شعار الموقع

شرح كتاب الصيام من صحيح ابن خزيمة_52

00:00
00:00
تحميل
31

قارئ المتن:

الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمسلمين.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملًا يا كريم.

قال ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه:

"جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ"

" بَابُ إِبَاحَةِ وَصْلِ صَوْمِ شَعْبَانَ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى رَمَضَانَ أَيْ: لَا تُوصِلُوا شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ فَتَصُومُوا جَمِيعَ شَعْبَانَ، أَوْ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ الْمَرْءُ قَبْلَ ذَاكَ، فَيَصُومُ ذَلِكَ الصِّيَامَ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، لَا أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّوْمِ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ نَهْيًا مُطْلَقًا»".

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ، أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- قَالَتْ: «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ».

الشيخ:

عُزيز: ضبطها عندك؟

عُزيز أم عَزيز؟

القارئ:

لم يضبطها.

 حَدَّثَنَا الصَّنْعَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، وَذَكَرَ أَبَا سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، حَدَّثَتْهُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَنْبَرٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ، وَزَادَ: قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: «خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»، وَكَانَ أَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهَا مِنْهَا - وَإِنْ قَلَّتْ - وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا.

الشيخ:

تخريجه؟

«خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ»: يعني افعلوا من العبادة ما لا يشق عليكم.

«فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا»: هذا وصف يليق بالله تعالى، وهو من الصفات المتقابلة.

 يستهزئون: يستهزئُ بهم.

سخروا: سخر الله منهم.

النووي والجماعة قال: "المعنى «فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» فإن الله لا يقطع الثواب حتى يقطع العبد العمل"، وهذا الأثر من آثار الصفة، الصفة من الصفات المتقابلة وهي التي تليق بجلال الله وعظمته، ومن آثار هذه الصفة: أن الله لا يقطع الثواب عن العبد حتى يقطع العبد العمل.

القارئ:

تخريج الحديث: «خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ»: "صحيحٌ، أخرجه أحمد والبخاري ومسلم.......".

الشيخ:

هذا «خُذُوا»: ولكنها زيادات، خذوا هذا حديث (03:13). والذي قبله؟

القارئ:

الذي قبله سيأتي.

الشيخ:

قول ابن خزيمة رحمه الله: لا أن معناه أنه لا يصل بشعبان، هذا اسم ظاهر؛ لأنه جاء في الحديث أنه كان يصله بشعبان، يحمل على أنه مرة يصل ومرة لا يصل، وأنه يصوم أغلب الشهر، ومن صام أغلب الشهر فكأنما صام الشهر كله.

القارئ:

"بَابُ بَدْءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ وَصَامَهُ"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ - يَعْنِي الْمَدِينَةَ - صَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ فَكَانَ رَمَضَانُ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ".

سؤال من أحد الحضور:

(04:55).

الشيخ:

حتى رمضان غير ثابتة، (05:03)

ماذا قال عليه؟

القارئ:

قال: "صحيح، أخرجه أحمد..................".

الشيخ:

حتى رمضان، هذه الزيادة؟

القارئ:

عن عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها- قَالَتْ: «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ».

الشيخ:

قول ابن خزيمة -رحمه الله- في الترجمة: "وكان لا يصله برمضان" اسم ظاهر؛ لأنه جاء في الحديث: «كان يصله برمضان»، يُحمل على أنه أحيانًا يصل، وأحيانًا يفطر في آخر الشهر.

كون الناس كانت تصومه بالجاهلية، لعل هذا جاءهم من قبل يهود أهل الكتاب، كانوا في المدينة، فوصل إليهم، فصاروا يصومونه كما يفعل اليهود.

القارئ:

"بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ بَدْءَ صِيَامِ عَاشُورَاءَ كَانَ قَبْلَ فَرْضِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ"

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، قال: "حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، جَمِيعًا، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهُوَ يَتَغَدَّى، وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: ادْنُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَاطْعَمْ، قَالَ: إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هَلْ تَدْرُونَ مَا كَانَ عَاشُورَاءُ؟ قَالَ: وَمَا كَانَ؟ قَالَ: كَانَ يَصُومُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، وَيُوسُفُ: فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَهُ. قَالَ يُوسُفُ: عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ".

الشيخ:

تخريجه؟

القارئ:

"صحيحٌ أخرجه ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي في (الكبرى) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به، وأخرجه مسلم من طريق جريرٍ به، وأخرجه أحمد ومسلم والشاشي والبيهقي من طُرقٍ عن الأعمش به".

الشيخ:

ثم تركه: يعني ترك الوجوب، وفرضية صوم عاشوراء كانت في السنة الثانية من الهجرة، لأن في السَّنَة الأولى جاء متأخر من بعد مُحرم، في السَّنَة الثانية لما جاء مُحرم فُرض صوم عاشوراء، فصامه النبي وأمر بصيامه، وأمر المنادي أن ينادي؛ لأنه كان اليوم عاشوراء: "من كان صائم فليتم صومه، ومن كان مفطرًا فليصم بقية يومه".

 هذه السَّنَة الثانية من الهجرة، فلما جاء رمضان فُرض صوم رمضان في نفس السَّنَة، مُحرم فرض صوم عاشوراء، فلما جاء رمضان فرض صيام رمضان، فلما جاءت السَّنَة الثالثة قال النبي صَلىَ اللهُ عليهِ وسلم: «مَن شاء أن يصوم عاشوراء فليصمه»، تُرك الوجوب وبقي الاستحباب.

