قارئ المتن:
بسمِ الله، والحمدُ للهِ، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فجاء حديث الغُرف التي تُرى ظهورها من بطونها من رواية سبعة من الصحابة وكلها لا تخلو من ضعف، أولًا:
حديث علي بن طالب -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رواه ابن أبي شيبة، والترمذي، وعبد الله بن أحمد في (زوائد المُسند)، وابن خزيمة، وغيرهم من طرق عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا، تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا، فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ هِيَ؟ قَالَ: «لِمَنْ أطاب الكلام، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وصلى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ».
قال الترمذي: "هذا حديثٌ غريب لا نعرفه إلَّا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، وقد تكلم بعض أهل الحديث في عبد الرحمن بن إسحاق هذا من قِبل حفظه، وهو كوفي، وعبد الرحمن بن إسحاق قُرشي مدينيٌ وهو أثبت من هذا، وكلاهما كان في عصرٍ واحد". انتهى.
وفي بعض طرقه زيادة: «وأدام الصيام»، وفي بعضها زيادة: «وأفشى السلام»، وعبد الرحمن بن إسحاق ضعيفٌ كما في التقريب، والنعمان بن سعدٍ مقبول.
ثانيًا: حديث أبي مالك الأشعري: رواه عبد الرزاق وعنه أحمد وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن ابن مُعانق، أو أبي مُعانق، عن أبي مالك الأشعري -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً، يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وتَابع الصلاة والصيام، وقام بالليل والناسُ نِيام».
قال محقق المُسند: "إسناده حَسن إن كان ابن مُعانقًا سمعه من أبي مالك، فقد شكك ابن حبان في سماعه فقال في الثقات: يَروي عن أبي مالك وما أراه شافهه، وابن معانقٍ هذا اسمه عبد الله وكُنيته أبو معانق وقد وثقه العجلي أيضًا وذكره ابن سُميع في تابعي أهل الشام، وجهَّله الدارقطني مع أنه روى عنه جمع". انتهى كلامهم.
لكن الطبراني في (الكبير) رواه من طريقين عن وليد بن مسلم به نحوه، وعندهما تصريح أبي معانق بالسماع من أبي مالك الأشعري، لكن الوليد بن مسلم يُدلس تدليس التسوية، وقد صرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد إلَّا بين معاوية بني سلَّام وأخيه زيد بن سلام.
وقد قال العجلي: "قدم معاوية بن سلام على يحيى بن أبي كثير فأعطاه كتابًا فيه أحاديث زيد بن أبي سلام فلم يقرأه ولم يسمعه منه، وقال الدارقطني في علله: يرويه يحيى بن أبي كثير واُختلف عنه فرواه مَعمر عن يحيى عن معانق عن أبي مالك، وغيره يرويه عن يحيى عن زيد بن سلَّام عن أبي سلَّام عن أبي ذرٍ، والله أعلم بالصواب".
وقال أبو بكر البرقاني: "قلتُ لأبي حسن الدارقطني: ابن معانق أو أبو معانق عن أبي مالك الأشعري؟ فقال: لا شيء، مجهول".
ثالثًا: حديث عبد الله بن عمرو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- رواه أحمد في مسنده قال: حدثنا حسن، قال حدثنا ابن لهيعة، قال حدثني حُيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحُبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «إنَّ في الجنَّةِ غرفةً يُرى ظاهرُها من باطنِها، وباطنُها من ظاهرِها». فقال أبو موسى الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: «لمَنْ ألان الكلام، وأطعم الطَّعامَ، وبات لله قائمًا والنَّاسُ نيامٌ».
قال محقق المُسند: "حديثٌ حسن لغيره، وهذا إسنادٌ ضعيف، ابن لهيعة وإن كان سيء الحفظ قد تُوبع لكن تبقى علة الحديث في حُيي بن عبد الله وهو ضعيف كما مر".
وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق ابن وهب عن حيي بن عبد الله بهذا الإسناد، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي مع أن حيي بن عبد الله لم يُخَّرِّجُ له مسلم، فقول المنذري في (الترغيب والترهيب): أن الحاكم قد قال صحيحٌ على شرطهما وهم منه رحمه الله.
هذا كلام محقق المُسند لكن الواقع أن الحاكم رواه من طريقين عن ابن وهبٍ به فقال في موضع: "صحيحٌ على شرط مسلم، وقال في موضع آخر: صحيحٌ على شرط الشيخين فقد احتجا جميعًا بحيي، وحيي بن عبد الله قال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال البخاري: فيه نظر، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة، قال في التقريب: صدوقٌ يهم، وقال الذهبي: صالح الحديث".
ورواه الطبراني في (الكبير) من طريق ابن وهبٍ عن حُيي به.
قال المنذر في الترغيب والترهيب: "رواه الطبراني في (الكبير) بإسنادٍ حسن، وكذا قال الهيثمي في (مجمع الزوائد) وعند الطبراني والحاكم من رواية ابن وهب أن السائل هو أبو مالك الأشعري لا أبو موسى".
قال الضياء المقدسي في صفة الجنة: "هذا عندي إسنادٌ حسن، وذِكر أبو مالكٍ فيه مما يدل على صحته؛ لأن أبا مالك قد رواه وإسناده أيضًا حَسن".
وذَكر جاسم الدوسري في كتاب (الروض البسام) حديث عليٍ وأبي مالك الأشعري، وعبد الله بن عمرو ثم قال: "فالحديث بهذه الطرق الثلاثة حَسنٌ على أقل أحواله".
رابعًا: حديث جابر بن عبد الله -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- رواه تمام في (فوائده) وأبو نُعيمٍ في (الحلية)، والبيهقي في (البعث والنشور) من طريق عبد الرحمن بن عبد المؤمن الأسْدي:
قال: "حدثنا محمد بن واسعٍ عن الحسن عن جابر بن عبد الله -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: خرج علينا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات يومٍ فقال: «ألا أُخبركم بغرف الجنة؟ قالوا: بلى، بأبينا أنت وأُمِنا يا رسول الله، قال: إن في الجنة لغرفًا من ألوان الجوهر كله يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، فيها من النعيم والثواب والكرامة ما لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت». قال: قلنا بأبينا أنت وأمنا يا رسول الله لمن تلك؟ قال: لمن أفشى السلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وصلى والناس نيام، قلت: بأبي وأمي يا رسول الله، ومن يطيق ذلك؟ قال: أمتي تطيق ذلك، وسأخبركم عن ذلك: من لقي أخاه فسلم عليه، فرد عليه السلام؛ فقد أفشى السلام، ومن أطعم أهله وعياله من الطعام حتى يُشبعهم؛ فقد أطعم الطعام، ومن صام رمضان، ومن كل شهر ثلاثة؛ فقد أدام الصيام، ومن صلى العشاء الآخرة والغداة في جماعة؛ فقد صلى والناس نيام، من اليهود والنصارى والمجوس»".
قال صاحب (الروض البسَّام): "إسناده ضعيف، عبد الرحمن هذا لم أظفر بترجمة له، والحسن لم يسمع من جابر كما قال بهز بن أسد وعليٌ بن المديني وأبو حاتم".
وقال البيهقي: "وهذا الإسناد غير قوي إلَّا أنه مع الإسنادين الأولين –يعني حديث علي وحديث ابن عمرو- يقوي بعضه بعضا، والله أعلم".
وروي بإسنادٍ آخر عن جابر وروي بإسناد آخر، ثم ساق حديث عبد الله بن عباس الآتي، وقال ابن القيِّم -رحمه الله- في (حادي الأرواح): "وهذا إسنادٌ وإن كان لا يحتج به وحده فإذا انضم إليه ما تقدم استفاد قوةً مع أنه قد رُوي بإسنادين آخرين".
خامسًا: حديث عبد الله بن عباسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما- رواه الخرائطي في (مكارم الأخلاق)، وابن عدي في (الكامل) من طريق علي بن حرب قال: "حدثنا حفص بن عمر بن حكيم، قال حدثنا عمرو بن قيس المُلائي عن عطاء ٍعن ابن عباس -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما- قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ في الجنةِ غُرفًا إذا كان ساكِنُها فيها لم يَخْفَ عليه ما خلفه، وإذا خرج منها لم يَخْفَ عليه ما فيها، قيل: لِمَنْ هي يا رسولَ اللهِ ؟ قال: لِمَنْ أطابَ الكلامَ، وواصل الصيامَ، وأَطعمَ الطعامَ، وأَفْشَى السلامَ، وصلَّى والناسُ نِيامٌ،
زاد في رواية ابن عدي وابن حبان في المجروحين، قيل: وما طَيِّبُ الكلامِ ؟ قال: سُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ، فإنَّها تَأْتِي يومَ القيامةِ ولها مُقدِّماتٌ ومُجيباتٌ ومُعَقِّبات، قيل: وما وصال الصيامِ ؟ قال: من صام شهر رمضانَ، ثم أدركَ شهر رمضانَ آخر فصامهُ، قيل: وما إطعامُ الطعامِ ؟ قال: كلُّ من قَاتَ عِيالَهُ وأَطعمَهم، قيل: ما إفشاءُ السلامِ ؟ قال: مُصافحةُ أخيك وتَحيَّتُهُ، قيل: فما الصلاةُ والناسُ نِيامٌ ؟ قال: صلاةُ عِشَاءِ الآخرةِ ».
قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث بهذا الإسناد مناكير لا يرويها إلَّا حفص بن عمر بن حكيم هذا وهو مجهول ولا أعلم أحدًا روى عنه غير علي بن حرب، وكذا قال البيهقي في (البعث والنشور)".
وقال ابن القيِّم في (حادي الأرواح): "وحديثه هذا له شواهد".
وقال المُناوي في (فيض القدير): "وهو وإن ضعفه ابن عدي لكن أقام له شواهد يعترض بها، ومع ملاحظته لا يمكن التفسير بغيره".
سادسًا: حديث ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- رواه الطبراني في (مُسند الشاميين) من طريق بقية عن علي بن أبي حملة، وشُراحيل بن عبد الحميد، وشعيب بن الأشعث عن نافع عن ابن عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها، ويرى من باطنها في ظاهرها، قيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام، وأفشى السلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وبات بالليل قائمًا، والناسُ نيام»
فيه شيخ الطبراني: إبراهيم بن محمد بن عِرق قال الذهبي في (الميزان)....
الشيخ:
عِرق؟ باللام أم بالراء؟
القارئ:
عين راء قاف.
الشيخ:
عِرق.
القارئ:
قال الذهبي في (الميزان): "غير معتمد، وفيه محمد بن مُصفى في (التقريب) صدوق له أوهام، وفيه بقية بن الوليد مُدلس وقد عنعن، ورواه ابن عدي في (الكامل)، وفي إسناده شُرحيل بن عبد الحميد قال الذهبي في (الميزان): شُويخ لبقية مجهول، وفيه بشير بن زاذان ذكر له ابن عدي هذا الحديث وقال: "أحاديثه ليس لها نور، وهو ضعيف غير ثقة، يُحدِّث عن جماعة ضعفاء، وهو بَيِّنُ الضعف، وفي أحمد بن حفص السعدي صاحب مناكير كما في الميزان".
الشيخ:
شَرحيل.
القارئ:
سابعًا: حديث أنس بن مالك -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رواه ابن أبي الدنيا في (التهجد وقيام الليل)، قال: حدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثنا عبد الرحيم بن زيدٍ العمي عن أبيه عن أنسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: «إن في الجنة غُرفًا يُرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها، قيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طَيَّب الكلام، وأفشى السلام، وأدام الصيام، وأطعم الطعام، وصلى بالليل والناسُ نيام» فيه سُويد بن سعيد قال في التقريب: صدوق في نفسه إلَّا أنه عمي فصار يتلقن وفيه عبد الرحمن بن زيد العمي متروك، وأبوه ضعيف".
انتهت الطرق أحسن الله إليك.
وقد أشار ابن القيِّم -رحمه الله- إلى هذا الحديث في نونيته فقال:
غرفاتها في الجو ينظر بطنها |
*** |
من ظهرها والظهر من بطنان |
سكانها أهل القيام مع الصيا |
*** |
م وطيب الكلمات والإحسان |
وقال علي القاري في (مرقاة المفاتيح) في شرح قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وألان الكلام»: "والمعنى لمن له خُلقٌ حسن مع الأنام، قال تعالى: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان:63]، فيكون من ﴿عِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا﴾ [الفرقان:63] الموصوفين بقوله: ﴿أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا﴾ [الفرقان:75].
«وأطعم الطعام»: بالكرم التام للخاص والعام.
«وتابع الصيام»: أي أكثر منه بعد الفريضة بحيث تابع بعضها بعضا ولا يقطعها رأسا. قاله ابن الملك.
وقيل: "أقله أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام"، وفيه وفيما قبله إشارة ٌإلى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:67] مع أن قوله تعالى: ﴿بِمَا صَبَرُوا﴾ [الفرقان:75] صريحٌ في الدلالة على الصوم.
«وصلى بالليل»: أي لمن لا ينام.
«والناس»: أي غالبهم.
«نيام»: جامع نائم أو غافلون عنه؛ ولأنه عبادةٌ لا رياء يشوب عمله، ولا شهود غيره، إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان:64] المُنبئ وصفهم بذلك عن أنهم في غاية من الإخلاص لله.
وللحديث شواهد أخرى دون ذكر الغرف منها: حديث عبد الله بن سلام -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عند أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وفيه: «يا أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام». قال الترمذي: حديثٌ صحيح.
وحديث أبي هريرة عند أحمد وابن حبان والحاكم وفيه: قلت: يا رسول الله؟ أنبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة. قال: «أفشي السلام، وأطعم الطعام، وصل الأرحام، وقم بالليل والناس نيام؛ ثم ادخل الجنة بسلام».
وحديث اختصام الملأ الأعلى عن بعض أصحاب النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عند أحمد وفيه: «ومن الدرجات طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناسُ نيام». انتهى أحسن الله إليك.
الشيخ:
على كل حال، كلها أسانيد ضعيفة كلها، أما بدون الظهور والبطون هذه الصحيحة كما ذكر، «أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام». هذا الحديث صحيح، لكن الظهور والبطون هذه التي فيها ضعف. ابن القيِّم كأنه يُرجح تحسينه لغيرها ذكرها في النونية لغيرها، ليست ببعيدة تحسين، ولكن ضعفها أغلب. هذا في الظهور والبطون، لكن بدون الظهور والبطون فالأحاديث صحيحة، والله أعلم. سمِّ.
القارئ:
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، الحمدُ للهِ ربِ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمستمعين والمسلمين يا رب العالمين.
قال ابن خُزيمة -رحمه الله تعالى- في "جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ":
"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ مُجْمِعًا عَلَى صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ رَأَى إِيجَابَ إِعَادَةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَيْهِ"
مناقشة:
عندنا من على أن الفطر في صوم التطوع.
الشيخ:
أعد.
القارئ:
أحسن الله إليك.
"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ مُجْمِعًا عَلَى صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ رَأَى إِيجَابَ إِعَادَةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَيْهِ"
الشيخ:
يعني أنه إذا أفطر فلا يجب عليه قضائه ما دام تطوع ولو أجمع على صيامه.
وقول بعض العلماء: "أنه يجب عليه الصوم إذا أجمع" هو قول مرجوح.
والصواب: أنه لا يجب للصائم (16:36).
المؤلف يُرجح أن من قال يجب عليه قضائه ليس بصحيح، والصواب أنه لا يجب عليه قضائه، صوم التطوع لا يجب قضائه ولو أجمع على صومه، تسحر وعازم على الصوم من السحر ثم بدا له أن يُفطر؛ فله أن يُفطر.
ماذا قال عندك في الترجمة؟
الطالب:
"بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الفِطْر فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ مُجْمِعًا عَلَى صَوْمِ ذَلِك الْيَوْمِ خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ رَأَى إِيجَابَ إِعَادَةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَيْهِ".
في سقط في الأصل.
الشيخ:
عندك قول أن الفطر زيادة عندك هنا؟
الطالب:
عندي الفطر، وفي سقط بعد ....
القارئ:
عندي في النسخة المفطر، وعنده الفطر. "بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ ...." عندهم الفطر. أحسن الله إليك.
الشيخ:
المعنى أن المؤلف يقول إنه يذكر الدليل على أن من صام فله أن يفطر ولا يجب عليه قضائه خلافًا لمن رأى أنه يجب عليه قضائه.
القارئ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، ح وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-َ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَجَاءَ سَلْمَانُ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَوَجَدَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ فَقَالَتْ: إِنَّ أَخَاكَ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا، زَادَ يُوسُفُ: يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ قَالَا: فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُ: كُلْ، فَقَالَ: أَوَلَسْتُ أَطْعَمُ؟
الشيخ:
أَوَلَسْتُ أم أوَلستَ؟
القارئ:
وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُ: كُلْ، فَقَالَ: أَوَلَسْتُ أَطْعَمُ؟
الشيخ:
أوَلستَ تطعم؟
القارئ:
أَوَلَسْتُ أَطْعَمُ. أحسن الله إليك.
الطالب:
أَوَلَسْتُ أَطْعَمُ؟
الشيخ:
ما بعده.
القارئ:
فَقَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ.....
الشيخ:
ظاهره إنه قَالَ: "أَوَلَسْتَ أَطْعَمُ؟" يعني كُلْ أولستُ أطعم، أو أولستَ كأنه يقول أولستَ تطعم؟ يعني ألا تأكل أنت معي... فقرب إليه.
القارئ:
أحسن الله إليك.
وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُ: كُلْ، فَقَالَ: أَوَلَسْتُ أَطْعَمُ؟ فَقَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ؛ فَأَكَلَ مَعَهُ وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، فَحَبَسَهُ سَلْمَانُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْفَجْرِ قَالَ: قُمِ الْآنَ، فَقَامَا فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَمَّا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «صَدَقَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ».
الشيخ:
فَأَمَّا النَّبِيُّ: يعني ذهب إلى النبي. أمَّا يعني قصد.
وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، ورواه الشيخان، وهو حديثٌ صحيح، وفي رواية البخاري أنه أبا الدرداء قدَّم له طعام فقال: كُلْ فإني صائم، فقال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل. هنا عندك قال: أولستَ تأكل؟
أوضحنا هذا..
قال له لما قدم له طعام قال: كُلْ فإني صائم، والنبي آخى بين أبا الدرداء وبين سلمان لما قدم المدينة -عَلَيهِ الصَلاة والسَّلام- آخى بين الصحابة ربط كل واحد بواحد وقال: «هذا أخوك» فصاروا يتوارثون، ثم بعد ذلك في أول الإسلام ثم أنزل الله تعالى: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ﴾ [الأحزاب:6].
ومن ذلك أن النبي آخى بين عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن الربيع، وكان الأنصار -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم- كانوا يُقدمون إخوانهم على أنفسهم، يؤثرونهم على أنفسهم، فسعد بن الربيع قال لعبد الرحمن بن عوف: "يا أخي، ما لي أُشاطرك –أعطيك نصف المال ولي نصف المال- وعندي زوجتان انظر أحدهما أعجبتك أُطلقها ثم تعتد ثم تتزوجها".
فقال عبد الرحمن: "بارك الله لك في أهلك ومالك، دلني على السوق"، فدَّله على السوق؛ لأنه جاء إلى المدينة ما يعرف المدينة، فجعل يبيع ويشتري حتى حصَّل شيء من المال، ورآه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على هذه الصفة قال: «مه» قال: فزوجتُه امرأة من الأنصار، قال: «ما أصدقتها؟» قال: عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ حتى صار من الأغنياء الكبار.
المقصود: لما قال: "بارك الله لك في أهلك ومالك" لا تُعطيني من مالك دُلني على السوق أنا أعمل
". هؤلاء الأنصار رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم.
وكذلك النبي آخى بين سلمان وأبي الدرداء أخوه زاره الذي آخي بينهم، فوجد أم الدرداء متبذلة –لابسة ثياب البِذلة- يعني ثياب غير مناسبة، فقال: "مالكِ؟" فقالت: "أخوك أبو الدرداء ما له حاجة في الدنيا، مشهور بالعبادة، يصوم النهار ويقوم الليل، ما عندنا أحد" فأراد سلمان أن ينصحه، فلما زاره وقدم له الطعام، فقال: "كُلْ فإني صائم"، قال: "لأ، ما أكل حتى تأكل"؛ فأكل، ثم نام عنده، فلما أراد أن يقوم، قال: له نام، فلما كان في وسط الليل قال له: نم، فلما كان آخر الليل قال: قم الآن، فَقَامَا فَصَلَّيَا، فَقَالَ سَلْمَانُ لأبي الدرداء: "إِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولزورك عليك حقا –أي لضيفك- وفي رواية: ولعيلك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فذهب إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأخبره بما قال سلمان: فَقَالَ النبي: «صَدَقَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ». كررها «صَدَقَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ».
رواية البخاري أوضح من رواية ابن خزيمة.
ماذا قال عليها؟ تخريجه؟
القارئ:
أحسن الله إليك
قال: "صحيح، أخرجه البخاري، والترمذي من طريق محمد بن بشار به، وأخرجه ابن أبو شيبة، وأبو يعلى، وابن حبان، والطبراني في (الكبير)، والدارقطني، وأبو نُعيم في (حلية الأولياء)، والبيهقي من طرق عن جعفر بن عون به".
الشيخ:
هذا أوضحه هنا.
القارئ:
ذكر تحشية عن أبي حجر في المسألة أحسن الله إليك.
الشيخ:
ماذا قال؟
القارئ:
قال أحسن الله إليكم في الحاشية: "قال ابن حجر: وفيه –أي الحديث- جواز الفطر من صوم التطوع، وهو قول الجمهور، وإن لم يجعلوا عليه القضاء إلَّا أنه يُستحب له ذلك، ومن حجتهم حديث أم هانئ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها – أنها دخلت على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي صائمة فدعا بشراب فشرب، ثم ناولها شربت، ثم سألته عن ذلك فقال: «أكنتِ تقضين يومًا من رمضان؟ قالت: لأ، قال: فلا بأس».
وفي رواية: «إن كان من قضاءٍ فصومي مكانه، وإن كان تطوعًا فإن شئتِ فاقضه، وإن شئتِ فلا تقضه»، وعن مالكٍ: "الجواز وعدم القضاء بعذر والمنع وإثبات القضاء بغير عذر".
الشيخ:
رواية عن مالك يعني كان المؤلف يريد أن يُضعف رواية مالك، قول مالك هذا، يعني في قول بأنه يجب عليه القضاء، والصواب: أنه لا يجب، ما دام تطوع لا يجب، لكن يُستحب إذا أحب أن يقضيه فلا بأس، لكنه ليس بواجب ما دام أنه تطوع، لكن إذا كان صيام نذر أو كفارة أو قضاء رمضان هذا لا يجوز له الفطر إلَّا بعذر كأن يكون مريض أو مسافر.
مناقشة:
يا شيخ عند التطوع يكون أمير نفسه؟
الشيخ:
التطوع يكون أمير نفسه إن شاء أمضى وإن شاء أفطر، والنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قدوة في هذا أنه كان صائمًا فقُدم له حيسّ فقال: (26:15) ثم أكل، كان صائمًا صوم التطوع، وأما القول بأنه: "يجب عليه قضائه" قول ضعيف مرجوح.
القارئ:
أحسن الله إليك.
وعن أبي حنيفة: "يلزمه القضاء مطلقًا"، ذكره الطحاوي وغيره وشبَّهه بمن أفسد حج التطوع، فإن عليه قضاءه اتفاقا، وتُعقب بأن الحج امتاز بأحكام لا يُقاس غيره عليها فيها؛ ولأنه قياس في مقابلة النص فلا يُعتبر به، وقد أنصف ابن المُنَيِّرِ في الحاشية فقال: "ليس في تحريم الأكل في صورة النفل من غير عذر إلَّا الأدلة العامة كقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد:33].
الشيخ:
في صوم النفل.
القارئ:
أحسن الله إليك.
"ليس في تحريم الأكل في صوم النفل من غير عذر إلَّا الأدلة العامة كقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد:33]. إلَّا أن الخاص يقدم على العام كحديث سلمان، ثم إن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صوَّب فعل سلمان.
الشيخ:
قال: «صَدَقَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ» «صَدَقَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ».
القارئ:
فترقى عن مذهب الصحابي إلى نص الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قال ابن عبد البر رحمه الله: "ومن احتج بهذا بقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد:33]؛ فهو جاهلٌ بأقوال أهل العلم، فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهي عن الرياء، كأنه قال: "لا تُبطلوا أعمالكم بالرياء، بل اخلصوها لله".
وقال آخرون: "لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر، ولو كان المراد بذلك النهي عن إبطال ما لم يفرضه الله عليه، ولا أوجب على نفسه بنذرٍ ولا غيره، لامتنع عليه الإفطار إلَّا بما يبيح الفطر بالصوم الواجب وهم لا يقولون بذلك، والله أعلم" انتهى.
الشيخ:
لو كان ممنوع من الفطر كان لا يجوز الفطر إلَّا بما يُبيح له الفطر من الصوم الواجب، والذي يبيح الفطر من الصوم الواجب هو السفر أو المرض، يعني صوم التطوع مثله لا يفطر إلَّا من سفر أو مرض، وهذا لا يقولون به.
القارئ:
"بَابُ تَمْثِيلِ الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ بِالْغَنِيمَةِ الْبَارِدَةِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُشَبَّهُ بِمَا يُشْبِهُهُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي لَا فِي كُلِّهَا"
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نُمَيْرِ بْنِ عَرِيبٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ».
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "إسناده ضعيف؛ لجهالة نُمير بن عريب، ولإرساله فإن همر بن مسعود ليس بصحابي، وهو مجهول الحال، وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن أبي عاصم في (الأحادي والمثاني) والصيادوي في (معاجم الشيوخ)، والقضاعي في (مُسند الشهاب)، والبيهقي وفي (شعب الإيمان) له، والضياء المقدسي في (المختار)، والمزي في (تهذيب الكمال)".
الشيخ:
ماذا قال عندك؟
الطالب:
"إسناده ضعيف غير مقبول".
الشيخ:
أعد.
القارئ:
"بَابُ تَمْثِيلِ الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ بِالْغَنِيمَةِ الْبَارِدَةِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُشَبَّهُ بِمَا يُشْبِهُهُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي لَا فِي كُلِّهَا"
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نُمَيْرِ بْنِ عَرِيبٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ».
الشيخ:
عامر بن مسعود تابعي.
القارئ:
نعم -أحسن الله إليك- ليس بصحابي.
الطالب:
هو الأصل عامر.
الشيخ:
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال -أحسن الله إليك- في الحاشية عليه: "كتب الناسخ وفي الأصل هامر، ثم ضرب عليه وكتب عليه مالك بن مسعود، وهو ذهول من الناسخ -رحمه الله- إذ أبدل الصواب بالخطأ، ولم يتنبه محققه إلى هذا الخطأ، لكن أمانته العلمية دفعته إلى أن يكتب في الحاشية: "في الأصل عامر مشطوب ثم كتب مالك بن مسعود، لكنه -رعاه الله- لو طبق منهج التحقيق السليم، ورجع إلى بقية الأصول اللازمة لكان أتم في أمانته، وأجود في تحقيقه، سيما أن جميع المصادر ذكرت عامرًا لا مالكًا، وانظر (النقط) لما وقع في أسانيد صحيح ابن خزيمة من التصحيف والسقط".
الشيخ:
تكلم على عامر
القارئ:
عامر بن مسعود.
الشيخ:
قال ليس بصحابي؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
الشيخ:
وهو تابعي؟
القارئ:
مجهول الحال أحسن الله إليك.
الشيخ:
العجيب أن ابن خزيمة أن يكون في صحيحه هذا الضعف، هذا يسمى (كتاب الصحيح) ثم يكون مثل هذا ولا تكلم عليه المؤلف؟
القارئ:
ولا تكلم عليه.
الشيخ:
يعني من الأحاديث القليلة في الصحيح، حديث ضعيف، منقطع، يا مرسل، وفيه ضعف ومع ذلك ذكره في كتاب الصحيح رحمه الله.
أحد الحضور:
وفي البعض يقول منكر، يقول غير مقبول، وفي حديث للصلاة مكتوب عليه منكر.
الشيخ:
نعم. الأصل السلامة.
القارئ:
جُمَّاعِ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَيَّامِ «وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَنْهَى عَنِ الشَّيْءِ، وَيَسْكُتُ عَنْ غَيْرِهِ غَيْرَ مُبِيحٍ لِمَا سَكَتَ عَنْهُ، إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ زَجَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِهَما، وَلَمْ يَكُنْ فِي نَهْيِهِ عَنْ صَوْمِهِمَا إِبَاحَةُ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، إِذْ قَدْ نَهَى أَيْضًا عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي نَهَى فِيهَا عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى».
الشيخ:
بارك الله فيك. قف على هذا. وفق الله الجميع، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.