قارئ المتن:
الحمدُ للهِ ربِ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام/ الحافظ بن خزيمة رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه:
"جماع أبواب الصوم في السفر"
بابُ: إباحة الفطر في اليوم الذي يخرج فيه المرء فيه مسافرًا من بلده إن ثبت الخبر ضد مذهب من زعم أنه إذا دخل في الصوم مقيمًا ثم سافر لم يجز له الفطر وإباحة الفطر إذا جاوز المرء بيوت البلدة التي يخرج منها وإن كان قريبًا يرى بيوتها.
الشيخ:
يعني المسألة كما ذكر المؤلف مسألة خلافية:
إذا صام في البلد ثم سافر فهل له أن يفطر؟
قال بعض العلماء: "ليس له أن يفطر هذا اليوم الذي صام أوله عليه أن يتمه، ثم إذا صام اليوم الثاني في السفر هذا هو الذي يفطره".
والصواب: أن له أن يفطر إذا جاوز بيوت البلد، هذا هو الصواب والنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- صام لما كُرَاعَ الغَميم أفطر.
وكذلك عموم قوله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة:184] قوله ﴿عَلَى سَفَرٍ﴾ عام يشمل السفر الذي سافره وكان صام أوله أو لم يصم أوله، فِإذا سافر وجاوز بيوت البلد له أن يُفطر.
فيه دليل أنه لا يفطر إلَّا إذا جاوز بيوت البلد ولو كان يرى البيوت من بعيد، فالنبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- لما سافر في حجة الوداع وعزم على السفر صلى بالناس في المدينة الظهر أربعًا وخطب الناس وهو عازم على السفر ولم يقصر، ثم انتقل العصر وصلى في ذي الحليفة، ذي الحُليفة كان مجاور المدينة خارج البُنيان، فصلى ركعتين وهو قريب من البلد، فدل على أن المسافر لا يترخص حتى يفارق بيوت البلد.
وأما ما ورد عن بعض الصحابة أنه أفطر لما عزم، أفطر وهو في البلد، هذه أقوال شاذة لا يُعَوّل عليها، الصواب الذي جاءت عليه النصوص أنه لا يفطر حتى يجاوز بيوت البلد.
وجاء عن بعض الصحابة أنهم أفطروا في السفينة أو في البحر أو في البلد.
سؤال:
(03:00)؟
الإجابة:
والله كانت الفتوى سابقًا أنه خارج البلد، وكان يَقْصُرُ، وكان سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله يُفتي بهذا، الآن صار في إشكال الآن، وصار بعض أهل العلم يرى أنه الآن قربت المساكن، ويرى أنه لا يفطر ولا يقصر حتى يتجاوز المطار.
القارئ:
أخبرنا الأستاذ الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قراءة عليه قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سعيد -هو ابن أبي أيوب- حدثني يزيد بن أبي حبيب أن كُلَيب بن ذُهل الحضرمي حدثه عن عبيد بن جبر قال: "ركبت مع أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرَّب غداءه فقال: اقترب فقلت: ألست ترى البيوت؟ فقال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟".
قال أبو بكر: "لست أعرف كليب بن ذهل ولا عبيد بن جبير ولا أقبل دين من لا أعرفه بعدالة".
الشيخ:
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "إسناده ضعيف؛ لجهالة كُليب بن ذُهل فقد تفرد بالرواية عنه يزيد بن أبي حبيب ولجهالة عُبيد بن جبر فقد تفرد بالرواية عنه كُليب بن ذهل، وأخرجه أحمد والدارمي وأبو داوود والطبراني في الكبير، والبيهقي". انتهى أحسن الله إليك.
الشيخ:
هذا كُلَيب بن ذُهل مجهول.
ما عندك.
أحد الحضور:
عُبيد بن جُبير.
الشيخ للقارئ:
عندك جبر؟
القارئ:
أحسن الله إليك، قال: "في الأصل جُبير وهو خطأ، والصواب ما أثبته من الإتحاف وانظر تهذيب الكمال".
عن عبيد بن جبر قال: "ركبت مع أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرَّب غداءه فقال: اقترب فقلت: ألست ترى البيوت؟ فقال أبو بصرة: أترغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟".
قال أبو بكر: "لست أعرف كليب بن ذهل ولا عبيد بن جبر ولا أقبل دين من لا أعرفه بعدالة".
الشيخ:
والنسخة الثانية إيش قال عليها الأعظمي؟
أحد الحضور:
إسناده ضعيف.
الشيخ:
الألباني يرى أنه يفطر ولو في بلده، هذا ما تكلم به الشيخ الألباني ضعيف، هذا يرجع عن بعض الصحابة، لكن الأقوال شاذة، والصواب: أنه لا يجوز الفطر حتى يفارق حدود البلد، وأما الحديث ضعيف هنا، لكن معناه صحيح أنه إذا فارق بيوت البلد يُفطر، فظاهر الآية يدل والأحاديث الأخرى كما سبق المؤلف.
أما قول الشيخ الألباني أنه له رسالة صح أنه يجوز للإنسان أن يُفطر ولو في البلد، هذا (08:24) بعض الأقوال وبعض أفعال الصحابة وهي أقوال شاذة، والصواب الذي عليه جمهور العلماء والذي دلت عليه النصوص أنه ليس له أن يترخص وهو في السفر حتى يتجاوز بيوت البلد، إذا فارق بيوت البلد يترخص، له أن يفطر في رمضان، وله أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها، وله أن يجمع بين الصلاتين، وله أن يقصر الرباعية، يترخص إذا فارق بيوت البلد، أما في البلد فلا.
