قارئ المتن:
أحسن الله إليك. الحمدُ للهِ ربِّ العَالمين، وصَلَىَ اللهُ وَسَلَمَ عَلى نبيِّنا مُحمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وللحاضرين والمستمعين.
الشيخ:
صيام الدهر من أول التراجم.
القارئ:
باب فضل صيام الدهر.
الشيخ:
نعم. كلها قرأناها، نعيدها الآن من أجل الخلاف في المسألة. أول ترجمة في صيام الدهر.
القارئ:
باب النهي عن صيام الدهر.
الشيخ:
نعم.
القارئ:
قال الإمام الحافظ/ ابن خزيمة -رَحِمهُ اللهُ تَعالى- في (صحيحه):
"بَابُ ذِكْرِ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا نُهِيَ عَنْهُ"
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ مَا صَامَ، وَمَا أَفْطَرَ، أَوْ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ».
الشيخ:
تخريجه؟
القارئ:
التخريج أحسن الله إليك: "الحديث صحيح، أخرجه ابن ماجه من طريق محمد بن بشَّار، وأخرجه ابن أبي شَيبة، وأحمدُ، والدارمي، والنسائي، وفي (الكبرى) له، وابن حِبان، والحاكم".
وعلق المُحَشِّي "أو لا صام ولا أفطر" قال: "قال ابن حبان -رَحِمهُ اللهُ تَعالى- قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من صام الأبد فلا صام ولا أفطر» يريد به من صام الأبد وفيه الأيام التي نُهي عن صيامها، مثل: أيام التشريق من العيدين فلا صام ولا أفطر....
الشيخ:
ومثل يوم الفطر ويوم الأضحى، خمسة أيام يحرُم صومها، عيد الفطر وعيد الأضحى وثلاثة أيام التشريق.
القارئ:
فَلَا صَامَ الدَّهْرَ كُلَّهُ فَيُؤْجَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَتِهِ الْإِثْمَ الَّذِي ارْتَكَبَهُ بِصَوْمِ الْأَيَّامِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ صِيَامِهَا، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا وَعَقَدَ عَلَيْهِ تِسْعِينَ، يُرِيدُ بِهِ: ضُيِّقَ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ بِصَوْمِهِ الْأَيَّامَ الَّتِي نُهِيَ عَنْ صِيَامِهَا فِي دَهْرِهِ».
الشيخ:
"وَعَقَدَ عَلَيْهِ": هكذا (يشير بيده) تسعين.
هذه ابن حبان يوافق ابن خُزيمة في هذا، ظاهره أنه يجوز صوم الدهر إذا أفطر الأيام المُحرمة، هذا قول بعض السلف ومنه اختيار النووي، والحديث الذي قال (04:14) فإنه ضعيف، «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَ عَلَيْهِ...».
انتهى؟
القارئ:
نعم.
الشيخ:
الأعظمي تكلم عليه؟
الطالب:
"إسناده صحيح".
الشيخ:
بعده.
القارئ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فُلَانًا لَا يُفْطِرُ نَهَارَ الدَّهْرِ قَالَ: «لَا صَامَ، وَلَا أَفْطَرَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ، قال قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مَشْهُورٌ، وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ فَقَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فَهُوَ غَرِيبٌ».
أحد الحضور:
قتادة. ما في قال.
الشيخ:
ما في قال.
عن أبي العاليةِ وليس العاليةَ.
القارئ:
نعم.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ، قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مَشْهُورٌ، وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ، فَقَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فَهُوَ غَرِيبٌ».
الشيخ:
يعني رواية قتادة عن أبي العالية في الصلاة مشهور، وأما في الصوم فهو غريب، يعني فرض(06:06).
أحد الحضور:
الرواية.
الشيخ:
نعم.
يعني لا صام ولا أفطر عندك عن أبي العالية. قتادة عن أبي العالية هنا؟
القارئ:
نعم. "قَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مَشْهُورٌ، وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ، فَقَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ فَهُوَ غَرِيبٌ".
الشيخ:
سند الحديث.
مناقشة: (06:26). أبو بكر.
الشيخ:
السند أول الحديث.
القارئ:
السند أول الحديث: قال: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا هشام قال: قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس قال: «شهد عندي رجال مَرْضِيُّون - وأرضاهم عندي عمر -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لا صلاة بعد صلاة الصبح.....
الشيخ:
هنا في الصيام ما في عبد الوارث؟
مناقشة:
(07:17).
الشيخ:
سبق.
مناقشة:
سيأتي به بعد الحديث.
الشيخ:
ما أشار إليه المُحَشِّي في الحاشية؟
القارئ:
لا، ما أشار إليه.
الشيخ:
لا صام ولا أفطر كأن المؤلف يرى أن الحديث غريب، وهو يميل إلى جواز صيام الدهر إذا أفطر، ابن حبان، وابن خزيمة، وأظنه النووي، يرون كأنه يميل إلى أنه يجوز صوم الدهر إذا أفطر الأيام المُحرمة.
لكن هذا الحديث في الصحيحين أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: «صم يومًا وأفطر يومًا، قال: إني أطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك» في الصحيحين، فلا بد من الجمع بين حديث البخاري وهذا الحديث، وإذا تعارض الجمع يُقدم ما في الصحيحين.
القارئ:
ثم قال رحمه الله تعالى:
"بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ"
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عَبَّاسِ.....
الشيخ:
كذا عن أبي عباس؟
مناقشة:
بالتعريف عن أبي العباس.
الشيخ:
بالتعريف عن أبي العباس معروف.
عندك أبي العباس؟
القارئ:
عن أبي عباسٍ.
الشيخ:
تكلم عليه؟
القارئ:
أحسن الله إليك.
لم يتكلم عليه.
الشيخ:
أبي العباس وهذا هو المعروف.
القارئ:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟» قُلْتُ: إِنِّي لَأَفْعَلُ قَالَ: «وَلَا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ حَقًّا، وَلِعَيْنِكَ حَقًّا، فَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ» مَعْنًى وَاحِدًا هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَلَمْ يَقُلِ الْمَخْزُومِيُّ: «وَلَا تَفْعَلْ».
الشيخ:
إِنِّي لَأَفْعَلُ لا تقل لا أفعل، لا تمد "لا".
مناقشة:
في الأصل يقول: "لا أفعلُ". وصوبها بالمتن.
الشيخ:
الصواب: إني لأفعل وهذا المعروف. يعني أفعل هذا يا رسول الله، يعني يريد الإشادة.
مناقشة:
في نسخة: "لا أفعل"، وفي نسخة: "لأفعل".
الشيخ:
عندك ماذا؟
القارئ:
قال أحسن الله إليك: "في الأصل: "إني لا أفعلُ" ثم علق على هذا الفحل فقال: "في نسخة م لأفعل".
الشيخ:
بدون مد.
الأقرب أنه "لأفعلُ" يعني أفعل هذا. يصوم النهار ويقوم الليل هذا هو الواقع، هو يفعل هذا. إني أفعل هذا يا رسول الله، يعني يُقر عنده؛ حتى يُرشده.
مناقشة:
والنبي يؤيد هذا، لو كان "يفعل" كان قال: لا تفعل، ولكنه قال: «ولا تفعل».
الشيخ:
يؤيد هذا
ما بعده.
القارئ:
قَالَ: «وَلَا تَفْعَلْ».
الشيخ:
هذا يؤيده، إِنِّي لَأَفْعَلُ قَالَ: «وَلَا تَفْعَلْ» إذا كنت تفعل هذا فلا تفعل، يعني اترك هذا في المستقبل.
القارئ:
«فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ حَقًّا، وَلِعَيْنِكَ حَقًّا، فَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ» مَعْنًى وَاحِدًا، هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، وَلَمْ يَقُلِ الْمَخْزُومِيُّ: «وَلَا تَفْعَلْ».
الشيخ:
يقول في الصحيحين وغيرهما؟
القارئ:
نعم.
هذا حديث أحسن الله إليك قال: صحيح، أخرجه الحُميدي، وأحمدُ، والبخاري، ومسلمٌ، والنسائي، وفي (الكبرى) له، وأبو عوانة، والبيهقي من طرق عمرو به".
الشيخ:
من طرق عن عمروٍ؟
القارئ:
من طريق عمرو.
الشيخ:
ما بعده.
هذا ذكر يقول العِلة التي من أجلها نُهي وهو أنه ... اقرأ الترجمة باب ذكر العِلة..
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ"
الشيخ:
قال: "لا صام ولا أفطر"؛ لأنه يصوم الأيام المُحرمة.
نعم.
القارئ:
" بَابُ الرُّخْصَةِ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْمَرْءُ الْأَيَّامَ الَّتِي زُجِرَ عَنِ الصِّيَامِ فِيهِنَّ"
الشيخ:
يعني نُهي أو زجره النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكن تبين مذهب المؤلف بأنه يرى أنه جواز صيام الدهر إذا أفطر الأيام المُحرمة.
القارئ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: "كُنْتُ أَسْرُدُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ».
الشيخ:
الكلام في الحاشية.
القارئ:
الحاشية أحسن الله إليك: "صحيحٌ بطرقه، أخرجه الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي (الكبرى) له، والطحاوي في (شرح المعاني) من طريق سليمان بن يسار عن حمزة به".
الشيخ:
الأعظمي؟
الطالب:
قال: "إسناده ضعيف؛ لعنعنة ابن اسحق، لكن يقويه الطريق الآتية طريق أم المؤمنين عائشة".
الشيخ:
السند هذا ضعيف لكنه .........
الطالب:
في الاستدلال بهذا الحديث على الرخصة المذكورة نظر بيَّنه الحافظ بقوله: "وتُعُقِبَ بأن سؤال حمزة إنما كان عن الصوم في السفر لا عن صوم الدهر ولا يُلزم من سرد الأيام صوم الدهر".
الشيخ:
هذا كلام الأعظمي؟
الطالب:
نعم.
الشيخ:
عندك. اقرأه في المُكَبِّر.
الطالب:
في الاستدلال بهذا الحديث -حديث حمزة بن عمرو الأسلمي: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» -على الرخصة المذكورة نظر بيَّنه الحافظ بقوله: "وتُعُقِبَ بأن سؤال حمزة إنما كان عن الصوم في السفر لا عن صوم الدهر ولا يُلزم من سرد الأيام صوم الدهر".
الشيخ:
وأخذه بقوله: "إني أَسْرُدُ الصَّوْمَ وأصوم في السفر" صحيح، ومُتعقب عليه استدلال ابن خزيمة -رحمه الله- على صوم الدهر ليس بواضح من الحديث.
الطالب:
«إني أصوم ولا أفطر» يا شيخنا بلفظ الحديث.
الشيخ:
وفي اللفظ «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ؟».
الطالب:
عبد الله بن عمرو.
الشيخ:
لكن هل فيه أنه يصوم الأيام المُحرمة؟
القارئ:
قال: "كُنْتُ أَسْرُدُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
الشيخ:
عبد الله بن عمرو؟
القارئ:
عن حمزة بن عمرو الأسلمي.
الشيخ:
ما قبله.
القارئ:
قال أحسن الله إليك:
عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: "كُنْتُ أَسْرُدُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ».
الشيخ:
واستدل بقوله: "أسرد الصوم". لكن هل يدل من سرد الصوم أنه .....
مناقشة: يصوم الأيام (17:57)
الشيخ:
لأ المؤلف يقول: إذا أفطر الأيام المُحرمة؛ زال المحظور.
السرد يعني الأيام المتوالية ما يلزم منها صيام الدهر.
ماذا يقول الحافظ. متعقب ماذا؟
الطالب:
قال في الاستدلال بهذا الحديث على الرخصة المذكورة نظر بيَّنه الحافظ بقوله: "وتُعُقِبَ بأن سؤال حمزة إنما كان عن الصوم في السفر لا عن صوم الدهر ولا يلزم من سرد الأيام صوم الدهر".
الشيخ:
لا الحديث يقول: "كُنْتُ أَسْرُدُ الصَّوْمَ ...... أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟" ذكر أنه يسرد حتى في الحضر (18:51).
مناقشة (18:53) الحديث ضعيف.
الشيخ:
لكن له شواهد.
ما بعده.
القارئ:
"بَابُ فَضْلِ صِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي زُجِرَ عَنِ الصِّيَامِ فِيهَا"
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ يَعْنِي أَبَا مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا» وَعَقَدَ تِسْعِينَ.
حَدَّثَنَا مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الَّذِي يَصُومُ الدَّهْرَ تُضَيَّقُ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ تَضَيُّقَ هَذِهِ» وَعَقَدَ تِسْعِينَ.
قَالَ ابْنُ بَزِيعٍ فِي الَّذِي يَصُومُ الدَّهْرَ، وَقَالَ: وَعَقَدَ التِّسْعِينَ، سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: اسْمُ أَبِي تَمِيمَةَ طَرِيفُ بْنُ مُجَالِدٍ، سَمِعَهُ مِنْ مَسْلَمَةَ بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ جَهْضَمٍ الْهُجَيْمِيِّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: «لَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ قَتَادَةَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ: أَيْ ضُيِّقَتْ عَنْهُ جَهَنَّمُ، فَلَا يَدْخُلُ جَهَنَّمَ، وَلَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ غَيْرَ هَذَا؛ لِأَنَّ مَنِ ازْدَادَ لِلَّهِ عَمَلًا، وَطَاعَةً، ازْدَادَ عِنْدَ اللَّهِ رِفْعَةً، وَعَلَيْهِ كَرَامَةً، وَإِلَيْهِ قُرْبَةً. هَذَا مَعْنَى جَوَابِ الْمُزَنِيِّ".
