شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح ابن خزيمة_50

00:00
00:00
تحميل
42

قارئ المتن:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.

قال الإمام/ الحافظ ابن خُزيمة رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنانه في كتابه الصحيح:

" جماع أبواب وقت الإفطار وما يُستحب أن يفطر عليه"

باب: الزجر عن الوصال في الصوم وذكر ما خص الله به نبيَّه صلى الله عليه وسلم من إباحة الوصال إذ الله تبارك وتعالى فرَّق بينه وبين أمته في ذلك أن كان الله يطعمه ويسقيه بالليل دونهم مَكْرُمَةً له صلى الله عليه وسلم

 حدثنا عبد الجبار بن العلاء حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والوصال» قالوا: يا رسول الله إنك واصل؟! قال: «إني لست كأحدكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني».

حدثنا عبد الله بن محمد الزهري حدثنا أبو سعيد - يعني مولى بني هاشم - عن شعبة عن قتادة عن أنس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والوصال» قالوا: يا رسول الله إنك تواصل قال: «إني أبيت أطعم وأسقى».

تخريج الحديث أحسن الله إليك.

الشيخ:

في الصحيحين.

القارئ:

نعم.

الشيخ:

ماذا قال؟

القارئ:

الحديث الأول: قال: "أخرجه مالك في موطَّأه برواية الليثِ، والشافعي في السنن المأثورة، والحُميدي، والدارمي ومسلم من طريق الأعرج به، وأخرجه أحمد والبخاري ومسلم من طرقٍ عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ".

والثاني أحسن الله إليك: قال: "صحيح، أخرجه أحمد، والدارمي، والبخاري، والترمذي، وأبو يَعلى، وابن حبان من طرقٍ عن قتادة عن أنسٍ به".

الشيخ:

وهذه الأحاديث الدالة على أن النبي -صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم- من خصائصه الوصال.

 والوصال: هو أن يصل الليل بالنهار في الصوم، يصل اليومين والثلاثة، فلا يُفطر بالليل، يصوم الليل مع النهار، هذا الوصال، كان النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - يصوم اليومين والثلاثة ولا يأكل في الليل ولا يشرب.

 فأراد الصحابة -رضوان الله عليهم - أن يقتدوا به، وأن يتأسَّوا به؛ فمنعهم، وقال: «إنكم لا تستطيعون»، قالوا: "يا رسول الله، أنت تواصل؟!"، قال: «إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني»، وفي لفظٍ: «أُطعَم وأُسقى».

 فأراد الصحابة - رضوان الله عليهم - أن يتأسّوا به وظنوا أنه منعهم من باب الرحمة بهم والشفقة بهم، وأنه لا بأس أن يصوموا، بيَّن لهم -عليه الصلاة والسلام- أن الصيام في حقهم مكروه، وأنهم لا يستطيعون، فأراد أن يُؤَذِّرَهُم وأن يُنَكِّلَ بهم في آخر الشهر لما أبَّوا، وهم أبَّوا لا امتناع عنه وإنما رغبةً في الخير، لعله يسمح لهم.

 فلما أبَّوا واصل بهم في اليوم الثامن والعشرين واليوم التاسع والعشرين، يومين ثم رأوا الهلال، فقال: «لو بقي الهلال لزدتكم يومًا ثالثًا» كالمُنكِّل لهم لما أبَّوا؛ ليُبين لهم أنهم لا يستطيعون، واصل بهم يومين، يومين ثم لم يتم الشهر صار تسعة وعشرين، قال: «لو بقي الشهر ثلاثين لواصلتكم اليوم الثالث»؛ حتى يبين لهم أنهم لا يستطيعون؛ فدل هذا على أن الوصال ليس بحرام، وإنما هو مكروه.

واختلف العلماء هل الوصال حرام أو مكروه؟

قال بعض العلماء: "حرام".

وقال الآخرون: "مكروه".

 والصواب إنه مكروه؛ لأنه لو كان حرامًا لما فعله النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - بالصحابة، لا يفعل بهم الحرام، بينما هو مكروه.

ويجوز الوصال إلى السحر، يجوز أن يواصل إلى السَّحَر؛ لقول النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - في الحديث الصحيح: «لا تواصلوا، فمن أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر» يعني يؤخر الفطار إلى السَّحَر، يجعل سحورهم فطورًا وفطورهم سحورًا مرة واحدة يأكلوا في آخر الليل، هذا لا بأس به جائز، لكن الأفضل المبادرة بالفطر.

واختلف في قول النبي صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم: «إني أبيتُ يطعمني ربي ويسقيني»:

فقال بعض العلماء: "إنه يؤتى بطعامٍ وشرابٍ من الجنة". وهذا ضعيف؛ لأنه لو كان يؤتى بطعام وشراب من الجنة؛ لكان مفطر ولم يكن صائمًا.

