قارئ المتن:
قال الإمام/ الحافظ ابن خُزيمة رحمه الله تعالى في كتابه الصحيح:
"جماع أبواب الأفعال اللواتي تفطر الصائم"
باب ذكر البيان أن الحجامة تفطر الحاجم والمحجوم جميعا
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا المعتمر: وهذه اللفظة والحجامة للصائم إنما هو من قول أبي سعيد الخدري لا عن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - أُدرج في الخبر لعل المعتمر حدَّث بهذا حفظا فادرج هذه الكلمة في خبر النبي صلى الله عليه وسلم أو قال: قال أبو سعيد: ورخص في الحجامة للصائم فلم يضبط عنه قال أبو سعيد فأُدرج هذا القول في الخبر.
ثم قال رحمه الله: "حدثنا بهذا الخبر محمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبشر بن معاذ قالا: ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت حميدا يحدِّث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للصائم".
الشيخ:
اقرأ.
القارئ:
قال المُحَشِّي: "قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه - في كتابه المجموع: قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يُفطر بها لا الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباسٍ وأنس بن مالك .....
الشيخ:
نعم، على مذهب الشافعية يتمشى مع مذهب الجمهور، الجمهور لا يرون أن الحجامة تُفطِّر.
القارئ:
قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه - في كتابه المجموع: "قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يُفطر بها لا الحاجم ولا المحجوم، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباسٍ وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وأم سلمة وسعيد بن مثيب وعروة بن الزبير والشعبي والنخعي ومالكٌ والثوري وأبو حنيفة".
الشيخ:
كلهم لا يرون أن الحجامة تُفطر.
القارئ:
نعم.
"وداوود وغيرهم"، قال صاحب الحاوي: "وبه قال أكثر الصحابة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم - وأكثر الفقهاء".
وقال جماعة من العلماء: "الحجامة تُفطر"، وهو قول علي بن أبي طالبٍ، وأبو هريرة، وعائشة، والحسن البصري، وابن سيرين، وعطاء، والأوزاعي، وأحمدُ، وإسحاق، وابن المنذر، وابن خزيمة.
قال الخطابي قال أحمد وإسحاق: "يفطر الحاجم والمحجوم وعليهما القضاء دون الكفارة".
الشيخ:
ما في كفارة، الكفارة في الجماع خاصة.
القارئ:
نعم.
وقال عطاء: "يلزم المحتجم في رمضان القضاء والكفارة".
الشيخ:
هذا ضعيف، ليس عليه دليل. المقصد الخلاف مهم هذا الكلام في الحاشية، تنبهون عليه، المقصود أن الحجامة فيها خلاف وخلاف قوي كما هو معلوم، لكن الصادر من هيئة الفتوى أنها تفطر الآن.
وابن القيِّم كما ذكرنا قال: "لا يعتمد قول القائلين بأنها تفطر إلَّا إذا تمت هذه الأمور الأربعة:
إذا أثبتوا أن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - احتجم في رمضان ليس في صيام النافلة (05:35)، واحتجم وهو صحيح غير مريض، واحتجم وهو مقيم وغير مسافر، إذا تم هذه الأمور الأربعة؛ ممكن؛ لأن صحيح أن النبي احتجم وهو صائم لكنه احتجم في السفر والمسافر له أن يفطر، وقد يكون احتجم في صيام النافلة صيام النافلة لا بأس به، واحتجم وهو مريض والمريض له أن يفطر، وهكذا.
القارئ:
قال أبو بكر رحمه الله: "لم يزيدا على هذا قلت للصنعاني: والحجامة؟ فغضب فأنكر أن يكون في الخبر ذكر الحجامة"، والدليل على أنه ليس في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحجامة.
الشيخ:
هذا كلام مَن؟
القارئ:
هذا كلام أبو بكر (ابن خزيمة) (06:22).
الشيخ:
قلنا خلاص الحاشية. انتهت الحاشية؟
القارئ:
لأ، هذا الأصل.
الشيخ:
هذا تبع قراءة أمس؟
القارئ:
لأ، اليوم.
الشيخ:
أول شيء قال أبو بكر؟
القارئ:
قال أبو بكر، هذا تعليق على الحديث الذي قرأناه قبل قليل.
أعيد الحديث؟
الشيخ:
نعم، أعد الحديث.
القارئ:
حدثنا بهذا الخبرِ محمد بن عبد الأعلى الصنعاني......
الشيخ:
السند؟
القارئ:
نعم، هذا السند.
حدثنا بهذا الخبر محمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبشر بن معاذ قالا: ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت حميدا يحدِّث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للصائم.
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا المعتمر: وهذه اللفظة والحجامة للصائم إنما هو من قول أبي سعيد الخدري لا عن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - أُدرج في الخبر لعل المعتمر حدَّث بهذا حفظا فادرج هذه الكلمة في خبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قال: قال أبو سعيد: ورخَّص في الحجامة للصائم فلم يضبط عنه قال أبو سعيد فأُدرج هذا القول في الخبر.
ثم قال رحمه الله: "حدثنا بهذا الخبر محمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبشر بن معاذ قالا: ثنا المعتمر بن سليمان قال: سمعت حميدا يحدِّث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص في القُبلة للصائم".
قال أبو بكر رحمه الله: "لم يزيدا على هذا قلت للصنعاني: والحجامة؟ فغضب فأنكر أن يكون في الخبر ذكر الحجامة".
الشيخ:
رخَّصَ في القُبلة؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
وزاد أبو سعيد: "رخص في القُبلة والحجامة"، فأنكروا الحجامة، والقُبلة بالفم لا بأس كان النبي «يُقَبِّلُ وهو صائم ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه»؛ فلا بأس بالقُبلة إن كان لا يخشى على نفسه أن يتدرج به الحال إلى إفساد الصوم أو إلى الجماع أو أن يخرج منه مني أو مذي، إذا كان لا يأمن؛ فلا يتسبب في إفساد صومه.
القارئ:
أحسن الله إليك.
ثم قال رحمه الله: "أن علي بن سعيد حدثنا أيضا قال: ثنا أبو النضر نا الأشجعي عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: "رُخَّص للصائم في الحجامة والقُبْلَة".
فهذا الخبر رُخَّص للصائم في الحجامة والقُبْلَة دال على أنه ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ:
يعني حسب ما فهمه.
القارئ:
وقد ثنا أيضا محمد بن عبد الله بن بزيع قال ثنا أبو يحيى ثنا حميد الطويل والضحاك بن عثمان عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أنه قال: في الحجامة: إنما كانوا يكرهون قال: أو قال: يخافون الضعف.
وحدثنا بندار نا محمد نا شعبة عن قتادة عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: "إنما كرهت الحجامة للصائم مخافة الضعف".
قال أبو بكر: فخبر قتادة وخبر أبي يحيى عن حميد والضحاك ابن عثمان دالان على أن أبا سعيد لم يَحْكِ عن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - الرخصة في الحجامة للصائم إذ غير جائز أن يروي أبو سعيد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - رخص في الحجامة للصائم.
ويقول: "كانوا يكرهون ذاك مخافة الضعف إذ ما قد أباحه - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - إباحةً مطلقًا لا استثناء ولا شريطة، فمباح لجميع الخلق غير جائز أن يقال: أباح النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - الحجامة للصائم وهو مكروه مخافة الضعف، ولم يستثن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - في إباحتها من يأمن الضعف دون من يخافه.
فإن صح عن أبي سعيد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - رخص في الحجامة للصائم كان مؤدى هذا القول أن أبا سعيد قال: كره للصائم ما رخص النبي صلى الله عليه وسلم له فيها.....
الشيخ:
يعني أبو بكر الآن كان يناقش قول أبو سعيد أنه رُخِّصً له من أجل الضعف، قال أبو بكر: النبي ما قال في ضعف أو في غير ضعف، الأفضل الحاجم والمحجوم.
القارئ:
كان مؤدى هذا القول أن أبا سعيد قال: كُره للصائم ما رخص النبي صلى الله عليه وسلم له فيها، وغير جائز أن يُتأول هذا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرووا عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة في الشيء ويكرهونه، وقد روي أيضًا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يُفَطِّرْنَ الصائم: الحجامة والقيء والحلم».
الشيخ:
يُفَطِّرْنَ؟ اقرأ.
القارئ:
قال: "سقط من م يعني نسخة فاختلف المعنى وهي مُجَّوَدَةٌ في الأصل، «ثلاثٌ لا يفطرن الصائم».
الشيخ:
نعم، وهي موجودة.
القارئ:
«ثلاث لا يُفَطِّرْنَ الصائم: الحجامة والقَيء والحُلُمْ».
الشيخ:
ماذا؟
القارئ:
«ثلاث لا يُفَطِّرْنَ الصائم: الحجامة والقَيء والحُلُمْ».
الشيخ:
والحُلْم: يعني الاحتلام في الليل.
القارئ:
حدثناه يحيى بن المغيرة أبو سلمة المخزومي حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وحدثناه محمد بن يحيى ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد الرحمن: قال أبو بكر: وهذا الإسناد غلط ليس فيه عطاء بن يسار ولا أبو سعيد وعبد الرحمن بن زيد ليس هو ممن يحتج أهل التثبيت بحديثه؛ لسوء حفظه للأسانيد وهو رجل صناعته العبادة والتقشف والموعظة والزهد ليس من أحلاس الحديث الذي يحفظ الأسانيد.
وروى هذا الخبر سفيان بن سعيد الثوري وهو ممن لا يدانيه في الحفظ في زمانه كثير أحد عن زيد بن أسلم عن صاحب له عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم».
حدثنا أبو موسى نا عبد الرحمن بن مهدي قال نا سفيان عن زيد بن أسلم قال أبو بكر: فلو كان هذا الخبر عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري لباح الثوري بذكرهما ولم يسكت عن اسميهما يقول عن صاحب له عن رجل وإنما يقال في الأخبار عن صاحب له وعن رجل إذا كان غير مشهور.
وحدثنا محمد بن يحيى قال ثنا أبو عاصم عن سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحدثنا محمد ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر والثوري عن زيد بن أسلم عن رجل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد حدثنا محمد بن يوسف ثنا سفيان عن زيد بن أسلم حدثني رجل من أصحابنا عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم» ولم يرفعه عبد الرزاق.
نا محمد بن يحيى نا عبد الرزاق حدثنا ابن أبي سبرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
وحدثنا محمد بن يحيى نا جعفر بن عون أخبرنا هشام ابن سعد ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد ثنا أبو نعيم ثنا هشام عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث لا يُفَطِّرْنَ الصائم الاحتلام والقيء والحجامة».
سمعت محمد بن يحيى يقول: "هذا الخبر غير محفوظ عن أبي سعيد ولا عن عطاء بن يسار والمحفوظ عندنا حديث سفيان ومعمر".
حدثنا محمد بن يحيى نا محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال: «لا بأس بالحجامة للصائم».
نا محمد نا حجاج بن منهال عن حماد عن حميد عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري: «أنه كان لا يرى بالحجامة للصائم بأسا».
حدثنا محمد نا نعيم بن حماد عن ابن المبارك عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال: «لا بأس بالحجامة للصائم».
نا محمد نا موسى بن هارون البردي نا عبدة عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل أن أبا سعيد: "ليس عن رسول الله - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - ولا أظن معمرا لفظه".
حدثنا أحمد بن نصر ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لثمان عشر مضت من رمضان فمر برجل يحتجم فقال: «أفطر الحاجم والمحجوم»".
وحدثنا أحمد بن نصر نا عبد الله بن صالح ويحيى ابن عبد الله بن بكير عن الليث بن سعد حدثني قتادة بن دِعامة البصري عن الحسن عن ثوبان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن رسول الله - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - وقال: «أفطر الحاجم والمحجوم».
قال أبو بكر رحمه الله: فكل ما لم أقل إلى آخر هذا الباب: إن هذا صحيح فليس من شرطنا في هذا الكتاب، والحسن لم يسمع من ثوبان قال أبو بكر: هذا الخبر خبر ثوبان عندي صحيح في هذا الإسناد، والله أعلم.
الشيخ:
نعم، هو صحيح.
ما بعده؟
القارئ:
باب ذكر الدليل على أن السَعُوط وما يصل إلى الأنواف من المنخرين يُفَطِّرُ الصائم.
الشيخ:
بارك الله فيك، وأطال في هذا رحمه الله، شرح صدره رحمه الله، وانتصر للقول: "بأن الحجامة تُفطر"؛ وهو المعتمد الآن، هو الذي عليه الفتوى.
وَفْقَ الله الجميع لطاعته، وصلى الله على محمد.