الشيخ:
يعني المؤلف هو استدل بهذا الحديث، وبناءً عليه أنه صحيح، ثم تأوله على أنه يُبعد من جهنم، والحديث فيه ضعف، ولو صح معناه الوعيد هذا، ضُيق عليه على خلاف ما تأوله، استدل بالحديث على أنه صحيح وتأوله بأنه تُنحى عنه جهنم.
مناقشة (22:35).
القارئ:
باقي حديث عن الباب.
الشيخ:
أعطنا كلام الألباني.
القارئ:
يقول: "سبق تخريجه عند الحديث......".
الطالب:
الأعظمي يقول: "إسناده صحيح".
الشيخ:
سبق تخريجه. في نسخة للفحل؟
القارئ:
الحديث الأول قال: "إسناده ضعيف".
الشيخ:
لأ. الحديث هذا. هو حديث واحد له طريقان.
القارئ:
ثم قال من الطريق الثاني....
الشيخ:
الحديث الأول ضعيف؟
القارئ:
نعم.
أطال في التخريج.
الشيخ:
اقرأه. إذا كنت مُتعب اجعل واحد يقرأ مكانك.
القارئ:
لأ.
"إسناده ضعيف، فإن سماع بن أبي عدي من سعيد بعد الاختلاط، وهذا الحديث معلول بالوقف والموقوف فيه هو الصحيح ورفعه خطأ، وقد حصل الاختلاف في هذا الحديث على أبي تميمة واسمه طريف بن مُجاهد، وقد رواه عنه قتادة كما عند المُصَنِّف، لكن اُختلف فيه على قتادة أيضًا، ورواه عنه شُعبة بن الحجاج، أخرجه الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبيهقي في (السنن الكبرى) من طريق شُعبة عن قتادة عن أبي تميمة عن أبي موسى موقوفًا، وقد تُوبع شعبة في روايته هذه عن قتادة تابعه همام بن يحيى عند عبدُ بن حُميدٍ، فعلى هذا يكون الصحيح في رواية قتادة الوقف لا الرفع، وقد تابعه على وقفه سفيان الثوري عند عبد الرزاق بن المُصَنَّف، وعقبة بن عبد الله الأصم عند عبد الله بن أحمد في زوائده على الزهد لأبيه.
وجاء مرفوعًا ورواه الضحاك أبو العلاء وهو ضعيف، عند الطيالسي، وأحمد، والبزَّار كما في (كشف الأستار)، وابن حبان، والطبراني في (الأوسط)، والبيهقي عن أبي تميمة عن أبي موسى مرفوعا، وتابعه أبَانُ بن أبي عياش وهو متروكٌ عند عبد بن حميد.
فالروايات المرفوعة ضعيفة، والصحيحُ الوقف، ولم يرد رفعه إلَّا من طريقٍ ضعيف كما هو ظاهر كلام المُصَنِّف الآتي، وفاتني أن أُخَرِّج طريق المُصَنِّف فقد رواه البزَّار كما في (كشف الأستار)، والنسائي كما في (تحفة الأشراف)، وهو من رواية أبي الحسن بن حيوة؛ لذا لم أجده في (الكبرى) ولا في (الصغرى)". انتهى أحسن الله إليك.
الشيخ:
ماذا قال الأعظمي؟
الطالب:
الأعظمي يقول: "إسناده صحيح". أشار الحافظُ في (الفتح) إلى رواية ابن خُزيمة، ورواه البزَّار، والطبراني في (الكبير)، أمور (مجمع الزوائد).
الشيخ:
فقط؟
الطالب:
نعم.
الشيخ:
أعد.
الطالب:
أشار الحافظُ في (الفتح) إلى رواية ابن خُزيمة، ورواه البزَّار، والطبراني في (الكبير)، أمور (مجمع الزوائد). والرواية التي بعده نفسه قال: "إسناده صحيح. (الفتح الربَّاني) من طريق قتادة عن (27:22) (السنن الكبرى) من طريق أبي تميم".
الشيخ:
السند الأصلي.
القارئ:
السند الأصلي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو مُوسَى قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ يَعْنِي أَبَا مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الشيخ:
كلام الحافظ في الفتح عندك الآن؟
الإجابة:
رجح الموقوف (27:52).
الشيخ:
رجَّح الموقوف؟
الإجابة:
نعم.
الشيخ:
إذا كان موقوف مما لا مجال للرأي فيه؛ له حكم الرفع.
كلام الحافظ عندك؟
الإجابة:
(28:12).
الشيخ:
يراجع كلام الحافظ.
ما بعده.
الطالب:
لكن علق على كلام المُزني.
قال: "قلت: هذا المعنى غير متبادر من صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ» بل العكس هو ظاهره أي: ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ تعذيبًا له، وهذا هو الموافق للأحاديث المتقدمة في النهي عن صوم الدهر وأن من صام الدهر فلا صام ولا أفطر، فإذا لم يكن صائمًا شرعًا فكيف يزداد به عند الله تعالى طاعةً ورفعة وكرامة؟
فالصواب: ما قاله الحافظ في الفتح ظاهره أنها تُطبق عليه حصرًا له ....
الشيخ:
يعني الحافظ صححه؟
الطالب:
نعم.
الشيخ:
وذكر ابن القيِّم في (زاد الميعاد) رحمه الله. محقق زاد الميعاد ما تكلم عليه؟
الطالب:
029:09) في الحر، في السفر، ملاقاة العدو.
الشيخ:
في الجهاد قال: «الفطر أعون لكم».
وعلى هذا إن صح الحافظ يكون ..... والمعنى ليس كما فهم المؤلف، معناه أنه أُطبقت عليهم.
أعد كلام الأعظمي.
الطالب:
قلت: هذا المعنى غير متبادر من قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ» بل العكس هو الظاهر أي: ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ تعذيبًا له، وهذا هو الموافق للأحاديث المتقدمة في النهي عن صوم الدهر وأن من صام الدهر فلا صام ولا أفطر، فإذا لم يكن صائمًا شرعًا فكيف يزداد به عند الله تعالى طاعةً ورفعة وكرامة؟!
الشيخ:
يعني كما قال أبو بكر بن خزيمة رحمه الله.
الطالب:
نعم.
فالصواب: ما قاله الحافظ في الفتح ظاهره أنها تُطبق عليه حصرًا له فيها؛ لتشديده على نفسه وحملِه عليها ورغبته عن سنة نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد، ثم ذَكر اختلاف العلماء في حكم صوم الدهر فراجعه إن شئت. هذا ظاهر كلام ناصر الألباني نقله الحافظ.
القارئ:
قال الحافظ في (الفتح): "وإلى كراهة صوم الدهر مُطلقًا ذهب إسحاق وأهل الظاهر وهي رواية عن أحمد".
وشذ ابن حزم فقال: "يَحرُم".
وروى ابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيح عن ابن عمرو الشيباني قال: "بلغ عمر أن رجلًا يصوم الدهر، فأتاه فعلاه بالدِرة وجعل يقول: كُل يا دهري".
الشيخ:
هذا يؤيد التحريم، يعني لو كان فعل شيئًا مكروه يضربه بالدرة ويقول يا دهري؟! هذا يدل على أن عمر يرى التحريم.
الدِرة: العصا المفتول التي يضرب بها عمر، يؤدب بها.
أما الدُرة: فهي الجوهرة التي تستخرج من البحر.
القارئ:
أحسن الله إليك.
ومن طريق أبي إسحاق أن عبد الرحمن بن أبي نُعيم كان يصوم الدهر فقال عمرو بن ميمون: لو رأى هذا أصحاب محمد لرجموه. واحتجوا أيضًا بحديث أبي موسى رفعه «من صام الدهر ضُيقت عليه جهنم، وعقد بيده» أخرجه أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان، وظاهره أنها تُضيق عليه حصرًا له فيها؛ لتشديده على نفسه وحمله عليها ورغبته عن سنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد فيكون حرامًا.
وإلى الكراهة مطلقًا ذهب ابن العربي من المالكية فقال: "قوله: لا صام من صام الأبد إن كان معناه الدعاء فيا ويح من أصابه دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان معناه الخبر فيا ويح من أخبر عنه النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعًا لم يكتب له الثواب لوجوب صدق قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه نفى عنه الصوم، وقد نفى عنه الفضل كما تقدم، فكيف يطلب الفضل فيما نفاه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
وذهب آخرون إلى جواز صيام الدهر، وحملوا أخبار النهي على من صامه حقيقة فإنه يدخل فيه ما حُرم صومه كالعيدين وهذا اختيار ابن المنذر وطائفة، وروي عن عائشة نحوه، وفيه نظر لأنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد قال جوابًا لمن سأله عن صوم الدهر «لا صام ولا أفطر» وهو يؤذن بأنه ما أجر ولا أثم، ومن صام الأيام المحرمة لا يقال فيه ذلك؛ لأنه عند من أجاز صوم الدهر إلا الأيام الُمحرمة يكون قد فعل مستحبًا وحرامًا.