والصواب: أن المراد أن الله تعالى يفتح عليه من مواد أُنسه ونفحات قدسه ما يغنيه عن الطعام والشراب، كما قيل:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها
 

***

عن الطعامِ وتلهيها عن الزادِ
 

 

 فهو -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- إذا فتح الله عليه من مواد أُنسه ونفحات قُدسه أغناه عن الطعام والشراب؛ لما يحصل له من اللذة والنشاط والقوة، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام.

فالأحوال للصائم ثلاثة:

الحالة الأولى: أن يُبادر بالفطر من حين غروب الشمس؛ فهذا هو الأفضل، وهذا هو السُنَّة، وحث النبي على المبادرة بالإفطار، وكره تأخير الإفطار إلى طلوع النجوم.

والحالة الثانية: الوصال إلى السحر: يواصل إلى السحر، يأكل مرة واحدة في آخر الليل، وهذا جائز، لكنه ليس هو الأفضل.

والحالة الثالثة: الوصال: أن يصل الليل مع النهار، يومين أو ثلاثة لا يأكل؛ وهذا مكروه أو حرام، هذا قول لأهل العلم، والصواب أنه مكروه.

القارئ:

ثم قال رحمه الله تعالى:

باب: تسمية الوصال بالتعمق في الدين

 حدثنا عمرو بن علي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا حميد وحدثنا محمد بن بشار حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن ثابت عن أنس قال: واصل النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين فبلغه ذلك فقال صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم: «لو مد لنا الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون التعمق لستم مثلي إني أظل فيطعمني ربي ويسقيني».

الشيخ:

 لو مد الشهر: يعني لو كمل الشهر ثلاثين يومًا، كان الشهر تسعة وعشرين يومًا.

القارئ:

باب: الدليل على أن الوصال منهي عنه إذ ذلك يشق على المرء خلاف ما يتأوله بعض المتصوفة ممن يفطر على اللقمة أو الجُرعة من الماء فيعذب نفسه ليالي وأياما

الشيخ:

إذا أخذ الجرعة أو اللقمة ما واصل، أفطر، لكن يعذب نفسه بقلة الأكل، لكنه غير مواصل ما دام أفطر بالجرعة، إلَّا إذا كان المراد أنه يفطر بالجرعة ثم يصوم بعد أيام مواصلًا.

القارئ:

حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا ابن فضيل حدثنا عمارة ابن القعقاع عن ابن أبي نعيم قال: سمعت أبا هريرة يذكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والوصال» قالها ثلاثا - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: «لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ويسقيني فاكلُفوا من العمل ما تطيقون».

الشيخ:

اكِلَفُوا من العمل ما تطيقون: يعني افعلوا من العمل ما تطيقون، هذا فيه أن الوصال من خصائص النبي صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم.

القارئ:

باب: النهي عن الوصال إلى السحر إذ تعجيل الفطر أفضل من تأخيره إن كان الوصال إلى السحر قد أباحه المصطفى صلى الله عليه وسلم

الشيخ:

المفروض: باب الجواز في الوصال إلى السحر.

أحد الحضور:

سيأتي إن شاء الله يا شيخ.

الشيخ:

نعم.

القارئ:

باب: النهي عن الوصال إلى السحر إذ تعجيل الفطر أفضل من تأخيره إن كان الوصال إلى السحر قد أباحه المصطفى صلى الله عليه وسلم

الشيخ:

إذًا كيف باب النهي عن الوصال إلى السحر، الأولى أن يقال: باب الجواز الوصال إلى السحر؛ لأنه أباحه النبي - صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم - وأن الفطر أفضل.

القارئ:

حدثنا أحمد بن منيع حدثنا عبيدة - يعني ابن حميد - عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل إلى السحر ففعل بعض أصحابه فنهاه فقال: يا رسول الله إنك تفعل ذلك قال: «لستم مثلي إني أظل عند ربي يطعمني ويسقيني».

الشيخ:

في إشكال هنا، إلى السحر ما يعتبر مواصل، الوصال جزئي.

القارئ:

باب: إباحة الوصال إلى السحر وإن كان تعجيل الفطر أفضل

أخبرني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم قال: أخبرني عمرو بن مالك الشرعبي عن ابن الهادِ عن عبد الله ابن خباب عن أبي سعيد الخدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله يعني مثل حديث ابن عمر في الوصال، قال: «فأيكم واصل مِن سَحَرٍ إلى سَحر».

الشيخ:

«فمن سحر إلى سحر».

يعني أراد أن يواصل فيكون من السحر إلى السحر.

أحد الحضور:

ما في فاء؟

«واصل من سحر إلى سحر».

الشيخ:

عندك فاء؟

القارئ:

«فمن سحر إلى سحر».

الشيخ:

يعني التقدير فمن واصل فليواصل من سحر إلى سحر.

القارئ:

باب: ذكر الدليل عن أن لا فرض على المسلمين من الصيام غير رمضان إلا ما يجب عليهم بأفعالهم وأقوالهم

الشيخ:

بارك الله فيك، وَفْقَ الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع، سبحانك الله وبحمدك أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد