شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح ابن خزيمة_8

00:00
00:00
تحميل
57

قال الإمام/ أبو بكر بن خزيمة رحمه الله تعالى في صحيحه:

"جماع أبواب فضائل شهر رمضان وصيامه"

باب صفة بدء الصوم كان في تخيير الله عز وجل عباده المؤمنين بين الصوم والإطعام ونسخ ذلك بإيجاب الصوم عليهم من غير تخيير

ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهبٍ قال: ثنا عمي أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير - وهو ابن عبد الله بن الأشج - عن يزيد مولى سلمة - وهو ابن أبي عبيد - عن سلمة بن الأكوع قال: كنا في رمضان في عهد رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى بإطعام مسكين حتى أنزلت الآية: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ الآية.. [البقرة:185].

الشيخ:

تخريجه؟

القارئ:

أحسن الله إليك، قال: "صحيح أخرجه الدارمي والبخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وفي الكبرى له".

الشيخ:

والآية واضحة في هذا، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة:183: 184] فيه تخيير، كان في أول الإسلام لما فُرض الصوم كان في تخيير، يُخير الإنسان بين أن يصوم وبين أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكين.

﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾ ، ثم نسخها الله بالآية التي بعدها، ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185] أمر بالوجوب من شهد الشهر فليصمه وجوبًا بدون تخيير، يجب عليه أن يصوم إذا كان مُطيقًا، وليس له أن يُطعم عن كل يوم مسكين.

 لكن الآية السابقة: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ يعني مُخيَّر بين الصيام وبين الفدية والصوم أفضل، ثم نُسخ بإيجاب الصيام على القادر.

وذهب ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- إلى أنها ليست منسوخة ولكنها باقية في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة ومثل المريض الذي لا يُرجى بُرْئُه، فإنها باقية في حقهم؛ فيكون الكبير والمريض يفطر ويطعم عن كل يوم مسكين.

نعم.

القارئ:

أحسن الله إليك.

باب ذكر ما كان الصائم عنه ممنوعًا بعد النوم في ليل الصوم من الأكل والشرب والجماع عند ابتداء فرض الصيام ونسخ الله جل وعلا ذلك بإباحته لهم ذلك أجمع إلى طلوع الفجر تفضلًا منه عز وجل على عباده المؤمنين وعفوا منه عنهم وتخفيفا عليهم

ثنا سعيد بن يحيى القرشي قال: حدثني عمي عبيد بن سعيد قال: ثنا إسماعيل عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان أصحاب محمد رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسَلَّم- إذا كان أحدهم صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة كان صائمًا فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أطلب، فطلبت له وكان يومه يعمل فغلبته عينه....

الشيخ:

يعمل في مزرعته وبستانه، يشتغل طول النهار.

وجاءته امراته قالت: خيبةً لك......

الشيخ:

لأنه لم يأكل من الطعام، إذا نام وصلى العشاء امتنعوا عن الأكل والشرب إلى الليلة القابلة. كان مُتعب طول النهار يعمل في مزرعته وجائها قال: "هل عندكم طعام؟" قالت: "لأ، ما عندنا، أبحث لك"، فلما ذهبت جاءت وجدته نائم، نام مُنع من الطعام والشراب، فقالت: "خيبةً لك، ما في إفطار إلَّا الليلة القادمة"، وكان يعمل في مزرعته يحرث فلما جاء منتصف النهار أُغشي عليه وسقط؛ فنزلت الآية للتخفيف من الله تعالى: ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187].

القارئ:

قالت: "خيبةً لك"، فأصبح فلما انتصف النهار غُشي عليه، فذكر ذلك للنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- فنزلت هذه الآية: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ﴾ [البقرة:187]؛ ففرحوا بها فرحًا شديدا فقال: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ .

الشيخ:

تخريجه؟

القارئ:

صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المُصَنِّف وأخرجه أحمد والدارمي والبخاري وأبو داوود والترمذي والنسائي وفي (التفسير) له والنَّحاس في (الناسخ والمنسوخ).

الشيخ:

وعلى هذا يكون فرضية الصوم بالتدريج على مراحل:

المرحلة الأولى: أن الله تعالى فرض الصوم على التخيير وخُيَّرَ الناس بين الصيام وبين الإطعام في أول الإسلام، من شاء صام، ومن شاء أطعم، يُخيَّر بين هذا إلَّا أن الصوم أفضل.

المرحلة الثانية: فرضية الصيام حتمًا على المُقيم والقادر من غير تخيير، ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185]، ولكن الإفطار محدد بصلاة العشاء ما لم ينم أو صلى العشاء امتنع من الأكل والشرب إلى الليلة القادمة، ثم حصلت هذه القصة (08:25) حصل هذا لبعض الصحابة تخونوا أنفسهم فأنزل الله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187].

فأباح الله تعالى في ليل الصيام: الإفطار، الطعام، والشراب، والمباشرة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذه مراحل الصيام.

وقد يُقال إن المرحلة الأولى فرضية صوم يوم عاشوراء لما قَدِم النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- المدينة فرض الله صوم عاشوراء على الناس، ثم كانت السَنة القادمة بعدها فُرض صوم شهر رمضان، فنُسخت فرضية صوم عاشوراء وبقيت مستحبة.

المرحلة الأولى: فرضية صوم يوم عاشوراء.

المرحلة الثانية: فرضية صوم شهر رمضان على التخيير.

المرحلة الثالثة: الوجوب بدون تخيير.

المرحلة الرابعة: التدرج في الإفطار، الإفطار كان محدد من غروب الشمس إلى صلاة العشاء ما لم ينم، فإذا نام وصلى العشاء حرم عليه.

ثم المرحلة الرابعة: أباح الله تناول الطعام والمُفطرات من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.

هذه مراحل الصوم.

القارئ:

"جماع أبوب الأهلة ووقت ابتداء صوم شهر رمضان".

الشيخ:

بارك الله فيك، وَفْقَ الله الجميع لطاعته.

سؤال من أحد الحضور:

معنى تخول؟

الشيخ:

تَخَوُل: يعني حصل أن بعضهم أتى أهله وكذا، هذه تسمى تخول يعني بعضهم ما صبر؛ فنزلت هذه الآية للتخفيف.

وفق الله الجميع لطاعته، سبحانك اللهم وبحمدك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد