بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
يقول الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى: (وَقَوْلُهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يَعْنِي: الْمَقَانِعَ يُعْمَلُ لَهَا صيقات ضَارِبَاتٌ عَلَى صُدُورِهن لِتُوَارِيَ مَا تَحْتَهَا مِنْ صَدْرِهَا وَتَرَائِبِهَا؛ لِيُخَالِفْنَ شعارَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّهُنَّ لَمْ يَكُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، بَلْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَمُرُّ بَيْنَ الرِّجَالِ مُسَفِّحَةً بِصَدْرِهَا، لَا يُوَارِيهِ شَيْءٌ، وَرُبَّمَا أَظْهَرَتْ عُنُقَهَا وَذَوَائِبَ شَعْرِهَا وَأَقْرِطَةَ آذَانِهَا. فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَسْتَتِرْنَ فِي هَيْئَاتِهِنَّ وَأَحْوَالِهِنَّ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} [الْأَحْزَابِ: ٥٩]. وَقَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} والخُمُر: جَمْعُ خِمار، وَهُوَ مَا يُخَمر بِهِ، أَيْ: يُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النَّاسُ الْمَقَانِعَ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {وَلْيَضْرِبْن}: وَلِيَشْدُدْنَ {بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يَعْنِي: عَلَى النَّحْرِ وَالصَّدْرِ، فَلَا يُرَى مِنْهُ شَيْءٌ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيب: حدَّثنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَاب، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شقَقْنَ مُرُوطهن فَاخْتَمَرْنَ بِها.
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيم، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفيّة بِنْتِ شَيْبَةَ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَانَتْ تَقُولُ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}: أَخَذْنَ أُزُرَهُنَّ فَشَقَقنها مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِي، فَاخْتَمَرْنَ بِهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنِي الزِّنْجِيُّ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ قَالَتْ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ عَائِشَةَ، قَالَتْ: فَذَكَرْنَا نِسَاءَ قُرَيْشٍ وَفَضْلَهُنَّ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنَّ لِنِسَاءِ قُرَيْشٍ لَفَضْلًا وَإِنِّي -وَاللَّهِ -وَمَا رَأَيْتُ أفضلَ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ أَشَدَّ تَصْدِيقًا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَلَا إِيمَانًا بِالتَّنْزِيلِ. لَقَدْ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النُّورِ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، انْقَلَبَ إِلَيْهِنَّ رِجَالُهُنَّ يَتْلُونَ عَلَيْهِنَّ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ فِيهَا، وَيَتْلُو الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ ذِي قَرَابَةٍ، فَمَا مِنْهُنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا قَامَتْ إِلَى مِرْطها المُرَحَّل فَاعْتَجَرَتْ بِهِ، تَصْدِيقًا وَإِيمَانًا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ، فأصبحْنَ وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ مُعْتَجَرَاتٍ، كأن على رؤوسهن الغربان.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ قُرَّةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ النِّسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الأوَل، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقّقن أكف مُرُوطِهِنَّ فَاخْتَمَرْنَ بِهِ. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، بِهِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ} يَعْنِي: أَزْوَاجَهُنَّ، {أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ} كُلُّ هَؤُلَاءِ مَحَارِمُ الْمَرْأَةِ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَظْهَرَ عَلَيْهِمْ بِزِينَتِهَا، وَلَكِنْ مِنْ غَيْرِ اقْتِضادٍ وَتُبَهْرُجٍ).
الشيخ: اقتضاد كذا؟
الطالب: اقتصاد.
الشيخ: لعل تبرج أولى، لكن اقتصاد ليست واضحة، عليه تعليق؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، هذه الآية الكريمة فيها أمر من الله تعالى للمؤمنات أن يغضضن أبصارهن وأن يحفظن فروجهن، وأن يضربن بخمرهن على جيوبهن، وأن تستر المرأة رأسها، وترخيه على رأسها وعلى صدرها، فتكون متسترة مخالفة لنساء أهل الجاهلية، ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾[النور:31]، الخمر جمع خمار، والخمار هو ما تستر به المرأة رأسها، سمي خمارًا؛ لأنه يغطي، منه الخمر سميت خمرًا؛ لأنها تغطي العقل، فالخمار هو ما تجعله المرأة على رأسها ثم تلقيه على وجهها وعلى صدرها وعلى نحرها، وأمر الله تعالى النساء ألا يبدين زينتهن إلا لمحارمهن، ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن، أي: الأزواج، أو آبائهن، أو آباء بعولتهن، آباء الأزواج، ﴿أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ﴾[النور:31]، عشرة، ولكن لا يكون هناك تبدي زينتها من غير تبرج، ما تكون متبرجة بحيث أنها تظهر صدرها وظهرها وفخذيها وما أشبه ذلك، تبدي ما جرت العادة بكشفه؛ كالوجه، والرأس، واليدين، والرجلين، وما أشبه ذلك، لا تتبرج عند محارمها ولا عند النساء أيضًا، بعض النساء تتساهل، فتأتي عند المرأة، تأتي عند الناس وقد أبدت شيئًا من ظهرها، أو صدرها، أو فخذها، هذا ما ينبغي، تبدي للمرأة ما تبديه لمحارمها، ولو من غير تبرج، فلا تتبرج، تبدي الزينة الظاهرة التي جرت العادة بها من غير تبرج، ولم يذكر العم والخال، لكن ذكر في السنة أن المرأة أيضًا من محارمها العم والخال.
(وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا مُوسَى -يَعْنِي: ابْنَ هَارُونَ -حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ -يَعْنِي ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ -حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ وعِكْرمَة فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}- حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا قَالَ: لَمْ يَذْكُرِ الْعَمَّ وَلَا الْخَالَ؛ لِأَنَّهُمَا ينعَتان لِأَبْنَائِهِمَا، وَلَا تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ فَأَمَّا الزَّوْجُ فَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ أَجْلِهِ، فَتَتَصَنَّعُ لَهُ مَا لَا يَكُونُ بِحَضْرَةِ غَيْرِهِ).
تنعت يعني تصف المرأة لأبنائها العم، العم يصف لأبنائه؛ لأن ابن العم يجوز له أن يتزوجها، هذا فيه نظر.
الطالب: هل يتبعان؟
الشيخ: يتبعان.
الطالب: لأنهما يتبعان لأبنائهما؟
الشيخ: ينعتان أقرب، ينعتان، يعني يصفان، هذا فيه نظر والله أعلم، يجوز لها أن تبدي زينتها لعمها وخالها، من المحارم كغيرهم من المحارم، وألا تضع خمارها عنده، تبدي لها ما تبدي من المحارم.
الطالب: العلة في النساء، والمرأة والزوجة.
الشيخ: ينعتان نعم، لكن العم والخال؛ لأن ابنهم أو القريب يجوز له أن يتزوجها، لكن عند نعت الخالة، النعت الحاجة لإرادة الزواج فلا بأس.
(وَقَوْلُهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يَعْنِي: تُظهر زِينَتَهَا أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسَلِمَاتِ دُونَ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِئَلَّا تَصِفَهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ، وَذَلِكَ -وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ -إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَشَدُّ، فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ).
النساء أي: نساء غير المسلمات، وألا تنعتها لأقاربها، لكن حتى المسلمات قد تنعت، ولكن نقول: هذا أشد، وكذلك العم والخال لا ينعت، وهو في حقهم أشد من غيرهم، وإلا حتى جميع المحارم العلة موجودة.
(وَأَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَإِنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ فَتَنْزَجِرُ عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبَاشِرُ المرأةَ المرأةَ، تَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَار).
الطالب: الغار عندي، بعض النسخ الغاز.
الشيخ: تكلم عليه؟
الطالب: لا.
(عَنْ هِشَامِ بْنِ الْغَار، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ نِسَاءً مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ مَعَ نِسَاءِ أَهْلِ الشِّرْكِ، فإنْهَ مَنْ قِبَلَك فَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عَوْرَتِهَا إِلَّا أَهْلُ مِلَّتِهَا).
الشيخ: تكلم على الحديث؟
الطالب: قال: أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور، وسنده ضعيف؛ لأن نسي والد عبادة مجهول، وأخرجه الطبري من طريق عبادة بدون ذكر عن أبيه.