وأيضًا فإن أيام التحريم مستثناه بالشرع غير قابلة للصوم شرعًا فهي بمنزلة الليل وأيام الحيض فلم تدخل في السؤال عند من علم تحريمها، ولا يصحُّ الجواب بقوله: «لا صام ولا أفطر» لمن لم يعلم تحريمها.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى اسْتِحْبَابِ صِيَامِ الدَّهْرِ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفَوِّتْ فِيهِ حَقًّا وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَ الْجُمْهُور، قَالَ السُّبْكِيُّ: أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا كَرَاهَةَ صَوْمِ الدَّهْرِ لِمَنْ فَوَّتَ حَقًّا وَلَمْ يُوَضِّحُوا هَلِ الْمُرَادُ الْحَقُّ الْوَاجِبُ أَوِ الْمَنْدُوبُ وَيَتَّجِهُ أَنْ يُقَالَ إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقًّا وَاجِبًا حَرُمَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُفَوِّتُ حَقًّا مَنْدُوبًا أَوْلَى مِنَ الصِّيَامِ كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ يَقُومُ مقَامه فَلَا.
وَإِلَى ذَلِك أَشَارَ بن خُزَيْمَةَ فَتَرْجَمَ ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي بِهَا زَجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ وَسَاقَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ: «إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكُ وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ» وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي مَضَى فَإِنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، "إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ" فَحَمَلُوا قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ أَيْ فِي حَقِّكَ فَيُلْتَحَقُ بِهِ مَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ يُدْخِلُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ مَشَقَّةً أَوْ يُفَوِّتُ حَقًّا.
وَلِذَلِكَ لَمْ يَنْهَ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو عَنِ السَّرْدِ فَلَوْ كَانَ السَّرْدُ مُمْتَنِعًا لَبَيَّنَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سُؤَالَ حَمْزَةَ إِنَّمَا كَانَ عَنِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ لَا عَنْ صَوْمِ الدَّهْر،ِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سَرْدِ الصِّيَامِ صَوْمُ الدَّهْرِ فَقَدْ قَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَيُقَالُ لَا يُفْطِر" [أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ].
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ يَصُومُ الدَّهْرَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ السَّرْدِ صِيَامُ الدَّهْرِ وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ: ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ فَلَا يُدْخِلُهَا فَعَلَى هَذَا تَكُونُ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ أَيْ ضَيَّقَتْ عَنْهُ وَهَذَا التَّأْوِيلُ حَكَاهُ الْأَثْرَمُ عَنْ مُسَدِّدٍ وَحَكَى رَدَّهُ عَنْ أَحْمَدَ.
وَقَالَ بن خُزَيْمَةَ سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: "يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ضُيِّقَتْ عَنْهُ فَلَا يَدْخُلُهَا وَلَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ مَنِ ازْدَادَ لِلَّهِ عَمَلًا وَطَاعَةً ازْدَادَ عِنْدَ اللَّهِ رِفْعَةً وَعَلَتْهُ كَرَامَةٌ".
وَرَجَّحَ هَذَا التَّأْوِيلَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ فَقَالُوا: "لَهُ مُنَاسَبَةٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّائِمَ لَمَّا ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ مَسَالِكَ الشَّهَوَاتِ بِالصَّوْمِ ضَيَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ فَلَا يَبْقَى لَهُ فِيهَا مَكَانٌ؛ لِأَنَّهُ ضَيَّقَ طُرُقَهَا بِالْعِبَادَةِ"، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ عَمَلٍ صَالِحٍ إِذَا ازْدَادَ الْعَبْدُ مِنْهُ ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ تَقَرُّبًا بَلْ رُبَّ عَمَلٍ صَالِحٍ إِذَا ازْدَادَ مِنْهُ ازْدَادَ بُعْدًا كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ، وَالْأَوْلَى إِجْرَاءُ الْحَدِيثِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى مَنْ فَوَّتَ حَقًّا وَاجِبًا بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْوَعِيدُ، وَلَا يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا الْمُزَنِيُّ.
وَمِنْ حَجَّتِهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّرِيقَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ، قَالُوا: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ أَفْضَلُ مِمَّا شُبِّهَ بِهِ وَأَنَّهُ أَمْرٌ مَطْلُوبٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْأَمْرِ الْمُقَدَّرِ لَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ فَضْلًا عَنِ اسْتِحْبَابِهِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ حُصُولُ الثَّوَابِ عَلَى تَقْدِيرِ مَشْرُوعِيَّةِ صِيَامِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا.
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ لَا يَجُوزُ لَهُ صِيَامُ جَمِيعِ السَّنَةِ، فَلَا يَدُلُّ التَّشْبِيهُ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمُشَبَّهِ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَاخْتَلَفَ الْمُجِيزُونَ لِصَوْمِ الدَّهْرِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ: هَلْ هُوَ أَفْضَلُ؟ أَوْ صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ أَفْضَلُ؟ فَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ عَمَلًا فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَجْرًا وَمَا كَانَ أَكْثَرَ أَجْرًا كَانَ أَكْثَرَ ثَوَابًا وَبَذْلِكَ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ أَوَّلًا وَقَيَّدَهُ بِشَرْطِ: أَنْ لَا يَصُومَ الْأَيَّامَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا وَأَنْ لَا يَرْغَبَ عَنِ السُّنَّةِ بِأَنْ يَجْعَلَ الصَّوْمَ حِجْرًا عَلَى نَفْسِهِ، فَإِذَا أَمِنَ مِنْ ذَلِكَ فَالصَّوْمُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فالاستكثار مِنْهُ زِيَادَة فِي الْفضل.
