أَجْلِي، وَيَدَعُ الشَّرَابَ مِنْ أَجْلِي، وَيَدَعُ لَذَّتَهُ مِنْ أَجْلِي».
الشيخ:
هذا من العبادة السرية، يدع الطعام من أجلي، ويدع الشراب من أجلي، ويدع لذته ويدع زوجته، لذته عام، يشمل جميع ما مضى (الطعام، والشراب، والزوجة) فهو يدعُها من أجل الله، فهو عبادة سريِّة لا يطلع عليها إلَّا الله؛ لأنه يستطيع أن يفطر في وقت لا يطلع عليه الناس، بخلاف العبادات الأخرى؛ فلهذا صار عبادة سِريِّة لا يطلع عليها إلَّا الله، خصَّه الله لنفسه وأضافه إلى نفسه، وأضاف الجزاء إليه.
القارئ:
«وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ».
الشيخ:
«أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»: ويستنبط من هذا إثبات صفة الطيب.
(16:0). في إشكال عندي أظنه كان يستنبط من كلام الشيخ العظيم الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله، قال: أطيب عندك الله من ريح المسك، ولكن ليس بظاهر.
أحد الحضور:
صفة الشم؟
الشيخ:
لأ، صفة الشم فيها إشكال، ليس بظاهر عندي؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ الصِّيَامَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى مَا تَأَوَّلَتُ خَبَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
الشيخ:
على ما تأوَّله في الحديث السابق، الصيام لي وأنا أجزي به، تأول أنه من الصبر.
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْبَقِيعِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ».
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».
قال: "إسناده حَسن من أجل معْنَ بن محمد فحديثه لا ينزل عن رتبة الحسن، وأخرجه معمر في جامعه وأحمد والترمذي وأبو يَعلى وابن حبان والحاكم والبيهقي والبغوي من طريق سعيد المقبوري عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- به.
وأخرجه أحمد والبخاري في التاريخ الكبير، والحاكم والبيهقي من طريق أبي هريرة به، وأخرجه أبو نُعيم في الحِلية من طريق أبي صالحٍ عن أبي هريرة به، وقال: تنبيه أغلبُ الروايات مختصرةٌ على الجزء الأول منه، وقد جَوده المُصَنِّف بهذا السياق، وانظر إتحاف المهرة".
الشيخ:
ماذا قال الألباني؟
الطالب:
قال: "إسناده صحيح".
الشيخ:
أعد السند.
القارئ:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مَعْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ يُحَدِّثُ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ قَالَ: "كُنْتُ أَنَا وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْبَقِيعِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ»".
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».
الشيخ:
«الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ»، ثم استدل بالحديث يعني أن الصائم صابر، والمفطر إذا كان شاكرًا فهو طاعمٌ شاكر، الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر، ثم قال: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».
يعني استنبط المؤلف من قوله: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي» أن الصيام من الصبر؛ لأن يدع الطعام ويدع شرابه وشهوته وهذه تحتاج إلى صبر، ترك الطعام والشراب واللذة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لمدة طويلة تحتاج إلى صبر فيطلق على الصائم أنه صابر.
وكون «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ»: هذا يعني أنهما كل منهما عبادتان، فالشاكر يتعبد لله بالشكر، والصائم يتعبد له بالصبر، وجعلهما سواء في هذا الحديث.
والعلماء لهم كلام في هذا، أيهما أفضل الفقير الصابر، أم الغني الشاكر؟
- من العلماء قال: "الغني الشاكر أفضل".
- ومنهم من قال: "الفقير الصابر أفضل".
- ومنهم من قال: "على حدٍ سواء".
- ومنهم من قال: "التفاضل لا يكون بالغنى أو الفقر، وإنما بما ينشأ عنهما من الشكر والصبر".
- ذهب جمع من المحققين إلى: "أن الغني الشاكر أفضل؛ لأن الفقير الصابر صبره على نفسه، بخلاف الغني الشاكر فإن شُكره يتعدى إلى غيره".
- ومن العلماء من قال: "هذا يرجع إلى نفس العابد وما يقوم في قلبه من حقائق الإيمان، من حقائق الشكر، من حقائق الصبر".
القارئ:
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي».
الشيخ:
هذا الحديث القدسي واضح، لكن في زيادة: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ».
ماذا قال عليه صالح اللحام؟
الطالب:
صحيح، أخرجه البخاري.
الشيخ:
هذه الزيادة «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ»، الحديث معروف حديث قدسي لكن فيه زيادة، «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ».
القارئ:
ناه إِسْمَاعِيلُ بْنُ بِشْرِ بْنِ مَنْصُورٍ السُّلَمِيُّ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ مَعْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَنْظَلَةَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْبَقِيعِ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ بِمِثْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "الْإِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ جَمِيعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَلَا تَسْمَعُ الْمَقْبُرِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْبَقِيعِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ؟".
الشيخ:
بِهَذَا الْبَقِيعِ، هكذا، أم في البقيع؟
الطالب:
في هذا البقيع.
القارئ:
يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ بِمِثْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "الْإِسْنَادَانِ صَحِيحَانِ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ عَلِيٍّ جَمِيعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَلَا تَسْمَعُ الْمَقْبُرِيَّ يَقُولُ: كُنْتُ أَنَا وَحَنْظَلَةُ بْنُ عَلِيٍّ بِالْبَقِيعِ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ؟".
الشيخ:
عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، وَعَنْ حَنْظَلَةَ.
القارئ:
نعم.
بَابُ ذِكْرِ فَرَحِ الصَّائِمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِإِعْطَاءِ الرَّبِّ إِيَّاهُ ثَوَابَ صَوْمَهِ بِلَا حِسَابٍ «جَعَلْنَا اللَّهُ مِنْهُمْ»
الطالب:
هنا في البخاري أحسن الله إليك: "بابٌ: الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ" بَوَبَّه البخاري أحسن الله إليك، قال: "حدثني أبي عن سعيد المقبوري عن أبي هريرة عن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- قال: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بمنزلة الصَّائِمِ الصَّابِرِ» هذا حديثٌ حَسنٌ غريب.
وقال أحسن الله إليك ابن ماجه: "بابٌ: فيما قال «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كالصَّائِمِ الصَّابِرِ».
حدثنا محمد عن حنظلة بن علي الأسلمي، عن أبي هريرة، عن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أنه قال: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ بمنزلة الصَّائِمِ الصَّابِرِ». حديثٌ صحيح.
وكذلك الدارمي أحسن الله إليك: "عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله بن أبي حُرة عن عمه عن سِنان بن سنة قال: قال رسول الله صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم: «الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ كالصَّائِمِ الصَّابِرِ».
وكذلك أبي أحمد أحسن الله إليك.
الشيخ: كلهم على خير عظيم، الطاعم الشاكر على فضل عظيم، والصائم الصابر كذلك.