الشيخ: والحمامات موجودة في ذلك الوقت في الشام، الحمامات تؤجر، فيها ماء حار وبارد، حمامات الرجال، وحمامات النساء موجودة الآن، ومنه ما جاء في الحديث: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدخلن الحمام إلا بإزار»، وذلك لأن الحمامات يستأجر الإنسان الحمام حارًا وباردًا، ويكون هناك رجل يدلكه، فلا بد أن يستر العورة بإزار، يستر العورة، وأهل الشرك وغيرهم قد لا يلتزمون بهذا، وكذلك النساء، حمامات النساء تؤجر، وهذا الذي ذكر في السنن لو صح، لو صح أن هذه الحمامات تؤجر للنساء المشركات والمسلمات، والمشركات ينظرن إلى عورات المسلمات، فلهذا كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي عبيدة ينهاه، لكن الأثر لا يصح، حتى الرجال، «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يدخلن الحمام إلا بإزار»، يعني يستر العورة في الحمامات العامة التي تؤجر، وليس المراد في الحمام الذي في البيت، هذا ما يسمى حمام، الإنسان إذا دخل في البيت حمامه يخلع ثوبه ويغتسل ويلبس ثوبه، لكن الحمامات المفتوحة التي تؤجر للناس، وهناك من يستأجر لتدليك وتغسيل فلا يجوز له أن يبدي عورته لغيره، فلا بد أن يكون مستور من السرة إلى الركبة، وكذلك النساء خاصة، أيضًا كذلك ينبغي للمرأة أن تستر عورتها أمام المرأة.
(وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قَالَ: نِسَاؤُهُنَّ الْمُسْلِمَاتُ، لَيْسَ الْمُشْرِكَاتُ مِنْ نِسَائِهِنَّ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ تَنْكَشِفَ بَيْنَ يَدَيِ الْمُشْرِكَةِ.
وَرَوَى عَبد فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} ، قَالَ: هُنَّ الْمُسْلِمَاتُ لَا تُبْدِيهِ لِيَهُودِيَّةٍ وَلَا نَصْرَانِيَّةٍ، وَهُوَ النَّحْر والقُرْط والوٍشَاح، وَمَا لَا يَحِلُّ أَنْ يَرَاهُ إلا محرم.
وَرَوَى سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لَا تَضَعُ الْمُسْلِمَةُ خِمَارَهَا عِنْدَ مُشْرِكَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} فَلَيْسَتْ مِنْ نِسَائِهِنَّ.
وَعَنْ مَكْحُولٍ وَعُبَادَةَ بْنِ نُسَيّ: أَنَّهُمَا كَرِهَا أَنْ تُقَبِّلَ النصرانيةُ وَالْيَهُودِيَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ الْمُسْلِمَةَ.
فَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ضَمْرَة قَالَ: قَالَ ابْنُ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ: وَلَمَّا قَدِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، كَانَ قَوَابل نِسَائِهِن الْيَهُودِيَّاتُ وَالنَّصْرَانِيَّاتُ فَهَذَا -إِنْ صَحَّ -مَحمولٌ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِامْتِهَانِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَشَفُ عَوْرَةٍ وَلَا بُدَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
القوابل هي المرأة التي تكون عندها عند الولادة، يقول: هذا للضرورة، ما يوجد غيرها، يعني مولدة، مولدات، المستشفيات ما يكون غيرهن، فيكون للضرورة، هذا من باب الامتهان، لكن إن صح.
الطالب: قال: أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف ابن عطاء، وهو عثمان وأبوه، صدوق يهم كثيرًا.
الشيخ: هذا الحديث.
الطالب: الحديث مرة ثانية؟
الطالب: (لَمَّا قَدِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، كَانَ قَوَابل نِسَائِهِن الْيَهُودِيَّاتُ وَالنَّصْرَانِيَّاتُ فَهَذَا -إِنْ صَحَّ -مَحمولٌ عَلَى حَالِ الضَّرُورَةِ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الِامْتِهَانِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَشَفُ عَوْرَةٍ وَلَا بُدَّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).
الشيخ: إن صح، ولم يصح، للضرورة، فهذا امتهان.
الطالب: كيف الشيخ يقول: وليس فيه كشف عورة؟
الشيخ: القوابل لا بد فيه للضرورة، الجواب الأول: للضرورة إن صح، ولم يصح، أو الامتهان، الشيء الممتهن، ليس بظاهر.
(وَقَوْلُهُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} قَالَ ابْنُ جُرَيج: يَعْنِي: مِنْ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ).
قال ابن جرير؟ نعم، فيه تصحيح؟ صححه؟ راجع ابن جرير، موجود ابن جرير معكم؟
الطالب: ابن جريج عندي، في الشعب ابن جريج.