وَتعقبه بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الْأَعْمَالَ مُتَعَارِضَةُ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَمِقْدَارُ كُلٍّ مِنْهَا فِي الْحَثِّ وَالْمَنْعِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فَزِيَادَةُ الْأَجْرِ بِزِيَادَةِ الْعَمَلِ فِي شَيْءٍ يُعَارِضُهُ اقْتِضَاءُ الْعَادَةِ التَّقْصِيرَ فِي حُقُوقٍ أُخْرَى يُعَارِضُهَا الْعَمَلُ الْمَذْكُورُ، وَمِقْدَارُ الْفَائِتِ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مِقْدَارِ الْحَاصِلِ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فَالْأَوْلَى التَّفْوِيضُ إِلَى حُكْمِ الشَّارِعِ وَلِمَا دَلَّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: «إِنَّهُ أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى».
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ صِيَامَ دَاوُدَ أَفْضَلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ بَلْ صَرِيحُهُ وَيَتَرَجَّحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَيْضًا بِأَنَّ صِيَامَ الدَّهْرِ قَدْ يُفَوِّتُ بَعْضَ الْحُقُوقِ كَمَا تَقَدَّمَ وَبِأَنَّ مَنِ اعْتَادَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكَادُ يَشُقُّ عَلَيْهِ بَلْ تَضْعُفُ شَهْوَتُهُ عَنِ الْأَكْلِ، وَتَقِلُّ حَاجَتُهُ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ نَهَارًا، وَيَأْلَفُ تَنَاوَلَهُ فِي اللَّيْلِ بِحَيْثُ يَتَجَدَّدُ لَهُ طَبْعٌ زَائِدٌ بِخِلَافِ مِنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مِنْ فِطْرٍ إِلَى صَوْمٍ وَمِنْ صَوْمٍ إِلَى فِطْر.
وَقَدْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ أَشُقُّ الصِّيَامِ وَيَأْمَنُ مَعَ ذَلِكَ غَالِبًا مِنْ تَفْوِيتِ الْحُقُوقِ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي حَقِّ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ «وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى»؛ لِأَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْفِرَارِ ضَعْفَ الْجَسَدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ سَرْدَ الصَّوْمِ يُنْهِكُهُ.
الشيخ:
يُنْهِكُهُ: يُضعفه.
القارئ:
وَعَلَى ذَلِكَ يحمل قَول بن مَسْعُودٍ فِيمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْهُ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: "إِنَّكَ لَتُقِلُّ الصِّيَامَ"، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُضْعِفَنِي عَنِ الْقِرَاءَة وَالْقِرَاءَة أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصِّيَامِ، نَعَمْ إِنْ فُرِضَ أَنَّ شَخْصًا لَا يَفُوتُهُ شَيْءٌ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِالصِّيَامِ أَصْلًا وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا مِنَ الْحُقُوقِ الَّتِي خُوطِبَ بِهَا لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّهِ أَرْجَحَ.
وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ ابن خُزَيْمَةَ فَتَرْجَمَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ صِيَامَ دَاوُدَ إِنَّمَا كَانَ أَعْدَلَ الصِّيَامِ وَأَحَبَّهُ إِلَى اللَّهِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ يُؤَدِّي حَقَّ نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَزَائِرِهِ أَيَّامَ فِطْرِهِ بِخِلَافِ مِنْ يُتَابِعُ الصَّوْمَ، وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ مَنْ لَا يَتَضَرَّرُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُفَوِّتُ حَقًّا أَنْ يَكُونَ أَرْجَحَ.
وَعَلَى هَذَا فَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ فَمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ الْإِكْثَارَ مِنَ الصَّوْمِ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ الْإِكْثَارَ مِنَ الْإِفْطَارِ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَمَنْ يَقْتَضِي حَالُهُ الْمَزْجَ فَعَلَهُ، حَتَّى إِنَّ الشَّخْصَ الْوَاحِدَ قَدْ تَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الْأَحْوَالُ فِي ذَلِكَ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْغَزَالِيُّ أَخِيرًا وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.
الشيخ:
بقي حديث الآن.
القارئ:
نعم.
الشيخ:
ما هو؟
القارئ:
حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَامِرِ بْنِ جَشِيبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زُرْعَةَ بْنَ ثَوْبٍ يَقُولُ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقَالَ: «كُنَّا نَعُدُّ أُولَئِكَ فِينَا مِنَ السَّابِقِينَ» قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ يَوْمٍ، وَفِطْرِ يَوْمٍ؟ فَقَالَ: «لَمْ يَدَعْ ذَلِكَ لِصَائِمٍ مَصَامًا»، وَسَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ: «صَامَ ذَلِكَ الدَّهْرَ وَأَفْطَرَهُ». انتهى أحسن الله إليك.
الشيخ:
ماذا قال عليه؟
القارئ:
قال: "صحيح، وزُرعة بن ثوب ذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال: من أهل الشام ولي القضاء بدمشق زمن الوليد بن عبد الملك، وكان لا يأخذ على القضاء أجرا، يروي عن ابن عمر روى عنه عامر بن جشيب".
الشيخ:
الأعظمي تكلم عليه؟
الطالب:
قال: "إسناده فيه ضعف، زُرعة بن ثوب أورده ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلا، في (السنن الكبرى) للبيهقي من طريق المحقق.
الشيخ:
ما الترجمة التي بعدها؟
القارئ:
"بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُجْمَلَةٍ غَيْرِ مُفَسَّرَةٍ"
الشيخ:
الفحل أظن نقل الخلاف في الحديث الأول، في صوم الدهر.
المقصود: إن صوم الدهر صار فيه أقوال: قيل:
- بالكراهة.
- وبالتحريم.
- وبالجواز، والذي قالوا: بالجواز، شرطوا ألا يؤثر، ألا يُخل بالواجبات، فإن أخل بشيء من الواجب؛ حرُم، وإن أخل بشيء مستحب؛ كُره، وإن لم يخل بشيء من هذا؛ جاز.
- ومنهم من قال مكروه كراهة تنزيه.
- ومنهم من قال: مُحرم.
- والأقرب مثل ما قال الحافظ، الأقرب أنه ممنوع، وأن الأفضل صوم يوم وفطر يوم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: لعبد الله بن عمرو: «قال: إني أُطيق أفضل من ذلك، قال: لا أفضل من ذلك، قال: أحَبُ الصيام إلى الله صيام داوود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داوود. صم يوم وأفطر يوم» قال: لا أفضل من ذلك.
والأفضل والله أعلم: أن الأفضل هو صوم يوم ويفطر يوم، وأنه لو قال: «مَن صام الدهر لا صام ولا أفطر»، لكن الخلاف كما سمعتم منهم من قال بالجواز بشرط ألا يُخل بواجب أو مستحب، فإن أخل بواجب حَرم، وإن أخل بمستحب؛ كُره، وإن لم يخل لا بهذا لا بهذا مستحب، وقيل: بكراهة تنزيه، وقيل: بالتحريم. والأقرب التحريم، أنه لا يجوز صوم الدهر، وأن الأفضل صوم يوم وفطر يوم.
القارئ:
أحسن الله إليك.
الشيخ:
وفق الله الجميع، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح.
مناقشة:
كلام الإمام أحمد قال: فصلٌ وصيام الدهر منهي عنه، قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: فسر مسدد قول أبي موسى: «مَن صام الدهر ضُيقت عليه جهنم فلا يدخلها» فضحك وقال: "من قال هذا؟ فأين حديث عبد الله بن عمرو أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كره ذلك وما فيه من الأحاديث، وهو إن سرد الصوم يدخل فيه الأيام المنهي عن صيامها –يوم العيدين، وأيام التشريق- وإذا ترك ذلك لم يكن صائمًا للدهر المنهي عنه".
هكذا قال أحمد في رواية صالح: "إن صام رجلًا وأفطر أيام التشريق رجوت ألا يكون بذلك بأس، وليس بصائم الدهر".
وقال في رواية حنبل: "إذا أفطر العيدين فليس ذلك صوم الدهر". قال: "وُيعربني (47:03) أن يفطر منها أياما".
قال القاضي: "وظاهر قوله الأفضل أن يفطر مع هذه الأيام الخمسة أيامًا أُخر لا بعينها أفضل من سردها بالصيام، فإن سرد لم يكن منهيًا عنه". انتهى أحسن الله إليك.
الشيخ:
"وُيعربني (47:03): يعني لا يسرد.
هذا الإمام أحمد له روايات متعددة في هذا.
وفق الله الجميع لطاعته، ورزق الله الجميع بالعلم النافع والعمل الصالح، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهدُ أن لا إله إلَّا الله، أستغفرك وأتوب إليك.