قارئ المتن:
يقول الإمام/ ابن خزيمة -رحمه الله- في صحيحه:
"بَابُ ذِكْرِ قَدْرِ مَا كَانَ بَيْنَ أَذَانِ بِلَالٍ وَأَذَانِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ"
حدثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا حفص قال حدثنا ابن غياث وثنا بندار نا يحيى جميعًا عن عبيد الله قال: سمعت القاسم عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال: ولم يكن بينهما إلا قدر ما ينزل هذا ويرقى هذا».
الشيخ:
المراد تقليل المُدة، يعني المدة ليست طويلة، يعني كان بلال يؤذن ثم يتأخر بعض الشيء، ويأتي ابن أم مكتوم ويصعد السطح لا يوجد عنده مُكبر صوت، هو يحتاج إلى مدة، قد يذهب إلى من يخبر ابن أم مكتوم ثم يأتي من بيته....
المراد أن المدة قصيرة، وليس المراد حقيقة اللفظ أن هذا موجود وهذا موجود، وهذا هو الأول أن يكون الأذان الأول ما يكون بعيد؛ حتى يحصل المقصود منه، في الحديث الذي مر في الحديث السابق أنه: «يوقظ نائمكم، ويرد قائمكم» فالنائم يوقظه الأذان الأول؛ حتى يستعد ويتوضأ ويُوتِر، والقائم الذي يصلي يرد ويعرف أن الوقت قريب؛ حتى لا يُطيل، أما إذا كان بعيد ما حصل المقصود منه.
القارئ:
وقال الدورقي: عن قاسم وقال أيضًا: "إذا أذن بلال فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم قال: ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا".
قال أبو بكر: "هذا الخبر من الجنس الذي أقول من الأخبار المُعَلَلَة التي يجوز القياس عليها، ويتعين العلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أمر بالأكل والشرب بعد نداء بلال أعلمهم أن الجماع وكل ما جاز للمفطر فعله فجائز فعله في ذلك الوقت لا أنه أباح الأكل والشرب فقط دون غيرهما".
الشيخ:
المراد: جمع المُفطرات المباحة تحل للإنسان، هذا المراد، قال في الصحيحين تخريجه؟
الطالب:
إسناده معلولٌ بالوقف، ولفظه خطأ، والصواب أنه موقوف، كما أجاز بذلك البخاري في تاريخه.
القارئ:
معروف إنه في الصحيحين.
الشيخ:
أعد.
القارئ:
قال أبو بكر: "هذا الخبر من الجنس الذي أقول من الأخبار المُعَلَلَة التي يجوز القياس عليها".
الشيخ:
المُعَلَلة؟
القارئ:
المُعَلَلة، أو المُعِلِلَة.
الشيخ:
المُعلِلَة.
يعني المبينة السبب، معلِلة من العِلة وبيان السبب والعلة، وليس معنى المُعللة إنها ضعيفة.
القارئ:
قال أبو بكر: "هذا الخبر من الجنس الذي أقول من الأخبار المُعَلَلَة التي يجوز القياس عليها، ويتعين العلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أمر بالأكل والشرب بعد نداء بلال أعلمهم أن الجماع وكل ما جاز للمُفطر فعله فجائز فعله في ذلك الوقت لا أنه أباح الأكل والشرب فقط دون غيرهما".
الشيخ:
يعني القياس، الذي قاس على الأكل والشرب قاس عليه الجماع، قاس جميع المُفطرات، قاس مثلًا السَعوت في الأنف، وهكذا من المفطرات.
القارئ:
"بَابُ إِيجَابِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الصَّوْمِ الْوَاجِبِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِلَفْظٍ عَامٍّ، مُرَادُهُ خَاصٌّ"
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ». وَأَخْبَرَنِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَم، أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ أَخْبَرَهُمْ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، وَزَادَ: قَالَ: "وَقَالَ لِي مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ بِمِثْلِهِ".
الشيخ:
من لم يُجَمِع أم من لم يَجْمَع؟
يَجْمَعِ: يعني يعزم.
﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ﴾ [يونس:71] يعني اعزموا يمكن إذا كان في لغة جمع؟ كيف ضبطه عندك؟
القارئ:
ما ضبطه.
الشيخ:
المعروف يَجْمَعِ يعني من لم يعزم، وقوله تعالى: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّة﴾ [يونس:71] يعني اعزموا، هذا حديث حفصة....
القارئ:
نعم عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ».
الشيخ:
نعم، استدل به العلماء على أنه لا بد من تبييت النية في الفرض، أما في النفل أمره أخف. في النافلة لو لم ينوي إلَّا بعد الفجر؛ صح صومه إذا لم يكن قد فعل شيء من المُفطرات، لكن لو كان الصيام واجب ما يُجزيه، ما يكفيه، صيام رمضان أو قضاء، أو نذر أو كفارة، لا بد أن ينوي من الليل: «مَنْ لَمْ يَجْمَعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ».
ما تخريجه؟
القارئ:
قال: "إسناده صحيح سنن أبي داوود من طريق أبي وهب".
الشيخ:
النسخة الثانية.
الطالب:
إسناده معلومٌ بالوقف ورفعُه خطأ والصواب أنه موقوف، كما أجاز بذلك البخاري في تاريخه الصغير، ونقله عنه الترمذي في عِلله الكبير، وسوغ وقفه النسائي الكبرى، والدارقطني في العلل، وتفصيل طُرقه مع ترجيحاتها مفصلٌ في كتاب الجامع في العلل يسر الله إتمامه وطبعه، أخرجه أحمد والدارمي وأبو داوود وابن ماجة والترمذي والنسائي وفي الكبرى له، والطحاوي في شرح المعاني، والدارقطني، والبيهقي.
الشيخ:
هذا ابن فحل؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
له كتاب في هذا؟
القارئ:
(07:59).
الشيخ:
مختلف في رفعه ووقفه منه من صوَّب وقفه، ومنهم من لم يصوب، لكن مثل هذا لا يقال بالرأي؛ لأن الموقوف ما يخالف المرفوع، مثل هذا مثل ما تقول حفصة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا- من عندها، يعني نقف على كلام حفصة إن كان من كلام حفصة أو من كلام النبي؟
إن كان من كلام حفصة فإنها عالمة بالنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- مثل هذا لا يقال بالرأي هذا حكم شرعي.
واحتج به أهل العلم على أن تبييت النية في الصيام من الليل قبل الفجر في الصيام الواجب، واعتمد أهل العلم هذا.
القارئ:
بَابُ: إِيجَابِ النِّيَّةِ لِصَوْمِ كُلِّ يَوْمٍ قَبْلَ طُلُوعِ فَجَرُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، خِلَافَ قَوْلِ مِنْ زَعَمَ أَنَّ نِيَّةً وَاحِدَةً فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِ الشَّهْرِ جَائِزٌ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ".
الشيخ:
هذا فيه قولان لأهل العلم:
قولٌ مثل ما ذكر أبو بكر وهو أنه يجب التبييت كل يوم قالوا: "لأن كل يوم له عبادة مستقلة، كل يوم تبييت من الليل"، ولكن معنى ذلك أن الإنسان إذا كان يعلم في الليلة نفسها أنه يصوم غدًا هذه النية.
وقال آخرون من أهل العلم: ما يحتاج أن يُبيِّت كل يوم يكفيه النية من أول الشهر؛ لأن المسلم يعلم أنه سيصوم الشهر.
فقولان لأهل العلم.
أعد.
القارئ:
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» قَدْ أَمْلَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ".
الشيخ:
وهذا عام يشمل الصيام وغيره.
ما بعده؟
القارئ:
بَابُ: الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ، الْوَاجِبَ مِنَ الصِّيَامِ دُونَ التَّطَوُّعِ مِنْهُ»
الشيخ:
الدروس إن شاء الله إلى يوم الإثنين (السبت والأحد والإثنين).
وَفْقَ الله الجميع إلى طاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح.