قارئ المتن:
أحسن اللهُ إليكم، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِم، الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
غفر لنا ولشيخنا ولوالديه ولمشايخه وللحاضرين والمسلمين.
قال الإمام/ أبو بكرٍ بن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:
"بَابُ ذِكْرِ ظُهُورِ الدِّينِ مَا عَجَّلَ النَّاسُ فِطْرَهُمْ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اسْمَ الدِّينِ قَدْ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ شُعَبِ الْإِسْلَامِ"
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسُ، حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ، إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ».
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
"إسناده حسن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي صَدوق حَسن الحديث، أخرجه ابن حبان من طريق محمد بن إسماعيل الأحمسي به، وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داوود وابن ماجه والنسائي في الكبرى، والحاكم والبيهقي وفي شعب الإيمان له من طُرقٍ عن أي هريرة به".
الشيخ:
هذا الفحل؟
الطالب:
الألباني يقول: "حسن".
الشيخ:
هنا يقول إسناده صحيح؟
القارئ:
يقول: "إسناده حسن".
الشيخ:
«لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ». الدين جنس يشمل الدين، ويشمل بعضه، فتعجيل الفطر هذا شُعب من شعب الإيمان، سماه الدين؛ لأنه هو دين، من الدين تعجيل الفطر إذًا ألحقت بالرُخصة، فتعجيل مشروعية تعجيل الفطر إذا تحقق الغروب، وأنه ينبغي للإنسان أن يبادر بالإفطار، وألا يؤخر، فإن اليهود والنصارى يؤخرون حتى تشتبك النجوم.
«لا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ». أما إذا أخروا فإن هذا فيه خفاء بعض الدين؛ لأن هذا من الدين إظهاره، تعجيل الفطر، فإذا أُخر خَفي شيءٌ من الدين، وهو الذي عليه النصارى. أسأل الله السلامة والعافية.
فالسُنَّة المبادرة بالإفطار إذا تحقق غروب الشمس، كما أن السُنَّة تعجيل السحور ما لم يخف طلوع الفجر.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ اسْتِحْسَانِ سُنَّةِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا لَمْ يُنْتَظَرْ بِالْفِطْرِ قَبْلَ طُلُوعِ النُّجُومِ"
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى سُنَّتِي مَا لَمْ تَنْتَظِرْ بِفِطْرِهَا النُّجُومَ»، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ رَجُلًا فَأَوْفَى عَلَى شَيْءٍ، فَإِذَا قَالَ: غَابَتِ الشَّمْسُ، أَفْطَرَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَكَذَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ أَبِي صَفْوَانَ، وَأَهَابُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ الْأَخِيرُ عَنْ غَيْرِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، لَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الثَّوْرِيِّ أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَازِمٍ فَأُدْرِجَ فِي الْحَدِيثِ.
الشيخ:
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال: "صحيح، أخرجه ابن حبان من طريق المُصَنِّف وأخرجه الحاكم في المستدرك".
الطالب:
قال: "إسناده صحيح وأخرجه ابن حبان من طريق المصنف دون الزيادة المدرجة".
الشيخ:
هذا كلام الألباني؟
أحد الحضور:
قال الحافظ في الفتح: "قد روى ابن حبان والحاكم من حديث سهلٍ أيضًا بلفظ: «لا تزال أمتي على سنتي ما لم تنتظر بفطرها النجوم».
الشيخ:
الحديث في مشروعية تعجيل الفطر، وأن هذا من السُنَّة، وأنه لا يزال الدين ظاهر، وأن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- استحسن هذا وأنه ينبغي تعجيل الإفطار للصائم بعد تحقق غروب الشمس، وأن تأخيره في خفاء للدين، ومشابهة لأهل الكتاب.
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ حُبِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْمُعَجِّلِينَ لِلْإِفْطَارِ وَالدَّلِيلِ عَلَى ضِدِّ قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ عَصْرِنَا مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يُحِبُّ جَمِيعَ عِبَادِهِ، وَخَالَفَنَا فِي بَابِ أَفْعَلَ، فَادَّعَى مَا لَا يُحَسِّنُهُ، فَقَدْ بَيَّنْتُ بَابَ أَفْعَلَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِنَا فِي كِتَابِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَالْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ مِنَ الْمُسْنَدِ".
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قال حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، نا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوَئِيلَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا».
الشيخ:
وهذا حديث قدسي من كلام الله نقلًا ومعنى؛ لأن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أضافه إلى ربه سبحانه وتعالى، وفيه فضيلة تعجيل الفطر، وفيه إثبات المحبة للهِ عز وجل والرد على مَن أنكره من الجهمية والمعتزلة، والرد على تأوله من الأشاعرة، يتأولون بالإرادة إثبات المحبة لله والله تعالى وصف نفسه بالمحبة في القرآن:
﴿اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة:195]، ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة:222]، ويحب المتقين، ويحب الصابرين، إثبات المحبة لله على ما يليق بجلال الله وعظمته، وليس هي الإرادة كما يقول الأشاعرة، بل الإرادة صفة أخرى.
وفيه أن الحديث القدسي من كلام الله لفظًا ومعنى، النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- أضافه إلى الله، والرد على الأشاعرة أيضًا الذين يقولون: "إن الكلام هو معنًا قائم في النفس"، وفيه مشروعية تعجيل الفطر، والمبادرة بالفطر إذا تحقق غروب الشمس.
تكلم على تخريجه؟
القارئ:
نعم، أحسن الله إليك، قال: "إسناده ضعيف؛ لضعف قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حيوائيل أخرجه أحمد والترمذي وأبو يعلى وابن حِبان من طريق الوليد بن مسلمٍ عن الأوزاعي به، وأخرجه أحمد والترمذي والبيهقي من طريق أبي عاصم عن الأوزاعي به، وأخرجه الترمذي من طُرقٍ عن الأوزاعي به".
الشيخ:
الحديث ظاهره ضعيف لكن الحديث ثابت، سنده ضعيف.
الأول قال إسناده ضعيف؟
القارئ:
نعم، أحسن الله إليك.
الشيخ:
لماذا؟
القارئ:
قال: "إسناده ضعيف؛ لضعف قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حيوائيل أخرجه أحمد والترمذي وأبو يعلى وابن حِبان من طريق الوليد بن مسلمٍ عن الأوزاعي به، وأخرجه أحمد والترمذي والبيهقي من طريق أبي عاصم عن الأوزاعي به، وأخرجه الترمذي من طُرقٍ عن الأوزاعي به".
الشيخ:
سند الحديث.
القارئ:
أحسن الله إليكم.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، قال حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، نا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَيْوَئِيلَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا».
الشيخ:
نص الحديث صحيح وهو ثابت، وإن كان السند فيه ضعف، لكنه ثابتٌ من طُرق أخرى.
القارئ:
"بَابُ اسْتِحْبَابِ الْفِطْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ".
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، ح وَحَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ حَتَّى يُفْطِرَ، وَلَوْ كَانَ شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ قَالَ مُوسَى بْنُ سَهْلٍ: أَصْلُهُ كُوفِيٌّ - يَعْنِي الْقَاسِمَ بْنَ غُصْنٍ - رَوَى عَنْهُ وَكِيعٌ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ.
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليكم.
قال: "صحيحٌ أخرجه الطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي من طريق شُعيب بن إسحاق عن سعيدٍ به، وأخرجه البزار كما في كشف الأسطار من طريق القاسم بن غُصنٍ به، وأخرجه ابن أبي شيبة وأبو يعلى وأبو حبان والضياء المقدسي في المختار من طرقٍ عن أنسٍ به".
الشيخ:
إسناده صحيح.
الطالب:
"حديثٌ صحيح وإسناده ضعيف، القاسم بن غصن ضعفه الجمهور، لكن رواه ابن حبان من طريق آخر عن أنس وسنده صحيح، والمستدرك من طريق ال(13:50).
الشيخ:
ما تكلم عن قاسم؟
القارئ:
لأ، ما تكلم عليه.
الشيخ:
على كل حال هذا ثابت في الصحيح، وفيه استحباب الإفطار قبل الصلاة، أنه يُستحب إذا أذن المؤذن أن يُفطر قبل أن يذهب إلى الصلاة، يفطر ولو تمرات وماء، ثم بعد ذلك يتوجه إلى الصلاة هذا هو السُنَّة، ولا يؤخر الإفطار إلى بعد الصلاة؛ لأنه إذا أخر الإفطار إلى بعد الصلاة شابه اليهود وخرجت النجوم.
القارئ:
أحسن الله إليك. موسى بن سهل في نفس الصحيح تكلم عن القاسم، نقل عنه أبو بكر، قال موسى بن سهل: "أصله كوفي -يعني القاسم بن غُصن- روى عنه وكيع وسليمان بن حيان".
الشيخ:
من يقول؟
القارئ:
يقوله موسى بن سهل نقل عنه أبو بكر بن خُزيمة في نفس الصحيح.
الشيخ:
قرأته أنت في الأول؟
القارئ:
نعم.
أحسن الله إليك.
"بَابُ إِعْطَاءِ مُفَطِّرِ الصَّائِمِ مِثْلَ أَجْرِ الصَّائِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنتَقَصَ الصَّائِمُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا".
الشيخ:
وَفْقَ الله الجميع إلى طاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح. سبحانك الله وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.