قارئ المتن:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
قال الإمام/ الحافظ ابن خُزيمة رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه في كتابه الصحيح:
"جماع أبواب وقت الإفطار وما يستحب أن يُفطر عليه"
باب ذكر خبر روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في وقت الفطر بلفظ خبرٍ معناه عندي معنى الأمر
قال: حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا سفيان ح وحدثنا الحسن بن محمد بن الصبَّاح الزعفراني قال: حدثنا أبو معاوية قالا: حدثنا هشام بن عروة ح وحدثنا هارون بن إسحاق حدثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن عاصم بن عمر بن الخطاب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما - عن أبيه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس أفطر الصائم».
الشيخ:
وأفطر هذا خبر بمعنى الأمر والمعنى: ليفطر الصائم، «إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر النهار من ها هنا، جاء في المغرب وأدبر من جهة المشرق، فقد غربت الشمس وأفطر الصائم».
القارئ:
قال هارون بن إسحاق: "فقد أفطرت".
وقال أحمد بن عبده: "إذا أقبل الليل من ها هنا" ولم يقل أحمد ولا هارون: لي.
قال أبو بكر: هذه اللفظة فقد أفطر الصائم لفظ خبر ومعناه معنى الأمر أي: فليفطر الصائم إذ قد حل له الإفطار، ولو كان معنى هذه اللفظة معنى لفظه كان جميع الصوَّام فطرهم وقتا واحدا.
الشيخ:
يعني لو كان معناه الخبر كان الصوَّام كلهم فطروا في وقت واحد، ويكون معناه إذا غربت الشمس فإنه يُحكم للصائم بالإفطار، لكل صائم أن أفطر في وقت واحد، في غروب الشمس كل الصوَّام أفطروا، أفطروا حكمًا وإن لم يتناولوا شيئًا من الطعام ومن الشراب.
لكن ليس المراد، المراد هنا خبر والمعنى: ليفطر الصائم، «إذا غربت الشمس أقبل الله من ها هنا وأدبر من ها هنا وغربت الشمس فليفطر الصائم».
القارئ:
ولم يكن لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر»، ولقوله صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم: «لا يزال الدين ظاهرًا ما عجل الناس الفطر» معنىً، ولا كان لقوله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تبارك وتعالى: أحب عبادي إليّ أعجلهم فطرا».
الشيخ:
نعم، وهذا حديث قدسي من كرم الله تعالى، يؤكد المعنى، لو كان المراد فقد أفطر الصائم أفطر حكمًا وأن معناه الخبر ما أصل الفائدة هنا للحث على المبادرة بالفطر، «أحب عبادي إليّ أعجلهم فطرا».
لكن المراد اللفظة وإن كان خبرًا معناه الأمر.
القارئ:
معنىُ لو كان الليل إذا أقبل وأدبر النهار وغابت الشمس كان الصوام جميعًا يفطرون، ولو كان فطرهم جميعهم في وقت واحد لا يتقدم فطر أحدهم غيره لما كان لقوله صلى الله عليه وسلم: «من وجد تمرًا فليفطر عليه، ومن لم يجد فليفطر على الماء» معنىً ولكن معنى قوله: «فقد فطر» أي: فقد حل له الفطر والله أعلم.
الشيخ:
نعم، وهذا ظاهر إذا غربت الشمس وأقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من ها هنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم، يعني ليفطر، أمرٌ له بالإفطار، وليس المراد الإخبار؛ لأنه لو كان الإخبار لكان إفطارهم نفس الميعاد في وقتٍ واحد، ولم يكن للأحاديث التي فيها الأمر بالإفطار لم يكن له فائدة.
القارئ:
أحسن الله إليك.
باب: ذكر دوام الناس على الخير ما عجلوا الفطر، وفيه كالدلالة على أنهم إذا أخَّروا الفطر وقعوا في الشر
حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي حدثنا ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل وهو ابن سعد ح وحدثنا محمد بن بشَّار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان ح وحدثنا جعفر بن محمد قال حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر».
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليك، قال: "أخرجه مسلم، وابن ماجه، وأبو يعلى وهو صحيح، والطبراني".
الشيخ:
والذي قبله كذلك؟
القارئ:
والذي قبله قال: "متفقٌ على صحته".
الشيخ:
معنى الحديث فيه مشروعية المبادرة بالفطر بعد تحقق غروب الشمس، كما أنه يُشرع تأخير السحور ما لم يخاف طلوع الفجر، وفيه دليل على أن الناس لا يزالون بخير ما داموا يعملون بالسُنَّة، أما إذا أخروه فإنهم يصابون بالشر، كالرافضة الذي يؤخرون الصلاة والفطر حتى تشتبك النجوم؛ وهذا شر.
السُنَّة المبادرة بعد غروب الشمس، أما تأخيرها إلى طلوع جمهور النجوم كما يفعل بعض الرافضة وغيرهم؛ فإن هذا خلاف الخير، هذا مخالف لقول النبي: «لا يزال الناس بخير»، فاتت عنهم الخيرية، وحصلوا على الشر؛ لمخالفتهم السُنَّة، نسأل الله السلامة والعافية.
القارئ:
باب: ذكر ظهور الدين ما عجَّل الناس فطرهم
الشيخ:
وَفْقَ الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع، سبحانك الله وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