الشيخ: يراجع لعله ابن جريج، ضع نسخة، نسخة ابن جرير، ونسخة ابن جريج، من عنده ابن جريج يقول: في نسخة ابن جرير، ومن عنده ابن جرير يكتب نسخة ابن جريج، حتى تراجع نعم، هذا القول قول ابن جرير.
(قَالَ ابْنُ جُرَيج: يَعْنِي: مِنْ نِسَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تُظْهِرَ زَينَتَهَا لَهَا وَإِنْ كَانَتْ مُشْرِكَةً؛ لِأَنَّهَا أَمَتُهَا. وَإِلَيْهِ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ المسيَّب. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: بَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَظْهَرَ عَلَى رَقِيقِهَا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَاسْتَدَلُّوا بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا أَبُو جُمَيْعٍ سَالِمُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فَاطِمَةَ بِعَبْدٍ قَدْ وَهَبَهُ لَهَا. قَالَ: وَعَلَى فَاطِمَةَ ثَوْبٌ إِذَا قَنَّعت بِهِ رَأْسَهَا لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْهَا، وَإِذَا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْهَا لَمْ يَبْلُغْ رَأْسَهَا، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَلْقَى قَالَ: «إِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ، إِنَّمَا هُوَ أَبُوكِ وَغُلَامُكِ».
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ [فِي] تَرْجَمَةِ حُدَيْج الخَصِيّ -مُوَلَى مُعَاوِيَةَ -أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَة الْفَزَارِيَّ كَانَ أَسْوَدَ شَدِيدَ الْأَدْمَةِ، وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهُ لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَرَبَّتْهُ ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ، ثُمَّ قَدْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ صِفِّينَ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).
الطالب: قوله: «ليس عليك بأس، إنما هو أبوك أو غلامك»، قال: أخرجه أبو داود بسنده ومتنه، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، الثاني ما أخرجه، أن عبد الله بن مسعدة، ما جاء له بتخريج.
الشيخ: الثاني ماذا قال؟ أقرأ، أعد الثاني، أو ما ملكت أيمانكم، قيل: إنه خاص بالنساء، وقيل: إنه عام بالنساء والرجال، وعبدها من محارمها على الصحيح عند الأكثر، ومن ذلك أن ذكوان مولى عائشة رضي الله عنها كان يصلي بها في رمضان، وكان يقرأ من المصحف، والأثر الثاني ماذا؟
(وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَارِيخِهِ [فِي] تَرْجَمَةِ حُدَيْج الخَصِيّ -مُوَلَى مُعَاوِيَةَ -أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَة الْفَزَارِيَّ كَانَ أَسْوَدَ شَدِيدَ الْأَدْمَةِ، وَأَنَّهُ قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَبَهُ لِابْنَتِهِ فَاطِمَةَ، فَرَبَّتْهُ ثُمَّ أَعْتَقَتْهُ، ثُمَّ قَدْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ مَعَ مُعَاوِيَةَ أَيَّامَ صِفِّينَ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).
الشيخ: ما تكلم عليه؟ كيف يكون مع فاطمة تربيه، ثم يكون أشد الناس على عليٍّ، هذا عقوق.
(وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَان، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَب، وَكَانَ لَهُ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ».
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّد، عَنْ سُفْيَانَ، بِهِ).
الشيخ: تكلم عن قصة نبهان؟
الطالب: أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه، وضعف سنده محققوه، وأخرجه الترمذي من طريق سفيان بن عيينة به، وقال: حسن صحيح، وهو ما جاء في المكاتب إذا كان عنده مال.
الشيخ: هذا تحقيق من؟
الطالب: تحقيق حكمت بشير.
الشيخ: هذه من آخر الطبعات؟
الطالب: طبعة ابن الجوزي هذه، أعد قصة نبهان.
(وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَان، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، ذَكَرَتْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ لِإِحْدَاكُنَّ مُكَاتَب، وَكَانَ لَهُ مَا يُؤَدِّي، فَلْتَحْتَجِبْ مِنْهُ»).
لأنه سوف يكون حرًا، وإذا كان حرًا صار أجنبيًا، ومفهوم أن قبل إذا كان ليس له مال يؤديه فإنها لا تحتجب منه؛ لأنه عبدها.
(وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّد، عَنْ سُفْيَانَ، بِهِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} يَعْنِي: كَالْأُجَرَاءِ وَالْأَتْبَاعِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءَ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ فِي عُقُولِهِمْ وَلهٌ وخَوَث، وَلَا همَّ لَهُمْ إِلَى النِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهُونَهُنَّ).