وإن كان رأي الشيخ الألباني فهذا اجتهادٌ منه رحمه الله، والصواب خلاف ما أقره الشيخ الألباني، الصواب أنه لا يجوز أن يترخص في البلد، وأنه قد يعدل عن السفر فيفطر في رمضان.
القارئ:
باب الرخصة في الفطر في رمضان في مسيرة أقل من يوم وليلة إن ثبت الخبر فإني لا أعرف منصور بن زيد الكلبي هذا بعدالة ولا جرح.
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أبي وشعيب قالا: أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ح وحدثنا محمد بن يحيى أخبرنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن منصور الكلبي: أن دِحية بن خليفة خرج من قريته إلى قرية عقبة بن عامر من الفسطاط في رمضان فأفطر وأفطر معه الناس، وكره آخرون أن يفطروا، فلما رجع إلى قريته قال: "والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظن أراه إن قومًا رغبوا عن هدي رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- وأصحابه يقول في ذلك للذين صاموا قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك".
وقال ابن عبد الحكم: "خرج من قريته بدمشق المِزَّة إلى قدر قريته عقبة بن عامر ثم أنه أفطر والباقي لفظًا واحدًا".
الشيخ:
المِزَّة: اسم القرية.
القارئ:
قال محمد بن يحيى: "ابن لهيعة يقول في هذا: منصور بن زيد الكلبي".
قال تخريجه أحسن الله إليك: "إسناده ضعيف؛ لجهالة منصور الكلبي تفرد بالرواية عنه أبو الخير".
الشيخ:
هذا ابن خزيمة توقف، والرواية التي توقف عنها ضعيفة.
القارئ:
باب الرخصة للحامل والمرضع في الإفطار في رمضان.......
الشيخ:
بارك الله فيك، أعد الباب السابق.
القارئ:
باب الرخصة في الفطر في رمضان في مسيرة أقل من يوم وليلة إن ثبت الخبر فإني لا أعرف منصور بن زيد الكلبي هذا بعدالة ولا جرح.
حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أبي وشعيب قالا: أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ح وحدثنا محمد بن يحيى قال: أخبرنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا الليث قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن منصور الكلبي: أن دِحية بن خليفة خرج من قريته إلى قرية عقبة بن عامر من الفسطاط في رمضان فأفطر وأفطر معه الناس، وكره آخرون أن يفطروا، فلما رجع إلى قريته قال: "والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظن أراه إن قومًا رغبوا عن هدي رسول الله -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- وأصحابه يقول في ذلك للذين صاموا قال عند ذلك: اللهم اقبضني إليك".
الشيخ:
يعني تأثر قال: "اللهم اقبضني إليك"؛ حتى لا أرى من لا يعمل بالسنة.
القارئ:
وقال ابن عبد الحكم: "خرج من قريته بدمشق المِزَّة إلى قدر قريته عقبة بن عامر ثم أنه أفطر والباقي لفظًا واحدًا".
قال محمد بن يحيى: "ابن لهيعة يقول في هذا: منصور بن زيد الكلبي". انتهى أحسن الله إليك.
الشيخ:
في الحاشية ما تكلم عن مسألة السفر أقل من يوم وليلة؟
القارئ:
لا ما تكلم.
الشيخ:
هذا قول لبعض العلماء له أن يترخص ولو بريد.
لكن الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا يجوز له أن يترخص إلَّا إذا كانت المسافة يومين بالإبل المُحَمَّلة، مسافة ثمانين كيلو تقريبًا؛ لأن الأحاديث فيها تقييد: «لا يحل لامرأة أن تسافر بدون محرم مسيرة يوم وليلة» يعني مرحلتان اليوم مرحلة ......
وفي مَن يرى مسيرة يومين، وآخر مسيرة ثلاثة أيام، هذه قيود تدل على أنه لا بد من اعتماد المسافة، والمسافة تكون يومين فأكثر بالإبل المُحَملة، وهذا الذي أقره جمهور العلماء وكثير من الفقهاء أنه لا يترخص في السفر حتى تكون المسافة للإبل يومين محملة يومين قاصرين، أما إذا كان أقل فلا، وهذا الحديث حديث ضعيف وفي بعض الآثار عن بعض الصحابة تعلق به بعض العلماء ورأى أنه يقصر الصلاة إذا خرج مسافة بريد.
وكذلك احتجوا بأثر لابن عمر أنه ذهب لما أسرع وأراد أن يدرك زوجته وأن المسافة قصيرة وأنه قصر.
على كل حال يتعلق بها بعض الآثار عن الصحابة، لكن الصواب الذي أقره أكثر أهل العلم والذي دلت عليه النصوص أنه ليس له أن يترخص حتى تكون المسافة يومين فأكثر بالإبل المحملة، ثمانين كيلو، أما إذا كانت أربعين كيلو، خمسين كيلو، ستين كيلو، الأحوط للمسلم أن لا يترخص، يحتاط لدينه.
وَفْقَ الله الجميع إلى طاعته، ورزق الله الجميع من واسع فضله، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.