القارئ:

أحسن الله إليكم.

"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْمَ عَاشُورَاءَ بَعْدَ نُزُولِ فَرْضِ صَوْمِ رَمَضَانَ إِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، لَا أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، بَلْ كَانَ يَتْرُكُهُ إِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَيَصُومُ إِنْ شَاءَ صَامَهُ"

الشيخ:

نُسخ الوجوب وبقي الاستحباب.

القارئ:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالَ: «يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ».

الشيخ:

وهذا ظاهر في التخيير.

القارئ:

"بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ غَلَطَ فِي مَعْنَاهُ عَالِمٍ مِمَّنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَى الْخَبَرِ، وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَمْرَ لِصَوْمِ عَاشُورَاءَ جَمِيعًا مَنْسُوخٌ بِفَرْضِ صَوْمِ رَمَضَانَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: خَبَرُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أُمِرْنَا بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ، خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ"

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: "كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَحُثُّنَا عَلَيْهِ، وَيَتَعَهَّدُنَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَحُثَّنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَتَعَهَّدْنَا عَلَيْهِ، وَكُنَّا نَفْعَلُهُ".

 قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "خَبَرُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَبْنِيٌّ بِخَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ بَعْدَ نُزُولِ فَرْضِ رَمَضَانَ كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ".

 قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "سَأَلَنِي مُسَدَّدٌ وَهُوَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، عَنْ مَعْنَى خَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَقُلْتُ لَهُ مُجِيبًا لَهُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَ أُمَّتَهُ بِأَمْرٍ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَلَا فِي كُلِّ وَقْتٍ ثَانٍ، وَكَانَ مَا أَمَرَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، فَعَلَى أُمَّتِهِ فِعْلُ ذَلِكَ الشَّيْءِ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَ فَرْضٍ، فَالْفَرْضُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى يُخْبِرَ فِي وَقْتٍ ثَانٍ أَنَّ ذَلِكَ الْفَرْضَ سَاقِطٌ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ وَفَضِيلَةٍ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فَضِيلَةً أَبَدًا؛ حَتَّى يَزْجُرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي وَقْتٍ ثَانٍ، وَلَيْسَ سَكْتُهُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَمْرِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ يُسْقِطُ فَرْضًا، إِنْ كَانَ أَمْرَهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ أَمْرَ فَرْضٍ، وَلَا كَانَ سُكُوتُهُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي عَنِ الْأَمْرِ بِأَمْرِ الْفَضِيلَةِ مَا يُبْطِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فِعْلَ فَضِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَمَرَ بِالشَّيْءِ مَرَّةً كَفَى ذَلِكَ الْأَمْرُ إِلَى الْأَبَدِ، إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ بِضِدِّهِ، وَالسَّكْتُ لَا يَفْسَخُ الْأَمْرَ. هَذَا مَعْنَى مَا أَجَبْتُ السَّائِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَعَلِّي زِدْتُ فِي الشَّرْحِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى مَا أَجَبْتُ السَّائِلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ".

الشيخ:

سكوته؟

القارئ:

سَكْتُهُ.

الشيخ:

أطال في هذا والأمر سهل، الأمر لا يحتاج إلى هذا. صوم عاشوراء كان واجبًا ثم صار مستحبًا.

القارئ:

"بَابُ عِلَّةِ أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ بَعْدَ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِنَا فِي مَعْنَى «أَوْلَى» ضِدَّ مَذْهَبِ مَنْ يَدَّعِي مَا لَا يُحْسِنُهُ مِنَ الْعِلْمِ، فَزَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ أَوْلَى بِفُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِفُلَانٍ أَيْضًا وِلَايَةٌ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا زَعَمَ، كَانَ الْيَهُودُ أَوْلِيَاءُ مُوسَى، وَالْمُسْلِمُونَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ"

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ، فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا: هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ، وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ»، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ بِهَذَا نَحْوَهُ. قَالَ: فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ. قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ: مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ كَانَ سَأَلَنِي عَنْ هَذَا".

"بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ فَرْضٍ وَإِيجَابٍ بَدْءًا وَلَا عَدَدًا، وَأَنَّهُ كَانَ أَمْرَ فَضِيلَةٍ وَاسْتِحْبَابٍ"

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، خَطَبَ بِالْمَدِينَةِ فِي قَدْمَةٍ قَدِمَهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ:" أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ، وَأَنَا صَائِمٌ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ»، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَكُونُ لَمْ إِلَّا مَاضِيًا".

الشيخ:

لَمْ؟

عندك في لَمْ هنا؟ قال: لم يكون للنبي؟

القارئ:

«هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ».

الشيخ:

قال:

"لَا يَكُونُ لَمْ إِلَّا مَاضِيًا": يعني فيما مضى، لم يكون إلَّا بأمر ولم يكتب عليكم صيامه إلَّا في الماضي؛ لأن لم تقلب المضارع إلى ماضي.

القارئ:

"بَابُ فَضِيلَةِ صِيَامِ عَاشُورَاءَ وَتَحَرِّي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَامَهُ لِفَضْلِهِ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ خَلَا صِيَامَ رَمَضَانَ"

الشيخ:

بارك الله لك.

logo
2024 م / 1446 هـ
جميع الحقوق محفوظة


اشترك بالقائمة البريدية

اشترك بالقائمة البريدية للشيخ ليصلك جديد الشيخ من المحاضرات والدروس والمواعيد