هذه هو الوصف، أو التابعين غير أولي الإربة، نص الله عليه، ليس لهم رغبة في النساء، ليس لهم رغبة ولا ينتشر ذكره، قد يسميه بعضهم عنين، يعني تابع من التابعين، من الأتباع والأجراء، وهم ليس لهم أتباع، وليس لهم همة، هؤلاء لا بأس بإبداء الزينة؛ لأنه محظور، [00:28:16] إذا كان من الأجراء أو من التابعين، من الخدم، وهو لا رغبة له في النساء جاز إبداء الزينة له؛ لزوال المحظور، أما كونه خوث أو خوت تراجع الكلمة هذه، تراجع في القاموس.
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمُغَفَّلُ الَّذِي لَا شَهْوَةَ لَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الأبْلَه.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ المخَنَّث الَّذِي لَا يَقُومُ زُبُّه. وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ يدخل على أهل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ينَعت امْرَأَةً: يَقُولُ إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَاهُنَا، لَا يدخلَنّ عليكُنَ» فَأَخْرَجَهُ، فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ يَوْمَ كُلِّ جُمُعَةٍ يَسْتَطْعِمُ).
البيداء الصحراء، والمخنث هو الرجل الذي يشبه المرأة خلقة في كلامه، وفي مشيه، كلامه يشبه كلامه النساء، ومشيته تشبه مشية النساء، يقال: هو مخنث، وكان هناك مخنث يدخل على بعض أمهات المؤمنين، فقال لعبد الله بن أمية، وأم سلمة: يا عبد الله! إن فتح الله عليكم الطائف غدًا فعليك ببنت غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان، أربع كعل، من الأمام أربع عكل، ومن الخلف تكون ثمان، أربع من هنا، وأربع من هنا، من كل جانب، صار يعرف هذا، فالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخرجه، قال: «لا يدخل هذا عليكم»، هذا الوصف يدل على أنه له شهوة، له رغبة في النساء، يقول لعبد الله بن أمية، وأم سلمة: يا عبد الله! إن فتح الله عليكم الطائف فعليكم بابنة غيلان، أو في اللفظ الآخر قال: «فإني أدلك على بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان»، فقال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لا يدخل هذا عليكم»، فطرده وأُخرج، فصار في البيداء لا يدخل إلا كل جمعة، يتزود من الطعام ويخرج إلى البرية، وهذا في الصحيح، فدل على أن المراد بالإبرة يعني شهوة، يعني ما له شهوة ولا همة في النساء، ولا ينتشر ذكره، وهو تابع من الأتباع ومن الخدم، هذا لا بأس بإبداء الزينة له، صار يعرف، في الأول ما كانوا يظنون أنه يعرف، فلما وصف هذا الوصف دل على أنه يعرف، فأخرج.
(وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْهَا [رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] وَعِنْدَهَا مُخَنَّثٌ، وَعِنْدَهَا [أَخُوهَا] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ [وَالْمُخَنَّثُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللَّهِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ] إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلَانَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرْ بِثَمَانٍ. قَالَ: فَسَمِعَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لِأُمِّ سَلَمَةَ: "لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكِ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَجُلٌ يَدْخُلُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخَنَّثٌ، وَكَانُوا يَعُدّونه مِنْ غير أولي الإربة، فدخل النبي صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، وَهُوَ يَنْعَتُ امْرَأَةً. فَقَالَ: إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَاهُنَا؟ لَا يدخلَنَّ عَلَيْكُمْ هَذَا» فَحَجَبُوهُ.
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، بِهِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} يَعْنِي: لِصِغَرِهِمْ لَا يَفْهَمُونَ أَحْوَالَ النِّسَاءِ وَعَوْرَاتِهِنَّ مِنْ كَلَامِهِنَّ الرَّخِيمِ، وَتَعَطُّفِهِنَّ فِي الْمِشْيَةِ وَحَرَكَاتِهِنَّ، فَإِذَا كَانَ الطِّفْلُ صَغِيرًا لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ. فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُرَاهِقًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ).
المراهق يأخذ حكم البالغ، المراهق يعني قريب من البلوغ، وهذا يختلف، قد يكون بالعشر، أو بالإحدى عشر، أو الاثنا عشر سنة، هذا مراهق، يعني قريب، اثنا عشر، ثلاثة عشر، وقد يبلغ وهو ابن عشر سنين، إذا أنبت شعره الخشن فوق الفرج صار بالغًا، أو احتلم، وهذا يختلف باختلاف الصبيان، إذا كان مراهقًا ويعلم النساء، هذا يحجب، يحجب، أما إذا كان صغير وما عنده [00:35:23] ما يعي شيئًا من هذه الأمور، هذا يبقى، هذا هو الطفل الذي لا يبالى به.
(فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُرَاهِقًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَيَدْرِيهِ، وَيُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّوْهَاءِ وَالْحَسْنَاءِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ).
الشوهاء الذميمة، يفرق بين الجميلة والذميمة، هذا عنده فهم.
(وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْو؟ قَالَ: «الحَمْو الْمَوْتُ»).
الحمو قريب الزوج، عم الزوج، وابن عم الزوج، وابن أخي الزوج، سبها بالموت؛ لأنه يدخل ولا يستنكر، قال: بيت، بيت أخوه، بيت ابن عمه، يتساهل، يحصل التساهل، يدخل النساء عنده محرم، فربما وقع في المحظور، لا يتساهل في الحمو، أما البعيد إذا دخل فالكل ينكر عليه، يصيح عليه الشارع كله إذا دخل واحد قريب، لكن إذا دخل قريب ما يستنكر، فلذلك شبهه بالموت، دخل قريب بيت عمه أو بيت أخيه أو بيت ابن أخيه، لكن لو جاء أجنبي ودخل البيت فالكل ينكر عليه، فلهذا شبه الحمو بالموت؛ لئلا يحصل التساهل، والموت أفظع حادث ينزل بالإنسان.
(وَقَوْلُهُ: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَتْ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ وَفِي رَجْلِهَا خَلْخَالٌ صَامِتٌ -لَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ- ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا الْأَرْضَ، فَيَعْلَمُ الرِّجَالُ طَنِينَهُ، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَاتِ عَنْ مَثَلِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ زِينَتِهَا مَسْتُورًا، فَتَحَرَّكَتْ بِحَرَكَةٍ لِتُظْهِرَ مَا هُوَ خَفِيٌّ، دَخَلَ فِي هَذَا النَّهْيِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}).
نعم، لا يجوز لها أن تظهر الخفي من الزينة، سواء كان خلخالًا يسمع الصوت، أو شيء من الثياب، تكشف الثوب الظاهر وتبدي الزينة التي تحته، هذا داخل في النهي، ﴿لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾[النور:31].
(وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهَا تُنْهَى عَنِ التَّعَطُّرِ وَالتَّطَيُّبِ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا ليَشْتَمَّ الرِّجَالُ طِيبَهَا، فَقَدْ قَالَ أبو عيسى الترمذي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَّطَّان، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارة الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْم بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فمرَّت بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا» يَعْنِي زَانِيَةً).
الشيخ: ماذا قال على تخريجه؟ الترمذي ما حكم عليه؟
الطالب: وفي الباب عن أبي هريرة وهذا حسن صحيح.
الشيخ: أعد الحديث.
الطالب: قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ القَّطَّان، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارة الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْم بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ عَيْنٍ زَانِيَةٌ، وَالْمَرْأَةُ إِذَا اسْتَعْطَرَتْ فمرَّت بِالْمَجْلِسِ فَهِيَ كَذَا وَكَذَا» يَعْنِي زَانِيَةً.
قَالَ: وَفِي الْبَابِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهَذَا حَسَنٌ صَحِيحٌ.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ، بِهِ).
هذا على ما جاء في الحديث: «كُتب على ابن آدم حظه من الزنى، فهو مدرك ذلك لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني زناها الاستماع، واللسان يزني وزناه الكلام، والرجل تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه»، على ما جاء في الحديث أنها زانية.
الطالب: قال: ثابت بن عمارة صدوق فيه.
الشيخ: لكن يستدل بالحديث الثاني، «كُتب على ابن آدم حظه من الزنى، فهو مدرك ذلك لا محالة»، وهو صحيح.
الطالب: حسنه الألباني في صحيح...
الشيخ: لعله حسن له شواهده.
(وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عُبَيْدٍ مَوْلَى أَبِي رُهْم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لقيتْه امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِيبِ، وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ، جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ لَهَا: [وَلَهُ] تَطَيَّبتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ امْرَأَةٍ تَطَيبت لِهَذَا الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسلها مِنَ الْجَنَابَةِ».
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أبي شيبة، عن سُفْيَانَ -هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ - بِهِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُبَيدة، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: «الرَّافِلَةُ فِي الزِّينَةِ فِي غَيْرِ أَهْلِهَا، كَمَثَلِ ظُلْمَةِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا نُورَ لَهَا».
وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُنَّ يُنهَين عَنِ الْمَشْيِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّبَرُّجِ).
الحديث السابق تكلم عليه، والذي قبله؟
الطالب: «لا يقبل الله صلاة امرأة تطيبت»، قال: صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، والثاني: «كمثل ظلة يوم القيامة»، قال: سنده ضعيف؛ لضعف موسى بن عبيدة، ويشهد له سابقه.
الشيخ: موسى بن عبيدة الربذي ضعيف.
الطالب: وأيضًا أن الترمذي قال: لا نعرفه إلا من طريق موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث من قبل حفظه وهو صدوق، وقد رواه بعضهم عن موسى بن عبيدة ولم يرفعه، والسابق أحسن الله عملك فيه عاصم بن عبيدة.
الشيخ: يشهد بعضهم لبعض، ويدل على أن المرأة لا يجوز لها أن تتطيب، ويجب عليها غسل الطيب، يعني مثل غسلها من الجنابة، يعني حتى يزول الطيب إذا كان في جسدها، المهم إزالة الطيب.
(وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهُنَّ يُنهَين عَنِ الْمَشْيِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّبَرُّجِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ:
حَدَّثَنَا القَعْنَبِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ -يَعْنِي: ابْنَ مُحَمَّدٍ -عَنْ أَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حِمَاسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ -وَقَدِ اخْتَلَطَ الرِّجَالُ مَعَ النِّسَاءِ فِي الطَّرِيقِ -فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ: «اسْتَأْخِرْنَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أَنْ تَحْققْن الطَّرِيقَ، عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ»، فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُلْصَقُ بِالْجِدَارِ، حَتَّى إِنَّ ثَوْبَهَا لِيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ، مِنْ لُصُوقِهَا بِهِ).
أدركنا هذا في القرى، في القصيم وغيرها كانت المرأة إذا مر رجل لصقت بالجدار حتى يمر ويبتعد، إلى عهد قريب كانت بالقرى.
(وَقَوْلُهُ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} أَيْ: افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْجَلِيلَةِ، وَاتْرُكُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالصِّفَاتِ الرَّذِيلَةِ، فَإِنَّ الفَلاح كُلَّ الفَلاح فِي فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَتَرْكِ مَا نَهَيَا عَنْهُ، والله تعالى هو المستعان [وعليه التكلان]).
هذه الآيات العظيمة فيها أمر الله تعالى المؤمنات بغض البصر، وبحفظ الفرج، وبعدم إبداء الزينة لغير المحارم، ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾[النور:31]، أمر بالستر، ستر الرأس والوجه والصدر، ﴿وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾[النور:31]، يعني المحارم، ﴿أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾[النور:31]، عشر تبدي لها، بعولتهن أزواجهن، وآباء أزواجهن، وآبائهن، وأبنائهن، وإخوانهن، وبني إخوانهن، وبني أخواتهن، أو نسائهن، يعني النساء المسلمات دون الذميات، تبدي لهن ما تبدي للمحارم، أو ما ملكت أيمانهن يعني الأمة والعبد، يجوز للمرأة أن تبدي زينتها لعبدها؛ لأنه من محارمها، هذا الصحيح، وهذا ما دلت عليه الأحاديث، وهو مذهب الجمهور، أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال، وهم الذين يتبعون الناس، يتبعونهم في الجيش وغيره، وهم من الأجراء والخدم الذين ليس لهم رغبة في النساء، ولا همة في النساء، ولا شهوة، ولا انتشار، يكون الانتشار للذكر، ولهذا قال: غير أولي الإربة من الرجال، أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء، الطفل الذي لا يعرف، وليس له معرفة في النساء، ولذلك تبدي له زينتها، أما إذا كان مراهقًا أو قريبًا من المراهق وله معرفة بالنساء، فحكمه حكم البالغين.
﴿وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾[النور:31]، نهي المرأة أن تبدي الزينة الخفية، سواء كان بضرب الخلخال يسمع الصوت، أو بكشف الثياب التي فيها زينة، ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ﴾[النور:31]، هذا أمر من الله تعالى لعباده بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وأن يمتثلوا الأوامر، وألا يكونوا كأهل الجاهلية الذين يتساهلون في العورات، ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[النور:31]، أي: لكي تفلحوا، لعل هنا بمعنى التعليل، والمراد أن من تاب فهو من أهل الفلاح، وتوبوا إلى الله جميعًا؛ لكي تفلحوا، توبوا لكي تحصلوا على الفلاح، فمن تاب حصل على الفلاح، فمن تاب ورجع، وامتثل الأوامر، واجتنب النواهي فهو من أهل الفلاح، وأهل الفلاح الذين يحصل لهم ما يطلبون، ويسلمون مما يخافون، وأعظم ما يطلبه المؤمن هو رضا الله -عَزَّ وَجَلَّ-، والتمتع بدار كرامته، وأعظم ما يرهبه المسلم هو سخط الله والنار، فأهل الفلاح حصلوا على مرضات وسلموا من عذابه وسخطه، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل الفلاح.
الطالب: [00:49:02]
الشيخ: إذا كان له صوت، نعم، صار مثل الخلخال، هذا يسمع صوت ويحصل فتنة فلا ينبغي، كما سمعت الآن، قال الله تعالى: ﴿أَوْ نِسَائِهِنَّ﴾[النور:31]، النساء المسلمات لكي لا تنعت الذمية، لا ينبغي إبداؤها لها إلا ما جرت الضرورة كما في أثر عمر رضي الله عنه، ولكنه لم يصح، لكن ينبغي أن تراجع المرأة في مسألة الإبداء للمرأة الذمية؛ لأنها قد تحتاج إلى هذا، لعلها إن شاء الله تراجع، نراجع كلام العلماء في هذا، في المغني وفي غيره، إبداء المرأة زينتها للذمية، قد تحتاج إلى هذا، قد تدعوا الحاجة إلى هذا، هذا لمن التعليق؟
الطالب: هذا في موقع.
الشيخ: أعد.
الطالب: اختلف العلماء في حكم كشف المرأة حجابها أمام المرأة الكافرة، وسبب اختلافهم هو اختلاف أفهامهم لتفسير آية النور ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن …أو نسائهن ، وقد جاء في تفسيرها ثلاثة أقوال.
أولًا: أن المعنى: النساء المسلمات.
ثانيًا: جميع النساء المسلمات وغير المسلمات.
ثالثًا: النساء المسلمات على الاستحباب لا الوجوب.
والراجح - والله أعلم - جواز ظهور المرأة المسلمة أمام الكافرة إلا إذا خافت المسلمة منها أن تصفها لزوجها أو لأي أجنبي فعند ذلك يلزم الاحتجاب عنها ولا فرق بين الكافرة والمسلمة الفاسقة في هذا الباب.
ومن الأدلة التي ترجح جواز ترك الحجاب أمام الكافرة: حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه دخول امرأة يهودية عليها، وقول اليهودية لعائشة: أعاذكِ الله مِن عذاب القبر … رواه البخاري ومسلم.
وقد قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: لا يجب الاحتجاب عنهن - أي: غير المسلمات - فهنَّ كسائر النساء في أصح قولي العلماء. أ. هـ " فتاوى المرأة المسلمة.
والذي تظهره المرأة المسلمة أمام الكافرة هو الذي تظهره أمام محارمها، وهو: مواضع الزينة، أو مواضع الوضوء، وبالله التوفيق.
الشيخ: ما ذكر اسم المحقق؟
الطالب: هذا موقع.
الشيخ: نعم، الأقرب أنه عام، تدعوا الحاجة إلى الكشف للذمية إلا إذا خافت من وصفها، حتى المسلمة إذا خافت يجب أن تحتجب عن المسلمة أو عن الفاسقة إذا كانت تصف.
الطالب: في موقع آخر ذكر الشيخ ابن باز {نسائهن} يعني جنس النساء.
الشيخ: ذكر منها إجابة المصلي، يجيب [00:53:10] ابن القيم؟
الطالب: نعم.
الشيخ: معكم الآن موجود الآن؟ كل هذا ليس من كلام الناس، ما هو من كلام الناس، لا إشكال، إذا كان يحتاج إلى وقت ليس ببعيد.